المطلوب من الإعلام

منذ 2013-02-15

لعل أهم ما يسعى الداعية المسلم، والصحفي المتمسك بدينه، والمذيع أو مقدم البرامج، هو بناء الشخصية الإسلامية المتوازنة، المبني على عقيدة الإسلام الصحيحة، ومبادئه وقيمه العظيمة، وتكوين المجتمع الإسلامي المتماسك المتكافل.

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

وبعد:

فإن العمل في مجال الإعلام النافع، من متطلبات أمتنا الملحة في هذا العصر الذي كثرت فيه وسائل الإعلام من مسموع ومكتوب ومرئي، على اختلاف توجهاتها، وتشعبت فيه طرق المعرفة، وكثير منها ضار بالأفراد والأسر والمجتمعات والدول.

ولعل أهم ما يسعى الداعية المسلم، والصحفي المتمسك بدينه، والمذيع أو مقدم البرامج، هو بناء الشخصية الإسلامية المتوازنة، المبني على عقيدة الإسلام الصحيحة، ومبادئه وقيمه العظيمة، وتكوين المجتمع الإسلامي المتماسك المتكافل.

ولو رجعنا إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم العطرة، نجد أنه اعتمد على وسائل الدعوة المتاحة في عصره كلها تقريبًا، منها الاتصال الشخصي وهي أكثر وسائله، إذ هي المتوافرة آنذاك بسهوله، ولذلك كانت أولى الوسائل الإعلامية التي استعملها الرسول صلى الله عليه وسلم في نشر دعوته، وبناء المجتمع المسلم المتماسك والمتكافل، خصوصًا في المدينة النبوية.

وكان المسجد هو المنبر الإعلامي الأول، إذ كان المسجد مصدر التوجيه الروحي والمادي للمسلمين، فهو مكان العبادة، فهو محل فريضة الصلاة وصفوفها، ومدرسة العلم.

وقد استخدم المسجد في عهده صلى الله عليه وسلم أيضًا كدار للشورى، ومقر للقيادة والحكم، والدعوة والإرشاد والتوجيه، واستقبال الوفود والضيوف، وهذه كلها تعد من العملية الإعلامية، والعلاقات العامة.

ومن تلك الوسائل التي اعتمدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته المباركة: بعث الرسل والرسائل إلى الأمراء والملوك، وهذه عملية إعلامية واسعة النطاق، وكذلك استقباله صلى الله عليه وسلم للرسل والوفود والبعثات من الرؤساء والأمراء، وهي من مظاهر النشاط الإعلامي، والاتصال الشخصي.

ونرى أن أهم أعمال الإعلام الإسلامي هي فيما يلي:

أولاً: ترسيخ العقيدة الإسلامية:

فأول ما يجب أن يقوم به الإعلام الهادف، هو ترسيخ مبادئ العقيدة الإسلامية والتوحيد في نفوس المسلمين، وبيان الأركان الأساسية للإيمان، والتي تقوي الدافع الإيماني للأمة، والذي يحمي من الوهن والضعف أمام مكر الأعداء الذين يتربصون بالأمة الدوائر، ولهذا لا بدّ من صياغة هذا الإعلام كي يكون إعلامًا منضبطًا بحدود التوحيد، يوضح المفاهيم الصحيحة للإسلام الحق، ويحذر من الشركيات والكفريات المحبطة للأعمال.

ثانيًا: المساهمة في صبغ المجتمع الإسلامي بالصبغة الإسلامية:

وذلك بعرض الإسلام الكامل، فهو دين شامل للدنيا والآخرة، كل لا يتجزأ وبيان عقيدته وشرائعه وعباداته، وآدابه وأخلاقه، وأحوال الفرد فيه والمجتمع، فالكل ينبغي أن تظله مظلة الإسلام، وأن يصطبغ بصبغتها، وشرح ذلك وبيانه وتوضيحه، والتحذير من العقائد والعبادات والعادات الغريبة والشاذة، هي مهمة الإعلام الإسلامي الهادف المفيد، سواء المقروء منه أو المرئي أو المسموع.

ثالثًا: السعي إلى تحقيق وحدة الأمة الإسلامية:

فلا شك أن السعي في وحدة الأمة الإسلامية مشروع كبير وعظيم، ويحتاج إلى مؤسسات وحكومات وجمعيات، كي تستطيع أن تقوم به أو بجزء منه، ولعل الإعلام الإسلامي الهادف يستطيع أن يساعد ويساهم في بناء هذا المشروع الضخم، فتبين الآيات والأحاديث الداعية إلى الاجتماع ونبذ التفرق، ويحذر من العصبيات والعنصريات، والدعوات القومية والإقليمية المفتتة لأمة الإسلام الواحدة.

رابعًا: الاهتمام بقضايا الأمة الراهنة:

وذلك بتنبيه الناس وتوجيههم نحو قضايا الأمة الكبرى، والمتعلقة بمصيرها ووجودها وبقائها حية، ومشاكلها الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية، وترتيب أولوياتها، بالبدء بالأهم فالمهم، والبعد عن توافه الأمور وسفاسفها، والإغراق في اللهو، تحقيقًا للمصالح الشرعية الدينية والدنيوية للجميع، بشكل مدروس وبناء وهادف، هو وظيفة من وظائف الإعلام اليوم.

ويكون ذلك بالتركيز على إحياء العقيدة الإسلامية الصحيحة في نفوس المسلمين، لأن العقيدة هي الرابطة الأساسية التي تجمع الأمة وتوحدها، ولم تفترق هذه الأمة إلا بعد أن تمكن الأعداء من عقيدتها، فشوهوها وغيروها وبدلوها في نفوس المسلمين، فحل الخصام والشقاق، محل الألفة والمحبة، وهذا ما حذرنا منه القرآن الكريم حيث يقول تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران:103].  

خامسًا: التوجيه التربوي والتثقيفي:

فلابدّ أن يكون الإعلام الإسلامي مؤسسة علمية وثقافية متكاملة، تبني المسلم المتعلم والمثقف، وتوسع قدراته الذهنية والعلمية والفنية وتطورها، من خلال المادة الثقافية والعلمية المقدمة، والحوار الموضوعي والتربوي المعروض، وعبر التحقيقات واللقاءات الهادفة والبناءة، التي تبني الوعي الديني الشرعي، والاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
سادسًا: الاهتمام بالطاقات لدى الأمة المسلمة:

أي: الاهتمام بالقدرات البشرية، والطاقات الشبابية، والمواهب الفنية لدى القراء والكتاب والمشاهدين، وتنميتها وتوجيهها الوجهة الصحيحة، والاستفادة منها في مجال الدعوة والإعلام والإرشاد.

لأن الاهتمام بهذه الطاقات والقدرات البشرية والفنية عبر وسائل الإعلام والدعوة، وتدريبها وتوجيهها، تعين المجتمع المسلم على النهوض من الجهل والضلال، والتخلف عن ركب الأمم، وتساعده على النمو والتطور نحو الأفضل والأحسن، والقوة والمجد والرفعة.

هذه مجمل الأهداف المرجوة من الإعلام المسلم، نسأل الله تعالى أن يعيننا جميعًا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يسدد خطانا، ويهدينا لما يحب ويرضى، إنه هو سميع الدعاء.

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.

 

محمد الحمود النجدي

من كبار السلفيين في الكويت مقتفياً أثر وطريقة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله في طريقة الشروح العلمية وفي التركيز على الأدلة الصحيحة

  • 2
  • 0
  • 2,721

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً