الوعي أولاً: فوبيا إعادة الثورة

التذكر حاجة فطرية والتذكر ضربان منه الصحي ومنه المرضي ومنه المفيد ومنه الضار، العلم قبل القول والعمل.

إن الناس في مواجهة الجديد لا سبيل لهم إلا بالعلم ومعرفة التاريخ، ولهذا قص الله سبحانه وتعالى علينا قصص الأوائل والأمم الغابرة وأن تتبع للمجتمعات التي حدثت بها ثورات في كافة بلدان العالم يجرى فيها ما يوافق الفطرة، وطبيعة البشرية في تذكر أشياء ومنها المرضى ومنها الصحي ومن الأمراض استدعاء ذكريات الثورات بعد مضى وقتها ومحاولة إنتاجها او محاكتها كل فترة ولكن سرعان ما تزول تلك الأعراض بعد وقت قصير.

من المعهود في كافة البلدان التي جرت فيها ثورات يصاب بعض من أفراد تلك البلدان بعلة وهي مما يُسمّى بالارتباط الشرطي في علم النفس، وهي علة بسيطة وهي من علل النظم السياسية وتُسمّى علة التاريخ وعند كل ما يأتي ميعاد ذلك التاريخ يصاب الناس أي المرضى بحالة غضبية وتنتابهم أعراض منها:

محاولة إعادة التاريخ أو ما حدث فيه وسريعاً ما تلبس أن تنتهي وتصاحبها هزائم نفسية واكتئاب وهلوسة سمعية وبصرية وهدوء.

وهي موجة من الهواجس تصيب الأفراد؛ وتبدأ هويناً هويناً حتى تتصاعد عند موافقة الذكرى والتاريخ وتبدأ تنحسر كما بدأت.

ولهذا من لا يعلم علل الثورات، وما يصاحبها من تحولات وأثار على الصحة النفسية يخطئ كثيراً في الحكم على السلوك الإنساني ويضخم الصغير ويصغر الضخم فانتبهوا ولا تهولوا ولا تهونوا مما يجري.


د. صفوت بركات
 

المصدر: العرب نيوز