محنة أهل السنة في العراق ...
هل تكون العراق بوابة للاختراق الشيعي الإيراني!
في مقال طويل نقلاً عن الإسلام اليوم قال الداعية الدكتور سعد
البريك:
إن أسئلة كثيرة وتساؤلات مثيرة لتفرض نفسها على كل متتبع لأحداث
الشارع العراقي الآخذة في الاستفحال والتعقيد.
- لماذا تواطأت القوات الأمريكية والحكومة العراقية على إبادة أهل
السنة في العراق دون غيرهم من طوائف العراق؟
- ولماذا تكون الإبادة قبيل أهم المنعطفات السياسية كالانتخابات
ومشروع الدستور؟
- وما سر علاقة الميلشيات العميلة لإيران وميلشيات الأحزاب والتكتلات
الشيعية بالحكومة العراقية في الإبادة الطائفية التي تجري في مدن أهل
السنة في العراق؟
- ولماذا يرفض أهل السنة مشروع الدستور الجديد وتصرّ الطوائف الأخرى
على تمريره بدعم أمريكي وإيراني متّحد؟
- وما هي عواقب إقرار الدستور على العراق وعلى أهل السنة فيه، بل وعلى
الخليج والمنطقة عموماً؟
- وهل لهذه الأحداث علاقة بمشروع إستراتيجي أمريكي (جديد) أو (قديم)
في المنطقة؟
- وما سر الانعطاف السياسي الأمريكي في تحالفه المكشوف مع شيعة
العراق، ومن ورائهم إيران؟ أهو خيار مدروس سلفاً قبل احتلال العراق أم
تكتيك فرضته معطيات الوضع الراهن الناجم عن شموخ المقاومة؟
وفي الإجابة عن هذه التساؤلات تتضح صورة الوضع برمته بكل خلفياته
ومآلاته المتوقعة!
أما فيما يخص "مشروع إبادة أهل السنة في العراق"، فقد أصبح حقيقة
جليّة يعيشها العراق واقعاً ملموساً محسوساً، وتتناقل كل الإذاعات
العالمية ووكالات الأنباء أخباره اليومية من قصف عشوائي بالمقاتلات
الحربية وطائرات وصواريخ الآباتشي على منازل العزّل، وتقتيل جماعي على
يد الميلشيات الشيعية المنظمة، وتهجير من المدن والقرى واعتقالات
جماعية، واختطافات سرية، ومداهمة للبيوت والمساجد، واختطاف العلماء
وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في أبشع صورها بكل أنواع التعذيب
والتنكيل في الفلوجة والسماوة وتلعفر والرمادي والموصل وبغداد
والحديثة والبصرة وغيرها، حتى أصبحت أخبار التنكيل وإبادة أهل السنة
في العراق مستفيضة لدى الرأي العام العالمي، وعارية عن كل المسوّغات
التي تردّدها الحكومة العراقية والاحتلال الأمريكي؛ لتسويغ حربها على
أهل السنة، حتى إن الناطق باسم هيئة علماء المسلمين مثنى حارث الضاري
وصف ما تقوم به القوات العراقية بـ"الإرهاب" ضد أهل السنة، كما وصفت
بيانات هيئة علماء المسلمين في العراق عمليات الحكومة العراقية
بـ"إرهاب المؤسسات الأمنية"، وكذلك صرح الأزهر في بيان له بأن الذي
يحدث في العراق هو إرهاب تمارسه أمريكا في أرض الواقع، وأصبحت صحف
الاحتلال نفسها في بريطانيا وأمريكا تتناول موضوع الانتهاكات الوحشية
لقوى الأمن العراقي وميليشياتها في تقارير لا تقبل التأويل بل،
وتستغرب من صمت الحكومات عن ذلك.
فقد وصف تقرير لصحيفة (الأبزيرفر البريطانية) بتاريخ 5/7/25 بأن عنف
القوات العراقية "أصبح أكثر سخونة وبدرجة كبيرة، وتبدو وكأنها استعمال
لحرب العنف المضاد القذرة!"، وأن "ما يصدم المرء هنا هو أن ما حدث وما
يحدث، يمر تحت أنوف الرسميين البريطانيين والأمريكيين"، وأن "هناك
سؤال عن المدى الذي ذهب إليه القمع"، و"إن من غير الطبيعي أن تبقى
الحكومات ساكتة". ولم يكن الكاتب الأمريكي والصحافي المستقل (ستيفن
فينسنت) إلا ضحية من ضحايا المؤامرة الطائفية، فقد عثر عليه مقتولاً
بعد أربعة أيام من نشر المقال الذي انتقد "تنامي الأصولية الشيعية في
البصرة"، بحسب تصريحات السفارة الأمريكية بالعراق نفسها.
وكان (فينسينت) قد اختطف من فندقه بعد أن كتب المقال في صحيفة
(نيويورك تايمز)، واتهم مسؤولين بريطانيين بالسماح للأحزاب الشيعية
بالتسلل إلى شرطة البصرة، وكان قد قضى شهرين كاملين في جمع معلومات
شديدة الخطورة في هذا الشأن، وعزم على إخراجها في كتاب يكشف طبيعة
المؤامرة.
وقد كانت صرخة وفد "القوى العراقية المناهضة للاحتلال" في رسالته التي
وجهها للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بتاريخ (8-12-24)
تعبيراً يشكل إجماعاً عراقياً (يشمل حتى بعض الشيعة المعتدلين) على
النوايا الأمريكية بزرع فتيل فتنة طائفية؛
هذا من حيث المؤشرات العامة على وجود حرب طائفية مقننة ضد أهل السنة
بشهادات غربية ومحلية، أما على الصعيد الميداني للأحداث، فلا أعتقد أن
أحداً يشكك في طبيعة المجازر التي وقعت على مسمع ومرأى من العالم طيلة
وجود الاحتلال، وعلى الأخص في المناطق السنية؛ فالدمار الذي شهدته
الفلوجة على مرأى ومسمع من العالم لا يزال شاهداً بمقابره الجماعية
بما فيها ملعب كرة القدم الذي يغطي تحت أديمه حوالي سبعمائة شهيد شاهد
على المجزرة التي لحقت بأهل السنة هناك. وما شهدته تلعفر مؤخراً شاهد
آخر على تواصل "مشروع الإبادة لأهل السنة في العراق" وما بين الفلوجة
وتلعفر مشاهد أخرى لا تقل ضراوة في التقتيل والتهجير والبطش والاغتصاب
وكل أشكال الإذلال!!
ولسائل أن يسأل: أليس كل ذلك من أجل مكافحة الإرهاب؟
والجواب ما يجيب به شهود العيان الرسميون في العراق، وليس تصريحات
الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكي، ولا الناطق باسم البنتاغون
الأمريكي، ولا ما تروّجه الحكومة العراقية، وإعلام المليشيات الشيعية،
ولا حتى المحلل السياسي على قناة الجزيرة. فحينما أعلن الزرقاوي أن
أمريكا تدعم الميلشيات الإيرانية للتنكيل بأهل السنة لاشتراكهما في
مصالح إستراتيجية في العراق لم تكذبه كل التكتلات السنية المعترف بها
رسمياً في العراق، ليس تأييداً لخطه وبرنامجه في المقاومة، ولكن لأنها
الحقيقة المرة التي جاءت على لسانه، ولا يمكن بأي حال إنكارها! بل إن
وزير الدفاع العراقي السابق حازم الشعلان كشف حقائق غاية في الخطورة
بحكم اطلاعه شخصياً على حقيقة سير العمليات العسكرية في العراق
ومشاركته في الحكومة، فقد كشف في عمان في مقال نشرته الشرق الأوسط
بتاريخ 18 شعبان من هذا العام أن: "الكثير من المسؤولين في الجمعية
الوطنية يعملون الآن لصالح المخابرات الإيرانية".
وأطلق رئيس الجمهورية نفسه إثر خلافات مع رئيس الحكومة إبراهيم
الجعفري مفاجأة لم تكن في الحسبان، كشف فيها التنكيل المتعمد من قبل
الحكومة العراقية -المدعومة أمريكياً وإيرانياً- بشأن أهل السنة، وإن
كان لم يشر إلى التدخل الإيراني، مما يعكس خطورة الوضع إلى حد لا يمكن
معه السكوت!! فقد نشرت جريدة الحياة قبل أيام قليلة مطالبة الزعيمين
الكرديين رئيس الجمهورية جلال طالباني، ورئيس إقليم كردستان مسعود
بارزاني لرئيس الوزراء إبراهيم الجعفري بإنهاء حد لـ"الجرائم الكيفية
بحق السنة العرب".
وهذه الشهادة على وجود التنكيل (المُسيّس) بأهل السنة في العراق من
قبل أعلى مسؤول في الدولة يصدق كل أرقام القتلى والجرحى والمعتقلين
وانتهاكات حرمات المساجد وتحويلها إلى حسينيات شيعية، وكل أشكال
الإبادة في المناطق التي يتواجد بها أهل السنة سواء كانوا أكثرية أم
أقلية. كما أن هذه المطالبة بالحد من الجرائم ضد أهل السنة من قبل
أعلى مسؤول في الدولة خارج الانتماء العربي والسني وحليف للاحتلال، بل
ومتهم بالتنكر (للعراقية) نفسها من قبل الكثير من الجهات.. تؤكد أن
مزاعم الحكومة العراقية والاحتلال من أن أهل السنة يشكلون قاعدة
للإرهاب إنما هي مزاعم لذرّ الرماد في العيون، وضمان غطاء إعلامي مقنع
لتبرير مسلسل الإبادة العرقية.
واللافت للأنظار أن أمريكا -وبعد أن أفادت أن تصريحات الفيصل غير
مسؤولةـ عادت وصرحت على لسان وزير خارجيتها لشؤون الشرق الأوسط دافيد
ويلش: أنه يتفهم قلق المملكة إزاء "الاختراق الإيراني"، معتبراً أن
انتقادات وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الأخيرة لواشنطن "لها ما
يبررها"، ورغم أنه نفى تورط أمريكا في التحالف مع الحكومة الإيرانية
في ذلك، إلا أنه أقر بوجود خطر إيراني، وبخاصة في جنوب العراق "سببه
ضعف البنية السياسية والعراقية التي تسمح بتغلغل خفي للنفوذ
الإيراني".
لكن وضع العمليات العسكرية والتسهيلات اللوجيستية والسياسية للميلشيات
والتكتلات الشيعية تؤكد ضلوع أمريكا في مسلسل تهميش وتغييب أهل السنة
من الوجود السياسي في العراق لصالح التمكين للطائفة الشيعية، ما دامت
تخدم الإستراتيجية الأمريكية في العراق والمنطقة عموماً. ومما يبعث
على العجب إصرار من يغرد خارج السرب على قناته المسيّسة في برنامج
"لقاء خاص"، حيث يرى أن لا دليل حتى الآن يثبت تدخل إيران في شؤون
العراق، وأن قيام دولة شيعية في العراق لا يمثل أي مشكلة، وهذا
التصريح بقدر ما يعبر عن قصوره السياسي في إدراك أكثر الحقائق
السياسية على أرض العراق وضوحاً يعبر أيضاً عن قصوره في تصور مخاطر
الامتداد الفكري والسياسي لإيران في المنطقة، اللهم إلا إذا كان يملك
من الضمانات الأمريكية والإيرانية ما يجعله بمنأى عن ذلك، فحينئذ يمكن
الحكم على هذا القصور بالبراءة التامة لكن التهمة بالتخذيل على وزن
(التطبيع) لن تزول.
ويبقى السؤال مطروحاً: إذا لم يكن مسلسل التطهير لأهل السنة له علاقة
بالحرب على الإرهاب في العراق، فإلى أي شيء يهدف ؟!
- التصنيف:
احمد
منذمحمد رجب
منذايسر
منذبشار
منذخالد محمد الدليمي
منذbasim
منذمحمد زكريا
منذجرح العراق
منذنصيـــــر الخالــــــدي
منذخالد
منذ