أختاه.. هل جربت الحياة يوما في مخيم ؟

منذ 2005-12-06

حين تدخلين إلى سريرك وتنعمين بالراحة والاسترخاء..

هل نظرت يوماً إلى سقف غرفتك وحمدت الله سبحانه وتعالى لأنك.. في غرفة.. وفوق رأسك سقف.. وفي مكان آمن.. آمنة على نفسك.. عرضك.. ودينك؟

هل حمدت الله لأنك تستطيعين أن ترتاحي وتنامي بينما غيرك حرم هذه النعم؟

هل جربت أن تبيتي في مخيم لاجئين؟ حيث الأطفال يتصارخون، ويبكون.. والريح تعبث بأروقة الخيام.. حيث لا تجدين وسادة تضعين عليها رأسك؟

حيث لا تجدين حماماً -أعزكِ الله- تغتسلين فيه أو تشمين فيه رائحة الصابون أو الشامبو؟

هل جربت أن تسمعي قذف الصواريخ والقنابل في الليل وأنت ترتجفين خوفاً وهلعاً ؟ هل شعرت بالخوف من جنود العدو يخطفون أطفالك أو يهددون عرضك؟

هل شعرت بالجوع يقرصك ويعصر الأطفال حولك فلا تجدين ما تطعميه إياه..

هل جربت شعورك بالعجز.. بالضياع.. بالضعف..

شعورك بالحاجة لجرعة ماء نظيفة..؟

حاجتك لفراش بسيط تستلقين عليه وترتاحين لساعات..؟

هل جربت مرارة فقد الأحبة واحتضارهم أمام عينيك وأنت عاجزة عن المساعدة بإسعاف بسيط؟

هل جربت ألم الضياع بكل بساطة؟
ضياع البيت والوطن والأحبة.. وفقدان غرفتك.. ودفاترك وأشيائك الجميلة..

أحياناً نتباكى بسبب مشكلة مع قريب، ونتذمر بسبب صداع خفيف، ونكتئب بسبب شجار تافه..

نقيم الدنيا ولا نقعدها حين تنقطع الكهرباء لدقائق بسيطة في حر الصيف اللاهب..

ونتناسى أولئك الذين يموتون تحت لهيب الشمس في المخيمات أو فوق صقيع الثلوج..

يمرضون فلا يجدون من يعالجهم..

يجوعون فلا يجدون من يطعمهم..

ويموتون فلا يجدون من يكفنهم..

ألا نتوقف لحظة ونحمد الله..

ألا نشكره بكل بساطة على ما لدينا بدلاً من التطلع لما ليس لدينا؟

أتمنى لو تعيش كل فتاة من فتياتنا تجربة العيش في مخيم فلسطيني.. أفغاني.. أو شيشاني.. ليوم واحد فقط..

لا أتمنى ذلك لشيء، سوى لكي تعرف قيمة الحياة الرغدة التي تعيشها.. حياة الأميرات..

إذا كنت تريدين العيش في سعادة.. فاشعري بما لديك قبل أن تتطلعي لما ليس لديك..

قبل أن تقارني نفسك بالصديقة التي تسافر لجنيف أو فيينا.. أو تلك التي تشتري جوالاً حديثاً كل شهرين.. قارني نفسك بأختك اليتيمة في المخيم.. واحمدي الله على نعمة العظيمة..

قبل فترة قالت لي إحدى الأخوات:

أوصلني أخي إلى بيتي مع أطفالي آخر الليل بعد عودتي من مناسبة عائلية. وحين دخلت بيتي (وذهب أخي)، وجدت الباب الداخلي مقفلاً، وكان زوجي بعيداً ولن يأتي قبل ساعتين، وكان جوالي مطفأ..

فاضطررت مع أطفالي للبقاء في الحوش الصغير لمدة ساعتين.. والله لا أستطيع أن أصف مرارة هاتين الساعتين اللتين عشتهما في ضياع.. نعم ضياع؛ أطفالي يبكون والحر شديد (رغم أن الوقت كان ليلاً)..

وأنا خائفة من أن يقفز علينا أحد من السور لا سمح الله..

ولدي يبكي عطشان، والبنت تبكي تريد الحمام، وأنا متعبة جداً ولا أعرف كيف أساعدهم..

وانتهى الأمر بأطفالي المساكين بعد البكاء الطويل أن فرشت لهم عباءتي على الأرض فناموا عليها..

تمنيت لو أستطيع أن أتوضأ لأصلي على راحتي فلم أستطع، تمنيت لو أستطيع النوم فلم أستطع؛ لقساوة الأرض، ولخوفي على أولادي.. وفي النهاية لا أعرف كيف أخذت أبكي من شدة الضيق والتعب والنعاس..

حين أتى زوجي ودخلنا البيت شعرت بفرحة عظيمة، وحمدت الله أن ذلك الكابوس انتهى..

والله لقد شعرت بقيمة البيت، والأمان، والراحة.. شعرت بقيمة السرير، والماء، والسقف، والتكييف..

حمدت الله كثيراً واستشعرت النعم التي لم أفكر يوماً بها، وأخذت أتخيّل حال إخواني المسلمين في الملاجئ.. كيف يعيشون هذه الحياة كل يوم.. سنوات طويلة ؟

المصدر: موقع صيد الفوائد
  • 18
  • 2
  • 18,993
  • طالبتك/ نادية العنزي

      منذ
    [[أعجبني:]] بصراحة اعجبني المقال كاملا وايضا الاسلوب التي تحدثت به الاخت نوف الحزامي
  • عاشقة الفردوس

      منذ
    [[أعجبني:]] الاخت الكريمة نوف الحزامي .. دائما مميزة ورائعة وفقك الله لما يحب ويرضى واود اخبرك بحقيقة أني احبك في الله دمت بخير
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] جزاكم الله خيرا ، لقد ضحكت أول ما رأيت عنوان المقال ، دائما أقول أن من هم بعيدون عنا لا يحسون بمعاناة الشعب الفلسطيني ، إذا كان من يسكنون خارج المخيم منا لا يحسون بمعاناتنا ، ولكنني أؤكد أن الحياة في المخيم وفي قرب الله أفضل بكثير من الحياة في قصر والبعد عن الله
  • mshari911

      منذ
    [[أعجبني:]] كل ما في الموضوع و أهمه : التفكّّّر بنعم الله سبحانه وتعالى ..
  • لحمد

      منذ
    [[أعجبني:]] مخاطبة الاخوات اللاتى يعشن فى رغد وكل ما يشغلهن الموضه الفاحشة وابتعدن كثيرا عن الاسلام ومبادئه وتعاليمه وارجو المزيد [[لم يعجبني:]] اتمنى اعطاء بعض الدروس التى تقشعر الابدان حين تراها ربما تعود ساقطه او مقلدة للموضه والله المعين
  • ياسر البنا

      منذ
    [[أعجبني:]] شكرا اخى وجزاك الله كل خير نحن فعلا فى امس الحاجه الى التذكرة الدائمه بنعم الله تعالى عليناالتى لا تحصى ولا تعد وكثرة الحمد لهاثمار ومن ثمارها الرضا والرضا سر السعادة الحقيقيه فى وجهة نظرى [[لم يعجبني:]] توجيه الرساله الى النساء بقول(اختاه)وكان الاجدر ان توجه للجميع
  • صفاء

      منذ
    [[أعجبني:]] المقالة أحزنتنى بالرغم أننى دائما ما أفكر فى أحوال المسلمين المستضعفين فى بقاع الأرض إلا أننى لم أفكر يوما أننى يمكن أتعرض لمثل هذا الإبتلاء ! جزاكم الله خيرا و أصلح حال المسلمين [[لم يعجبني:]] كل المقالة جيدة و ليس بها أى مأخذ
  • محمد(أبوعبدالله)

      منذ
    [[أعجبني:]] السلام عليكم ورحمة من الله وبركاتة ، الموضوع جيد ومن صميم واقعنا الاليم وفية الامثال الطيبة والمعاني المعبرة [[لم يعجبني:]] ولكان لايوجد صور لاعطاء الموضوع أكثر واقعية ، أضافة عنوان الجمعيات الخيرية التي ممكن المساعدةعن طريقه للاخوان المنكوبين من الحروب والكوارث الطبيعية مع أعطاء القراء محبة المساعدة حتى للغير مسلم لأن نحن في الخير بني أدم عليه وعلى رسولنا السلام والله المفوق والحمد الله رب العالمين .
  • أم تماضر

      منذ
    [[أعجبني:]] ما أبسطها وراروعها من مقالة فعلا جميلة وددت لو اعطيتها لكل اخواتي لكل الفتيات براك لله فيك
  • ن و ا ف

      منذ
    [[أعجبني:]] تاثيرها في استشعار النعم [[لم يعجبني:]] عدم اضافة احاديث او ايات او دعاء

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً