الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 518 الافتتاحية: • (سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 518
الافتتاحية:

• (سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُون)


قد يتطرق اليأس لبعض النفوس الضعيفة حين ترى تتابُع النكبات بأمة الإسلام، وتداعي الأمم الكافرة عليها كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فتهتز ثقة هذه النفوس بوعد ربها! وكأنه تعالى لم يجعل لمهلكهم موعدا.

والعبد مأمور باليقين أنّ هذه الأحداث المؤلمة، إنما هي أقدار العدل سبحانه، وأنّ وقوعها سنة كونية جارية فيها من الحِكم العظيمة ما لا يحيط بها إلا مُجريها، وفيها من المكاسب ما لا يتحقق إلا بها، بل وعليها تترتب غايات وأحكام ومآلات يظهرها الله عقب وقوعها، لذا اقتضت حكمة الله أن تقع ولو كرهتها النفوس، وما الدنيا بجميع محطاتها إلا دار اختبار وتمحيص للعبد من حياته وحتى مماته، لقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}.

وإن كان الأمر كذلك؛ فالمؤمن لا ينفك عن عبوديته لله تعالى في جميع أحواله، في حال قوته أو ضعفه، في سرائه أو ضرائه، وقد حكى الله لنا حال الأنبياء وكيف كان تعبّدهم لله على تقلُّب أحوالهم عسرا ويسرا، شدة ورخاء، فما من نبي إلا وقد ابتُلي -وأتباعه- بتسلُّط الكافرين وطغيانهم؛ فكانت عبادتهم لله في تلك المرحلة؛ الصبر واليقين والتسليم لأمر الله، والتضحية لدينه، والتبشير بحتمية فرجه ونصره لعباده، والتراحم والتواصي بالصبر على سبيله، والترغيب بما أعده المولى لأهل طاعته، والترهيب من وعيده تعالى لأهل معصيته.

وإذا أدرك المؤمن أن المحنة مرحلة حتمية في طريق التوحيد؛ كان حريا به أن يوطّن نفسه لاستقبال هذا القدر الإلهي بما يليق به، ليخرج منه على أتم إيمان وأكمل يقين، وأن يربّي نفسه خلاله على أعلى المراتب في الإيمان والتسليم والعبادة والأخلاق والأخوة والإيثار والبذل، وغير ذلك مما علّمه النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه حال اشتداد المحنة، فلا تمر عليه إلا وقد فقه عن الله مراده من الابتلاء، وحكمته مما كتبه عليه من الشدة واللأواء، فلا أحد حينئذ أحسن ظنا بالله منه، ولا أحد أشد تمسكا بالتوحيد منه، ولا أصلب على المصائب وأشد تحملا للمصاعب منه، وتلك كلها كنوز حظي بها وثمرات قطفها في ظلال الشدة والمحنة فانقلبت منحة، فتأمل.

بهذا يُصيّر المؤمن محنته منحة؛ بحسن اتّباعه وتسليمه لأقدار ربه، وحرصه على ألا يخرج منها إلا فائزا حائزا أجور الصابرين الموقنين، ولا شك أن هذه الفضيلة الإيمانية تشتد الحاجة إليها في بيئة الجهاد أكثر من غيرها، لأنه لا قيام للجهاد إلا بها، والمجاهد له من الابتلاء والمحنة قدر كبير لأنه على درب الأنبياء مسيره، وعلى منهاج خاتمهم -صلى الله عليه وسلم- مستقره ومقيله، وهو في الذروة يذود عن المسلمين ويحمي حماهم ويصد عادية الأمم عنهم، فمحنته على قدر همته، وتمحيصه على قدر مهمته، وأجره على قدر مشقته.

ومهما اشتدت المحن وتوالت الخطوب، فالواجب على المسلم، ألا يحمله ذلك على استبطاء الفرج والنصر من خالقه ومالكه، وألا يسري لقلبه سوء الظن بمدبّر أمره، وليعلم أن للأمور ميقاتا عند رب العباد، وأجلا محتوما إذا جاء لن يتقدم ولن يتأخر، وله -جل جلاله- الحكمة البالغة في تحديد موعد إهلاك الكافرين كما قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}، قال القرطبي: "أي لهلاكهم وعذابهم وقت معلوم في علمه سبحانه، إذا جاء وقت انقضاء أجلهم، لا يمكنهم أن يستأخروا ساعة باقين في الدنيا، ولا يتقدمون فيؤخرون". أهـ، سواء كان هذا بعذاب من عند الله بالكلّية، أو بعذاب يجريه على أيدي عباده، أو بهذا وذلك، فالله هو مدبّر الأمور ومصرّفها.

إن وعيد الله للكافرين حق لا مرية فيه، وانتقامه منهم صدق لا ريبة فيه، وهو شديد إذا وقع، فالله شديد العقاب شديد العذاب شديد المحال، وأخذه أليم شديد، ولن تنفعهم وقتها قوتهم ولا حشودهم ولا جيوشهم، كما فعل الله بأشياعهم من قبل، وأخذهم بغتة فإذا هم مبلسون آيسون، وقد أنذرهم الله فما كانوا يعتبرون، وحذّرتهم الرسل وأتباعهم فكانوا بهم يستهزئون، حتى وقع عليهم عذاب الله القاصم لظهورهم، واعترفوا بذنبهم حين عاينوا العذاب فما قبل الله منهم اعترافهم، كما قال الله تعالى يصف حالهم: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} إلى قوله تعالى: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ}، قال ابن كثير: "ما زالت تلك المقالة، وهي الاعتراف بالظلم، هجيراهم حتى حصدناهم حصدا وخمدت حركاتهم وأصواتهم خمودا".

فهذه عاقبة الكافرين غدا وإن تغطرسوا اليوم، وإن طغوا وبغوا وعلوا في الأرض وأكثروا فيها الفساد، وسولت لهم أنفسهم ألا حساب عليهم! وظنوا أن لن يقدر أحد عليهم، كما هو حالهم في كل زمان ومكان، والله تعالى يهددهم في كتابه ويتوعدهم بعذابه كما قال عز وجل: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ}، قال ابن كثير: "لأنه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، يؤجل ثم يعجل، وينظر ثم لا يؤخر؛ ولهذا قال: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي} أي: نقمي وحكمي واقتداري على من عصاني، فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ!".

فالمسلمون مطالبون شرعا أن يتيقنوا وعد الله بالكافرين وبأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين، فهو قادم لا محالة، والله جعل لمهلكهم موعدا مستقرا في علمه، ولكن يؤخّره ويحجبه عنا لحِكم جليلة يريدها سبحانه منها: إتمام أجور المؤمنين، وتربيتهم على التعلق به وحده، وترقيتهم في منازل اليقين بوعوده وأخباره، وإشعارهم بعظيم فضله عليهم ونعمته بعد النصر فإنّ ذلك أدعى لشكرهم ربهم، ومنها إتمام إملائه للكافرين والمجرمين؛ حتى إذا أخذهم لم يفلتهم، ومنها تهيئة صفوف المؤمنين وتنقيتها وتطهيرها لتكون أهلا لنزول هذه الوعود الإلهية، وغيرها من حِكم الحكيم الخبير سبحانه.

ومَن تيقّن قدوم شيء استعدّ له وأحسن استقباله، ومِن تمام اليقين بوعد الله تعالى؛ الإعداد له وإتيان أسبابه من تجريد التوحيد لله تعالى والصدق معه، والجهاد في سبيله حق جهاده، ومراعاة سننه الكونية والشرعية فالسنن لا تحابي، فقد وعد الله عباده المؤمنين بالنصر ولم يخص به قوما ولا جماعة، إنما خص به من ينصره تعالى ويقف عند حدوده، فكونوا كذلك أيها المسلمون، ينصركم الله ويثبت أقدامكم.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 518
السنة السابعة عشرة - الخميس 1 جمادى الأولى 1447 هـ
...المزيد

لا تتبعوا خطوات الشيطان الحمد لله رب العالمين معز المؤمنين مذل الكافرين، والصلاة والسلام على من ...

لا تتبعوا خطوات الشيطان

الحمد لله رب العالمين معز المؤمنين مذل الكافرين، والصلاة والسلام على من بعث بالسيف رحمة للعالمين, أما بعد:

فإن من سنن الله أن جعل لأهل الحق أعداء من الإنس والجن قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112]
والشيطان إنما سمي بذلك لبعده عن الحق وتمرده، وكل عات متمرد من الجن والإنس فهو شيطان، وقليل من الناس من يعرف هذه الحقيقة فتجد أغلبهم يحترسون من شياطين الجن ولا يحترسون من شياطين الإنس.
وجميع الشياطين من الجن أو الإنس هدفهم واحد وغايتهم واحدة وهي صرف الناس عن الحق وأن يكون أكثرهم في جهنم والعياذ بالله، كما قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]

فعلى المسلم أن يحذر من اتباع خطواته فهو عين ما حذرنا الله منه في الكثير من آياته، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة: 168]
ونهانا عن موالاته ونصرته كما قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا} [الكهف: 50]، قال ابن كثير رحمه الله: "وقال بعض العلماء: وتحت هذا الخطاب نوع لطيف من العتاب كأنه يقول: إنما عاديت إبليس من أجل أبيكم ومن أجلكم، فكيف يحسن بكم أن توالوه؟ بل اللائق بكم أن تعادوه وتخالفوه ولا تطاوعوه". ا.هـ [التفسير].

ولا شك في أن معرفة عقبات الشيطان لصد المؤمن عن دينه، ومعرفة مداخله إلى القلب يعين على الحذر منه، وأولى من ذلك أن تعرف أن الشيطان عدو لك فلن يأمرك بخير ولن ينهاك عن شر.


• عقبات الشيطان

وللشيطان سبع عقبات يقف للمؤمنين فيها ذكرها أهل العلم رحمهم الله.

العقبة الأولى: عقبة الكفر فإن ظفر به في هذه العقبة بردت نار عداوته واستراح، فإن سلم منها ببصيرة الهداية، وسلم معه نور الإيمان.

طلبه في العقبة الثانية: وهي عقبة البدعة فإن خلص منها بنور السنة، واعتصم منها بحقيقة المتابعة، وما مضى عليه السلف الأخيار، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.

طلبه في العقبة الثالثة: وهي عقبة الكبائر، فإن قطع هذه العقبة بعصمة من الله، أو بتوبة نصوح تنجيه منها طلبه في العقبة الرابعة: وهي عقبة الصغائر، فإن سلم منها طلبه في العقبة الخامسة: وهي عقبة المباحات فشغله بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد في التزود لمعاده، وأقل ما ينال منه تفويته الأرباح، والمكاسب العظيمة، والمنازل العالية.

فإن نجا من هذه العقبة ببصيرة تامة ونور هاد، ومعرفة بقدر الطاعات والاستكثار منها طلبه الشيطان في العقبة السادسة: وهي أن يشغله بالأعمال المفضولة عن الأعمال الفاضلة، فإن في الأعمال والأقوال فاضلا ومفضولا، وذروة وما دونها، كما في الحديث: (سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت) الحديث. [رواه البخاري]، وحديث (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد). [رواه أحمد والترمذي]، وهؤلاء هم القلة، والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأول.

فإذا نجا منها بقيت له العقبة السابعة التي لابد منها ولو نجا منها أحد لنجا منها رسل الله وأنبياؤه، وأكرم الخلق عليه، وهي تسليط جنده عليه بأنواع الأذى، باليد واللسان والقلب، فكلما جد في الاستقامة والدعوة إلى الله، والقيام له بأمره، جد العدو في إغراء السفهاء به [مدارج السالكين].

فما هي مداخل الشيطان لإيقاعك في هذه العقبات؟

اعلم أخي المبارك أن مداخل الشيطان كثيرة ومتنوعة منها:

الدعوة لاتباع وتقليد الآباء وعلماء السوء. قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ}. [البقرة: 170]
قال ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى: {وإذا قيل} لهؤلاء الكفرة من المشركين: {اتَّبِعُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ} على رسوله، واتركوا ما أنتم فيه من الضلال والجهل، قالوا في جواب ذلك: {ببَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا} أي: وجدنا {عَلَيْهِ آبَاءَنَا} أي: من عبادة الأصنام والأنداد، قال الله تعالى منكرا عليهم: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ} أي: الذين يقتدون بهم ويقتفون أثرهم {لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} أي: ليس لهم فهم ولا هداية!!". [التفسير]

وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}. [لقمان: 21]
قال الإمام الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: وإذا قيل لهؤلاء الذين يجادلون في توحيد الله جهلا منهم بعظمة الله اتبعوا أيها القوم ما أنزل الله على رسوله، وصدقوا به، فإنه يفرق بين المحق منا والمبطل، ويفصل بين الضال والمهتدى، فقالوا: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من الأديان، فإنهم كانوا أهل حق، قال الله تعالى ذكره {أوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ} بتزيينه لهم سوء أعمالهم، واتباعهم إياه على ضلالتهم، وكفرهم بالله، وتركهم اتباع ما أنزل الله من كتابه على نبيه {إلى عَذَابِ السَّعِيرِ} يعني: عذاب النار التي تتسعر وتلتهب". [تفسير الطبري]

وما أعجب هذه العقول فهم لا يقابلون الدليل بالدليل ولا يواجهون الحجة بالحجة إنما يلجؤون مباشرة إلى التقليد الأعمى وذلك لعجزهم عن إقامة الحجة والدليل.

والمسلم بعيد عن تقليد الرجال آباء كانوا أو علماء وترك شرع الله؛ لأن الإسلام هو الانقياد لأمر الله واتباع شرعه ولذلك قال في الآية بعدها: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىى}. [لقمان: 22]


• ومنها اتباع الشهوات

قال الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران: 14].

قال القرطبي رحمه الله: "واختلف الناس من المزين، فقالت فرقة: الله زين ذلك... وقالت فرقة: المزين هو الشيطان... فتزيين الله تعالى إنما هو بالإيجاد والتهيئة للانتفاع وإنشاء الجبلة على الميل إلى هذه الأشياء، وتزيين الشيطان إنما هو بالوسوسة والخديعة وتحسين أخذها من غير وجوهها، والآية على كلا الوجهين ابتداء وعظ لجميع الناس" ا.هـ [تفسير القرطبي]

فالله سبحانه وتعالى أوجد في قلوب الناس هذه الجبلة الفطرية لكنه ضبطها بضوابط شرعية للانتفاع بها في حين أن الشيطان حريص على تزيين الشهوات المحرمة الخالية من هذه الضوابط وشتان بين الحلال والحرام.

والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 169
الخميس 9 جمادى الآخرة 1440 هـ
...المزيد

عن خباب بن الأرتّ، قال: شكونا إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وهو متوسدٌ بردةً له في ظلّ ...

عن خباب بن الأرتّ، قال: شكونا إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وهو متوسدٌ بردةً له في ظلّ الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو اللّه لنا؟ قال: «كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشقّ باثنتين، وما يصدّه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظمٍ أو عصبٍ، وما يصدّه ذلك عن دينه، واللّه ليتمنّ هذا الأمر، حتّى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلّا اللّه، أو الذّئب على غنمه، ولكنّكم تستعجلون» [رواه البخاري] ...المزيد

جاهدوا لإدخال العباد في دين الله تعالى لا يمضي يوم إلّا ويعلن فيه عن عدد من القتلى في صفوف جيوش ...

جاهدوا لإدخال العباد في دين الله تعالى

لا يمضي يوم إلّا ويعلن فيه عن عدد من القتلى في صفوف جيوش الكفر والردّة، كثير من هؤلاء كانوا من قبل يعيشون تحت حكم الشريعة، وربما علّمتهم الدّولة الإسلاميّة التوحيد، ودلّتهم على طريق الهدى والرشاد، ولكن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو على كل شيء قدير.

دعاهم المسلمون إلى الجهاد في سبيل الله تعالى فأبوا النفير، وضنوا بأنفسهم وأموالهم أن تبذل في سبيل الحكيم الخبير، فقالوا كما قال أسلافهم من قبل، قال تعالى: {إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} [القصص: 57]، وتركوا دار الإسلام طالبين العيش ولو تحت حكم الكافرين، الذين لم يتركوهم وشأنهم بل ساقوهم للقتال في سبيل الطاغوت فانساقوا في هذا الطريق أفواجاً، مستبدلين الإيمان بالكفر، والهداية بالضلال، فسبحان من بين أصبعيه قلوب العباد يقلبها كيف يشاء.

إن حب الدنيا وكراهية الموت لم يورد كثيرا من المنتسبين إلى هذه الأمة موارد الذل ومعصية الله تعالى فحسب، بل أوردهم موارد الكفر والشرك كما نراه واضحاً بيناً في حال كثير من الناس اليوم، يندفعون للدخول في جيوش المشركين باسم التجنيد الإجباري بداعي الخوف، ويظاهرونهم على قتال المسلمين بداعي الخوف، ويقاتلون لتكون كلمة الذين كفروا هي العليا بداعي الخوف.

وأعانهم على هذا الكفر كثير من علماء السوء ودعاة الفتنة، الذين كذّبوا عليهم وأخبروهم أن هذا الخوف هو عذر لهم أمام الله عزّ وجلّ، وذلك أن هؤلاء المحرِّفين المبدِّلين يبحثون عن أعذار لأنفسهم ليبرروا موالاتهم للطواغيت وتلبيسهم على الناس في أمرهم بداعي الخوف أيضاً.
فهم خوفاً من الموت يأبون القتال في سبيل الله تعالى، ثم خوفاً من الموت يقاتلون في سبيل الطاغوت، فالناس من خشية الذل تعيش كل أعمارها في ذل، وهرباً من الموت في سبيل الله تعالى يقتلون أنفسهم في سبيل الطاغوت، ألا سحقاً سحقا.

وإن الناظر إلى حال هؤلاء المتعبّدين للطواغيت خوفاً، يجد أن كثيراً منهم لا يلبثون أن يتحولوا إلى عبادتهم رجاءاً عندما يجدون في هذه العبودية لهم بعضاً من متاع الدنيا الزائل، وما يفتحونه أمامهم من سبل الشهوات، وتسليطهم على رقاب العباد، ليتحوّل كل منهم إلى طاغوت صغير يستعبد الناس لنفسه دون رب العالمين، وأمام ما نالوه من هذه العبودية فإنهم يتحولون إلى عبادة الطاغوت حبّاً له وطلباً لدوام ملكه وما يتضمنه ذلك من استمرار إنعامه عليهم.

ومع كل هذا الكفر الذي انغمسوا فيه، يرى أحدهم نفسه مسلماً، بل يرى قتاله المسلمين تحت رايات الشرك جهاداً، وإن قتل، رفع إخوانه في الشرك على قبره (نعي الشهيد)، وحولهم علماء السوء ودعاة الفتنة يزينون لهم كفرهم، ويرسّخون فيهم دين التجهّم وعقيدة الإرجاء الذي يحبه الطواغيت ويقربون المتدينين به من الناس.

فوراء هذه الجيوش من المرتدين جيوش من المرجئة العاذرين لهم بما لم يعذرهم به الله تعالى، القائلين بأن هؤلاء مسلمون، وأن قتالهم في سبيل الطاغوت خوفاً منه أو طمعاً بما لديه لا يخرجهم عن دائرة الإسلام، مشترطين ما لم ينزّل الله تعالى به سلطاناً لتكفيرهم من قبيل الاعتقاد القلبي وإرادة زوال حكم الإسلام ودوام الكفر، وإن كانوا بأفعالهم يزيلون حكم الإسلام ويرسخون حكم الطاغوت في الأرض.

إن أولئك المرتدين لا يردعهم عن شركهم إلا أن يصير خوفهم من المجاهدين أعظم من خوفهم من الطواغيت، أو يجدوا ملجأ يقيهم من بطش الطواغيت بهم إن تركوا صفه أو ناصبوه العداء، ولذلك فإن جهاد جيوش الطواغيت وبث الرعب في صفوف جنودها، والسعي لتحقيق التمكين في الأرض وتوفير المكان الآمن لكل تائب من الشرك والكفر، هو السبيل الأفضل لإنقاذ ملايين الناس من الشرك الذي أوقعهم به الطواغيت فأخرجوهم به من دائرة الإسلام.

وليضع كل مجاهد في سبيل الله تعالى نصب عينيه هذا الأمر، فيعلم أن كل طلقة يطلقها في سبيل الله عزّ وجلّ له بها أجر إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد -بإذنه سبحانه-، ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 169
الخميس 9 جمادى الآخرة 1440 هـ
...المزيد

على خطى البعثيين ابن سلمان يتابع مشروعه الإفسادي في الجزيرة لم تكن لآل سعود منذ القدم عصبية ...

على خطى البعثيين ابن سلمان يتابع مشروعه الإفسادي في الجزيرة

لم تكن لآل سعود منذ القدم عصبية قبلية قوية يقوم ملكهم بها، ويستمر بقوتها وحمايتها، ولكنهم وجدوا لهم سندا وظهيرا قويا على ذلك من علماء الدين ورجاله الذين تجمعوا حول جدهم الإمام محمد بن سعود رحمه الله لما عاهد على الجهاد لإقامة دين الله تعالى، ثم بقوا بايعوا أبناءه من بعده على ذلك وصدقوا معهم، حتى قام الكيان الأول لتلك الدولة الإسلامية التي أغضبت مشركي الترك وأتباعهم من حكام مصر والحجاز وأعراب نجد، فحشدوا كل ما قدروا للقضاء عليها.

وما إن عاد أحد أبناء الإمام ليرفع الراية من جديد حتى وجد من إخوة التوحيد جيشا جرارا يسطو على البادية ويرهب الحاضرة، وكذلك صدق أحفادهم مع حفيد الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الذي دعاهم إلى بيعة إمامة في الدين فلما استقر له الأمر جعلها ملكا جبريا غشوما، وفي حين بذل أجداده ملكهم في سبيل دينهم فإنه وأبناءه من بعده بذلوا الدين في سبيل الملك، ولا زالوا على ذلك حتى اليوم، منذ أن طلبوا الملك من الإنكليز ثم أسلموا قيادهم للأمريكيين.


• مسيرة إفساد مستمرة

ولا زال هؤلاء يتنافسون في تبديل الدين وتعطيل الشريعة جيلا بعد جيل، وما المانع لديهم أن يزيلوا كل رسم لحكم الإسلام من البلاد إلا خشيتهم على ملكهم أن يخرج عليهم مجاهد يهدم عرشهم، أو يثور عليهم أهل الإسلام فيطهروا الأرض من شركهم بالله العظيم، فهم يقدمون رجلا في طريق الكفر ويأخرون أخرى، بمقدار ما يجدون من صلابة لأهل الجزيرة في دينهم، خاصة وأن كل محاولة منهم لإحداث تغيير كبير لاقت ردة فعل عنيفة من المسلمين، من مثل ما قام به شباب النهي عن المنكر ثم مجاهدي بلاد الحرمين، ثم ومع إعلان الدولة الإسلامية كان هناك خشية كبيرة من امتداد الزحف المبارك إلى تلك الديار، فهم في خيفة وتوجس دفعتهم لاعتقال آلاف الشباب خشية من أن يكون لهم دور في الفتح القادم بإذن الله.

ولذلك وجدوا أنفسهم أمام خيارين، الأول السعي إلى تغيير دين الناس على مدى عقود وهذا ما بدأوا به منذ زمن من خلال إطلاق أيادي المفسدين في الدعاية للكفر والفساد، وكف أيادي الدعاة المخلصين، وتغيير مناهج التعليم، وإرسال مئات الألوف من الشباب إلى الدول الصليبية ليفسدوا طباعهم ويمسخوا عقولهم، وكل ذلك استعداد للمواجهة الحتمية مع المسلمين في جزيرة العرب الذين لن تنفع معهم كل هذه السبل.

هذه المواجهة التي يبدو أن بن سلمان يهيأ الأمور لها، وما أشغله عن إطلاق شرارتها إلا ما ورط به نفسه من حروب ومنازعات وقضايا في كل مكان تطاله يد حماقاته، فلا شك أن كل ما يفعله من فساد اليوم هو قليل مقارنة بما سيقدم عليه في الفترة القادمة إن لم يتدارك أبوه وأبناء عمومته المرتدون أمره، ويكفوا يده، ويعيدوا مسيرة الإفساد إلى سكتها القديمة الطويلة الأمد.


• على خطى ستالين

وإن حال هذا الأحمق وأسلافه يذكرنا بحال مجرمي حزب البعث في الشام، ففي حين كانوا جميعا متفقين على نشر الكفر والإلحاد في الأرض، واستبدال الشريعة بدينهم الاشتراكي، فإنهم كانوا يختلفون في تنفيذهم لهذا المخطط، فمنهم من كان يرى ضرورة التدرج في تطبيق ما يسمونه "الإصلاحات الاشتراكية" وصولا إلى مرحلة الشيوعية الكاملة، ومنهم من كان مصرا على تطبيق هذا الدين فورا، مهما كلف ذلك من دماء وأشلاء مستشهدين بما فعله طواغيت الاشتراكية المجرمون من أمثال ستالين السوفيتي وماو الصيني من إبادة لملايين البشر لتحقيق أفكارهم الخرقاء.

وهكذا انطلق هؤلاء المتعجلون لاستفزاز الناس في كل شيء، دفعا لهم إما للرضوخ لهذا الكفر كله، أو الاستعداد لمذبحة يهلك فيها كل معارض ويخنع بعدها كل جبان، فأطلقوا كلابهم ليعلنوا كفرهم وإلحادهم في وسائل الإعلام، ويسخروا من شعائر الدين، ويدعون إلى منع أي مظهر من مظاهر الإسلام في البلاد، بل وصلت بهم الوقاحة إلى تمزيق حجاب النساء وإهانة المساجد، حتى تصدى لهم الشباب الغيورون على دينهم، فقامت ثورة استغلها النظام للتنكيل بكل ما يمت للدين بصلة، فقتلوا ما لا يعلم حصره إلا الله، ونكلوا بالمسلمين أيما تنكيل وسط تخاذل عن نصرتهم، والانشغال حينها بأحداث أخرى في خراسان وفلسطين ولبنان وغيرها من البلاد.

وبعد هذه الأحداث وقعود الناس عن جهاد النصيرية وأعوانهم استتب الملك للطاغوت حافظ الأسد وأبنه لثلاث عقود حتى هيأ الله تعالى لهذا الخير الذي نراه اليوم أسبابه فكاد شباب الإسلام أن يخلعوا عرشهم ويبيدوا خضرائهم لولا تداعي أمم الكفر كلها لنجدتهم ونصرهم على المسلمين.
وإن أفعال الطاغوت محمد بن سلمان وأعوانه اليوم تشير إلى يقينهم بخروج المسلمين قريبا، واستعدادهم لمواجهة هذا الخيار بكل ما بأيديهم من قوة غاشمة، وما إمعانهم في التعدي على دين أهل الجزيرة وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم إلا محاولة منهم لفرض دينهم على الناس دفعة واحدة، أو تفجير الأوضاع بطريقة مخطط لها تضمن لهم -بحسب ما يتوقعون- توجيه ضربة قوية لكل الموحدين بل وكل المعارضين في البلاد، فينتهي الأمر دفعة واحدة بعد أن يرسخوا حكم الإرهاب الستاليني العنيف في البلاد، هذا ما يتمنون.

وهذا المخطط -حسب رؤيتهم- لا يمكن تحقيقه عمليا إلا بنشر الخوف والرعب في قلوب الناس فلا يجرؤوا على أمر بمعروف أو نهي عن منكر، وما حملته الأمنية التي ملأ بها السجون من الناس إلا بداية حملته على أهل الجزيرة، والتي ستتصاعد كلما تصاعد مشروعه للإفساد في الأرض وزاد مجاهرة بنشر الكبائر والموبقات.


• وأعدوا لهم ما استطعتم

وإن كان هذا الأمر محتملا وقوعه، خاصة إن شعر الطاغوت بن سلمان بالضغط عليه من الداخل والخارج، ووجد أن إثارة الفوضى في البلاد سيفيده ويدفع الصليبيين للتمسك به خوفا من استعادة الموحدين لأرض الجزيرة وقيامهم بتطهيرها من الشرك والمشركين، فإن على المسلمين أن يتحسبوا لهذا الأمر، فلا يكونوا وقودا لمعارك غير معاركهم، ولا يخوضوا حربا نيابة عن السرورية والروافض والإخوان المرتدين، فإن رايتهم واضحة بحمد الله، وإن معركتهم محددة، وإن جماعتهم معروفة.

وليحرصوا على حفظ دين المسلمين ودمائهم وأعراضهم، والسعي لفكاك أسراهم وأسيراتهم في سجون الطواغيت، وليتعلموا من دروس إخوانهم في العراق والشام وغيرها من ولايات الدولة الإسلامية، ويسمعوا لإمامهم وأمرائه، ولا يسبقوهم بالقول أو الفعل، ولعل الله يجعل في ما يأتي خيرا كثيرا، فإن حكم الطواغيت من آل سعود زائل قريبا بإذن الله، وإن سقوط حكمهم الكفري سيجر معه إلى نفس المصير حكم كثير من الطواغيت الذين يمولون حروبهم على المسلمين، وإن غدا لناظره قريب.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 169
الخميس 9 جمادى الآخرة 1440 هـ
...المزيد

قصة شهيد - عبد الملك الداغستاني أسلم ثم سمع النداء فلبى (عبد الملك الداغستاني) التحق بجند ...

قصة شهيد - عبد الملك الداغستاني


أسلم ثم سمع النداء فلبى
(عبد الملك الداغستاني) التحق بجند الخلافة في مصر فقاتل معهم وقتل

كثيرونَ همُ الذين كانت أعمارُهم في ساحات الجهادِ قصيرة، ولكنهم تركوا خلفهم أثرا كبيرا لا زال إخوانهم من بعدهم يعيشون على طيب شذاهم، يتنفسون عبيرهم الفوّاح، ويستأنسون به في دربهم المُعبّد بالمصاعب والدماء.

من بين هؤلاء.. الأخ (عبد الملك الداغستانى) أبو محمد -تقبله الله- من أرض داغستان الجريحة، منّ اللهُ تعالى عليه بنعمة الإسلام من بين عائلة ملحدة، وذلك قبل خمس سنوات من الآن، فيسّر اللهُ له سُبلَ الهداية إلى معتقد أهل السنة والجماعة (الفرقة الناجية)، فحسُن إسلامُه وعرِف فلزِم.


• سمع النداء فلبى

سمع كغيره من المسلمين بإقامة الخلافة الإسلامية واشتعال جذوة الجهاد فيها، فمكث سنوات عدة يبحث عن طريق للهجرة إلى ولاية من ولاياتها، حتى أكرمه الله تعالى بالنفير والالتحاق بإحدى سرايا المجاهدين التابعة لجند الخلافة بمصر.
ورغم حداثة إسلامه، لم يجلس أبو محمد يتابع أخبار المجاهدين عن بعد، عبر وسائل الإعلام المتنوعة والمحطات الفضائية، وهو قاعد في بيته متفرجا عليهم! بل جدّ وأخلص في البحث عن طريق يوصله إلى أرض الجهاد حتى أكرمه الله بذلك، فظفر أبو محمد بما كان يُحدّثُ به نفسه قبل "الهجرة والجهاد"، فصدق عليه قول القائل.


أجل تلك أحلامه الغاليات
تعهدها في ظلال السيوف
وميراثه أبدا شاهد
على صدقه في عراك الحتوف


وبعد جهد وتدبير وتوكل على الله ولطف منه وصل أخيرا إلى ثغر من ثغور الإسلام يرابط فيه ويقاتل أعداء الإسلام، وكم كانت فرحتُه كبيرة يوم أن استلم عدة القتال لأول مرة، بعد انتهاء فترة التدريب والمعسكر، فكان -تقبّله الله- يهتمّ بعتاده وسلاحه أشد الاهتمام، وما ذلك إلا لتعلق قلبه الشديد بالقتال والجهاد، فعتاده بالنسبة إليه هو أقرب الطرق وأقصرها إلى جنات النعيم (بإذن الله).

عُرف أبو محمد بعلو الهمة والنشاط، مجتهدٌ دؤوبٌ يتربص بالمرتدين وقطعانهم، ويتحين الفرصَ لاستهدافهم في كل مكان، ينطبق عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من خير مَعاش الناس لهم رجلٌ ممسكٌ عنانَ فرسِه في سبيل الله يطيرُ على متنه، كلَّما سمع هَيْعَةً أو فَزَعَةً طار عليه يبتغي القتلَ والموتَ مظانَّه....) "صحيح مسلم"، فخرج ذات مرة مع إخوانه في إحدى العمليات الأمنية ضد المرتدين، فكان مثالا للشجاعة والإقدام، غير هيّاب يطارد الموت في كل محفل.


• رحماء بينهم

كان أبو محمد -تقبله الله- يهتمّ كثيرا لحال إخوانه في القوقاز حريصا عليهم، وكان كثيرا ما يُلحُّ على أميره بأن يعلمه الفنون العسكرية وصناعة المتفجرات، لكي يعود إلى القوقاز ويقاتل الكفرة والمرتدين هناك.

وذات يوم شعر أبو محمد أنه أثقلَ على أميره، فذهب إليه -وكان ذلك قبل مقتله بيوم واحد- فخلا بأميره واعتذر منه وصارحه قائلا: (أخي أنا أعلم أني أثقلت عليك في طلب العودة للقتال في القوقاز، وأنا الآن أقول لك لن أرجع إلى القوقاز حتى نفتح مصر كاملة إن شاء الله).

• مقتله أثناء صلاته

وفى ظهر اليوم التالي، جلس أخونا -تقبله الله- مع أميره وإخوانه يتذاكرون ويتحدثون حول مراتب الدين من إسلام وإيمان، ثم سأله الأخ (أبو محمد) كيف أصبحُ مؤمنا حقا؟ فأخذ الأخ الأمير يذكر له صفات الإيمان وخصاله، ويوصيه بتقوى الله تعالى في كل حركاته وسكناته، ليكون مستعدا للقاء الله في أي لحظة.

فجلس (أبو محمد) ما بين الظهر إلى العصر يستغفر ويسبّح ويذكر الله تعالى، وكأنه يستعد للقائه -سبحانه-، وبقي على حاله هذه حتى دخل وقت العصر، فقام أبو محمد وأذّن لصلاة العصر، وما هي إلا دقائق حتى قدمت قوة عسكرية لجيش الردة فدارت اشتباكات لساعات عدة بين المجاهدين والمرتدين، فما كان من المرتدين كعادتهم إلا أن استغاثوا بالطائرات لتخلّصهم من حصار المجاهدين لهم.

ومع قدوم الطائرات الحربية اضطر الإخوة ومعهم أبو محمد إلى الانحياز والانسحاب من المكان إلى حيث أراد الله لهم، حيث كان الأخ أبو محمد على موعد مع الشهادة هناك.

وأثناء سيرهم، سأل الأميرُ أبا محمد وقال له: (هل أنت جاهز الآن للشهادة)؟،فابتسم أبو محمد وقال: (نعم أخي منذ أن وعظتني وقت الظهر وأنا في توبة واستغفار وذكر لله تعالى)، ثم توقفوا لكي يصلّوا المغرب والعشاء، والطائرات فوقهم لم تفارق الأجواء، فبدأوا صلاتهم، وفجأة باغتهم صاروخ من طائرة وهم في صلاتهم، ليُقتل أبو محمد -تقبله الله- مع بعض إخوانه، ليكون آخر أعمالهم من الدنيا الصلاة لله تعالى، فرحم الله أبا (محمد الداغستانى)، ونعم الخاتمة التي نالها بالصدق والهمة، ليُقْتلَ مهاجرا مجاهدا مصليا، فلله دره وعلى الله أجره.

وإن في قصة أبي محمد -تقبله الله- عبرة لكثير ممن شغلوا أنفسهم بالعلم عن العمل! وأسَرُوا أنفسَهم في بطون الكتب ولم يتنسموا عبير الجهاد لحظة! فما عرف أبو محمد من دينه غير ما صحَ به توحيدُه وعبادته، فلزِم ما عرف وعمل بما علم، فجمع الله له بين الهجرة والجهاد والقتل في سبيل الله، -نحسبه والله حسيبه- إنها بركة الهجرة والاجتماع والاتباع.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 169
الخميس 9 جمادى الآخرة 1440 هـ
...المزيد

اليوم يأس الذين كفروا من دينكم لا يفتر سعي الشيطان وأوليائه لإخراج الناس عن طاعة الله سبحانه ...

اليوم يأس الذين كفروا من دينكم

لا يفتر سعي الشيطان وأوليائه لإخراج الناس عن طاعة الله سبحانه وتعالى بالكلية، فإن أعجزهم ذلك رضوا منهم بأن يكونوا شركاء لله عز وجل في العبودية والطاعة، وسيبقون على هذه الحال حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، ولذلك حذّر جل جلاله عباده الصالحين من طاعتهم في أقل الأمر بما فيه معصية له سبحانه لألا يخرجوا من دين التوحيد والإسلام إلى دين الشرك والكفر، فقال في كتابه العزيز: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد: 25، 26].

ولا يزال سعي المشركين والطواغيت مستمرا لتسود الأرض أحكام الجاهلية ويزاح عنها حكم الإسلام، فيُعبِّدوا الناس لهم -باتخاذهم الدساتير والقوانين التي وضعوها- طواغيت يعبدونها وقد أمروا بالكفر بها، قال تعالى: }أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا{ [النساء: 60]، فلا يكفرون بهم، بل ولا يجتنبونهم، وإنما يعبدونهم من دون الله تعالى بتحاكمهم إليهم.

فإن عجزوا عن فرض دين القوانين كله على أهل الأرض، رضوا منهم أن يكون له الشركة مع دين الله تعالى فيهم، بأن يكون لله عز وجل بعض الأمر ويكون لهم بعضه، وأن تكون أحكامهم الكفرية ندّا للأحكام الإلهية، كما نراه واضحا بيّنا في كثير من دساتير المشركين اليوم التي تقبل أحكام شريعة الله سبحانه في بعض المسائل، وتُمضي أحكام البشر في غيرها.

وقد رضي أسلافهم من مشركي قريش من قبل أن يقسموا أيامهم، ليكون الدين في بعضها لله تعالى وحده، ويكون في غيرها لطواغيتهم شرك مع الله سبحانه في التأليه والعبودية، كما روى الإمام الطبري عن ابن عباس رضي الله عنه: "أن قريشا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة، ويزّوجوه ما أراد من النساء، ويطئوا عقبه، فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد، وكفّ عن شتم آلهتنا، فلا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل، فإنا نعرض عليك خصلة واحدة، فهي لك ولنا فيها صلاح، قال: (ما هي؟)، قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزي، ونعبد إلهك سنة" [تفسير الطبري]، فجاء الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم واضحا صريحا: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 1 - 6].


• الصحوات من جديد

وبعد أن يأس المشركون من حملتهم على دولة الإسلام أن يبدّلوا دينها أو يدفعوا جنودها للتراجع عن غاية جهادهم {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} [البقرة: 193] باتوا يقلّبون أياديهم على ما أنفقوا ويرجون الخروج من هذه الحرب اللامنتهية ولو بأن يتنازلوا قليلا ويرضوا من الناس بعض الأمر لا كله، لقاء أن يجدوا ممن يوافقهم على هذا الشرك موالاة لهم في قتال الموحدين، وإعانة لهم على منع التمكين للدولة الإسلامية، وحجزا عن توسع الخلافة لتضم كل أهل الإيمان في جماعة المسلمين التي تأتمر بأمر إمام واحد كما رضي الله عزل وجل لها.

ولم يجدوا لتنفيذ هذه المهمة القذرة بعد أن عجز الطواغيت الحاكمون لبلاد المسلمين عنها أفضل لهم من الإخوان المرتدين وأوليائهم من أتباع تنظيم القاعدة بفروعه المختلفة، فالعمل جارٍ هذه الأيام على يد وساق لبناء حكومات طاغوتية بنمط جديد يتولى فيها الإخوان المرتدون قضية الظهور الإعلامي وإدارة العلاقات مع الدول الصليبية، في حين تترك ليهود الجهاد بعض القضايا التي يتمكنون بواسطتها من خداع الناس وإقناعهم أنهم يقيمون دين الله تعالى، في الوقت الذي يقيمون بعضه ويتركون بعضه الآخر لأحكام المشركين، كما كان شأن الطواغيت من قبل، ويحشدوا الناس لقتال من يدعو لإقامة دين الله تعالى كاملا غير منقوص، وهم جنود الدولة الإسلامية أعزها الله تعالى، ويتهموهم بالغلو والخارجية، ويجعلوا قتالهم مقدما على قتال اليهود والنصارى والطواغيت والمشركين.

• حكومات وهمية مصيرها الزوال

وما نراه في ليبيا وخراسان والشام اليوم وسنراه في بقاع أخرى من تشكيل حكومات "توافق" أو "إنقاذ" أو غيرها من المسميات التي ستظهر بعد انتهاء المفاوضات بين وطنيي الطالبان وإخوانهم في حكومة العملاء من الأفغان، وانتهاء المفاوضات بين الصليبيين ومرتدي جبهة تحرير مورو في شرق آسيا، ما هو إلا براعم أشجار خبيثة جديدة يعمل الصليبيون على استنباتها في أرض الإسلام، بعد أن يبست أشجارهم القديمة وتعفنت ثمارها النجسة.

وإننا على يقين أن مصير هذه الحكومات الوهمية لن يكون بأفضل من مصير صحوات العراق التي شكلتها الفصائل بعد وعود من أمريكا إليهم بأن تسلّمهم مقاليد الأمور بعد القضاء على المجاهدين، فكان أن أسلمتهم لأيدي الروافض يمعنون بهم أسرا وتقتيلا وتشريدا، حتى آل حالهم إلى زوال بحمد الله على أيد جنود الخلافة الذين استأصلوا شأفة من تبقى منهم، وهذا ما نرى اليوم بداياته مع مرتدي صحوات ليبيا الذين ظنوا أنهم بقتالهم للموحدين في سرت، وإزالة حكم الشريعة منها قد نالوا الرضا والقبول من الصليبيين وضمنوا منهم الاعتراف بحكومتهم، فإذا بهم يخسرون المنطقة تلو الأخرى لصالح الطاغوت حفتر، وسيكون مصيرهم كمصير إخوانهم في العراق بإذن الله.

فيا أيها المسلمون، لقد أراكم الله تعالى على أيدي عباده الموحدين من أمراء وجنود دولة الإسلام كيف يقام الدين كاملا غير منقوص كما تركه النبي عليه الصلاة والسلام، بعد قرون من تلاعب الطواغيت وأوليائهم من علماء السوء به، فلا ترضوا إلا بما رضي الله تعالى لكم من الدين، ولا تخشوا المشركين واخشوا من أمر بجهادهم، قال تعالى: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].

وإننا عازمون -بإذن الله تعالى- على هدم هذه الحكومات الطاغوتية، التي تخادع الناس ببعض الدين وتمنع الحكم بما يكرهه المشركون، وسنمضي في جهادنا حتى لا يبقى أي شرك في الأرض وحتى تكون طاعة الناس كلها لرب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 168
الخميس 2 جمادى الآخرة 1440 هـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - مقال: اصبروا على طاعة الله تفاجأ العالم من جديد بفتح من فتوح الله منّ به ...

الدولة الإسلامية - مقال: اصبروا على طاعة الله


تفاجأ العالم من جديد بفتح من فتوح الله منّ به على عباده الموحدين في مغارب الأرض والذي تجلى بأخبار الانتصارات المتتالية التي حققها جنود الخلافة في غرب إفريقية على تحالف جيوش الردّة الإفريقية، وتمكنهم -بفضل الله- من دحر المرتدين في بعض المدن والبلدات وسيطرتهم على قواعدهم العسكرية واغتنامهم أموالهم وأسلحتهم في مشهد يعيد للأذهان أخبار إخوانهم في ولاية العراق قبيل الفتح الكبير.

وتأتي هذه المفاجأة لأن المشركين قد أعلنوا منذ سنين انتصارهم النهائي على الموحدين بعد تمكنهم من فرض أحكامهم الكفرية وقوانينهم الجاهلية على بعض المناطق التي كان جنود الخلافة يقيمون فيها دين الله، وكذلك ما تردد من أخبار عن عبث الشيطان ببعض النفوس ما دفعها إلى ترك الجهاد والركون إلى الدنيا، أو ترك جماعة المسلمين إلى الفرقة، وهكذا حسب أعداء الله أن المسلمين في تلك الديار لن تقوم لهم قائمة أبدا لخسارتهم التمكين في الأرض، ولانشغالهم في درء الفتن والانحرافات عن جماعتهم.

وإن فقه مجاهدي غرب إفريقية -نحسبهم- للمعنى الكبير والحقيقي لأمر الله تعالى عباده بالصبر هو السبب الأساس في ما منّ به الله تعالى عليهم من نعمه الكثيرة في هذه الأيام.

إذ كثير من الناس يخطئ حين يحصر معنى الصبر في قضية تحمل أذى المشركين، وهو من أعظم معاني الصبر ولا شك، ولكن المعنى الشرعي للصبر أعم من ذلك بكثير، فهو يعم الصبر على كل ما فيه طاعة لله تعالى، وعن كل ما فيه معصية له سبحانه، مهما تعاظمت المكاره وتزاحمت الشهوات.
وأعظم ما يُصبر عليه توحيد الله سبحانه واتباع نبيه عليه الصلاة والسلام، إذ كل جهود المشركين منصبة على دفع المسلمين إلى الخروج عن التوحيد والسنة إلى الشرك والبدعة، ولما كان من أهم مقاصد جماعة المسلمين إقامة دين الله سبحانه في الأرض والكفر بكل الطواغيت المبدلين لشرعه، كان هَم أعدائهم منصبّا على حرفهم عن هذا المقصد العظيم بدفعهم -رغبة أو رهبة- إلى القبول بما هو أقل من التوحيد الخالص لرب العالمين، أو الحيدة عن منهج النبي عليه الصلاة والسلام في إقامة الدين والمتمثل بجهاد المشركين حتى تطهير الأرض من شركهم، فلا تختلط فيها طهارة التوحيد بنجاسة الشرك.

فإن يأس المشركون في دين الموحدين، وتيقنوا من انعدام خشيتهم في نفوس المؤمنين، كما هو حاصل اليوم في حالهم مع جنود الخلافة ولله الحمد، عمدوا إلى أهم أركان إقامة الدين في الأرض وهو جماعة المسلمين فسعوا إلى إضعافه وتوهينه بصد الناس عنه وتزيين أمر الفرقة والبدعة في نفوسهم بما يوحيه إليهم شياطين الإنس والجان من زخارف الأقوال الملبَّسة بدعاوى النهي عن المنكر والظلم أو غير ذلك من الدعاوى التي يركبها كل مارق عن جماعة المسلمين في كل زمان، وغايتهم من ذلك أن ينشغل المارقون بشق صف المسلمين وحرفهم عن السنة والجماعة وقتال من لم يشاركهم في بدعتهم، وينشغل أهل السنة والجماعة بدفع شرهم وكف أذاهم، فيستريح المشركون بذلك من عناء مدافعة أهل الإسلام، بدفعهم إلى أن يدفع بعضهم بعضا.

فلما أنجى الله تعالى القلة الصابرة المحتسبة -نحسبهم- من جنود الخلافة في غرب إفريقية من هذه الفتن الثلاث، فتنتهم عن التوحيد والسنة، وفتنتهم عن جهاد المشركين ومدافعتهم، وفتنتهم عن جماعة المسلمين والصبر عليها في المنشط والمكره وفيما فيه أثرة عليهم، جنبهم التنازع والفشل وذهاب الريح، كما وعد سبحانه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [الأنفال: 46].

وسبيل الصبر هذا هو سبيل أولي العزمات من أتباع المرسلين في كل زمان، بل لا سبيل غيره لجماعة المسلمين لتبقى مقيمة لدين ربها، مطيعة له سبحانه، آمنة من غضبه وعذابه جل جلاله، فما من رسول إلا وأوصى حوارييه وأتباعه بهذا السبيل وحضّهم على العظ عليه بالنواجذ مهما كان قاسيا والقبض على جمرته مهما كانت محرقة.
فيا قومنا في كل مكان أجيبوا داعي الله، فما عندنا ما ندعوكم به أفضل مما دعا إليه رسل الله أقوامهم بأمر ربهم : {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 168
الخميس 2 جمادى الآخرة 1440 هـ
...المزيد

هو أعلم بمن اتَّقَى كتب الله -تعالى- لدينه النصر والتأييد من عنده سبحانه، وجعل لذلك الأسباب من ...

هو أعلم بمن اتَّقَى

كتب الله -تعالى- لدينه النصر والتأييد من عنده سبحانه، وجعل لذلك الأسباب من عنده سبحانه، فهو ينصر دينه وعباده المؤمنين بما شاء وكيف شاء، فقد قال تعالى: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الفتح: 4]، وقال جل جلاله: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} [المدثر: 31].

فمن تلك الجنود ما لا تخطئه العين، ومنها ما لا يدركه إلا من أنار الله بصيرته ليطلعه عليه، ومن ذلك تأييد هذا الدين بأفراد وأقوام لا يُتوقع أن تكون منهم نصرة له، ولا أن يأتي النصر والمدد من قبلهم، ولكن الله الحكيم العليم، يسخِّرهم لخدمة هذا الدين، فيجعل على أيديهم من الفتح ما لا يكون على أيدي غيرهم، وقد لا يجعل لهؤلاء نصيبا من ثواب النصرة، لأنهم لم يحققوا شروط استحقاق الثواب الأخروي من الله سبحانه، وإن كان لا يبعد أن يثيبهم عليه شيئا من حطام الدنيا الذي يرجونه، ثم يأتون يوم القيامة وليس لهم جزاء يرجونه من رب العالمين.


• إنه من أهل النار:

في الصحيح، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قوله: شهدنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حُنَيْناً، فقال لرجل ممن يُدعى بالإسلام: (هذا من أهل النار)، فلما حضرنا القتال قاتل الرجل قتالا شديدا، فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الرجل الذي قلت له آنفا: (إنه من أهل النار)، فإنه قاتل اليوم قتالا شديدا، وقد مات، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (إلى النار)، فكاد بعض المسلمين أن يرتاب، فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جراحا شديدا، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح، فقتل نفسه، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقال: (الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله)، ثم أمر بلالاً فنادى في الناس: (أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وأن الله يُؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) [متفق عليه].

وفي هذا الحديث دليل واضح على ما أسلفنا من القول، فهذا الرجل الذي أحسن به الصحابة الظن، لحسن بلائه في القتال ضد أعداء الله، وهو من أعظم القربات إلى الله ولا شك، ثم تأتي الأخبار بموته على ذلك، فيكون ظاهره بذلك من الشهداء الذين ثبت أنهم من أصحاب الجنة، ثم يتعارض هذا كله مع شهادة النبي -عليه الصلاة والسلام- له بالنار، حتى يحسم رسول الله -تعالى- القضية، بتنبيه المسلمين إلى أمر هام، وهو أن الرجل وإن كان في عمله نصرة للدين وتأييد له، فإنه قد لا ينتفع من ذلك بشيء، ويكون ما أسلفه من خير فللإسلام والدين، وما فعله من شر فعلى نفسه.


• إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ:

وفي هذا الحديث السابق إشارة واضحة إلى خطأ من اعتمد في تزكية الناس تزكية مطلقة على بعض ما قاموا به من نصرة لهذا الدين، وحسن بلاء في الذود عنه، وتعرض للابتلاء من قبل أعدائه، إذ في النهاية المُعوَّل عليه في ذلك كله تقوى الله تعالى، كما قال سبحانه: {قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]، وقوله، جل جلاله: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ} [التوبة: 53]، وهذه التقوى التي هي الفيصل في قبول العمل مما لا يطلع عليه إلا هو، كما قال سبحانه: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32].

وكذلك فإن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، ولا يعلم مآلات الناس وبِمَ يُختم لهم في هذه الحياة غيره سبحانه، وقد يصنع العبد من الأعمال الصالحة ما لو مات عليه لكان من أهل الجنة، لكونها مما يغفر الله بها خطاياه، ويكفِّر بها سيِّئاته، ويرفع بها درجاته، وهذا حال من أراد الله به خيرا من الناس، ولكن هناك أيضا من تطول به الحياة إلى أن ينكص على عقبيه، ويرتد على أدباره، فيضيع أجر ما عمل من عمل صالح، بوقوعه في كفرٍ يُحبط عمله كله مهما كان عظيما، فيجعله الله -تعالى- هباء منثورا، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) [رواه البخاري].

• لا يشكرُ اللهَ من لا يشكرُ الناسَ:

إن ما ذكرناه آنفا من حسن الظن بالنفس أو بالغير بسبب بعض الأعمال الصالحة التي يُيَسرها الرب -جل جلاله- لعبيده، ويوفقهم إليها، ويعينهم عليها، لا يعني بحال أن ينقلب المرء إلى غلو في اتجاه مخالف، بأن يغمط الناس أعمالهم، وأن يتهمهم في نياتهم، فإن هذا ليس من سبيل المؤمنين في شيء، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 79]، بل السنة بخلاف ذلك كليا، ومن يراجع علاقة النبي -عليه الصلاة والسلام- مع الناس يجد هذا واضحا جليا، فقد كان منهجه في ذلك قوله: (لا يشكرُ اللهَ من لا يشكرُ الناسَ) [رواه أحمد].

ولذلك نجد له مواقف كثيرة يشير فيها إلى حسن صنيع بعض صحابته الكرام، مُنبِّها إلى فضلهم في ذلك، ودالّاً الناس على اتباعهم في هذا العمل، ومحببا إليهم النشاط فيه، والإكثار منه، كما في قوله لسعد -رضي الله عنه- يوم أحد: (ارم سعد، فداك أبي وأمي) [رواه أحمد]، لما أعظم النكاية في المشركين بسهامه، وكما قال بعد موقعة أخرى مع المشركين: (كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة) [رواه مسلم]، وقوله لعثمان -رضي الله عنه- لما بذل ألف دينار للإنفاق على جيش العسرة: (ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم) [رواه الترمذي]، وقال لحسان بن ثابت -رضي الله عنه- لما ردَّ على قريش طعنهم في الله ورسوله: (هَجَاهُم حسان، فشفى، واشتفى) [رواه مسلم]، وشهد لأهل بدر أن لهم فضلا عن العالمين بقوله: (وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) [رواه البخاري]، وغيره كثير في سنته، عليه الصلاة والسلام.


• وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ:

فالسنة في الأمر عند النظر في الأعمال الصالحة التي يقوم بها غيره، أن يشكره على هذه الأعمال، ويذكر فضله فيها إن تطلب الأمر، ما لم تخش الفتنة عليه أو على غيره بذلك، وأن يسعى الإمام أو من ينوب عنه إلى مكافأته عليه، وذلك كله دون أن يؤدي ذلك إلى غلو في محبة هذا الفاعل للخير أو تعظيمه، تُفضي إلى الفتنة به على الدين، فيصبح هذا العمل الصالح الذي قام به دَيناً على المسلمين لا يوفون حقه إلا أن يصيروا تبعا لهذا الفاعل للخير، ويكون منَّة عليهم لا يتحللون منها حتى يرث الله الأرض ومن عليها، بل لله -تعالى- المنُّ في ذلك كله على العبد أن يسَّر له طريق الخير وأعانه عليه، كما قال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: 17].

ولا يتجرَّأن أحد فيستشهد بحديث (ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم) في تزكية من يحبُّ من الناس بناء على فعل قام به، فإنه كلام في الخواتيم التي لا يعلمها إلا الله، وأما عثمان فإنه مشهود له بالجنة، شهد له بها من يتنزل عليه الوحي من فوق سبع سماوات، فأين من يدَّعي في نفسه شبها بالشاهد، أو فيمن يزكيه شبها بالمشهود له، هيهات.

وأما الإنسان ونفسه، فيحذر كل الحذر من أن يعجبه عمل صالح دلَّه الله عليه، ووفقه إليه، مهما عظمت قيمة هذا العمل في موازين الناس، وفي ميزان الله تعالى، وعليه أن ينسب الفضل في هذا العمل كله لله، جل جلاله، ويتخذه قربة منه، ووسيلة إليه، وإن كان هذا العمل فتحا من أعظم الفتوح ونصرا من أعظم الانتصارات، فلن يبلغ بحال فتح مكة وتطهير جزيرة العرب من الشرك، فلم يكن من أعظم الفاتحين -عليه الصلاة والسلام- ذلك اليوم، إلا أن يدخل المدينة متذللا لله العظيم، مسبحا له، مستغفرا لذنبه، كما أمره.

وليخش كل امرئ إن رأى من نفسه إعجابا بفعل قام به كان فيه نصر للدين، أو إعزاز لكلمة التوحيد، أن يكون حاله كذلك الرجل الفاجر، الذي منعه ضرره على نفسه أن ينتفع بشيء مما نفع به هذا الدين، وحكم عليه رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه من أهل النار. نعوذ بالله أن نكون من أمثاله وسائرُ المسلمين، والحمد لله رب العالمين.

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 117
الخميس 15 جمادى الأولى 1439 ه‍ـ
...المزيد

وقفات عند أحاديث الفتن والملاحم (7) تحدثنا في الحلقة الماضية عن بعض جوانب تعامل أهل السنة ...

وقفات عند أحاديث الفتن والملاحم (7)


تحدثنا في الحلقة الماضية عن بعض جوانب تعامل أهل السنة والجماعة مع قضية ظهور المهدي، من حيث إثبات أئمة أهل السنة لهذه القضية، قبولا للخبر الوارد بذلك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتصحيحهم لبعض الأحاديث في هذا الشأن، وبيان أنه في عقيدة أهل السنة يخرج في آخر الزمان، وأنه غير عيسى ابن مريم، عليه السلام.

ومن يراجع مواقف أئمة السنة من هذه القضية يجد أنها لم تأخذ حيزا كبيرا من كلامهم، ويلحظ فقرا في التصنيف في هذا الباب مما وصل إلينا من كتبهم، بل إننا لا نجازف إن قلنا أن حجم اهتمامهم بهذه القضية لا يتعدى تبليغ ما ورد من العلم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تأديةً للأمانة، والتحقق من صحة ادعاءات من زعم أنه المهدي، من خلال مطابقة صفاته الشخصية، وصفة ظهوره، والحال التي يخرج فيها مع ما ورد في ذلك من أخبار صحيحة، وكذلك أداء واجب في الرد على بعض من ضلَّ في هذا الباب، خاصة أن هذه القضية لا ينبني عليها عمل إلا بعد تحقق الأخبار الواردة فيها.

أما إذا خرجنا من دائرة أهل العلم هؤلاء وأتباعهم، فإننا نجد عند كثير من المنتسبين إلى الإسلام اهتماما كبيرا بقضية خروج المهدي، يبلغ عند بعضهم حد الهوس، وصارت عند بعضهم من أصول الدين التي تنبني عليها أحكام مبتدَعة يلتزمونها، وهي الأساس في قيام بعض الطوائف الخارجة عن الإسلام بالكلية.

ومن يراجع التاريخ يرى عجبا، من التأثير الذي لعبته هذه القضية في مختلف جوانب حياة الناس، الدينية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، فما من زمن خلا من دَعِيٍّ يزعم أنه المهدي، يجتمع حوله طائفة من الأتباع، يستقل بهم عن الناس، بل سجلت كتب التاريخ وجود عدد من أدعياء المهدوية متزامنين أحيانا في الوقت، بل ومتجاورين أحيانا في المكان، وربما تصارعا على حيازة هذا اللقب المزعوم، وتقاتل أتباع كل منهما ليحقق كل فريق الغلبة لمن بايعه مهديا.
ولعل الله أن ييسر لنا -سبحانه- تفسير هذا الافتتان من الناس بأدعياء المهدوية على مَرِّ التاريخ، وشغف كثير من الناس لتصديق أي مدَّعٍ لهذه الصفة، رغبة منهم في تحقيق هذه النبوءة، ودخولهم فيما تضمَّنته من مبشرات، أكثر من كونها تعصُّبا للأدعياء في بعض الأحيان، معتمدين في ذلك على ما ورد في الأخبار التي تعلَّق بها الناس.


• الظروف المصاحبة لظهوره:

إن الظلم والجور مكروهان إلى النفوس، وخاصة إذا وجد الإنسان في نفسه عجزا عن رفعهما، لأن لا طاقة له بمن سلَّط الظلم عليه أو على قومه، ولذلك فإن النفوس التي تميل إلى الإيمان بالخالق القادر على كل شيء -جل جلاله- تترقب منه النصر على الظالمين، وبما أن من أخبار المهدي، أنه (... يخرج رجل من عِترتي فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا) [رواه أحمد]، فإن الناس في كل العصور، كلما وقع عليهم ما يرونه ظلما لم يقع على أحد قبلهم فإنهم كانوا يتمنَّون خروج المهدي ليرفع الله به هذا الظلم، بل يترقبون ذلك، اعتمادا على التلازم بين فُشُوِّ الظلم، وإخراج الله -تعالى- له.


• صفة حُكْمه:

وبما أن هذا الرجل المهدي يترقبه الناس ليرفع الظلم، فلا يُتصور منه أن يحكم هو بالظلم بعد أن يرفعه الله به، بل سيكون حكمه موافقا لمنهاج النبوة الذي لا يرضى المسلمون بغيره، ويكون حكمه قويا بحيث يمكِّنه الله من بسط حكم الإسلام في الأرض، فإنه (يعمل في الناس بسنة نبيهم، ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض) [رواه أبو داود]، ويعين الله -تعالى- هذا الحاكم بما أنزل الله على أن (يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما مُلئت جورا وظلما) [رواه أبو داود]، ويؤتي دولته من الغنى ما لم ير مثله، (فتَنعَم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط، تؤتي أكلها، ولا تدَّخر منه شيئا، والمال يومئذ كدوس) [رواه ابن ماجه]، ويزيد من بركة غنى دولته أنه جواد على الناس، يعطيهم مما أعطاه الله عطاء بغير عدٍّ، (فيجيء إليه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، أعطني، فيحثو له في ثوبه ما استطاع أن يحمله) [رواه الترمذي].

ولا غرابة في أن كل إنسان سَوِيٍّ تطمح نفسه إلى رؤية العدل منتشرا في الأرض التي يسودها الإسلام، وتحكم بسنة خير الأنام، فلا يكون فيها خوف من ظلم، ولا فقر من مال.


• صفاته الشخصية:

وبالإضافة لما ذكرته الأخبار عن صفة حكمه، فإن من صفاته الشخصية ما يدفع طوائف من الناس إلى ترقب ظهوره بفارغ الصبر، لأنها تؤيد ما تعتقده هذه الطوائف في أمور مختلفة، ومن ذلك وصفه في الأخبار أنه: (من عترتي، أو من أهل بيتي) [رواه أحمد]، وهذا ما تعتمد عليه الرافضة في أصل دينها كله، وهو (عقيدة الإمامة)، التي قوامها أنه لا تصح إمامة المسلمين لغير رجل من آل بيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليحفظوا العدل ويقوموا بالسنة، وعندما لم يتحقق لهم هذا الأمر على مدى قرون، تمسكوا بقضية ظهور المهدي، ليبنوا على الأخبار الصحيحة فيها كمَّا كبيرا من الأكاذيب التي ينصرون بها دينهم، ويؤيدون بها بدعتهم، ويثبِّتون بها شيعتهم.

• صفة النفر الذين يبايعونه:

وكذلك فإن في الأخبار الواردة في تزكية القوم الذين يكونون معه دافعا قويا للناس، يُرغِّبهم في إدراك زمانه ليبايعوه، وينصروا الإسلام في جيشه، ومن ذلك بعض الأخبار الواردة في صفة الطائفة المنصورة، أنهم يقاتلون، وهم ظاهرون على الحق إلى يوم القيامة (فينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال صلِّ لنا، فيقول: لا، إن بعضكم لبعض أمير، تكرمة الله لهذه الأمة) [رواه مسلم]، وكذلك الأخبار الواردة في نصر الله لهذا المهدي ومن معه على عدوهم، كما في الحديث: (سيعوذ بهذا البيت -يعني الكعبة- قوم ليست لهم منعة، ولا عدد ولا عدة، يُبعث إليهم جيش، حتى إذا كانوا ببيداء خُسف بهم) [رواه مسلم].


• حشد الأنصار وتثبيتهم على الدعوات:

وبناء على كل ما سبق، فقد وجدت الطوائف والفرق والأحزاب المختلفة على مدى تاريخ الإسلام في أخبار المهدي وسيلة لحشد الأنصار، وتسلية نفوسهم حين تُلمُّ بهم الملمات، ويعجزوا عن تحقيق الغايات، وتثبيتهم عند فشلهم بأن ما يطمحون إليه لا يمكن أن يتحقق إلا على يد المهدي أو في زمانه، وأنهم بثباتهم مع هذه الطائفة أو تلك سيكونون من جنود المهدي الذين يقاتلون في جيشه، فيُمكِّنهم الله في الأرض، فيحكمونها بما يرونه على منهاج النبوة، ويملؤونها قسطا وعدلا، وينالون فيها أكداسا من المال، ومن أراد بهم سوءا فإن الله يخسف به الأرض، وهذا غير منهج أهل العزمات من أتباع المرسلين.


• أهل السنة قبل ظهور المهدي:

إن أهل السنة يطيعون الله فيما أمرهم في كل وقت وحين، فهُم كما قال نبيهم، عليه الصلاة والسلام: (لا يزالون يقاتلون على الحق، ظاهرين، إلى يوم القيامة) [رواه مسلم]، مع الأئمة المسلمين، ولو كانوا من أهل الجور والفجور، وإن عُدموا الأئمة لم ينقطع جهادهم لإقامة حكم الله في الأرض، والسعي في ملئها عدلا في كل حين.
فإن أظهر الله عبده المهدي، حين مشيئته سبحانه، فإنهم يبايعونه ويطيعونه، إذا ثبت انطباق الوصف الوارد في الأخبار الصحيحة عليه، وينصرونه في دعوته للخير، ويسمعون له ويطيعون في المعروف، ويقاتلون معه أهل الشرك، حتى يفتح الله لهم، فما هو في نظرهم إلا إمام من أئمة المسلمين يجب له ما يجب لكل من ولاه الله هذه الأمانة، ومن أبى أن يعطي هذه الحقوق لإمام شرعي، بحجج غير شرعية، فإنه يُستبعد أن يقبل إعطاءها لإمام آخر، سواء كان المهدي أم غيره من الأئمة المهتدين.


• استغلال أهل الضلال لأخبار المهدي:

في حين نجد أن الكثيرين من الأفراد والطوائف قد استغلوا أخبار المهدي لينتصروا بالمتشابه منها لما يزعمون من حق، وما يدعون إليه الناس من دعاوى، فقد كان كافيا بالنسبة إليهم أن يدَّعوا أن قائد دعوتهم هو (المهدي) ليجتذبوا بذلك الأنصار إلى القتال خلف هذا الإمام المزكَّى بزعمهم، الموعود بالنصر على أعدائه، وبالتمكين في الأرض، وهذا ما نجده في كثير من الدعوات الباطلة التي ظهرت على مدى الزمان، تزعَّم كثير منها أدعياء خدعوا الناس بمزاعم كاذبة، وجروا على المسلمين الويلات، بإجرامهم، وبدعهم، وضلالهم.

وفي الوقت نفسه نجد نفرا من الناس زعم أتباع كل منهم فيه أنه المهدي، ودفعوهم بذلك إلى التصدُّر وقيادة تحركاتهم، مرغمين أحيانا، أو لصق صفة المهدوية بهم حتى وإن أنكروها، للاستفادة من ذلك في نصرة ما ينتحلون من الأفكار، وما يطلبون من أهداف.

وهو ما سنضرب عليه -بإذن الله- الأمثلة الكثيرة من التاريخ، في الحلقة القادمة من هذه السلسلة.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 117
الخميس 15 جمادى الأولى 1439 ه‍ـ
...المزيد

أخي المجاهد / استبشر بطريق الجهاد الحمد لله الذي أنزل الكتاب هدىً ورحمةً للمؤمنين، والصلاة ...

أخي المجاهد / استبشر بطريق الجهاد


الحمد لله الذي أنزل الكتاب هدىً ورحمةً للمؤمنين، والصلاة والسلام على نبيه نبي الرحمة ونبي الملحمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد...

فإن الله -تعالى- قد بشَّر عباده المؤمنين بشارات كثيرة تُقوِّي عندهم جانب الرجاء وترفع معنوياتهم، خاصة إذا واجهوا أعداءهم، فحين أمرهم -سبحانه- بالثبات في قتال عدوهم بشَّرهم بأنه مع الصابرين، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 45 - 46]، وهي معية خاصة لأوليائه، تختلف عن المعية العامة لعموم خلقه بالعلم والإحاطة والقدرة عليهم، كما في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4]، وأمر -تعالى- عباده بأن يستبشروا ببيعهم أنفسهم وأموالهم لله عز وجل، مقابل أن يدخلهم جنة الخلد، {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111]، وحتى حين يبتليهم الله -عز وجل- بأن ينال منهم الكفار بعض النيل بالقتل أو بالجراح أو الأسر، أمر -تعالى- المجاهدين بأن يستشعروا العلو على الكافرين ولا يضعفوا عن قتالهم ولا يحزنوا لما أصابهم، {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]، والمؤمن مبشر بالخير في السراء والضراء، إذا كان شاكراً لأنعم الله صابراً عند الابتلاء، قال صلى الله عليه وسلم: (عَجَباً لأمر المؤمن! إنّ أمره كلّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر، فكان خيرا له) [رواه مسلم]، وكل ما يصيب المسلم من بلاء صغُر أو كبُر فهو سبب لتكفير سيئاته، قال صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كَفَّر الله بها من خطاياه) [رواه البخاري ومسلم].

وكل ما يعمله المؤمن من جهاد بالنفس والمال، وكل موطئ يطأه يغيظ الكفار وكل نيل يناله منهم، وكل أذى يصيبه، فهو مثاب على هذه الأعمال أعظم الثواب، فاحتسب الأجر أخي المجاهد في العسر واليسر، وأحسن ظنك بالله -تعالى- ولي المؤمنين، الذي أمرهم بجهاد أعدائه فاستجابوا، وأمرهم بتحكيم شريعته وعدم اتباع أهواء الناس فامتثلوا طالبين رضاه، خائفين من عذابه إن لم ينفروا لقتال أعدائه أو لم يحكِّموا شرعه، أبشر أخي المجاهد بكفاية الله للمتوكلين عليه المفوضين أمرهم إليه، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 118
الخميس 22 جمادى الأولى 1439 ه‍ـ
...المزيد

بعد 40 شهراً من الانشغال عنها أمريكا تعود إلى خراسان من جديد لئن كان وجود أمريكا في خراسان ...

بعد 40 شهراً من الانشغال عنها
أمريكا تعود إلى خراسان من جديد


لئن كان وجود أمريكا في خراسان مصدر رعب حقيقي لكل من الصين وروسيا وإيران وباكستان، لما فيه من تهديدٍ لمصالح كلٍّ منها، التي قد تحدُّها السيطرة الأمريكية على جانب من جوانب حدودها، فإن هذه الدول كانت ولا تزال على يقين أن الوجود الأمريكي هنا ليس بدائم، وأن بالإمكان اقتلاعها منه تحت تأثير الخسائر المتزايدة والاستنزاف المستمر لاقتصادها وجيشها في هذه الحرب اللامنتهية.

ولذلك كان الخيار الاستراتيجي بالنسبة إليها، هو العمل بكل وسيلة على دفع أمريكا للخروج من أفغانستان، ولو عن طريق دعم حركة تزعم رغبتها بإقامة "إمارة إسلامية" وتحكيم الشريعة، خاصة أن هذه الحركة أكدت أن هذه "الإمارة" المأمولة بالنسبة لها، هي "إمارة وطنية" تلتزم بحدود "الوطن الأفغاني" الذي تُقرُّ الحركة بحدوده المتفق عليها مع الدول الكافرة، وكذلك فإنها تؤكد أن "تحكيمها للشريعة" سيكون تحكيما جزئيا، لا مكان فيه لأي من الأحكام التي تغضب دول الجوار الكافرة، بل ستقوم تعاملاتها معهم على "أصول الاحترام المتقابل، والمساواة، وعدم التدخل في الأمور الداخلية مع دول المنطقة والعالم المختلفة"، كما تردد حركة طالبان الوطنية في بياناتها ورسائلها إلى الدول الكافرة.

إن موقع أفغانستان المفصلي بين حدود ومناطق نفوذ أربع من الدول الكافرة التي تتنازع فيما بينها لمد هيمنتها في محيطها الإقليمي، يجعل مصلحة هذه الدول تجاهها تقوم على إخراج أمريكا منها، ثم وجود حكومة ضعيفة مرضي عنها فيها، بحيث تعود أفغانستان إلى مكانها الأصلي في النظام الدولي، كدولة حاجزة بين القوى المتصارعة، تؤدي سيطرة أي منها عليها إلى تهديد كبير للآخرين، قد يستدعي تدخلهم لإبعاد هذا الخطر، كما حدث عندما تجرأ الاتحاد السوفيتي على إدخال قواته إليها مطلع هذا القرن الهجري.

وليست أمريكا بالطبع غافلة عن جهود خصومها المبذولة لإخراجها من خراسان، كما أنها ليست غافلة عن الثروات البكر لأرضها، ولا مليارات الدولارات الممكن لشركاتها جنيها من المشروعات المستقبلية فيها، ولكنها رغم ذلك تجد نفسها مجبرة كل فترة لسحب جزء مهم من عديد جيشها وعدته في سبيل تدارك انهيار الأوضاع في مناطق أخرى لا تقل أهميتها عن خراسان، كما حدث مرتين على الأقل تجاه العراق؛ الأولى بعد معركة الفلوجة الثانية، حيث بات استمرار الاحتلال الأمريكي للعراق مهددا، بفعل تجاوز خسائر الأمريكان لعتبة التحمل الأمريكية تحت عمليات المجاهدين المتتالية، والثانية عندما أوشك المجاهدون على إسقاط حكومتي بغداد وأربيل المرتدتين بعد سيطرتهم على الموصل، وفي الحالتين أضعفَ نقلُ الثقل إلى العراق قبضةَ الصليبيين في خراسان، واستفادت من ذلك حركة طالبان الوطنية في إعادة ترتيب صفوفها، وتوسيع نفوذها.

واليوم يخطط الجيش الأمريكي لإعادة تقوية جيشه في خراسان، حماية لوجوده في هذه المنطقة بالغة الأهمية من حيث الموقع والثروات، ووقاية للحكومة التي صنعها بيده كواجهة للحكم في كابل من الانهيار الذي ليست الضربات الكبرى التي وجهها لها جنود الخلافة خلال الأشهر الأخيرة بالدليل الوحيد على هشاشته.

ويأتي هذا بعد أن انشغلت القيادة الأمريكية الوسطى المخصصة لإدارة الحرب في بُلدان المسلمين لأكثر من 40 شهرا في قتال الدولة الإسلامية في ولايات العراق والشام وليبيا، الذي استنزف قسما كبيرا من إمكانيات الجيش الأمريكي في الحرب الجوية، والاستخبارات، والدعم للقوات المتحالفة معه.

وإن جنود الخلافة في ولاية خراسان يدركون -بفضل الله تعالى- العبء الملقى على عاتقهم، وحجم قوى الكفر التي ينبغي عليهم محاربتها والتصدي لها، وهم مستعدون -بإذن الله- لدفع الثمن المطلوب لإقامة الدين وتحكيم شريعة رب العالمين.

وهم مستمرون -بحول الله- في قتال الجيوش الصليبية حتى هزيمتها، واستهداف حكومة كابل المرتدة، وأي حكومة طاغوتية ينالها بأسهم، حتى إسقاطها، ثم منع قيام أي حكومة تحكم بغير شريعة الله تعالى، أو تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض، مع محاربة الطوائف الممتنعة عن تحكيم الشريعة، وعلى رأسها حركة طالبان المرتدة، وهم عازمون على مدِّ سلطان الشريعة إلى أي أرض يمكِّنهم الله من فتحها، غير عابئين بالحدود المصطنعة، ساعين إلى نصرة المسلمين المستضعفين، لإخراجهم من حكم الطواغيت، حتى لا تكون طاعتهم إلا لله، ولا يكون ولاؤهم لغير دين الإسلام، {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 118
الخميس 22 جمادى الأولى 1439 ه‍ـ
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً