نجيب محفوظ بين جائزة نوبل وطعنة السكين: "عندما تتعرَّض لصدمات في حياتكَ، تأكَّد أن عقلكَ سيصبح ...

نجيب محفوظ بين جائزة نوبل وطعنة السكين:

"عندما تتعرَّض لصدمات في حياتكَ، تأكَّد أن عقلكَ سيصبح أكبر من سنكَ بكثير"

- نجيب محفوظ

في 11 ديسمبر 1911م أنجبت القاهرة هرمًا من أهرامات مصر، لم تكن ولادته قطُّ سهلةً، الأمر الذي دعا والده لتسميته بِاسْمِ الطبيب الذي سهَّل ولادته "نجيب باشا محفوظ".

إنه أول روائيٍّ عربي حاز على جائزة نوبل في الأدب. دخل النجيب مضمار الكتابة عام 1930م وظلَّ يعاركُ فيه حتى 2004م؛ أي ما يعادل 74 عامًا عاش فيها الكتابة والقراءة بما يشبه الشهيق والزفير، متأثرًا بمصطفى لطفي المنفلوطي، ومحمود عباس العقاد، وجيمس جويس، وفرانز كافكا، ومارسيل بروست..

ابن المقاهي الشعبية في مصر، جالسًا على كرسيه المعتاد بقهوته المعتادة بجرنالها المعتاد في ذلك الركن المعتاد ما يزيد عن ثمانين سنة، يتحمل ما تسمع أذناه وترى عيناه، ليغدقَ علينا بأدبٍ يوجِّه كاميرات العالم وأنظار الصحف العالمية إلى الأدب العربي.

عَبَرت رواياته القارات الخمس، رغم أنه لـم يسافر خارج مصر إلاَّ مرتين أو ثلاث، مِصْرُ التي دارت جميع رواياته في فلكها، في حارة تعادل العالَم، وأدبٍ صنِّف بالواقعي تتخلَّله بعض المواضيع الوجودية، ليصير بذلكَ أكثر أديبٍ عربي حُوِّلت أعماله إلى السينما والتلفزيون.

وفازت جائزة نوبل بنجيب محفوظ:

إن أوّل من تنبأ لنجيب محفوظ بجائزة نوبل هو عميد الأدب العربي د. طه حسين وأشاد له برواية "بين القصرين"، لتحقق نبوءته في ظهيرة يوم 13 أكتوبر 1988، عندما عاد نجيب من عمله ليهنأ بقيلولته كعادته، ظل اليوم عاديا حتى دق جرس الهاتف، لترد زوجته وتجد أحد محرري "الأهرام" يريد أن يبلغه خبر فوزه بالجائزة.

البداية كانت حين تُرجمت ثلاثيته "السكرية "و"قصر الشوق" و"بين القصرين" إلى الفرنسية، فلما نالت حظوتها من الشهرة تابعته لجنة نوبل لتختار 06 روايات له لمراجعتها، منها "أولاد حارتنا" و"ثرثرة فوق النيل" و"الثلاثية".

ويخطئ الكثير إذْ يظنون أن نجيب حاز على نوبل بفضل روايته: "أولاد حارتنا"، والحقيقة أنه نالها بفضل أعماله الخمسة التي تُرجمت إلـى خمس لغات، وهذا الذي صرَّحت به ابنته أم كلثوم. شاع الخبر داخل مصر وخارجها، ولـم يبقَ إلا أمر تسلِّمها، لكن حالة نجيب الصحيّة حالت بينه وبين السفر للسويد لاستلامها، فتسلّمتا ابنتاه الجائزة نيابة عنه، وألقى محمد سلماوي الخطاب باللغة العربيّة قبل إلقائه بالإنجليزيّة كما أوصاه نجيب قائلاً: "آن الأوان أن يسمع جرس اللغة العربية بين جدران الأكاديمية السويدية العريقة" فسُمِع!

لماذا طُعنَ نجيب محفوظ؟

ألَّف نجيب رواية عام 1959م سمَّاها "أولاد حارتنا" أثارت الرواية زوبعة جدلٍ واسعة، ووُصفت بالرواية الإجرامية التي تطاولت على الذات الإلهية وأهانت الذات النبوية، منذ نشرها مُسَلْسَلَةً في صفحات جريدة "الأهرام".

الأمر الذي حدَا إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد والزندقة، وسُوِيَ بينه وبين سلمان رشدي صاحب رواية "آيات شيطانية"، فأُفتيَ بقتله.

مُنع إصدار الرواية بمصر، فانتظرت ثلاثة سنوات حتى رأت النور عام 1962م عن دار الآداب اللبنانية، فمنع دخولها إلى مصر رغم أن نسخا مهربة منها وجدت طريقها إلى الأسواق المصرية.

ولـم تنشر الرواية في مصر إلاَّ عام 2006م عن دار الشروق؛ أي بعد مُضيِّ 44 عامًا عن إصدارها الأول وهو العام نفسه الذي غادرنا فيه نجيب محفوظ.

نجيب محفوظ تحت مطرقة النقد:

صحيح أنَّ نجيب محفوظ واحدًا من جملة الأدباء الذين اختلفوا فيهما اختلافًا كبيرًا، فمنهم من رفعه إلى درجة التقديس كونه مؤسس الرواية العربية، ومنهم من ساواه بإبليس كونه خدش الحياء وتجاوز حدَّه الأدبي إلى ازدراء الأديان وتشخيص الذات الإلهية تحت اسم "الجبلاوي" بطل رواية "أولاد حَارِتْنَا"، وبين هذا وذاكَ تبقى موضوعيَّة النقد أهمَّ من عاطفة الانحياز.

وفي الجانب الآخر رأى الكثير من النقَّاد أن رواية " أولاد حارتنا" دُرة إنتاج الأديب العملاق، وردُّوا على الذين طعنوا فيه أنهم لم ينظروا إلى الرواية من ناحية أدبية صحيحة ولم يدرسونها بنقدية موضوعية، ولم يحاولوا أن يناقشونها مع كاتبها.

تحدَّثوا عنه بالسوء حتى عرَّفوا به العالَم، ومن النقدِ ما يصنعُ شُهرةً، وتحاملوا على نقده حملة لـم ير مثلها في البلاد، فصدق فيه بيت أبو العلاء المعرِّي:

وما ضرَّني غيرُ الذينَ عرفتُهُم

جزَى اللهُ خيرًا كُلَّ من لستُ أَعرفُ

ومن النقاد من ذهبَ إلـى أن نوبل أكرمت نجيب بالجائزة لا لأنه ازدرى الأديان وشخَّص الذات الإلهية فحسب، إنما عن مباركته السياسية للسلام مع الكيان الإسرائيلي أيضًا.

ومنهم من طعن في أسلوبه في الكتابة كونه لا يختلف كثيرًا عن أساليب الصحف والجرائد، لكن أصدق النقد ما نقده به سيد قطب إذ كتب مشيدًا بأعماله: "على النقد اليقظ أن يكشف أن أعمال نجيب محفوظ هي نقطة البدء الحقيقية في إبداع رواية قصصية عربية أصيلة".

وطعنه الذي لم يقرأ له حرفًا:

بعد مسيرة أدبية حافلة بمؤلفات رَبَتْ عن الخمسين، في عصر جمعة 14 أكتوبر 1994م، خطّط شابين لقتل قامة أدبية له باع طويل في الأدب، فالذين حاولوا قتل نجيب محفوظ لـم يسعوا لذلك بغية شخصه، بل لإيقاف الفكر الذي يحويه هذا الشخص، وإلاَّ فأيُّ فائدة مرجوة من قتل رجل شارف الثمانين حولاً؟

يريدون بذلكَ اغتيالَ صوت الرواية، لأنهم يعتقدون أن رسالة الكلمة إذا لمْ تكنْ مصبوغة بالدِّين فلا يليقُ بصاحبها إلا حجْرُها في حنجرته، وإلا ذبحوه من حُنجرته! أرادوا قتله ليقتلوا فيه أدبه، لكن ليس بالسكين يُسكتُ القلم الحر، يقول وينستون تشرتشل: "إن بريطانيا العظمى مستعدة للتنازل عن جميع مستعمراتها في العالم، لكنها لا تستطيع التنازل بأي حال من الأحوال عن سطر واحد كتبه شكسبير".

لكن نجيب محفوظ كان محفوظًا ونجيبًا، وآثر استمرار قلمهِ، ومن ظنّ أن السكين تُسكتُ القلم الحر فواهم مسكين، وربَّ محاولة اغتيال عظَّمت المستهدف وصغَّرت الهادف، وذلك مع حدث مع نجيب فقد حاولوا قتله ولم يعلموا أنهم زادوا من حياته! البداية كانت حينما شقَّ فيها أديب نوبل طريقه إلى ندوته الأسبوعية في مقهى قصر النيل كعادته، إذا بآلة حادَّة تُنشب في رقبته، غرسها الجاني في أعصابه وتمكن من قطعها، ممَّا أثر ذلك على أعصاب أطرافه.

طعنة كان فيها "محمد ناجي" هو المجرم و"نجيب محفوظ" هو الضحيَّة، طعنة كانت غائرة احتاج فيها هذا الأخير خمس ساعات في غرفة العمليات، وثلاثة عشر عبوة من الدم لإنقاذه، ولولا حذاقة طبيب الأوعية الدموية موفَّقًا بالعناية الربانية لصار نجيب محفوظ في خبر كان!

حينها أصدر الرئيس حسني مبارك توجيهاته بعلاجه على نفقة الدولة، وعمرٌ آخر كُتب لنجيب محفوظ، وظل في المستشفى أيامًا معدودات سنحت فيها للشيخ محمد الغزالي بزيارته، هذا الأخير الذي كان ضدَّ نشر " أولاد حارتنا".

وأكَّدَ الجاني محمد ناجي أنه لم يقرأ أي رواية للنجيب، وأوضح أنه حاول قتله تنفيذًا لفتوى عمر عبد الرحمن مفتي الجماعة الإسلامية آنذاك، مثلها مثل فتوى الدكتور محمد مزروعة الذي كان قد أفتى لاغتيال فرج فودة.

وعلى رأس الذين كفَّروا نجيب محفوظ الشيخ عبد الحميد كشك الذي كتب كتابه "كلمتنا في الرد على رواية أولاد حارتنا".

بعدما مكث نجيب محفوظ في المستشفى سبعة أسابيع استفاق من غيبوبته ليقول متحسِّرًا في حديث لـ "الأهرام": "الشاب الذي رأيته يجري كان شابًا يافعًا في ريعان العمر، كان من الممكن أن يكون بطلاً رياضيًا أو عالمًا أو واعظًا دينيًا، فلماذا اختار هذا السبيل لست أفهم؟!"

والأكثر غرابة أن أشرف العشماوي مسؤول التحقيق وقتها صرَّح أن الجاني محمد ناجي كان لا يعرف اسم نجيب محفوظ، وكثيرًا ما كان يسمِّيه بـ "محفوظ نجيب"!

تحرير 27/2/2019
...المزيد

خلق الله آدم، فلما استوحش خلق له حواء فالمرأة مؤنسة الرجل من وحشته ومن لا يستأنس بالمرأة فيه ...

خلق الله آدم، فلما استوحش خلق له حواء

فالمرأة مؤنسة الرجل من وحشته
ومن لا يستأنس بالمرأة فيه وحشية وإن كان يدّعي أنه أنسنُ إنسان على ظهر الأرض💚

بعض الناس كالصحراء في ظاهرها تبدو خالية على عروشها بينما في أعماقها مليئة بالثروات.

بعض الناس كالصحراء
في ظاهرها تبدو خالية على عروشها
بينما في أعماقها مليئة بالثروات.

في قلبي أنثى لا تُجيد الطبخ: يقولونَ: "إنّ أسهل طريقةٍ للدخولِ إلى قلبِ الرّجل، من ...

في قلبي أنثى لا تُجيد الطبخ:

يقولونَ: "إنّ أسهل طريقةٍ للدخولِ إلى قلبِ الرّجل، من معدَّتهِ".
ــ لـماذا؟
ــ لأنّ الرجل بفطرتهِ أكُول أكثر من المرأة.
بل يكادُ لا يوجد رجلٌ في العالَم لا يحبُّ الأكل، في حين قدْ تجدُ في النساءِ مَن لا تُبالي بهِ، فضلاً عنْ حبِّه.
أجل.
المرأة تُبالي بالطعام لكونهُ طبخًا، لكن ليسَ لكونه طعامًا تُمتلأُ بهِ المعدّة، ويُسكِتُ عصافير البطن.
لأن الطعام في نظرِ المرأة فنٌّ تُقدّمه، قبل كونهِ طعامٌ تهضمه.
في كثيرٍ من الحالات التي جهَّزت فيها أمِّي الطعام، لـمْ تأكلْ منهُ إلاّ لُقمة أو لُقمتين. وكنّا حينما نطلبُ منها الأكل تُجيبنا:
ــ «إذا أكلتم أنتم.. شبعتُ أنا»، إنه إيثار الأمومة، ومن آثَرُ من الأمِّ يا ولدي؟
كانت تستمتعُ باستمتاعنا بمأكولاتها، وكنّا أصغرَ من أنْ نعي فكرة أنّ المرأة خُلقت للطبخِ أكثر ممَّا خُلقت للأكل.
ليست الأمّ وحدها من تفعل ذلك، فالزوجة والأختُ والبنتُ أيضًا.
قبل عامين فقطْ كنتُ لا أستوعبُ فكرة أن تكون مُستلزمات الطبخة نفسها، بينما تختلفُ الأُكلة من يدٍ إلى يدٍ، إلى أنْ عرفتُ من أختي فاطمة أنّ «الطبخَ نَفَسٌ».
يا اللّه. «الطبخُ نَفَسٌ».
أعجبتني العبارة، الآن تأكّدتُ أنّ الطبخَ سحرٌ وليسَ كلّ النساء يعرفنهُ.
كان هناكَ فرقٌ عريضٌ بين طبخةِ أختي فاطمة وطبخة أختي أمّ كُلثوم، في طبخة فاطمة نُكهة تُشمُّ رائحتها علَى بُعد عشرة دِيار، أما طبخة أمّ كُلثوم فهيَ أقرب إلى المحروقاتِ منها إلى المطبوخات.
فاطمة تضعُ في الأُكلة سرًّا تودّ لو أنكَ أكلتَ أصابعكَ بعدها، أما أمُّ كُلثوم فسامحها اللَّه علَى كلِّ ما طبختهُ لنا.
كنتُ أثني علَى طبخ فاطمة بإنهاء ما في الصحنِ، أمّا طبخ أم كُلثوم فكنتُ أُثني عليهِ لسانًا لا أكلاً.
حقًّا تستمعُ كلّ امرأة في تقديم شُكركَ لها بعد كل أُكلةٍ تُجهّزها حتَّى لو كانت مجرّد بصلة قشّرتها، بل قدْ أثبتت الكثير من الدراسات أنّ الإعجاب بأُكلات المرأة يزيد من رغبتها في الإبدَاع.
وإذا عُرف بين الناس أنَّ ما من طريقة أسهل لقلب الرجل مثل معدَّته، فإنه لا طريقة أسهل لقلب الـمرأة من الثناء علَى طبخها.
فالـمرأة بطبعها تحبُّ من يُثني عليها، وتحبُّ أكثر من يُثني علَى طبخها، لذلكَ إذا أردتَ طعامًا يُرضي شهيَّتكَ، ما عليكَ إلاّ أنْ تُقدّم جُملةً أو جُملتين من الثناءِ علَى طبخ زوجتكَ.
الطبخُ فنٌّ وليسَ مجرد هضمٌ للطعام، ومن محاسنهِ أنّه من الفنون التي تُعلِّمكَ كيفَ تُجهّز أطباقَ حياتكَ، وهذا ما دفع بالسيّدة أحلام مستغانمي للقول:
ــ «عندما تتقن فن الطبخ، أنتَ حتمًا تعرف كيف تعد مائدة حياتك؟
وكيف تطهو رغباتك؟».
وليس غُلوًّا لو قلنا أنّ الكثير من النساء اللاّتي تراجعن في جودةِ الطبخِ، كان ذلكَ بسبب إبدَاء رأيٍ سَلبيٍّ من طرفِ شخصٍ اعتادت علَى إعداد الطعام له، فأثّر رأيه المُرُّ في طريقة تحضيرها، وما أكثر ما تَشنقُ الكلماتُ مواهبنا.
ههنا لا علينا، إذْ كلّ امرأة لا تُجيد الطبخَ بسببِ انتقادات زوجها معذورة، فالنساء اللاّتي يُجدن الطبخَ يُجدنه نتيجة مزاجٍ لطيفٍ، فإذا فسد المزاج فسدت الطبخة.
وبالتالي صار لزامًا علينا أنْ نُغيِّر نظرتنا للطبخِ، فالطبخُ ليس مجرَّد خُضروات علَى نارٍ هادئة، بل هو عبادةٌ يُتقرَّب بها إلى اللّه، فلولا جودة الطعام لمرضت الأجسام، وبمرضِ الأجسام تعجز الجوارح عن الطاعة.
قال أحدُ العلماء: «إن الله جمع الطبَّ كلّه في نصف آية عندما قال تعالى: {وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}».
فالأكلُ صحّة، والشرب صحّة، والاقتصادُ صحَّة، والشريعةُ جاءت لجلبِ المصلحة ودرءِ المفسدة.
واهتمامنا بالطبخِ كثقافة ليسَ عيبًا، العيبُ أن لا يكونَ لنا غايةٌ نسعى لتحقيقها بعد الأكل.
ولعلَّه من حقِّي أنْ أتزوّج امرأة تُجيد الطبخ، لذلكَ كنتُ أرفضُ منذُ بدأتُ أحتلم أنْ أتزوَّج امرأةً لا تُجيدُه، لكن شاءَ اللّه أنْ ينبضَ القلبُ لامرأة بينها وبين الطبخِ برزخٌ لا يبغيان.
ولكَ أنْ تتصوّر حجم الألم كونكَ ستُكمل حياتكَ وأنتَ تأكل طعام المطاعم، إنّه لشيءٌ يدعو للخجل أن تكونَ زوجتكَ في البيتِ وأكلكَ من الخارج.
وإنّها لخيبة أملٍ أن تستفرغَ زوجتكَ طاقتها لإعداد طعامٍ تستلذهُ، ثمّ لا يكون في الطعام شيئًا يدعو للاستلذاذِ، وهذه ليست مُشكلة، بل جريمة ينبغي أنْ يُعاقب عليها القانون.
أنْ تُولدِي امرأة ولا تُجيدين الطبخَ، فأنتِ إمّا لستِ أُنثى وإمّا أنكِ أُنثى قد رُفعَ عنها القلم؛ لأن الطبخ والأنوثة صفحتان لورقةٍ واحدة، إذا مُزقت إحدى الصفحتين مُزِّقت الأخرى بالضرورة.
لكن هنا استدراك لطيف ينبغي التنبيه لهُ:
ــ الطبخُ علمٌ قابلٌ للتلقين، فإذا وُلدتِ لا تُجيدين الطبخِ فكلّ الطرق تؤدّي إلى كسبِ مهاراتهِ؛ لأن الطبخُ ليسَ أصعب من الطبِّ والهندسة والفيزياء...
اشتريتُ من كتبِ الطبخِ ما يكفي لجعل زوجتي أمهر طبَّاخة، لكن ما من جدوى، فرغم تنوّع الكتب إلاّ أنّ سوء طبخها نفسهُ.
باتَ فرضَ عَينٍ عليّ أنْ أقتنع أنّ سُلطة القلب تعلو سُلطة المعدّة، وأنْ أعترفَ بالفم المليء أنّ «في قلبي أنثى لا تُجيد الطبخ».
ولا يُمكن للمعدّة أنْ تُسكتَ نبضة قلبي تُجاهها، فالنبضُ فوق الشهيَّة، والحب فوق الجميع، بما في ذلك الطعام، وسأظلُّ أحبُّها إلى أن تُجيد الطبخ، أو أموتَ وأنا أحمل في قلبي أمنيةً لن تموت.
أمنية أنّ الرجال يقعون في الحب عن طريق المعدّة، كما أنّ هناكَ رجال لا يُمكن أن ينفصلوا عن محبوباتهم بسبب سوء طبخهنّ.
فالميولات العاطفية لها نفوذها بصرف النظر عن سوء الطبخ.
وأنهُ دائمًا يوجدُ في القلبِ ما لا يُوجدُ في المعدّة.

من كتابي: (في قلبي أنثى أكبر مني سنا)
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً