عبد الله القصيمي... قصة إلحاد وحكاية ملحد

(مقال كتبته ما بين 1419- 1420هـ) يحكي قصة إلحاد عبد الله القصيمي، ويحاول فهم الأسباب التي أدت إلى انحرافه وخروجه عن دائرة الإسلام، هذا المقال هو مجرد محاولة للفهم لا غير، لعلنا نصل من خلال هذه المحاولة إلى نتائج معقولة...

  • التصنيفات: مذاهب باطلة -


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
(مقال كتبته ما بين 1419- 1420هـ) يحكي قصة إلحاد عبد الله القصيمي، ويحاول فهم الأسباب التي أدت إلى انحرافه وخروجه عن دائرة الإسلام، هذا المقال هو مجرد محاولة للفهم لا غير، لعلنا نصل من خلال هذه المحاولة إلى نتائج معقولة يمكن اعتبارها أسبابًا يمكن الاطمئنان إليها في حدوث هذه الظاهرة الغربية من عالم نجدي ارتكس في حمئة الإلحاد.

بيدي موضوع طالما تساءل عنه كثير من الناس، وأخذ الواحد منا يفكر فيه سواًء من أجل التطفل أو من أجل الحقيقة الغائبة والتي يبحث عنها، لقد طرحت استفسارات كثيرة عن حقيقة (عبد الله القصيمي) وكيف تحول من رجل دين إلى ملحد هكذا دفعة واحدة؟! لقد أثار القصيمي حوله وأثناء حياته وبعد مماته آلاف علامات التعجب والاستفهام، فمن هو هذا القصيمي الذي أثار تلك الزوبعة؟

عبد الله القصيمي... مفكر... في سطور..
يتعجب البعض عندما يقرأ أو يسمع نبأ إلحاد رجل مثل الشيخ عبد الله القصيمي!
فمن عالم في الدين ينافح عنه ويناضل في سبيله إلى ملحد! هل كان ملحدًا في الأصل؟ أو هل هو عالم أصلًا؟
هناك أسئلة كثيرة يبحث الإنسان لها عن جوابا شافي في حالات كثيرة تشبه حالة القصيمي.

لقد كان عبد الله القصيمي طالبًاً للعلم ومتميزًاً، وكان منذ نعومة أظفاره وهو يشتعل ذكاءً ويتقد عبقرية، وشب مسلمًا متدينًا متحمسًا للدين والدفاع عنه، ألف كثيرًا من المؤلفات للدفاع عن الإسلام ونصر الدعوة السلفية والتصدي لأعداءها، كان القصيمي يتمتع بذكاء وعبقرية وأسلوب ساحر جميل، فهو كما يقال: "أديب من الطراز الأول ومفكر من الدرجة الثانية".

يقول في حقه الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري: "إن صحراء المنطقة الوسطى من الجزيرة العربية أنجبت مفكرًاً مليح الأسلوب، أشهد أنه يتفنن في عرض دعاوى الفلاسفة والعلماء الماديين من أمثال بخنر وسارتر، القصيمي يتقن رسم الصور ويسرف في الخيال، ويغني وينوح، إنه فنان متمزق، إنه أديب ساخر ساحر".

ساهم القصيمي في الدفاع عن الإسلام فألف كتبًاً عديدة في الرد على الشيعة، وألف كتبًاً تصدى فيها للملاحدة الذين يتصيدون في الأحاديث النبوية، ويثيرون عليها إشكالات ظاهرية، وهكذا كان سجل القصيمي حافلًا بالملاحم والجهود في خدمة الإسلام.

كانت نشأة عبد الله القصيمي في الجزيرة العربية، وفيها ترعرع وفيها رضع فكره، نشأ القصيمي حياة مأساوية كادحة بائسة عابسة يابسة، كان لها أشد الأثر في تكوينه الشخصي والمزاجي.

من هو هذا الملحد القصيمي المليح؟
هو: أبو محمد عبد الله بن علي الصعيدي القصيمي أحد رجالات الدعوة الوهابية ومن المنافحين عنها، قال عنه الشيخ إبراهيم عبد العزيزالسويح النجدي: "هو الذي لقب نفسه بالقصيمي وإلا فلا يعرف له نسب من جهة أبيه في القصيم".

كتب القصيمي في مرحلته الأولى كتبًا عديدة في خدمة الإسلام ومن أشهرها كتابه (الصراع بين الإسلام والوثنية)، وهو كتاب في الرد على الشيخ الشيعي (محسن الأمين) الذي هاجم الدعوة السلفية وتهجم على دعوة الشيخ المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وعلى حكامها من آل سعود.

وقد كتب من هذا الكتاب -الصراع- جزئين وكتب في آخر الجزء الثاني عبارة: "تم الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث إن شاء الله... عبد الله القصيمي – القاهرة".

ولكن القصيمي ألحد وانحرف فلم يكمل هذا الكتاب العظيم.
وقد قال لي من أثق به في المصادر والمخطوطات: "أن الكتاب كامل وأنه طبع في هذين الجزئين".
أحدثت جهود القصيمي آثارًا طيبة في نفوس العلماء والمفكرين المناصرين لدعوة الحق فقال في حقه فضيلة الاستاذ الشيخ حسن القاياني مجلة المقتطف (العدد 10 فبراير 1947): "معسكر الإصلاح في الشرق قلبه هو السيد القصيمي نزيل القاهرة اليوم، نجدي في جبته وقبائه، وصمادته وعقاله، إذا اكتحلت به عيناك لأول التماحته، قلت: زعيم من زعماء العشائر النجدية تخلف عن عشيرته لبعض طيته، حتى إذا جلست إليه فأصغيت إلى حديثه الطيب أصغيت الى عالم بحر يفهق بعلم ديني واجتماعي، تعرفت إلى العالم النجدي القصيمي، فجلست إليه مرة ومرة، ثم شاهدته كرة، فناهيك منه داعية إصلاح أكثر ما يلهج به الشرق وأدواؤه وجهله ودواؤه، لم أقض العجب حين شهدت القصيمي من عربي في شمائله، ملتف في شملته، يروعك منه عالم في مدرسته، كاد يحيلني شرقيًاً بغيرته الشرقية، وقد بنيت مصريًاً، حيا الله السيد القصيمي، ما أصدق نظرته إلى الحياة وأبعد مرماه في الهداية".

وقال أيضاً في مدح القصيمي الأستاذ الجليل الشيخ (عبد الظاهر أبو السمح) إمام المسجد الحرام وخطيبه ومدير دار الحديث بمكة:
 

ألا في الله ماخط اليراع *** لنصر الدين واحتدم الصراع
صراع لا يماثله صراع *** تميد به الأباطح والتلاع
صراع بين إسلام وكفر *** يقوم به القصيمي الشجاع
خبير بالبطولة عبقري *** له في العلم والبرهان باع
يقول الحق لا يخشى ملامًاً *** وذلك عنده نعم المتاع
يريك صراعه أسدًاً هصورًاً *** له في خصمه أمر مطاع
كأن بيانه سيل أتيّ *** تفيض به المسالك والبقاع
لقد أحسنت في رد عليهم *** وجئتهم بما لا يستطاع


إلى آخر القصيدة....... والقصيدة طويلة.

وقال في حقه متأسفًاً على إلحاده الشيخ (ابن عقيل الظاهري): "أرجو له في شخصه أن يهديه الله للإيمان قبل الغرغرة، فتكون خاتمته حسنة إن شاء الله، فإن هذا الرجل الذي ألف (الصراع بين الإسلام والوثنية) ممن يؤسف له على الكفر".

هذا هو أبو محمد عبد الله القصيمي قبل أن يتحول من دائرة الإسلام الى خارجها، وقد ألف القصيمي مجموعة كتب قبل إلحاده ومجاهرته بذلك، ومنها:

(1) الصراع بين الإسلام والوثنية: وهو من أشهر كتبه قبل التحول.
(2) البروق النجدية في اكتساح الظلمات الدجوية وهو كتاب يرد فيه على من يدعي جواز التوسل بالبشر.
(3) مشكلات الأحاديث النبوية وبيانها: وهو كتاب يرد فيه على علماء المادة والملاحدة، ويبين أن لا تناقض بين الأحاديث النبيوية والعلم الحديث.
(4) الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم.
(5) شيوخ الأزهر.
(6) الثورة الوهابية.
(7) نقد كتاب: حياة محمد.

والسؤال المهم هو:
ما هو السبب الحقيقي وراء هذه الانتكاسة لطالب علم متميز كان يرجى له أن يكون من العلماء والمفكرين الكبار؟ هل كان السبب الحقيقي وراء انتكاسته هو غروره؟ هل هذا سبب مقنع؟!
هل كانت هذه الانتكاسه فجأة وتكون بعلم الحساب انتقال عكسي 180%؟
أم هي عملية انتقال بطيئة وبشكل تدرجي، ولم يظهر منها إلا نتائجها المخيفة، والتي أعلن عنها صاحبها في كتابه (هذه هي الأغلال)؟

أم أن الشك موجود عند غيره من العلماء ولكن القصيمي أبى الخنوع والركوع لسلطان الخرافة فأعلن الثورة وبدأ التمرد؟ وعلى هذا يكون جميع العلماء شكاكا، ويكون القصيمي أشجعهم فقط؟

هل كان القصيمي مقتنعًاً فعلًا بإلحاده وببطلان الأديان؟ أم هي ردة فعل عكسية حمقاء كانت نتيجة ضغوط نفسية متراكمة عند القصيمي؟ وهل كان القصيمي مقتنعًاً فعلًا -قبل إلحاده وأيام دفاعه عن الإسلام- بتدينه وإيمانه؟
أم أنه في الأصل غير مقتنع؟ بل كانت المسألة بالنسبة له ولغيره مسألة وراثة، والخروج عن الموروث عار والعار فضيحة، والفضيحة حرمان، فالأفضل مغالبة الوساوس الشيطانية والركون الى التقاليد الموروثة؟

هناك أراء متفاوته ومتضاربة أحيانًا حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة الإلحادية القصيمية المتمثلة في شخص (عبد الله القصيمي).
ولا أزعم أنني سأحصل على نتائج يقنية أو حتى أولية، فقط ما سأعمله هو محاولة الفهم والتقريب لا غير.

(الرأي الأول):
مفاده أنه يستحيل أن ينقلب متدين متمسك إلى ملحد مرة واحدة، كما يستحيل أن ينتقل البندول من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار دفعة واحدة، لا بد من التدرج ولا بد من الاستدراج.
وعلى هذه النظرية يكون القصيمي بدأ مخلصًا لدينه موقنًا لعقيدته، لكنه مع الزمن بدأ يتساقط أمام سلطان الشك وبريق الريب والزيغ، وظلت بذرة الشك كامنة حتى استحكمت وتمكنت فيه جيدًاً فأعلن إلحاده، بعد أن اجتثت تلك البذور ما بقي في قلبه من إيمان.

يقول الأستاذ عبد الله بن علي بن يابس (وهو صديق القصيمي وصاحبه في أسفاره) محدثًا عن حالة القصيمي ما نصه: "كان القصيمي منذ أكثر من خمسة عشر عامًا تقريبًا يجادل في البديهيات الدينية، حتى أشتهر بكثرة جدله في الأمور الضرورية، وحتى كان يجادل بعض جلسائه في وجود نفسه، وحدثني صديق حميم من العلماء الأفاضل قال: (كان القصيمي يأتي إليّ منذ خمسة عشر سنة تقريبًا ويصرح لي بأنه تعتريه الشكوك إذا جن الليل، فيسخن جسمه، ويطير النوم من أجفانه)"، قال: "وكان يجادلني في الله، وفي النبي محمد، وكان يمتلأ بغضًا له وأحتقارًا، وكنت أجيء لزيارتكم فأجده يقرأ في صحيح مسلم مع بعض الإخوان، فترجع نفسي قائلة: لعلها وساوس وليست عقائد".

فهذا الرأي يبين لنا أن القصيمي كان مع دفاعه عن الإسلام وأهله كانت تأتيه نوازع شيطانية، ووساوس، فتكدر عليه صفو الحياة وتسخن جسمه النحيل، وتطير من عينيه النوم اللذيذ كل ذلك بسبب ما يجده في هذا الشك من ألم وشقاء وحسرة تجعله لا يتلذذ بنومه، بل جسمه ينتفض ويسخن لذلك، ولكن الشك القاتل جندله صريحًاً مسفوك الدم والعقل والروح في بلاط الإلحاد..

الرأي الثاني: مفاده كما عبر عنها المفكر الشهير (ول. ديورانت ) عندما يتحدث عن الفيلسوف اليهودي الملحد (اسبينوزا) فمما قاله وهو يتحدث عن إلحاده: "أننا نعلم أن كثيرًاً ممن يشكك في الدين هم رجال الدين أنفسهم لأنهم أطلعوا على حقيقة تدينهم"، وعلى ضوء هذا الرأي يكون القصيمي -بحكمه عالمًاً- وغيره من العلماء هم في الأصل شكاكًاً، فكلما تقدم الإنسان في العلم زادت المسائل المستعصية أمامه وزادت حيرته وقلقه وريبته، فكم من العلماء متشكك؟! وكم من مفكرمرتاب؟! وكم من الشخصيات القلقة الخاضعة تحت سلطان الشك؟!
ولكن البعض يواجه هذا الطوفان العارم بالهروب إلى التسليم الأعمى، ومنهم من يفر منه باشغال نفسه وطرد هذه الوساوس، ومنهم من يتغلب سلطان الشك عليه فيرديه صريعًا كالقصيمي مثلًا.

والفرق بين القصيمي وغيره أن القصيمي -كما يقول هذا الرأي- أمتلك الشجاعة الكافية لمواجهة الجمهور المتعنت المتعصب، وغيره خاف الفضيحة أو خاف من مغرم أو على مغنم.

والحقيقة أن هذا الرأي يجانب الصواب كثيراً، فالمقطوع به أنه كلما إزداد الإنسان تعمقاً في الحق كلما عرفه أكثر وتمسك به أكثر، وقد يكون هذا الرأي صحيحاً إذا ما قيس بالدين الفاسد أو الباطل، فحينما يتعمق الإنسان فيه يزداد يقيناً بفساده وبطلانه، فالقضية ليست قضية علماء الدين بقدر قضية الدين نفسه، وهل هو دين حق أو باطل؟ وذلك ينطبق على جميع الأشياء الفكرية والنظرية وغيرها.

وحينما يقال عن الفيلسوف اليهودي المرتد (اسبينوزا): "أنه عالم دين وأن سبب إلحاده هو دينه نفسه"، فهذه المقولة صحيحة ولا غبار عليه، بل إنني أعد ذلك شهادة من هذا المفكر على أن الأديان المحرفة تحمل في طياتها بذور الشك والانهيار، وما (اسبينوزا) وغيره إلا خير شاهد.

والفرق بين الدين الحق والأديان الباطلة هو ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية مفرقاً بذلك بين الإسلام وغيره حيث قال: "الإسلام يأتي بما تحتار فيه العقول، لا ما تحيله".

وهذه هي النقطة الجوهرية، وهي حجر الزاوية وقطب الرحى في قولنا السابق، فالإسلام لا يعلم الناس المحالات العقلية أبدًا، بل أعظم عقائده فطرية يقينية تسلم بها جميع العقول على تفاوت إدراكاتها، فالعقائد في الإسلام واضحة سلسلة يسلم بها العقل وتذعن لها النفس.

الرأي الثالث: مفاده كما يقول الشيخ ابراهيم النجدي في كتابه: "لقد استغرب الناس انقلاب هذا الرجل بهذه السرعة، وانسلاخه من آيات الله التي تظاهر بنصرها من قبل، فذهبوا يتساءلون عن الأسباب التي أحدثت هذا الانهيار الخلقي والانقلاب المفاجيء الغريب، والانسلاخ البلعامي المنكر، لأن هذا الرجل كان يتظاهر قبلًا بنصر السنة وقد ألف في ذلك كتبًاً معروفة، وذهبوا يعللون هذا التراجع والتقهقر تعليلات شتى بحسب ما يظهر من القرائن، فعلل كثير بأنه أرتشى من بعض الدعايات المحاربة للأديان).

وخلاصة هذا الرأي: أن القصيمي انقلب رأسًا على عقب بسبب رغبته في المال، فارتشى من أجل ذلك، مع أني أرى أنه مستبعد قليلًا، خاصة إذا عرفنا أن القصيمي كان يناصر دولة فتية غنية بترولية، ثم نقول ماذا جنى القصيمي من الأموال نتيجة إلحاده؟! لقد شرد وطرد وهام على وجهه من بلد إلى بلد، ومات منفيًاً وحيدًاً، ثم إن هذه صفة البرغماتية أستبعدها عن القصيمي من خلال تصفحي لإثاره وأثار خصومه.

فهذا الشيخ ابن عقيل الظاهري يقول عنه: "ولا أنكر أن القصيمي كان مخلصًاً في إلحاده أول الأمر لشبهة عرضت له، وقد لاقى من ذلك مضايقة ومطاردة"، ولندع القارىء الكريم يقرأ بنفسه ما كتبه القصيمي بخط يده يحكي فيه عن خواطره واعترافاته..

يقول القصيمي: "إن ذكرى تفيض بالمرارة والحسرة تعاودني كلما مر بخاطري عصر مشؤوم قضيته مسحورًا بهذه الآراء -يقصد الدين- وكنت أفر من الحياة ومما يعلي من قيمة الحياة، فقد كنت لا أجد ما يحملني على أن أرفع قدمي لو علمت أني إذا رفعهتما تكشف ما تحتها عن أعز ما يتقاتل عليه الأحياء، كان الغرور الديني قد أفسد عليّ كل شعور بالوجود وبجماله، وكنت مؤمنًا بأن من في المجتمع لو كانوا يرون رأيي ويزهدون زهدي لوقفت الأعمال كلها، وكنت لا أخالق إنسانًا رغبة فيما يتخالق الآخرون من أجله، وكان شعاري في تلك الفترة قول ذلك المغرور المخدوع مثلي:



إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والآنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب


وكان يخيل إلي وإلى غروري الديني الأعمى أنه لا قوة كقوتي، لأن الله معي واهب القوى، فليقول العالم كما يشاء، وليجمع من الأسباب ما طاب له فإن ذلك كله لا قيمة له ولا خطر بالنسبة إلي من استقوى بقوة الله".

فأنت تلاحظ يا أخي القارئ أن القصيمي -كما يقول- قد سلك مسلكًاً ليس هو حقيقة روح الإسلام بل هو أقرب إلى الرهبانية والتي ما أنزل الله بها من سلطان.

ولكن ما يهمنا هنا هو مدى مصداقية القصيمي، فأنت تلاحظ أنه وكما ذكرنا سابقًا كان صادقًا مع نفسه متحمسًاً للدين والدفاع عنه، والزهد والتقشف الشديد بدرجة لا تطاق، وهكذا كانت لتلك الحالة ردة فعل قاسية عليه، وكما يقال فإن لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار معاكسة له في الاتجاه، ولذلك جاء في الحديث الشريف: «أوغل في الدين برفق ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» (صحيح البخاري:39).

الرأي الرابع: مفاده أن القصيمي لما ظهر أمره وسطعت شمسه ذاع صيته، أغتر بنفسه، وداخله الكبر والكبرياء، فكان عاقبة كبره وغروره أن خذله الله وتركه ونفسه فآثر الخلود للدنيا فسقط مع الساقطين لما انقطع منه توفيق الله.

وهذا الرأي القويّ يقدم شواهدًا محسوسة تدعمه، ومن ذلك: قول القصيمي في مقدمة كتابه (الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم) مادحًاً نفسه:



لو أنصفوا كنت المقدم في الأمر *** ولم يطلبوا غيري لدى الحادث النكر
ولم يرغبوا إلا إليّ إذا ابتغوا *** رشادًا وحزمًاً يعزبان عن الفكر
ولم يذكروا غيري متى ذكر الذكا *** ولم يبصروًا غيري لدى غيبة البدر
فما أنا إلا الشمس في غير برجها *** وما أنا إلا الدر في لجج البحر
متى جريت فكل الناس في أثري *** وإن وقفت فما في الناس من يجري


وقال مرة يثني على نفسه بأبيات ركيكة بعد أن قرأ كتابًا للمتنبي فكتب على هامشه:



كفى أحمدًاً أني نظرت كتابه *** لأن يدعي أن الإله مخاطبه
ولو شامني أني قرأت كتابه *** لقال إله الكون إني وخالقه



وقال مرة يثني على نفسه:
ولو أن ما عندي من العلم والفضل *** يقسم في الآفاق أغنى عن الرسل



وقد لاحظ العلماء هذا الغلو في الثناء على الذات، فنبه الشيخ (عبد العزيز بن بشر) أن صاحب هذا الكلام منحرف عن الإسلام، كما وبخه الشيخ (فوزان السابق) ووبخه أيضًاً الشيخ (عبد العزيز بن راشد) وأخبره أن هذا كفر وضلال وأنه بهذا البيت ينشر لنفسه سمعة خبيثة، فتراجع القصيمي وحذف هذا البيت الأخير، بعد أن انتقده الناس وعابوه ووبخوه.

ولما ألحد القصيمي لم يترك طبعه هذا بل استمر عليه بشكل أبشع وأكبر، فهو يقدم كتبه الإلحادية بعبارات المديح والغطرسة اللامحدودة، ففي كتابه (هذه هي الأغلال) كتب في الغلاف الخارجي عبارة: "سيقول مؤرخو الفكر إنه بهذا الكتاب بدأت الأمم العربية تبصر طريق العقل".

وداخل الكتاب قال القصيمي عن كتابه: "إن ما في هذا الكتاب من الحقائق الأزلية الأبدية التي تفتقدها أمة فتهوى، وتأخذ بها أمة فتنهض، ولن يوجد مسلم يستغني عن هذه الأفكار إذا أراد حياة صحيحة".

الرأي الخامس: وينطلق هذا الرأي من القاعدة الفيزيائية القائلة: "لكل فعل ردت فعل مساوية له في المقدار معاكسة له في الاتجاه"، وتفسير هذه النظرية كما يلي، تقول: "أن عبد الله القصيمي -وغيره- كان في طبعه وفي تركيب مزاجه الاندفاعية والثورة، فهو من ناحية حيوية نفسانية جسدية مفعم بالتمرد والثورة والاندفاع، والقوة والهيجان الشديد، وكان قبل إلحاده متمردًا ثائرًا ضد أعداء الدين بشكل عنيف، يشتم هذا ويكفرهذا ويلعن هذا ويسخر من هذا، ويحطم هذا ويمرغ بهذا، وهكذا...!

إندفاع شديد وقوي ومفعم بالتولد الثوري الدائم، فعبد الله القصيمي -أو من يشابهه- لا يمكن أن يركن أو يسكن فهو دائمًاً دائب كالآلات الشيوعية في عمل دائب دائم، لا بد له من صراع مع أحد ولا بد أن يفتك بشيء، بالأمس كان صراعه مع الوثنية واليوم صار صراعه مع الإسلام".

فطبيعة تركيبه العقلي والنفسي تقضي عليه بأن يكون متطرفًاً سواء لليمين أو لليسار، للإيمان أو للشيطان.
وصدق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال: «إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه».

وكم رأيت أنا من الشباب الذين كانوا في قمة العربدة وفي نهاية التطرف، وإذا بهم ينقلبون (180%) إلى متدينين أقوياء وأحيانًا أكثر من اللازم، وكم رأيت أيضًاً من الشباب المتطرف التكفيري الأهوج الأحمق وقد أنقلب رأسًاً على عقب إلى ماركسي أو ليبرالي أو لا ديني..!

ونذكر هنا شاهدًا من أقوال القصيمي نفسه التي كتبها قبل إلحاده على هذا الرأي، والذي يدلل على طبع القصيمي المتأصل فيه وأنه كان متطرفًا متمردًا ثائرًا لاعبًا مستهترًا، يرى دائمًا أنه في معركة ولا يهمه مع من تكون.

يقول القصيمي في كتابه (شيوخ الأزهر) بعد أن أزرى بشيخه وأستاذه ومعلمه الكفيف الشيخ (يوسف الدجوي) بسبب خلاف شخصي بينهما تطور وانتقل إلى الكتب والصحف والمجلات، يقول القصيمي متحدثًا عن شيخه: "وكأني بالدجوي المغرور عندما يرى هذه البراهين إن كان يرى التي ما كانت تخطر على فؤاده، إن كان له فؤاد يغضب ويصخب ويشتم، ويقول ماهذه البلوى؟ ما هذه المحنة التي خصصت بها؟ ما هذا النجدي الذي يريد أن يأكلني ويشربني؟ ما هذا العربي الذي منيت به لينزلني من منزلتي، التي ارتقيتها بلقبي وكتبي وراتبي ورتبي، وغفلة أهل العلم والفهم عني؟ ويقول يا ليتنا أرضينا هذا النجدي وأسكتناه عنا ولو بملء فيه درًاً، ولو بكل ما نأخذه من راتب، وما نملكه من متاع، ويقول كنا حسبنا أننا قضينا عليه وألجمنا فاه بفصلنا إياه من الأزهر... إلخ".

أخي القارئ: ها أنت تلاحظ القصيمي هو هو، لم يتغير في أسلوبه وطريقة تفكيره، اليوم يشتم شيخه المسكين الضرير يوسف الدجوي ويقول عنه: "مغرور -إن كان يرى- إن كان له فؤاد"، وتجد توافق عجيب في لغة الخطاب التي يوجهها للشيخ الدجوي بالأمس ولغة الخطاب التي وجهها لله سبحانه بعد إلحاده، الاختلاف فقط كان في مرمى الهدف، فكان بالأمس شيخه الضرير يوسف الدجوي، واليوم صار مرماه الله جل جلاله.

فنسأل الله العافية والسلامة، ونسأله التوسط الحقيقي بالتمسك الحقيقي بنصوص وروح القرآن والسنة كما تعلمناها من النبي صلى الله عليه وسلم، وكما نقلها لنا أصحابه، وأهل بيته والتابعين لهم بإحسان رضي الله عنهم جميعا.

الرأي السادس:
ويتجه هذا الرأي إلى أن القصيمي كان من طباعه ركوب الموجات الفكرية في عصره، فحينما كانت الفرصة مناسبة للموجة السلفية ركبها وانتفع بها، حتى استنفذ أغراضه منها، فلما برزت موجات أخرى كالقومية واليسارية والشيوعية وغيرها، وظهرت قوتها الصحفية والإعلامية، توجه القصيمي لها وركب موجتها واستغل منابرها الصحفية.

فهذه كما ترى مجموعة من المحاولات لفهم السبب الحقيقي وراء انقلاب عبد الله القصيمي، يمكن أن ترفضها كلها ويمكن أن تقبل منها ما تشاء، ويمكن أن تجعلها جميعاً أسبابًاً تظافرت بمجموعها في إضلال القصيمي عن الصراط المستقيم.

- كتب وجهود عبد الله القصيمي بعد إلحاده:
أول انحراف ظاهري للقصيمي كان في كتابه (هذه هي الأغلال) ثم تلتها مجموعة كبيرة من المؤلفات، ومن مؤلفات القصيمي بعد إلحاده:

(1) هذه هي الأغلال.
(2) الإنسان يعصي لهذا يصنع الحضارات.
(3) لئلا يعود هارون الرشيد مرة أخرى.
(4) فرعون يكتب سفر التاريخ.
(5) كبرياء التاريخ في مأزق.
(6) هذا الكون ما ضميره؟
(7) أيها العار إن المجد لك.
(8) العرب ظاهرة صوتية.
(9) العالم ليس عقلاً.

ويعد هذا الكتاب من أخطر كتبه وهو خلاصة فكره الإلحادي، وله أسماء أخرى، مثل:
(صحراء بلا أبعاد، عاشق لعار التاريخ، أيها العقل من رآك).

ويلخص المفكر الشيخ ابن عقيل الظاهري الأفكار التي تدور حولها هذه الكتب فيقول:
"ومدار هذا الغثيان على العناصر التالية:
- إنكار الحقيقة الأزلية وما غيبة الله عن خلقه.
- مهاجمة الأديان والأنبياء.
- الإستخفاف بالموهبة العربية.
- التحدي للقضايا العربية والإسلامية.
- التغني بآلام الإنسان وتعاسته".

وقد اجتمع عبد الله القصيمي بالمفكر الإسلامي سيد قطب، وحاول الأول احتواء الثاني ولكنه فشل في ذلك، وقد اكتشف سيد قطب خبث القصيمي فهاجمه، وعراه بكل قوة في مقالات متعددة نشرة في المجلات والدوريات.
كما تحدث عن القصيمي الشيخ زاهد الكوثري واتخذه بابًاً لمهاجمة السلفية، كما فعل ذلك أيضا الشيخ محمد جواد مغنية.

وقد اجتمع القصيمي بالأستاذ حسين أفندي يوسف ونشر عنه مقالًا في مجلة النذير جاء فيه:
"أنه حدثه أحد الثقات أنه لقي القصيمي فقال له: "من أين أقبلت"، فقال: "من عند هدى الشعراوي".
فقلت له مستغربًا: "هدى الشعراوي؟"، فقال: "نعم".
فقلت: "وماذا تصنع عندها؟"، فقال: "تعلمت منها علمًاً لا يعرفه علماء الأزهر".
فقلت: "وماذا تعلمت منها؟"، فقال: "تعلمت منها كيف أحطم الأغلال".
قلت: "أي أغلال تعني؟"، قال: "أعني هذا الحجاب".

القصيمي وجيش الإنقاذ..
جيش الإنقاذ هو جمعية يديرها عبد الله القصيمي، مطالبها وأغراضها أن تجمع وتؤلف جمعًا، لا فرق بين يهوديهم ولا نصرانيهم، وبلشفيهم ومسلمهم، وأن تضم إليها جميع النساء وأطلقوا عليهن اسم (المجندات) واتخذت لها دار في شارع بالقاهرة.

تقويم لعلمية عبد الله القصيمي..
من خلال اطلاعي على كتب القصيمي قبل وبعد إلحاده، وصلت إلى نتائج قد سبقني إليها أُناس كثيرون هم أعلم وأخبر مني به، ومن أهم هذه النتائج التي تتعلق بتقييم لعلمية ومنهجية عبد الله القصيمي ما يلي:
(1) أن القصيمي أوتي بيانًاً رائعًاً، وحرفًا رنانًاً له جرس في الآذان المصغية، ساحرًاً في أسلوبه الأدبي، مصور يجيد رسم الصور الخيالية البديعة، يستطيع اللعب بالعبارات كيفما شاء وبكل عبقرية فذة.

يقول عنه ابن عقيل الظاهري: "مفكر مليح الأسلوب، في أسلوبه طراوة، مع ضعف في اللغة، والقدرة على المغالطة والإثارة، مسرف في الخيال، ومتقن رسم الصور، أديب ساحر".

(2) هناك خلل منهجي عند القصيمي، وقد يكون متعمدًا، فهو لا يثبت في كتابه مرجعًا رجع إليه، وهذا دليل على سرقاته العلمية الكثيرة، فمثلًا كتابه (البروق النجدية) عبارة عن تصفيف وانتحال لكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية (التوسل والوسيلة) وهناك فصل ضخم عن الإيمان اقتطعه من كتاب الأستاذ عبد المنعم خلاف، ولم يشر إلى ذلك مطلقًا، وله نصوص شعرية حرف فيه الكثير، وله نقولات كثيرة اقتطعها وحرف فيه الكثير.

وأما بالنسبة لمعرفته وإلمامه بالفلسفة، فيقول عنه ابن عقيل الظاهري: "لقد قرأت كتب القصيمي بتمعن فلم أجد له فكرًاً متحررًاً من بصمات أساطين الكفر والإلحاد، وهو لم يفهم حججهم ولم يحذق مناهجهم، وعبد الله أديب يفهم الفكر بإجمال، وليس فيلسوفًا مستوعبًا، وليس موهبًاً فطري التفكير".
والخلاصة أن القصيمي في الفلسفة ليس مبدع ولا مستقل بل هو عالة يقتات على ما يفهمه من كلام فلاسفة الغرب.

(3) القصيمي ليس فيلسوف بل مسفسط مغالط.. فهو لا يصدر في نقاشاته عن منهج منطقي له أصول معلومة وناضجة، متناقض بشكل ظاهر وكبير، وأفكاره غير واضحة وغير مرتبه، فتارة شيوعي مادي وتارة إباحي غربي، ومرة صهيوني عميل ومرة ومرة ومرة..، يغالط ويجيد فن الهروب من المسمسكات التي يفحم عندها، يستغل الأسلوب الأدبي في تمويه رأيه على طريقة الرمزية، كلامه هو عبارة عن دعاوى عريضة بلا برهان ولا دليل، يجرد المقولات من مذاهبها، ويفسر الألفاظ على هواه ليضلل عوام وأنصاف المثقفين، القصيمي يستغل الوضع الراهن من ضعف وذلات العرب والمسلمون ليبرر الانحلال من الإسلام والخروج والانعتاق من الأديان.

أمثلة من النصوص التي كتبها عبد الله القصيمي:
(أ) نصوص كتبها قبل إلحاده:
- يقول القصيمي في كتابه (الصراع) تحت عنوان (الشعاع الهابط):
"في سنة (؟) ميلادية فصلت الأرض من السماء فصلًا تامًاً، وغلقت جميع أبواب السماء دون الأرض وأهلها، وفزعت الأملاك إلى أقطار السماء، وانقطع ذلك المدد الروحي الذي تعان به الأرض وأهلها على اجتياز ظلمات المادة وفسق المادة، وكثافات المادة سيرًا إلى عالم الأرواح ومستقر الروحانيين.
وفي ذات ليلة من عام (610م) بينما كان الكون ساكنًاً صامتًاً، والأشياء راكدة مصغية متوجسة تتوقع حدوث أمر عظيم، انفتحت فرجة من السماء تعلقت بها الأبصار، انبعث منها شعاع قوي وهاج فهبط على غار يقيم هنالك في جانب من جوانب قرية تقع هنالك في جانب خامل مهجور من جوانب أركان الأرض الخاملة المهجورة، يقيم في ذلك الغار رجل لا كالرجال يحمل نفسًا لا كالأنفس وقلبًا لا كالقلوب.. فكان الشعاع الهابط هو الإسلام، وكان الغار هو حراء، وكان هذا الرجل هو منقذ الإنسانية الأكبر من كبوتها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم".

- ويقول في كتابه (مشكلات الأحاديث النبوية):
"اللهم إنا نسألك الإيمان والطمأنينة، ونعوذ بك اللهم من الشك والحيرة، ونهدى لك أتم الحمد والثناء، فهذا بيان لأحاديث صحيحة اشكلت على كبار العلماء، فعجل فريق فكذبها وردها وتحامل عليها، فجرأ العامة وأشباه العامة على أن يكذبوا كل مالم يحيطوا بعلمه، فزاد كلامه أهل الشك شكًا وريبة، وضل فريق في الشك والحيرة، فرغب عن الدين وأوغل في الشهوات والملذات، ونحن نسأل الله السلامة من ذلك كله، كما نسأله لنا الرشاد والهداية فيما فعلنا وفيما سوف نفعل".

- ويقول في كتابه (البروق النجدية):
"اعلم ألهمني الله وإياك الرشاد وجنبنا طريق الغي والفساد، إن العلم أفضل طلبة، وأعظم رغبة، ونحن في زمان هرم خيره، شباب شره نائم رشاده صاح فساده، فهذه المجلات الشهرية والأسبوعية والجرائد اليومية مفعمة بالإلحاد والفجور من الطعن على الله ورسوله ودينه وأفعاله، وإلى الدعوة إلى حانات الخمر وبيوت الرقص والعزف والربا والقمار، كأنهم في بلد لا يوجد به مسلم ولا كتاب إلهي ولا من يقر بالصانع! ولا الجامع الأزهر، حتى عم المصاب وعظمت البلية".

- ويقول في كتابه (الثورة الوهابية) ما ينم عن قناعة داخلية بأصالة الأخلاق والفضيلة، وإن تنكر لها بعد الإلحاد:
"فحذار أيها العربي هذه الآفات وما يمس الأخلاق أو المعنويات الطيبة، فما كالأخلاق مفقود، ولقد علم الناس أن الأمم الظالمة المعتدية لا تقدم على غزو الأمم الضعيفة بالعدوان المسلح، حتى تغزو أخلاقها ومعنوياتها فتنهكها وتضعفها وترميها بالفشل، ثم تغزوها بالحديد والنار، فلا تجد حينذاك مقاومة ولا دفاع، أعني أنها تعمد إلى قوة الأمة المعنوية فتحطمها وتشذبها من أطرافها، تارة بإفساد عقائدها بالشكوك والريب، وتارة بإفساد أخلاقها بجلب الفجور وعرض الفجور".

ويقول أيضا: "وربما قال البعض: إن الرد على الملحدين لا يجدي شيئًا، لأن من دخل حظيرة الإلحاد فهيهات أن يغادرها، وهو احتجاج ضعيف مهين، فإن من ذاق حلاوة عقيدة التوحيد ولباب الإخلاص فهيهات أن يعافها، فلم أسمع أن رجلًا دخل مذهب الموحدين وتطهر قلبه من أرجاس الشرك فخرج منه ونكص عقبه".

(ب) نصوص ما بعد إلحاده:
يقول: "طبيعة المتدين غالبًاً طبيعة فاترة فاقدة للحرارة المولدة للحركة المولدة للإبداع، ومن ثم فإنك غير واجد أعجز ولا أو هى من الذين يربطون مصيرهم بالجمعيات الدينية".

ويقول: "وقد اتصف أولئك -أي الغربيون- الذين جاؤا بالمخترعات التي نحيا بها هذه الحياة على حسابها بمعين من هذا الإيمان بالطبيعة، وإن أولئك -المتدينين- يريدون كل شيء من السماء".
ويقول: "إن المسلمين تعلموا كيف يبغضون العلوم، والكافرين تعلموا كيف يغزون الجهل".
ويقول: "أنه من الخير والصواب ألا يميز بين الرجال والنساء في الزي ولا في العمل".
ويقول: "من ذلك عملية الخصاء ولعل إلزام المرأة البيت لا يقل جهالة عن هذه العملية".

يقول القصيمي على غلاف كتابه هذا الكون ما ضميره: "أنت نبي أو كاتب، أو معلم أو داعية، أو أديب، أو شاعر، أو مفكر، أو وجد، أو خطيب، أو محاور، أو متكلم عربي، إذا أحذر هذه الأثام أو الجرائه".

ويقول في غلاف كتابه الوجه الآخر:
"إن الإنسان المثل الذي يجب أن يكون هو زنديق العقل قديس النفس والأخلاق هو العاصي المتمرد المحارب بتفكيره".
ويقول تحت هذا العنوان "في غار حراء لم أجد الإله ولا الملاك":
"ذهبت إلى الغار غار حراء.. غار محمد وإلهه وملاكه، إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس، ذهبت إليه استجابة للأوامر، دخلت الغار، دخلته.. صدمت.. ذهلت.. فجعت.. خجلت، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي، أهذ هو الغار.. غار حراء، هو الذي لجأ وخبأ فيه الإله كل التاريخ؟ ذهبت إليه إلى الغار غار القرآن المغلق والهادم لكل غار قبله، ولكل غار بعده لأنه يجب أن يكون هو كل غار وآخر غار والغائر والغيور من كل غار..

ذهبت إلى الغار الذي ولد وورث وعلم ولقن وألف وحرض وخلد أقسى أقوى أغبى وأجهل وأدوم إلهيات ونبوات وديانات ووقاحات ووحشيات، نعم ذهبت إلى الغار في طوفان من الانفعالات التي لا يستطيع تحديدها أو ضبطها.. جاء إلي ملاك الوحي، جاء إلي بوجه وطلعة وملامح وتعبيرات وحركات وكلمات واعترافات، لا بد أن توقظ وتحرك وتهز وتخيف وتفجع بلادة وخمول ونوم وموت وصمم وأمن الإله، هكذا كان ملاك الوحي ومن معه يتكلمون، تحت حوافز الصدق والتقوى وبنياتهما أن يفعلوا ذلك تائبين ونادمين لا أن يفعلوه كما يفعله الإله حين يعلن ويعترف بكل السذاجة أو البلاهة أو الوقاحة أو السفاهة، أو بالتفسير الذي لا تفسير له أنه المريد المخطط الفاعل لكل شيء..

كم هو فظيع أنها لم توجد منظمات ومحاكم عالمية بل كونية يتألف قضاتها وشهودها من كل الشموس والنجوم،
لكي تحاكم توراة الإنسان وإنجيله وقرآنه على قسوته وفحشه ووقاحته وبلادته، لقد مات هذا الغار... لقد مات بأسلوب الانتحار لأنه أوحى إلى الإنسان العربي.. إلى النبي العربي ما أوحى.. ماذا أوحى إليه؟ هل تستطيع كل الحسابات والإحصاءات أن تحصي أو تحسب الخسران الذي أصاب الحياة والإنسان من هذا الوحي والإيحاء؟
هل أساء أي إله إلى نفسه مثل إساءته إليها بإيحائه ومخاطبته ومحاورته للإنسان العربي..

آه يا غار حراء..! هل وجد أو يمكن أن يوجد فاضح لآلهتك وأنبيائك وأبنائك، أو فاضح لك بآلهتك وأنبيائك وأبنائك مثل إسرائيل؟ اسمع يا إلهي.. اسمع بآذان غير آذانك التي جربناها وعرفناها، لقد كان من صنع لك يا إلهي أذنيك أعظم فنان، أي جعله لهما بلا وظيفة بل ضد الوظيفة المفروضة فيهما! إني يا إلهي سأسأل هذا السؤال حتى دون أن تأذن أو تغفر بل حتى لو كان محتومًا أن تقاسي من الغضب والحيرة والعجز والافتضاح.
لقد جئت يا إلهي في حجم ترفض كل الأحجام أن تكونه أو تكون شيئًا منه أي في حجمه المادي أو المعنوي إنك يا إلهي بلا أي حجم.. إلخ".

ويقول القصيمي تحت عنوان (لماذا يسارع المتخلفون إلى الدخول في الإسلام؟)
يقول: "أعلن النبي محمد أنه آخر الأنبياء، وأنه بمجيئه قد أغلق أبواب السماء لئلا تتصل بالأرض، أو تتحدث إليها بالأسلوب الذي تحدثت به إلى الأنبياء، بعد أن قرأ ورأى وعرف ضخامة وفظاعة عدوان السماء على الأرض وتشويهها لها بإرسال من تسميهم بالأنبياء إليها، بعد أن عرف قبح عدوان الأنبياء على الأرض لمعرفته بقبح عدوانه هو عليها، فالنبي محمد يعني إعلان خطيئة مجيء الأنبياء والنبوات، وإعلان التوبة الصادقة الحاسمة من ذلك، مع كل الاعتذار إلى الحياة التي ما أقسى أطول ما تعذبت وتشوهت وقبحت وتقبحت، وجهلت ورذلت ونذلت وهانت وحقدت، أبغضت بمجيئهم ومجيئها -أي بمجيء الأنبياء والنبوات- لو كان الإله يعاقب الوثن على قدر كونه وثنًا لما وجد أو عرف عقابًا يكفي لمعاقبة النبي العربي ولمعاقبة النبوة العربية..

هل يمكن تصديق بأن وثنية التوحيد هي أضخم الوثنيات، وبأن جميع الوثنيات لا تستطيع أن تنافس الوثنية التي جاء بها نبي التوحيد محمد معلمًا ومنفذًا لها؟ هل وجد واصف هجا نفسه وموصوفه مثلمًا فعل محمد في وصفه لإلهه؟ كيف وصف النبي العربي محمد للإله، لمكره وخداعه وكيده ولحبه وبغضه ورضاه وغضبه ولسروره وكآبته وعداوته وشهواته وممارساته، أنه لم يوجد ولن يوجد هاج مثل النبي محمد في هجوه للإله..

ولو وجد من يحتاج إلى مزيد من الاقتناع بذلك لوجب أن يقرأ كتاب العرب (القرآن) لتغرق اقتناعًا بأن محمد النبي في مديحه للإله ليس إلا شاعرًا عربيًا يمدح سلطانه، بل لكي تغرق اقتناعًا بأن القرآن هو أشهر وأضخم وأقسى وأفدح وأفضح كتاب امتداح وهجاء وافتخار وادعاء، وبأنه قد كان وسوف يظل بلا منافس في فضحه وافتضاحه، القرآن أقبح وأفظع وأوقح وأنذل الأساليب والصيغ... إلخ".

واكتفي هنا بسرد عناوين بعض الفصول في كتابه هذا..
- نحن خير أمة أخرجت للناس ولكن لماذا؟
- لماذا لا نجد مسيحًا ولاسقراطيًا عربيًا؟
- السماء تستورد الإلهة.
- أرفض أن يجىء القرآن.
- احتلال الإله لعقولنا أفدح أنواع الاحتلال.
- ارحموا الإله... إلخ..
هذه بعض النصوص التي ضمنها القصيمي كتابه (هذا الكون ما ضميره؟).

وهكذا يمضي القصيمي في جنونه وعتهه وفي سعاره الذي لا ينتهي، ولو خشيت أن أجلب الغثيان للقارئ لزدته من ذلك التقيؤ الشيء الكثير، وأعتذر إليكم جميعًا في هذا النقل المقزز والمقذع، ولكن لكي تكون هذه حجة على من يدافع عن عبد الله القصيمي ويبررله.

وقفه مع نقاد عبد الله القصيمي..
هذه وقفات مع بعض النقد الذي وجه إلى عبد الله القصيمي من أقطاب الفكر الماركسي والقومي، والحداثي وغيرهم، حيث شهدوا بأن القصيمي عنده أزمة نفسية، ولذا فهو يدمر كل شيء لأنه أصلًا مدمر روحيًاً ونفسيًاً، مدمر من كل ناحية.

(1) يقول حسين مروة (اشتراكي قومي): "يبدو لي أن أول ما ينبغي إيضاحه منذ الآن، هو أنه لم يكن عسيرًا علي، وليس عسيرًا على أي قارئ غيري، اكتشاف كون المؤلف (عبد الله القصيمي) خاضعًا في معظم أفكاره وتأملاته وخواطره إلى عدد من الضغوط النفسية والفكرية العنيفة، التي يصح أن نجعلها كلها في حالة أو وحدة تؤلف ما نسميه بالأزمة، إذا لم نسمها عقدة ".

(2) ويقول أدونيس (شيخ الحداثيين):
"عبد الله القصيمي لا تستطيع أن تمسك به، فهو صراخ يقول كل شيء ولا يقول شيئًا، يخاطب الجميع ولا يخاطب أحدًا، إنه الوجه والقفا".

(3) ويتحدث مخائيل نعيمة عن كتاب القصيمي (العالم ليس عقلًا) فيقول: "إنه كتاب هدم ونفي من الطراز الأول، هدم الآلهة والأخلاق والفضائل والثورات والمثل العليا والغايات الشريفة، ولا عجب فأنت في أول فصل تنفي أن يكون لوجود الإنسان أي معنى، والذي لا يعرف لوجود الإنسان ولعبقريته أي معنى كيف يكون لكلامه أي معنى؟ إن قلمك ليقطر ألمًا ومرارة واشمئزازًا وحقدًا على خنوع الجماهير لا العباقرة، ولو كان لمثل حقدك أن تصنع قنبلة لكانت أشد هولا من قنبلة هيروشيما".

شهادة القصيمي على نفسه بالمرض النفسي..!
وهذه نصوص ننقلها لكم من كتاب القصيمي (العالم ليس عقلًا) تبين مدى انهياره النفسي والعاطفي، وما أصابه من عقد وأزمات تخفي وراء الألفاظ الجميلة الأدبية ما تخفيه من ألم الحرمان، وصراع المرض النفسي.
يقول القصيمي تحت عنوان (قصيدة بلا عروض): "إن كل دموع البشر تنصب في عيوني، وأحزانهم تتجمع في قلبي، وآلامهم تأكل أعضائي، ليس لأني قديس، بل لأني مصاب بمرض الحساسية!".

ويقول: "دعوني أبكي فما أكثر الضاحكين في مواقف البكاء، دعوني أحزن فما أكثر المبتهجين أمام مواكب الأحزان، دعوني أنقد فما أكثر المعجبين بكل التوافه، دعوني أحتج على نفسي".

ويقول وهو يقصد نفسه: "لا تسيئوا فهمه لا تنكروا عليه أن ينقد أو يتهم أو يعارض أو يتمرد أو يبالغ أو يقسو، إنه ليس شريرًا ولا عنيفًا ولا عدوًا ولا ملحدًا، ولكنه متألم حزين، يبذل الحزن والألم بلا تدبير ولا تخطيط، كما تبذل الزهرة أريجها أو الشمعة نورها، لقد تناهى في حزنه وضعفه حتى بدا عنيفًا، ليس نقده إلا رثاء للعالم ورثاء لنفسه، بل ليس نقده إلا تمزقًا ذاتيًا".

ما هو موقف الناس من القصيمي؟
يقف الناس بالأمس واليوم من عبد الله القصيمي وقفات مختلفة، يمكن أن نوجزها فيما يلي كما يقول بعض الباحثين:

(1) أناس استنكروا واشمأزوا وقرفوا من القصيمي وآثاره، وحجتهم أنه رجل ارتد إلي الإلحاد بعد الإيمان بالله، وبعد الاندفاع في تعظيم القيم الروحية، وأنه بلغ حدًا بعيدًا في التطاول على المعتقدات الدينية والروحية والتراث الأخلاقي، وراح يدعو جهرة إلى الإلحاد والهدم، بروح ملؤها النقمة على كل شيء.

(2) وأناس آخرون قرأوا ما كتبه القصيمي بكثير من السخرية، واتهموه أنه مجنون، أو أنه مصاب بمرض نفسي، وحجتهم أن ما يكتبه كله متناقض، كل سطر ينقض الذي قبله، وهذا فريق استمسك بأحكام المنطق والعقل.

(3) وفريق ثالث قرأوا ما كتبه القصيمي بإعجاب لأنه أتى بما لم يأت به أحد قبله على حد تعبيرهم،
وهذا فريق من الشباب الناشئ الذي لم يؤت ثقافة واسعة يستطيع أن يرد الأمور بها إلى نصابها.

ويمكن أن نبين هذا التقسيم أكثر كالتالي:
(أ) فئة يمثلها العلماء والمشايخ وكبار المفكرين الإسلاميين، وهذه الفئة لما نظرت في فكر القصيمي وتطاوله على الذات الإلهية، وطعنه في النبي صلى الله عليه وسلم، وطعنه في الدين، حكمت بضلاله وكفره وارتداده بما قام لديها من براهين وأدلة من مقالاته وكتابته تدل على انسلاخه من الدين، وانعتاقه من ربقة الإيمان.

وهذه الفئة لم تعول كثيرًا على الطرح الأدبي أو الجانب العقلي التحليلي النقدي، بل ركزت على صلب الموضوع أساس الحكم، وهو عقيدة الرجل في الله والرسالة والدين، فوجدته ينقض كل ذلك بكلام واضح جلي لا يمكن تأويله أو حمله على وجه حسن.

(ب) فئة يمثلها جهابذة النقد الأدبي والعقلي والمنطقي، من تيارات مختلفة ومتباينة (كالشيوعية، والاشتراكية، والليبرالية، والحداثية) وهؤلاء نظروا لإنتاج القصيمي من ناحية حكم العقل والمنطق، ووصلوا إلى أن فكر الرجل سطحي ومبعثر ومتناقض ومضطرب، ولا يعد فكرًا أكثر من أن يعد أوهام نفسية، واضطرابات عقلية.

(ج) فئة يمثلها الشباب المندفع في أحضان الفلسفات الغربية، والمعجب بالثورة على كل شيء، كما يمثلها أصحاب المراهقة الفكرية أو العبثية، وهذه الفئة تنظر إلى القصيمي كمثال التحرر والثورة والانطلاق.

القصيمي وإعادة نشر رفات الأموات..
بدأت ألاحظ هذه الأيام اهتمام متزايد بشخصية عبد الله القصيمي!
ليس اهتمامًا علميًا ينقد فكر الرجل وإنتاجه كلا... بل هو اهتمام دعائي إعلامي، يروج لفكر عبد الله القصيمي، ولشخصيته، غاضًا النظر عن حقيقة الرجل وخطورته وتهافت أطروحاته.

وهكذا بلينا في عالمنا الإسلامي -وللأسف- بثلة من الصحفيين ليس لهم هم إلا إخراج فرقعات وفقاعات إعلامية ليس لها هدف إلا الإثارة، دون النظر إلى حقيقة المثار هل هو من ثوابت الأمة وعقيدتها أم هو من الاجتهادات الفرعية.

وكم هو صادق من قال: "إن في كل مجتمع ثمة طالب للشهرة، البعض يريدها من أسهل وأقصر طريق، ومن ثم فهو يتحدث عن الله أو كتابه أو سنة رسوله، حديثًا يعلم الكل عدم سلامته أو صدقه، ومع ذلك نجد أن ذلك صار زادًا يوميًا هنا وهناك، حتى صرنا ندور في حلقة مفرغة، فالاستبداد يفضي إلى تخلف العقل، وتخلف العقل يؤدي إلى تخلف التربية، وتخلف التربية يقود إلى نقد (التراث الديني) وهكذا نبقى كخنفسة في صوف، ننتقل من المشاكل السياسية إلى المشاكل الثقافية والاجتماعية والتاريخية، دون حسم لأي منها.

وهؤلاء (الأبطال) يخافون إلى حد الموت من الحاكم، فلا يقولون في حقه كلمة، لكنهم يظهرون عضلاتهم ضد الإسلام وضد الله تعالى وكتابه ورسوله، وأحيانًا ضد الأمة وتاريخها وجميع ما أنجزت، لكننا لم نعرف لهم بطولات خارج ذلك.

ومن المقالات الحديثة التي طالعتنا بها الصحف العربية بخصوص عبد الله القصيمي، مقال كتبه أحدهم يقول فيه: "إنه من المؤسف أن يتفجر في العالم العربي أديب بحجم القصيمي ولا نرى إلا نادرًا من يكتب عنه، أو يعمد من باب اللياقة إلى التذكير بأدبه وكتبه وأفكاره الفلسفية، من المحزن أن يكون الجيل الجديد بعيدًا كل البعد عن هذه المعرفة".

أقول: عجيب والله! ومحزن حقًا أن يحزن الكاتب -هداه الله- من أجل أن جيلنا هذا بعيد عن فكر عبد الله القصيمي، ألم يكن من الأجدر -لو كان منصفا- أن يقول: "من المحزن أن يكون الجيل الجديد بعيدًا كل البعد عن القرآن الكريم والسنة الشريفة، قريبًا جدًا من القنوات المشفرة والراقصة، والتجارية الإباحية؟

نسأل الله لنا وله وللجميع الهداية والعافية
أخوكم/ صخرة الخلاص.
 

المصدر: موقع صيد الفوائد