إقامة الصلاة

منذ 2020-02-10

قـال لقـمان لابنـه: «يـا بنـي، لمحـب الله تعـالى ثـاث عامـات: كثـرة الصيـام، وكثـرة الصدقـة، وكثـرة الصـاة».

إقامة الصلاة

الآية: قـال الله تعـالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [البقـرة:3].


الحديث:عـن عبـدالله بـن مسـعود ُ رضي الله عنه قـال: سـألت النبـي صلى الله عليه وسلم أي العمـل أحـب إلى الله؟ قـال:
«الصلاة عــى وقتهــا» قلــت: ثــم أي؟ قــال: «ثــم بــر الوالديــن» قلــت: ثــم أي؟ قــال: «الجهـاد في سـبيل الله» قـال: حدثنـي بهـن ولـو اسـتزدته لـزادني (1).


المعنى:
المحافظــة عــى مواقيتهــا ووضوئهــا، وإتمــام ركوعهــا وســجودها، وتــلاوة القــرآن فيهـا، والخشـوع فيهـا، وأدائهـا مـع جماعـة المسـلمن، ومجاهـدة نفسـه فيهـا مـن وسـاوس الشــيطان، واســتحضار عظمــة الله فيهــا، حتــى تكــون قــرة عينــه وراحــة قلبــه في إقامــة الصلاة.


قـال لقـمان لابنـه: «يـا بنـي، لمحـب الله تعـالى ثـاث عامـات: كثـرة الصيـام، وكثـرة الصدقـة، وكثـرة الصـاة»(2).


وقــال عمــر بــن الخطــاب رضي الله عنه: أيهــا النــاس، إياكــم والبطنــة(3) مــن الطعــام، فإنها مكســلة عــن الصــلاة، مفســدة للجســد، مورثــة للســقم، وإن الله تبــارك وتعــالى يبغــض الحبر السـمين، ولكـن عليكـم بالقصـد في قوتِكـم ، فإنـه أدنـى مـن الإصـلاح، وأبعـد من السـرف، وأقـوى عـى عبـادة الله، وإنـه لـن يهلـك عبـد حتـى يؤثـر شـهوته عـى دينـه»(4).

مراتب الناس في الصلاة:
قال ابن القيم رحمه الله: والناس في الصاة عى مراتب خمسة:


أحدها: مرتبة الظالم لنفسه، المفرط، وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها.


الثـاني: مـن يحافـظ عـى مواقيتهـا وحدودهـا وأركانهـا الظاهـرة ووضوئهـا، لكنـه قـد ضيـع مجاهـدة نفسـه بالوسوسـة، فذهـب مـع الوسـاوس والأفـكار.


الثالــث: مــن حافــظ عــى حدودهــا وأركانهــا، وجاهــد نفســه في دفــع الوســاوس والأفـكار، فهـو مشـغول بمجاهـدة عـدوه، لئـلا يســرق صلاتـه، فهـو في صـلاة وجهـاد.


الرابـع: مـن إذا قـام إلى الصـلاة أكمـل حقوقهـا وأركانهـا وحدودهـا، واسـتغرق قلبـه مراعـاة حدودهـا وحقوقهـا، لئـلا يضيـع شـيئا منهـا، بـل همـه كلـه مصــروف إلى إقامتهـا كــما ينبغــي، وإكمالهــا وإتمامهــا، قــد اســتغرق قلبــه شــأن الصــلاة وعبوديــة ربــه تبــارك وتعـالى فيهـا.


الخامــس: مــن إذا قــام إلى الصــلاة قــام إليهــا كذلــك، ولكــن مــع هــذا قــد أخــذ قلبـه ووضعـه بـن يـدي ربـه عـز وجـل، ناظـرا ً بقلبـه إليـه، مراقبـا ً لـه، ممتلئـا مـن محبتـه وتعظيمـه، كأنـه يـراه ويشـاهده، وقـد اضمحلت تلـك الوسـاوس والخطـرات، وارتفعت حجبها بينـه وبيـن ربـه، فهـذا بينـه وبـين غيـره في الصـلاة أفضـل وأعظـم ممـا بيـن السـماء والأرض، وهـذا في صلاتـه مشـغول بربـه عز وجل قريـر العـين بـه.


فالقسم الأول: معاقب.
والثاني: محاسب.
والثالث: مكفر عنه.
والرابع: مثاب.
والخامــس: مقــرب مــن ربــه؛ لأن لــه نصيبــا ممــن جعلــت قــرت عينــه في الصــاة، فمـن قـرت عينـه بصلاتـه في الدنيـا قـرت بقربـه مـن ربـه عز وجل في الآخـرة، وقـرت عينـه أيضـا بـه في الدنيـا ومـن قـرت عينـه بـالله قـرت بـه كل عـين ومـن لم تقـر عينـه بـالله تعـالى تقطعـت نفسـه عـى الدنيـا حـسرات»(5).



(1) أخرجه البخاري برقم: (527)ومسلم برقم: (85).
(2) درر الأقوال من أفواه الرجال (ص:119).
(3) البطنة: الامتلاء الشديد من الطعام. النهاية ((1\136).
(4) أخرجه ابن أبي الدنيا في الجوع (ص:81) وإصلاح المال (ص:352) وأبو نعيم في الطب النبوي (ص:127).

(5) الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص:23).


 

  • 18
  • 1
  • 3,454

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً