في زمن المجزرة • تشتعل النفوس وتلتهب المشاعر مع كل مجزرة يهودية في فلسطين، دون ترجمة هذه المشاعر ...

في زمن المجزرة

• تشتعل النفوس وتلتهب المشاعر مع كل مجزرة يهودية في فلسطين، دون ترجمة هذه المشاعر إلى أفعال أو مواقف على الأرض، بل تبقى حبيسة الصدور أو السطور بينما تتوالى المجازر والمواجع، وتتوالى معها الصيحات والدمامع ثم تخبو تلك المشاعر تدريجيا وهكذا حلقة مفرغة من التيه والعجز والقعود في زمن المهاجم والمضاحج هذا توصيف الواقع بعيدا عن الإفراط والتفريط لكن السؤال الذي ينبغي أن يُطرح: ما هو الحل لدفع هذه المجازر؟ وما الدروس المستفادة منها؟

في زمن المجزرة سقطت كل دعاوى "السلام" وابنته "السلمية"! فالأولى كانت وسيلة العلمانيين، والثانية كانت بدعة "الإسلاميين"، وكما فشل خيار "السلام"، فشلت "السلمية" بكل صورها في دفع أي خطر عن الأمة أو حقن قطرة دم واحدة من دماء المسلمين خلافا للوهم الذي كان يسيطر على أربابها وأتباعها بوصفها حكمة وحكنة ومفقذة وإنما حلّت السلمية حلّت المذبحة! بل كانت أشد فشلاً من خيار "السلام"! ولذلك هجر الناس "السلمية" وخياراتها، فهي من المجازر الفكرية التي طرأت ولم تعرفها العصور السابقة.

• مقتطف من افتتاحية النبأ العدد 456
الخميس 11 صفر 1446 هـ
(في زمن المجزرة)
...المزيد

إخوان الروافض والمتأمل في بيانات فصائل الإخوان المترحمة على الرافضة الكافرين، ولازم خطاباتهم ...

إخوان الروافض

والمتأمل في بيانات فصائل الإخوان المترحمة على الرافضة الكافرين، ولازم خطاباتهم وصريح تصريحاتهم؛ يجد أن القوم تعدوا حدود "الاضطرار" الذي زعموه في البداية، وأن علاقتهم بالرافضة تخطت عتبة "التقاء المصالح" إلى التولي والموالاة ورهن المصير بالمصير.

ولما كانت عقيدة الولاء والبراء هي الحائط الذي يصطدم به أولياء إيران المتألمون لمصابها؛ اختلق هؤلاء منهجا مشوها مسخا، فصاروا يتحدثون عن ولاء وبراء مركب بطريقة غريبة تشبه خلطات العطارين ووصفات الطبّاخين، خليط ومزيج هجين يجمع عبثا بين الإسلام والكفر!، تحريفا للتوحيد وتمييعا للعقيدة لتناسب "المقاس الإخواني - الرافضي"، وحركاته التي تاهت وانسجمت وانصهرت في المحور الإيراني، حتى صاروا يحرمون على الناس الفرح بمقتل طاغوت من أشد الطواغيت حربا للإسلام، بذريعة أن هذا الفرح يصب في مصلحة اليهود الكافرين!..

ولا ندري أين كانت هذه "الموازين الحساسة" لمقاييس الفرح والحزن عند اشتداد الحرب الصليبية على الدولة الإسلامية، وأين كان "فقهاء الإحساس" هؤلاء من الفرح والشماتة بمصاب المسلمين في الموصل والباغوز والرقة وغيرها، فقط لأنهم جنود وذراري ورعايا الدولة الإسلامية!! وليتهم شمتوا وسكتوا، بل تزاحمت فتاواهم بالتحريض عليها ولم يتوسعوا لها في أوج الحرب عليها، ولم يوسعوا دائرة الأعذار لها كما يفعلون اليوم مع الرافضة ومطاياهم؟! بل اختاروا "الحسم" و"المفاصلة" معها وأعلنوا الحرب عليها، فحققوا البراء التامة منها خلافا لموقفهم من الرافضة اليوم! وبعد كل هذا يناظر ويحاضر الإخوان المرتدون في الولاء والبراء وهم ضده ونقيضه على الدوام، حتى قيل: إن أردت أن تعرف الباطل، فانظر أين وقف الإخوان المرتدون، فحيثما وقفوا وتحالفوا فهو الباطل.

[ مقتبس من صحيفة النبأ - العدد 463 ]
...المزيد

7- التفويض: وهو روح التوكل ولبّه وحقيقته، وهو إلقاء أموره كلها إلى الله، وإنزالها به طلبا واختيارا، ...

7- التفويض: وهو روح التوكل ولبّه وحقيقته، وهو إلقاء أموره كلها إلى الله، وإنزالها به طلبا واختيارا، لا كرها واضطرارا، بل كتفويض الابن العاجز الضعيف المغلوب على أمره كل أموره إلى أبيه، العالم بشفقته عليه ورحمته، وتمام كفايته، وحسن ولايته له، وتدبيره له".[مدارج السالكين].


- ثمرة التوكل

قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}[الطلاق:3].

وجّه سبحانه وتعالى عباده إلى ثمرة توكلهم بأن كفاهم ما أهمهم إذ فوضوا أمرهم إليه وتوكلوا عليه، فقد جعل سبحانه لكل شيء قدراً أي لكل شيء من الشدة والرخاء أجلاً ينتهي إليه، فكل ما يُنزله على عباده من شدة وبلاء ما هو إلا داع منه لهم حتى يتوكلوا عليه وحده، وحتى يتجردوا لله وحده ويغفلوا كل من سواه ويلقوا بأمرهم كله إلى الله، يصرفه كما يشاء وبما يشاء بعلمه وتدبيره، وحينها يمنُّ عليهم بعظيم الثمرة، يمنُّ عليهم بمحبته سبحانه وتعالى، إن الله يحب المتوكلين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 193
الخميس 29 ذي القعدة 1440 هـ
...المزيد

فتوكل على الله إنك على الحق المبين بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ...

فتوكل على الله إنك على الحق المبين


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال تعالى في محكم التنزيل: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ * إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} [النمل: 80،79].

نزلت هذه الآيات مواساة للنبي الكريم وتسلية له عن جموح الكافرين وجحودهم وإصرارهم على الكفر، وتثبيتاً له على طريق الحق، وتأكيداً له أن الله متم وعده، وناصر جنده، فهذه سنته في خلقه، وإن تأخرت فلحكمة يعلمها سبحانه، ولا يتم الإيمان إلا باعتقاد صِدق ذلك الموعود المُدَّخر وانتظار تحققه، لذلك أمره بالتوكل عليه وصفاء النية إليه، فالتوكل على الله واليقين بصدق موعوده متلازمان في كل قلب مؤمن، ولأجل ذلك التلازم كانت مقولة أهل الإيمان عند الزلزلة بعد زيادة الإيمان واليقين في قلوبهم: {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، فقلوبهم معلقة بالله متوكلة عليه موصولة به كقلوب الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير) [رواه مسلم]، فبالتوكل على الله وحده والإيواء إلى ركنه الشديد يغدو المجاهدون بقليل العدد والعدة ويروحون بعظيم النصر والغلبة، بما حققوا من مقام التوكل عليه والالتجاء إليه، لأنهم على الحق المبين.


- التوكل وحقيقته

قال الإمام أحمد: "التوكل عمل القلب"، وقال ابن عطاء: "التوكل أن لا يظهر فيك انزعاج إلى الأسباب، مع شدة فاقتك إليها".[مدارج السالكين]، فالتوكل من علامات أهل الثبات كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولا يستقيم التوكل إلا من أهل الإثبات".[مدارج السالكين].

والتوكل عبادة لا تستقيم للعبد إلا باستقامة التوحيد فيفرد الله بالتوكل، قال ابن القيم رحمه الله: "فإنه لا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده، بل حقيقة التوكل توحيد القلب، فما دامت فيه علائق الشرك، فتوكله معلول مدخول، وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل، فإن العبد متى التفت إلى غير الله أخذ ذلك الالتفات شعبة من شعب قلبه فنقص من توكله على الله بقدر ذهاب تلك الشعبة، ومن هاهنا ظن من ظن أن التوكل لا يصح إلا برفض الأسباب وهذا حقٌ لكن رفضها عن القلب لا عن الجوارح، فالتوكل لا يتم إلا برفض الأسباب عن القلب، وتعلق الجوارح بها فيكون منقطعا منها متصلا بها". [مدارج السالكين].


- تعلقٌ بالمُسبّب لا بالسبب

فلابد للعبد الفقير الضعيف أن لا يتعلق قلبه بغير مولاه وأن لا يعتمد على من سواه، وأن لا يتحقق له سكون ولا تغشاه طمأنينة إلا إذا استشعر معيّة الله له بنصره وتأييده وإن انعدمت في حقه كل الأسباب، فلا يبالي بإقبال الأسباب وإدبارها فلا يضطرب قلبه عند إدبار ما يحب منها أو إقبال ما يكره لأن اعتماده على الله وسكونه إليه، وكذلك المجاهد يواجه الباطل والطغيان لا يبالي بنقص عدد ولا عدة، بل يمضي في طريقه واثق الخطى ثابت الجنان يستجلب في طريقه ما تيسر له من الأسباب غير مفرط في استجلابها وفي ذاته غير متعلق بها، بل مخلصاً تعلقه وتوكله لمُسببها، فلا يخاف الأسباب ولا يرجاها، بل خوفه ورجاءه مصروف لمولاه، موقناً أن الحق ظاهر وأن الباطل مغلوب بوجود الأسباب أو بانعدامها، موقناً أن الله يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.


- ما يؤدي إلى تمام التوكل

وحتى يصل العبدُ إلى تمام التوكل وكماله، يجب عليه أن يعلم سبعة أمور أوردها الإمام ابن القيم -رحمه الله- وعلّق بأنه لا تتم حقيقة التوكل إلا بها، وهي:

1- معرفة بالرب وصفاته: من قدرته وكفايته وقيوميته، وانتهاء الأمور إلى علمه، وصدورها عن مشيئته وقدرته، وهذه المعرفة أول درجة يضع بها العبد قدمه في مقام التوكل.

2- إثبات في الأسباب والمسببات: فإن من نفاها فتوكله مدخول، وهذا عكس ما يظهر في بدوات الرأي؛ أن إثبات الأسباب يقدح في التوكل، وأن نفيها تمام التوكل.

3- رسوخ القلب في مقام توحيد التوكل: فإنه لا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده، بل حقيقة التوكل توحيد القلب فما دامت فيه علائق الشرك، فتوكله معلول مدخول.

4- اعتماد القلب على الله واستناده إليه وسكونه إليه: بحيث لا يبقى فيه اضطراب من تشويش الأسباب، ولا سكون إليها، بل يخلع السكون إليها من قلبه ويلبسه السكون إلى مسببها.

5- حسن الظن بالله عز وجل: فعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكلك عليه، ولذلك فسّر بعضهم التوكل بحسن الظن بالله.

6- استسلام القلب له وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعاته: وبهذا فسره من قال: أن يكون العبد بين يدي الله كالميت بين يدي الغاسل، يقلبه كيف أراد، لا يكون له حركة ولا تدبير.
...المزيد

ومع خروج الصحوات بدأت المفارز الأمنية بالعمل ضد الصحوات في ولايتي الخير والبركة بعد تطهير ولاية ...

ومع خروج الصحوات بدأت المفارز الأمنية بالعمل ضد الصحوات في ولايتي الخير والبركة بعد تطهير ولاية الرقة من المرتدين، حيث كان المجاهدون يتسللون إلى عمق مناطق الصحوات وينفذون الكمائن والإغارات ويفجرون المفخخات والعبوات على الحواجز والمقرات ويغتالون رؤوس الردة من قادة الصحوات، وكان أبو مثنى ومن معه من مجاهدي المفصل الأمني في الولاية يدخلون إلى قرية (غريبة الشرقية) التي جعلها مرتدو "جبهة الجولاني" آنذاك مركزا لقيادة عملياتهم في جبهة (ميسرة) فيرصدون التحركات ويجمعون المعلومات التي يستفيد منها الأمراء العسكريون في تخطيط معاركهم، وكاد أن يعتقل في إحدى المرات بعد أن دخل -تقبله الله- مقرا للمرتدين وهو مقنع لا يعرفونه! ليستطلعه من الداخل ويحاول الحصول على معلومات من المتواجدين فيه، فسلّمه الله منهم بأن أسرع بالخروج وأفلت منهم حين شكوا بأمره وهمّوا بأسره.


- العمل الأمني ضد مرتدي الـ PKK

وبعد أن فتح الله على المجاهدين في العراق فأخذوا المناطق وكسروا الحدود، وعلى المجاهدين في الشام فدحروا الصحوات وأخرجوهم من كل المنطقة الشرقية، وبدأت دواوين الدولة ومفاصلها بالتشكل من جديد، انتقل أبو مثنى رحمه الله للعمل في الأمن الخارجي، تحت إمرة الشيخ (أبي اليمان الأردني) تقبله الله والي دمشق الأسبق، الذي أمّره الشيخُ (أبو أسامة العراقي) على مدينة البركة، حيث بدأ الإخوة يعدون العدة للهجوم عليها، وكان المخطط بأن ينشط العمل الأمني داخلها أولا من أجل زعزعة قوة المرتدين فيها، وجمع المعلومات الوافية عنها، وتقوية وجود المفارز الأمنية داخلها لتكون سندا وعونا للمجاهدين المقتحمين لها من خارجها.

وهكذا بدأ عمل أبي مثنى مع مجموعة من المجاهدين في التخطيط وتنفيذ عمليات كثيرة في مختلف مناطق ولاية البركة الواقعة تحت حكم المرتدين، وتمكن المجاهدونمن توجيه ضربات كثيرة للنصيرية ومرتدي الـ PKK، والتي مهّدت للهجوم الكبير لفتح مدينة البركة في رمضان 1436، حيث فتح اللهُ على المجاهدين مناطق كبيرة من المدينة، وكادت تسقط كلها بأيديهم، لولا تدخل طائرات التحالف الصليبي الذي شنّ مئات الغارات الجوية على مواقع المجاهدين وخطوط الاشتباك بينهم وبين المرتدين، وانتقل أبو مثنى تقبله الله تعالى إثر هذا إلى العمل في مجموعة أمنية لاستهداف مرتدي الـ PKK وقوات التحالف الصليبي في مختلف المناطق، وهيأ الله تعالى لها النجاح في تنفيذ العديد من الهجمات ضدهم والتي حصدت المئات من المرتدين بين قتيل وجريح.


- شهادة في سبيل الله نحسبه

في السنة الأخيرة من حياته طلب أبو مثنى تقبله الله تفريغه لطلب العلم، والتحق بدورة شرعية في معهد (الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله) في مدينة الميادين، درس فيها علوم الآلة وفقه الإمام أحمد من كتاب (شرح عمدة الفقه) وحفظ الحديث من كتابة (عمدة الأحكام) وأجزاء من القرآن الكريم، قبل أن يعود مجددا للعمل في المفصل الأمني في الفترة التي بدأ العمل فيها على إخراج عدد من الإخوة العاملين في هذا المفصل لإنشاء مفارز أمنية فاعلة في دار الكفر يقع على عاتقها تنشيط العمل الجهادي ضد المرتدين في المراحل اللاحقة.

فعاد رحمه الله تعالى للعمل الأمني في ولاية البركة، ونشط في مناطق الشدادي وميسرة والصور التي يعرفها جيدا مع بعض الإخوة، وتمكن معهم بفضل الله تعالى من إيقاع الكثير من الخسائر في صفوف مرتدي الـ PKK الذين باتوا يشعرون بوجوده في المنطقة، وهم يعرفونه سابقا من أثر العمليات الكثيرة التي أشرف عليها طوال سنتين من الصراع معهم، وبات البحث عنه مستمراً في المنطقة، وطلب اعتقاله ملحّاً لديهم ولدى أسيادهم الصليبيين، وكان هو حذرا حريصا على أن لا يمكّنهم من نفسه وإخوانه، فيكثر التنقل بين المناطق للعمل أو الإقامة، ويأخذ بأسباب الأمن في اتصالاته ولقاءاته بالإخوة، ولكن قدر الله تعالى أسرع ولا يجدي معه الحذر.

وهكذا تفاجأ تقبله الله تعالى بحاجز "طيار" للمرتدين جنوبي الشدادي أثناء انتقاله بين القرى بدراجة نارية، فاستلّ سلاحه واشتبك معهم فورا موقعا فيهم قتلى وجرحى، وتمكنوا هم من إصابته بجروح قاتلة، مات على إثرها تقبله الله تعالى.

ولا زال إخوان أبي مثنى الحسيني -تقبله الله تعالى- في البركة والخير والرقة وحلب ينكلون بمرتدي الـ PKK وأسيادهم الصليبيين، وتزداد وطأة ضرباتهم عليهم، وتنالهم وهم في عقر دارهم، ولن يوقف الجهاد في سبيل الله تعالى مقتل جندي ولا أمير، ولا انحياز من قرية أو مدينة، فهو قائم بحمد الله حتى قيام الساعة، يرفع الراية فيه أقوام من بعد أقوام حتى يرث اللهُ الأرض ومن عليها.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 193
الخميس 29 ذي القعدة 1440 هـ
...المزيد

- الثبات مع الجماعة وصل الخبيثُ "أبو مارية الهراري" مبعوثا من "الجولاني" ليبدأ مشروعه التخريبي ...

- الثبات مع الجماعة

وصل الخبيثُ "أبو مارية الهراري" مبعوثا من "الجولاني" ليبدأ مشروعه التخريبي في المنطقة، والذي سعى لتكراره في كل المناطق التي حلّ فيها، بالطعن في الأمراء الموجودين، وتأليب المجاهدين عليهم، ثم العمل على شق صف المجاهدين أنفسهم على أسس عشائرية ومناطقية، ليربطهم به دون غيره، فبدأ أولا يطعن بالشيخ غانم ويراسل الجولاني طالباً منه أن يولّيه المنطقة الشرقية، الأمر الذي لاقى هوى عند الجولاني الذي بدأ يخطط لإبعاد الأوفياء للدولة الإسلامية عن المناصب في جبهة النصرة تمهيدا لنقض البيعة والاستقلال بقيادة من تحت يده من العناصر، خاصة وأن الجولاني كان جنديا تحت إمرة الشيخ غانم في العمل الإداري بولاية نينوى التي عمل فيها الجولاني بعد خروجه من السجن، ثم بدأ الجولاني بتقسيم المجاهدين على أسس عشائرية بعد أن كانوا إخوة في الإسلام، وصار يقرب منهم ويبعد بمقدار الولاء له، وفي الوقت نفسه يتخلص من كل مجاهدي العراق الموجودين في المنطقة أو الذين يرسلهم أمير المؤمنين لتقوية الجهاد في الشام، بإدخالهم إلى المناطق المحاصرة في مدينة الخير، كما فعل مع الشيخ أبي ياسر، أو إرسالهم إلى عمليات ذات خطورة عالية على أمل التخلص منهم فيها، وكادت المشكلات -التي سببها الأساسي الفتنة العشائرية التي أحدثها عدو الله- أن تشق صف المجاهدين في الشرقية، حيث لم يبقَ حلٌ آنذاك إلا بعزله عن إمارتها رغم رفض الجولاني، وتولية (الشيخ أبي أسامة العراقي) تقبله الله ليصلح ما أفسده، ويطور العمل العسكري في المنطقة.

وشارك أبو المثنى رحمه الله في أكثر الغزوات التي حدثت في المنطقة الشرقية، وكان أهمها غزوة فتح الشدادي التي قادها الشيخ أبو أسامة العراقي، وما تلاها من فتوح في شرق وشمال ولاية البركة، التي فُصلت آنذاك هي وولاية الرقة عن ولاية "دير الزور"، والتي غير اسمها فيما بعد إلى ولاية الخير.

حين نقَضَ الغادرُ الجولاني عهده، مستعينا بالظواهري، كان يتوقع أن تكون المنطقة الشرقية كلها معه في قراره الآثم، فحضر إليها ليلتقي مع الأمراء ويقنعهم بالبقاء معه، وعقد اجتماعا في بلدة (الشحيل) التي كانت مركز أتباع "الهراري" والموالين له في المنطقة، وكانت المفاجأة أن يسمع بصراحة من أحد الأمراء من يعلن رفضه نقض البيعة، ويصر على البقاء في صفوف الدولة الإسلامية، حين جامل الكثيرون وداهنوا عاجزين عن مصارحة الغادر بموقفهم منه، وكان ذاك الصادع بالحق هو أبو المثنى تقبله الله الذي كان حينها أميرا لمفصل الأمن في ولاية البركة.

وثبت تقبله الله على موقفه هو وبعض الإخوة معه منهم ابن عمه أبو عزام الحسيني (صالح المغير)، وأبو أسامة الأنصاري (أبو حمزة الرفدان)، وأبو المثنى المشهداني، تقبلهم الله جميعا، وكان في ذلك سبب لتثبيت المجاهدين في ولاية البركة على بيعة أمير المؤمنين، والتي تولى أمرها الشيخ أبو أسامة العراقي بعد ذلك، وثبت أبا مثنى في إمارته للمفصل الأمني الذي بقي فيه حتى نهاية حياته.


- مع الجهاز الأمني للدولة الإسلامية

مع وصول بعض الكوادر الأمنية من العراق، نشطَ العملُ الأمني في المنطقة الشرقية عموما، فبدأ أبو أنس وأبو أحمد العراقيان -تقبلهما الله- بسلسلة من العمليات الأمنية في الرقة -قبل فتحها- ضد النظام النصيري وعملائه، ثم أكملوا تحت إمرة الشيخ (أبي لقمان الرقي) العمل على رؤوس الردة من علمانيين وقادة الصحوات، في الوقت الذي نشط (أبو عمر قرداش) تقبله الله في ولاية الخير ضد عملاء النظام ورؤوس الجيش الحر المرتدين، فتمكن مع مجموعة من المجاهدين من قطف رؤوس بعضهم، ودفع آخرين إلى الفرار من المنطقة خوفا من القتل، وكانت تلك العمليات تتم بسرية ودون إعلان وهذا كله قبل حادثة غدر الجولاني ومن معه، كما نفذ أبو المثنى تقبله الله تعالى والإخوة معه عدة عمليات استهدفت عملاء للصليبيين وللنظام في منطقة الشدادي ومحيطها.

وفي ذلك الوقت بدأ المفصل الأمني في الدولة الإسلامية عموما يتحضّر لخروج الصحوات التي أيقن أمراءُ الدولة الإسلامية بخروجها بعد حين، وذلك بجمع المعلومات عن قادة الفصائل وتحركاتهم ومخططاتهم وما يجرونه من لقاءات في رحلاتهم إلى تركيا على وجه الخصوص، وقد تمكن الإخوة بفضل الله من اصطياد الكثير منهم أثناء عودتهم من تلك الرحلات محمّلين بالأوامر والأموال والأسلحة.
...المزيد

الدولة الإسلامية - قصة شهيد أبو مثنى الحسيني (تقبله الله) (أذاق الله على يديه وإخوانه مرتدي ...

الدولة الإسلامية - قصة شهيد

أبو مثنى الحسيني (تقبله الله)

(أذاق الله على يديه وإخوانه مرتدي الـPKK الويلات)

في أسرة عرفت التوحيدَ مبكراً وسط منطقة فشا فيها الجهل بالدين، وسيطر الصوفيةُ المشركون على منابر الدعوة فيها، ولد (راغب محمد المغير) سنة 1412 هـ في قرية (السعدة الشرقية) القريبة من بلدة (ميسرة) جنوبي ولاية البركة، حيث كان والده تقبله الله من الداعين إلى نبذ البدع والخرافات، محاربا للمشركين من أتباع الطرق الصوفية الرفاعية والخزنوية، كما كان له ولمن معه من الإخوة في المنطقة مشاركة في جهاد العراق، يعينون المجاهدين هناك بإدخال المهاجرين عبر الحدود، وتسهيل دخولهم إلى الشام عند الحاجة.

ومن أجل ذلك كله نال الأسرة كلها الملاحقة من مخابرات الطاغوت، فسُجن أبو راغب تقبله الله وابن أخته عبد الرحمن الحجاب سنين لدعوتهم إلى التوحيد وإعانتهم لمجاهدي العراق، وقتل عبد الرحمن تقبله الله في أحداث سجن "صيدنايا" إثر مشاركته في العصيان الذي قاده المجاهدون، حيث تمكنوا -بفضل الله- من السيطرة على السجن لقرابة 9 أشهر.

ولمّا شبّ أبو المثنى تقبله الله تعالى، وفي مرحلة دراسته الجامعية على وجه الخصوص، حيث درس الرياضيات في جامعة الفرات بمدينة الخير، بدأ يبحث عن الشباب الداعين إلى التوحيد والسنة في الوسط الجامعي وخارجه ويتعرف عليهم، فارتبط بمجموعة تعمل في تهريب المجاهدين إلى العراق، كانت هي إحدى المجموعات التي ابتدأت لاحقا نشاط الدولة الإسلامية في "المنطقة الشرقية" من الشام.


- من نصرة المجاهدين إلى صفوفهم

حين بدأت المظاهرات ضد طاغوت الشام بدأ الإخوة بتجميع صفوفهم كلٌ في منطقته، وهم يعلمون أن لا فائدة من هذه المظاهرات سوى إشغال أجهزة المخابرات، وخلق الفوضى في البلاد، وأن عليهم الاستفادة من هذه المرحلة في بناء أنفسهم وإطلاق عمل جهادي يمكنه -بإذن الله تعالى- إزالة حكم الطاغوت وإقامة حكم الله تعالى في هذه الأرض، وبدأت الدولة الإسلامية بإدخال المجاهدين ليبدأوا بتأسيس العمل، وإعلان الجهاد في الشام، بالاستعانة بالإخوة الموجودين سابقا فيها، وتحويل مجموعات التنسيق والتهريب إلى خلايا مقاتلة.

وتأسست أولى المجموعات الجهادية المرتبطة بالدولة الإسلامية في قريتي (السعدة الشرقية) و(غريبة الشرقية) بالإضافة إلى مجموعة أخرى في قرية (الظاهرية) شرق القامشلي، ومفارز أمنية صغيرة بدأت بالتشكل في مدينتي القامشلي والحسكة، ولم يتأخر النظام النصيري كثيرا في العمل على القضاء عليها، فوجّه قوات كبيرة إلى قرية الظاهرية لاعتقال المجاهدين فيها، حيث قتل أكثرهم -تقبلهم الله تعالى- في الاشتباك مع الجيش النصيري الذي استعمل الأسلحة الثقيلة في هجومه بعد أن رفضوا تسليم أنفسهم، وأما المجاهدون في (السعدة) فقد وجّه النظام إليهم قوتين في آن واحد، الأولى انطلقت من الحسكة والقامشلي شمالا، والثانية من مدينة الخير جنوبا، حيث قامتا بتطويق القرية والبدء بتمشيطها بحثا عن المطلوبين من شبابها وهم بالعشرات، وتحصّن بعض الإخوة في تل بقريتهم واشتبكوا مع جنود الجيش النصيري وعناصر الأمن العسكري عدة ساعات حتى قتلوا تقبلهم الله تعالى بعد نفاد ذخيرتهم، واعتقل المرتدون أبا المثنى تقبله الله مع عشرات من الشباب في القرية بشكل جماعي، ولبث في سجون "الأمن العسكري" في مدينة الخير بضعة شهور.

وعند خروجه من السجن كان عودُ المجاهدين في المنطقة قد اشتدّ أكثر، وقد جاءت حملة الجيش النصيري بنتيجة عكسية، فالقاعدون في المنطقة تأثروا كثيرا بثبات المجاهدين وقتالهم حتى الموت بعد أن نكلوا في النصيرية، والمعتقلون الذين كان أكثرهم لا نشاط لهم يذكر خرجوا من السجون وهم يتشوقون لقتال النصيرية، وهكذا صار عديدُ المجاهدين في قرية (السعدة) وما جاورها في منطقة (ميسرة) يبلغ العشرات، بعد أن كانوا لا يتجاوزون أصابع اليدين تقريبا، وأصبحت المنطقة هي مركز قيادة جنود الدولة الإسلامية في المنطقة الشرقية، بعد أن استقر فيها (الشيخ غانم الشمري) تقبله الله تعالى، وكان حينها أميرا للمنطقة ومسؤولا إداريا لجبهة النصرة آنذاك، يرتبط بها مجموعات أخرى في كل من (الشحيل) و(جديد العكيدات)، وزاد في هذه المرحلة ارتباط أبي مثنى بالجماعة، خاصة وأن الشيخ غانم كان يقيم في مضافة عمّه أبي حامد تقبله الله تعالى.
...المزيد

حُ | الـشـريـ؏ـة 🌿: إنهم يكرّرون "أخطاء العراق" في خراسان منذ بدايات الجهاد في الشام بدأ بعضُ ...

حُ | الـشـريـ؏ـة 🌿:
إنهم يكرّرون "أخطاء العراق" في خراسان


منذ بدايات الجهاد في الشام بدأ بعضُ قادة الفصائل يرددون في كل محفل أنهم لا يريدون أن تتكرر "أخطاء العراق"، في إشارة إلى ما جرى في جهاد العراق ضد الصليبيين من أحداث، ويوحون لأتباعهم وأنصارهم أنهم درسوا تلك المرحلة السابقة جيدا، ووعوا كل تجارب الفصائل والجماعات، وعرفوا نقاط الضعف والقوة فيها، وحددوا عن معرفة وحكمة ما هو صواب في أفعال المجاهدين ليبنوا عليه، وما هو خطأ ينبغي عدم الوقوع فيه مجددا، ثم فسّرت الأحداث على مدى عقد من الزمان تقريبا كلامهم بأنهم لا يعنون به إلا رفضهم إقامة دولة إسلامية في الشام، والدعوة لإحياء مناهج فصائل الصحوات البائدة في العراق، ويخفون أن "أخطاء العراق" الحقيقية هي ما ارتكبه مرتدو الصحوات من جرائم، أضفعت المجاهدين، وأدت إلى زوال فصائل المرتدين وذهاب ريحهم.

وكانت خطة إنشاء الصحوات في العراق والتي عليها ركّبت أهم "أخطاء العراق" تقوم على محاور عديدة، أهمها إيهام الفصائل بتحقق النصر وحسم الحرب ضد الأمريكيين الذين بات هدفهم حفظ بعض مصالحهم في فترة ما بعد الانسحاب القريب، ومنها ألا يتحول العراق إلى أفغانستان ثانية يتجمع فيها المجاهدون ليخططوا لضرب أمريكا من جديد.

وعليه بدأت المفاوضات الوهمية داخل السجون مع قادة الفصائل، ووعدهم فيها الأمريكيون أن يتقبلوا مشاركتهم في حكم البلاد بعد انسحابهم منها، ويقدموا لهم الدعم لتحجيم النفوذ الإيراني المهيمن، ويحموهم وأتباعَهم من أي ملاحقة مستقبلية بإصدار "عفو عام" عنهم وإدماجهم في الوظائف الحكومية والجيش والأجهزة الأمنية، وذلك كله متعلق أولا بالقضاء على المجاهدين الذين بدأوا آنذاك الاستعداد لمرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي بالائتلاف في "مجلس شورى المجاهدين" والتحضير لإقامة "دولة العراق الإسلامية"، وهو ما صادف هوى في نفوس قادة الفصائل، اعتمد عليه الصليبيون في مفاوضاتهم معهم.

ولم يدرِ أولئك التعساء الأشقياء الذين صدّعوا رؤوس الناس بادعائهم الخبرة والوعي والحكمة والعلم ونبزهم المجاهدين بحداثة الأسنان وسفاهة الأحلام وكانوا هم أهل تلك الأوصاف، أن الصليبيين كانوا يستهدفون تدميرهم مع استهداف تدمير الدولة الإسلامية، التي سترهقهم في حربها وستستنزف كل طاقتهم في محاولتهم القضاء عليها، ومن ثم تنكسر قوتهم وينعدم تأثيرهم في الساحة، بعد أن يمهّدوا الطريق للرافضة وغيرهم من حلفاء الصليبيين وعملائهم لحكم العراق بعد انسحاب الجيش الأمريكي منه، وهو ما كان، فهذه أهم "أخطاء العراق" التي يخفيها مرتدو الصحوات في كل مكان عن أتباعهم.

وهكذا ظهر مقاتلو الفصائل المرتدة فجأة إلى جانب الدبابات الأمريكية في أطراف بغداد يدلونهم على عورات المجاهدين ويقومون بمداهمة بيوتهم واعتقالهم وقتلهم بالنيابة عنهم، وبدأوا يرتدون الأحزمة الصفراء لتميزهم الطائرات التي تغطي تحركاتهم المنسقة مع الصليبيين، وهكذا أيضا بدأ مجاهدو الدولة الإسلامية يقطفون رؤوس قادة الصحوات، وينكلون بأتباعهم المرتدين، حتى أبادوا خضراءهم ولم يبقَ منهم إلا شراذم قليلون صاروا أهدافا لإخوانهم الرافضة يقتلونهم ويأسرونهم بناء على أفعالهم السابقة ضدهم، حتى محى الله تعالى -بفضله- كل أثر لتلك الفصائل من العراق، ولم يبقَ منها إلا قادتها المرتدون الذين لجؤوا لأسيادهم الداعمين لهم من الطواغيت في دول الجوار ليصرفوا لهم رواتب تقاعدية بعد تأدية مهامهم في تدمير جهاد أهل العراق، أو السعي لذلك على أقل تقدير.

وبعد أن وجدنا "أخطاء العراق" يرتكبها مجددا مرتدو الصحوات في الشام، فأضعفوا بذلك قوتهم، وسمحوا للنظام النصيري أن يستعيد قوته، نجد أن "أخطاء العراق" تتكرر اليوم في خراسان على أيدي مرتدي "طالبان" وكأن ما في القوم رجل رشيد ينبههم إلى المصير المشؤوم الذي ينتظرهم باتباعهم سنن من قبلهم من المرتدين الذين ركنوا إلى الصليبيين وظاهروهم في قتال المسلمين.
فالمفاوضات الأمريكية التي تجري اليوم في الدوحة وموسكو وغيرها من البلاد، سرا وعلنا، تعلن فيها أمريكا أنها تريد ضمان مصالحها في أفغانستان بعد انسحابها، وعلى رأسها أن لا تتحول إلى مكان آمن للمجاهدين يستفيدون منه في التخطيط والإعداد لشن هجمات على الصليبيين والمرتدين، وتعلن مخاوفها من سيطرة الدولة الإسلامية على كامل البلاد في حال خلوها من القوة الأمريكية مثل ما حدث في العراق، وكل ذلك في إطار خطة هدفها إيقاف "طالبان" القتال ضدهم وحلفاءهم في الحكومة المرتدة، وتوجيه مقاتليهم من كل الجبهات إلى مناطق سيطرة الدولة الإسلامية لقتالها رفقة الجيش الأفغاني المرتد وبغطاء جوي من طيران التحالف الصليبي.

وإن استمرار مرتدي "طالبان" في تكرار "أخطاء العراق" سيؤدي بهم -بإذن الله- إلى مصير مشابه لمصير إخوانهم من صحوات العراق، حيث ستستنزفهم الحرب مع الدولة الإسلامية دون أن يتمكنوا -بإذن الله- من القضاء عليها، وما سيتبقى من قوتهم الهزيلة يمكن لحلفاء أمريكا تصفيته أو احتواؤه، لتتحقق بذلك معالم الخطة الأمريكية بإضعاف "طالبان" إلى درجة لا تمكنهم من الهيمنة على الحكومة الأفغانية التي يفاوضون الأحزاب اليوم على المشاركة فيها، في الوقت الذي تحافظ فيه تلك الأحزاب على قوتها ولا تستنزفها في القتال المدمّر مع الدولة الإسلامية، وهذا المخطط واضح لمن كان له قلب، ومرتدو "طالبان" يسيرون فيه على غير هدى ولا بصيرة، ولن يصحو من سكرتهم إلا بعد أن يلاقوا مصيرهم المحتوم، حين يجد بعض قادتهم مكانا لهم إلى جانب إخوانهم من قادة صحوات العراق في فنادق الدوحة وعمّان وإسطنبول، ويدخل كثير منهم في الصراعات الحكومية على نهب الأموال وتوظيف الأتباع، ومن يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 193
الخميس 29 ذي القعدة 1440 هـ
...المزيد

- سددوا وقاربوا يقول ابن القيم رحمه الله: "والمطلوب من العبد الاستقامة، وهي السداد فإن لم يقدر ...

- سددوا وقاربوا

يقول ابن القيم رحمه الله: "والمطلوب من العبد الاستقامة، وهي السداد فإن لم يقدر عليها فالمقاربة، فإن نزل عنها، فالتفريط والإضاعة، كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سددوا وقاربوا، واعلموا أنه لن ينجو منكم أحد بعمله، قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل). فجمع في هذا الحديث مقامات الدين كلها، فأمر بالاستقامة وهي السداد، والإصابة في النيات والأقوال والأعمال، وأخبر في حديث ثوبان أنهم لا يطيقونها فنقلهم إلى المقاربة، وهي أن يقربوا من الاستقامة بحسب طاقتهم، كالذي يرمي إلى الغرض، فإن لم يصبه يقاربه، ومع هذا أخبرهم أن الاستقامة والمقاربة لا تنجي يوم القيامة، فلا يركنن أحد إلى عمله ولا يعجب به ولا يرى أن نجاته به، بل إنما نجاته برحمة الله وعفوه وفضلة". [مدارج السالكين].


- مآل من حادوا عن جادة الاستقامة

لما كافأ الله سبحانه وتعالى الملتزمين لجادته المستقيمين على طاعته بأن رزقهم حبه، وملأ قلوبهم بتعظيمه، وخوفه ومهابته، فإن نطقوا نطقوا بالله وإن سمعوا سمعوا بالله وإن نظروا نظروا بالله، أي بتوفيقه وتسديده لهم في هذه الأمور، عاقب المخالفين له المنحرفين عن جادته بأن جعل لهم قلوباً لا يفقهون بها، وآذاناً لا يسمعون بها، قال تعالى: { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:179]، فهذا جزاء إعراضهم عن الحق إذ جاءهم، فكانوا على النقيض من أهل الاستقامة السائرين بنور الله وهدايته، ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور.

أما من كان على الجادة فانسلخ منها فقلبه من أشد القلوب استعصاء على الهدى والاستقامة، ذلك بأنه عرف الحق وأنكره، فلم تخالطه بشاشة الإيمان فسار كمن لم يؤتى من العلم شيئا فكان من الغاوين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 192
الخميس 22 ذو القعدة 1440 هـ
...المزيد

مقال: فاستقم كما أمرت بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، ...

مقال: فاستقم كما أمرت


بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد:

نعيش زماناً ساد فيه أهل الطغيان وقلّ فيه أهل الاستقامة، وكثر فيه المتجاوزون لحدود الله، الذين خلت أبدانهم من أرواحهم فهم أموات، وكذلك كل من خلا بدنه من الاستقامة، فروحه فاسدة، فكأنما لا روح له، فالاستقامة هي زكاء الروح وصفاءها، والناس بين مستقيم ومتجاوز للحد ومفرّط، فأهل السنة هم أهل الاستقامة، الذين سلكوا طريق الحق ولم يميلوا عنه لا إلى يمين أو شمال، ملازمين له، داعين إليه، سألين الله في كل وقت وحين "اهدنا الصراط المستقيم"، قال عمر رضي الله عنه: "الاستقامة: أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعالب". [مدارج السالكين].

ومع كثرة الباطل وتأويلاته وفتنه وشبهاته، كان لزاماً على أهل الحق أن يستقيموا لله على طاعة ولا يتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل، قال تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} [الشورى:15]، فالاستقامة هي "سلوك الصراط المستقيم، وهو الدين القيم، من غير ميل عنه يمنة ولا يسرة ، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها، الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها، الظاهرة والباطنة". [جامع العلوم والحكم].


- كن مستقيماً لا متعدياً ولا مضيعاً

وحتى تتم للمرء استقامته لابد أن يكون سلوكه بين طرفي "الإفراط" بالتعدي و"التفريط" بالإضاعة، وقد ذكر ابن القيم ستة أمور تتم بها استقامة المرء وبخروجه عن واحد منها يخرج عن الاستقامة إما خروجاً كلياً أو خروجاً جزئياً، وهي "بذل المجهود في العمل، والاقتصاد فيه، وهو السلوك بين طرفي الإفراط -وهو الجور على النفوس- وبين التفريط بالإضاعة، ووقوفاً على ما يرسمه العلم لا وقوفاً مع داعي الحال، وإخلاص الإرادة، ومتابعة السنة"، فبهذه الست تتم للمرء استقامته، وليحذر المؤمن المجاهد أن يخرجه الشيطان عن حد الاستقامة إما إلى بدعة التفريط والإضاعة فيترك الاعتصام بالسنة، أو إلى بدعة الإسراف والمجاوزة فيخرجه عن الاقتصاد فيها، فيمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية، كما هو حال الخوارج الذين يحقر أهلُ الاستقامة صلاتَهم مع صلاتهم، وصيامهم مع صيامهم، قال بعض الصحابة: "اقتصاد في سبيل وسنة، خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة".[مدارج السالكين]، وعن عبد الله بن عمرو قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدِ اهْتَدَى وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هلك). [مسند أحمد]. وقال ابن القيم معلقاً عليه: "قال له ذلك حين أمره بالاقتصاد في العمل، فكل الخير في اجتهاد باقتصاد، وإخلاص مقرون بالاتباع، فاحرصوا أن تكون أعمالكم على منهاج الأنبياء عليهم السلام وسنتهم".[مدارج السالكين].


- أسباب معينة على الاستقامة

- كثرة الطاعات ودوامها: لأن الله عز وجل يُصلح العبد بطاعته ويزيد إيمانه بها، فمن داوم لله على طاعة منَّ عليه بالهداية والاستقامة، ففي الحديث القدسي الصحيح عن أبي هريرة مرفوعاً قال، قال الله عز وجل: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضه عليه، ومازال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها). [صحيح البخاري]، فهذه هي عين الاستقامة أن لا يصدر من العبد شيئ إلا برضا الله وتوفيقه.

- ومنها طلب الاستقامة من الله عز وجل: فإن الله يحب أن يُسأل، ومن أحب السؤال إلى الله سؤال الهداية والاستقامة، فقد أوجبه سبحانه على عباده في كل يوم عدة مرات في أوقات خمس، فنقول في صلاتنا: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم) قال السعدي: "فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد، ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته لضرورته إلى ذلك".[التفسير].

- ومن أسباب الاستقامة وأنفعها اتباع الكتاب والسنة: قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 27 ـ28]. قال الطبري رحمه الله: "وكان معنى الكلام، إن هو إلا ذكر لمن شاء منكم أن يستقيم على سبيل الحقّ فيتبعه، ويؤمن به". [التفسير].

- نبذ الأهواء والبدع: قال تعالى: {فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ}[الشورى:15]. قال الطبري رحمه الله: "فإلى ذلك الدين الذي شَرَع لكم، ووصّى به نوحا، وأوحاه إليك يا محمد، فادع عباد الله، واستقم على العمل به، ولا تزغ عنه، واثبت عليه كما أمرك ربك بالاستقامة ولا تتبع يا محمد أهواء الذين شكُّوا في الحقّ الذي شرعه الله لكم". [التفسير].
...المزيد

ولذلك فإنه من الأفضل لها الانتقال إلى أحد الخيارات الوسيطة (الثالث أو الرابع)، وذلك بتقسيم السرية ...

ولذلك فإنه من الأفضل لها الانتقال إلى أحد الخيارات الوسيطة (الثالث أو الرابع)، وذلك بتقسيم السرية إلى قسمين:

الأول يعتمد على الكم، ويضم المجاهدين قليلي الخبرة، المنتشرين بشكل واسع، والذين يمكنهم تنفيذ عدد كبير كماً واسع الانتشار مساحة، ما يؤدي بالمحصلة إلى تحقيق عائد كبير بمجموع هجماتهم كلها، لا بأفراد بعضها، ويكون حالهم كحال بائعي المفرّق، الذين يبيعون كميات قليلة من السلع تحقق لهم عائدا قليلا نسبيا، ولكن إذا جمعنا عائداتهم كلها، سنحصل على عائد إجمالي كبير.

والثاني يعتمد على النوع، ويضم المجاهدين ذوي الخبرة، المؤهلين لتخطيط وإدارة وتنفيذ العمليات الكبيرة، ذات العائد المرتفع للمجاهدين، والخسائر الكبيرة لأعدائهم، ويكون حال هؤلاء كحال تجار الجملة، الذين يحققون عائدا كبيرا من كل صفقة، قد يساوي أو يزيد على عائد مئات عمليات البيع التي يجريها زبائنهم في فترة طويلة.

وبالجمع بين الخيارين، يمكن تشغيل جزء كبير من كيان السرية في خطة عمل تمنع حدوث البطالة، وتحقق عائدا مستمرا من حيث الزمن، كبيرا من حيث إجمالي عملياته، موزعا من حيث انتشار العمل وتوسعه، وتساعد على تأهيل المجاهدين وتدريبهم على القتال واكتساب الخبرات الكبيرة في العمل، وفي الوقت نفسه تسمح بقفزات كمية ونوعية كبيرة في مسار الجهاد، بتحقيق نكاية وخسائر كبيرة في العدو، من النواحي المادية والبشرية والنفسية والإعلامية، وعوائد كبيرة للمجاهدين من حيث الغنائم المادية، والفائدة الإعلامية، والثقة النفسية، واستقطاب المجاهدين الجدد للتجنيد والعمل ضمن السرية.

أما الخيار الخامس، فتتبعه السرية المجاهدة عادة في حال ضعف منظومة القيادة والسيطرة والتحكم والاتصالات فيها، بحيث تأمر قيادة السرية أفرادها بالعمل بحسب الممكن، أو في الحالات الطارئة، التي يجد المجاهدون أنفسهم مضطرين لضرب العدو بكل ما يتوفر، لإشغاله عن التصدي لعمل مهم للمجاهدين، أو إرباك تحركاته الهجومية أو الدفاعية ضدهم، أو لمجرد ضرب استقراره في وقت معين، بحيث تأمر قيادة السرية أفرادها بالعمل بأقصى ما يمكن، دون مراعاة لأي ضوابط لتقسيم العمل، أو تخطيطه على المدى الطويل.

ونلاحظ أن سياسة الدولة الإسلامية تجاه العمليات في الدول الصليبية تراوحت بين الخيارين الثالث والخامس، فهي دعت المسلمين هناك إلى مهاجمة ما يقدرون على ضربه من الأهداف، بما توفر من الأسلحة، لتحقيق أقصى ما يمكن من الخسائر في صفوف الصليبيين، وذلك لصعوبة التحكم وتسيير عمليات المجاهدين هناك، وخطورة التواصل معهم بهذا الخصوص، فكان المتوقع منهم تنفيذ عمليات صغيرة مستمرة، مع احتمال قدرة بعضهم على تنفيذ عمليات كبيرة.

ولكنها في الوقت نفسه حين إرسالها لسرايا مدربة ومجهزة لتنفيذ الهجمات، دفعت هذه السرايا لتنفيذ عمليات كبيرة من حيث الأهداف وطريقة تنفيذ الهجمات عليها والخسائر المتوقعة من وراء ضربها.

وهكذا فإنها حققت عوائد مستمرة، من هجمات المجاهدين المنفردين والسرايا صغيرة الحجم، قليلة الخبرة، ضعيفة التجهيز، ورغم أن عوائد كل من هجماتهم كانت قليلة نسبيا، إلا أنها بمجموعها كانت كبيرة، تقارب العوائد الكبيرة للعمليات النوعية قليلة العدد التي نفذها جنود الدولة الإسلامية خلال السنوات الماضية.

وبذلك كله نعلم أنه من المفيد للمجاهدين أن يتحللوا من القيود التي يقيدون بها عملهم أحيانا، وأن يبنوا خططهم على أساس واقعهم وإمكاناتهم وأهدافهم وواقع عدوهم وإمكاناته وأهدافه، ويستعينوا بالله تعالى على تنفيذ ما عزموا عليه، هو نعم المولى ونعم النصير.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 192
الخميس 22 ذو القعدة 1440 هـ
...المزيد

مقال: خذوا حذركم (8) التخطيط للعمل وقيود الواقع تعتمد قضية انتقاء الأهداف بالنسبة للمجاهدين ...

مقال: خذوا حذركم (8)

التخطيط للعمل وقيود الواقع

تعتمد قضية انتقاء الأهداف بالنسبة للمجاهدين على أمور عدة منها ما يتعلق بهم كأهمية الهدف لهم أو إمكانية التنفيذ عليه، ومنها ما يتعلق بالعدو كأهمية الهدف بالنسبة له، ومقدار النكاية المتحققة فيه باستهدافه.

وعلى هذا الأساس كثيرا ما يكون المجاهدون أمام خيارات عديدة أثناء وضعهم خطة قتالهم التي سيعتمدون عليها في إنهاك عدوهم وصولا إلى تدميره بإذن الله تعالى.


وأهم هذه الخيارات:

الأول: التركيز على العمليات الصغيرة الحجم، كثيرة العدد، واسعة الانتشار، وترك العمليات الكبيرة لصعوبة تنفيذها وتكاليفها.

الثاني: التركيز على العمليات الكبيرة الحجم، قليلة العدد، المركّزة من حيث الهدف، وإهمال العمليات الصغيرة لقلة مردودها وضعف تأثيرها.

وبين هذين الخيارين المتعارضين، نجد خيارات وسيطة، أهمها:

الثالث: التركيز على العمليات الصغيرة المستمرة، مع البحث عن أهداف مهمة باستمرار لضربها حين الإمكان.

الرابع: التركيز على العمليات الكبيرة، ولو كانت قليلة، مع عدم ترك أي فرصة لضرب العدو في عمليات صغيرة.

الخامس: العمل بدون تركيز، وذلك بضرب العدو كيفما أمكن، بعمليات صغيرة أو كبيرة.
العمل في البدايات

وعلى العموم، يمكننا القول إن اختيار المجاهدين لأي من هذه الخيارات يخضع لظروف داخلية تخص وضع المجاهدين من حيث التنظيم والإمكانات والأهداف، وظروف خارجية تخص وضع عدوهم من حيث القوة والتمكين.

فالسرية المجاهدة عندما تكون صغيرة الحجم، ضعيفة الإمكانات، بدائية من حيث قدرات أفرادها على التخطيط والتنفيذ، ويكون هدفها الاستمرار في العمل وتطويره حتى تدمير العدو تماما، وتحقيق التمكين في الأرض، ويكون عدوها قويا متمكنا من الأرض، فإن من مصلحتها بدء عملها باتباع الخيار الأول.

وفي حال كان هدف السرية يقتصر على إحداث أكبر نكاية في العدو، وكان العدو قويا متمكنا، بحيث يغلب على ظن المجاهدين أنهم لن يتمكنوا من الاستمرار في تنفيذ الهجمات لفترة طويلة، فإن من الأفضل لهم أن يتبعوا الخيار الثاني.

وهذا ما نراه عادة في عمليات سرايا المجاهدين أو أفرادهم العاملين في الدول الصليبية، فهم يضعون في حسبانهم صعوبة الانسحاب من موقع الهجوم بعد تنفيذه، أو صعوبة الاستمرار في تنفيذ عمليات متعاقبة نظرا لانكشافهم أمام العدو، ولذلك فإنهم يعملون بهذا الخيار بحسب توفر الإمكانات، وأهمها الأسلحة المطلوبة والقدرة على إيصالها إلى مكان الهجوم، فنجدهم يتفاوتون بين استخدام السكاكين، في هجمات توقع عددا قليلا من القتلى والجرحى في صفوف الصليبيين، وأثرا نفسيا ودعائيا محدودا، وبين هجمات كبيرة منسقة باستخدام المتفجرات والأسلحة النارية، والتي توقع خسائر كبيرة في صفوف الصليبيين، ماديا وبشريا، وصدىً إعلاميا كبيرا.

وفي حال كانت السرية قوية من حيث امتلاك أفرادها الخبرات اللازمة لتنفيذ عمليات كبيرة، وإن كانت ضعيفة من حيث العدد والإمكانات، فإنه يمكنها أيضا اتباع الخيار الثاني، وذلك كي تحقق لنفسها نموا سريعا، فالعمليات الكبيرة تجذب عيون الأنصار وقلوبهم بشكل أسرع، وهذا ما فعلته الدولة الإسلامية فور دخولها إلى الشام، حيث اقتصر أمرها في بداية الأمر على عدد قليل من الإخوة الخبراء مع عدد ليس بكبير من الأنصار قليلي الخبرة، فبدأ العمل بهجمات كبيرة مركزة على مفاصل النظام النصيري الرئيسة، الأمر الذي ساعد على شهرة كبيرة لاسم السرية (جبهة النصرة) ودفع العشرات ثم المئات من المهاجرين والأنصار إلى الالتحاق بها، خاصة بعد أن عرفوا بتبعيتها للدولة الإسلامية.

وكذلك فإن الشيخ أبو مصعب الزرقاوي وإخوانه قد اتبعوا هذا الخيار في بداية قتال القوات الصليبية الغازية في العراق، وساعدت العمليات الكبرى التي نفذها المجاهدون ضد "الأمم المتحدة" والسفارات وثكنات الصليبيين على شهرة واسعة لهم طغت على شهرة جميع الفصائل الموجودة في الساحة، الأمر الذي سهل جدا قضية التحاق المهاجرين والأنصار بجماعة (التوحيد والجهاد) وخاصة بعد أن تبيّن لهم أن عقيدتها قائمة على التوحيد، ومنهجها قائم على الجهاد في سبيل الله حتى إقامة الدين وإعادة الخلافة الإسلامية.


- العمل في مراحل متقدّمة

وبعد أن تنمو السرية المجاهدة كماً ونوعا، بحيث يصبح عددها كبيرا نوعا ما، ما يجعل من العسير القضاء عليها تماما، وكذلك تنمو إمكاناتها المادية وقدرات أفرادها المعرفية من حيث الخبرة في التخطيط للهجمات وتنفيذها، فإنه من الضار بالنسبة إليها الاقتصار على أحد الخيارين (الأول والثاني)، فاقتصارها على الأول يكون تفريطا في جانب العمليات الكبيرة ذات التأثير الكبير على العدو رغم قدرتها عليها، واقتصارها على الثاني يؤدي إلى تجميد جزء كبير من أفرادها وإمكانياتها، حيث لا يمكن حشد كل ذلك لتنفيذ العمليات الكبيرة، القليلة العدد عادة، مما سيصيب السرية بالبطالة.
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً