ثورة المساجد

لماذا لم تنجح -ولن تفلح بإذن الله- حملة القمع والإبادة الوحشية التي يمارسها النظام السوري بحق أهلنا في سورية الآن كما نجحت حملة حافظ الأسد على مدينة حماة في عام 1982م؟

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، أما بعد:

فلماذا لم تنجح -ولن تفلح بإذن الله- حملة القمع والإبادة الوحشية التي يمارسها النظام السوري بحق أهلنا في سورية الآن كما نجحت حملة حافظ الأسد على مدينة حماة في عام 1982م؟

هل لأن الحملة الحالية أقل عنفاً وقهراً واستبداداً؟ أم أن حافظ الأسد كان أكثر قوة ودهاء؟

الحقيقة أن ثورة حماة عام 1982م كانت ثورة نخبوية لفئة من الشعب، وفي منطقة محدودة من الأرض السورية، يسهل حصارها ثم إبادتها.

أما الآن فالثورة ثورة شعب بأكمله بكل شرائحه الاجتماعية وطبقاته الفكرية، إنها ثورة كل المدن والقرى والضواحي. لقد أدرك أهلنا في سورية أنَّ الكرامة لا تُستجدَى، ولكن تُنتَزَع بالصبر والتضـحيات، وها نحـن نرى قوافل الشهداء تترى؛ يزداد تتابُعها يوماً بعد آخر.

كان رمضان هذا العام ذا طعم آخر في سورية؛ فالمظاهرات تنطلق من المساجد، وصلاة التراويح تحيي الهمَّة والعزيمة في نفوس المصلين، وآيات القرآن العظيم تملأ نفوسهم شجاعة وثباتاً. لذلك حُقَّ لهذه الثورة أن تسمى بـ (ثورة المساجد)؛ ولهذا لم يتردد هذا النظام القمعي في قصف المساجد وترويع المصلين، وانتهاك حرمة بيوت الله، سبحانه وتعالى. وغفل عن أنَّ ذلك العمل المشين من أعظم وقود الثورة.

وعلى الرغم من كل هذا الاستبداد والتسلط والإجرام الذي يمارسه النظام السوري بحق أهلنا هناك، إلا أننا نشعر بتفاؤل كبير؛ فالشعب السوري أثبت صلابة كبيرة، وإقداماً مشرِّفاً، حتى وهو يرى الخذلان يحيط به من كل مكان!

ومما يحيي التفاؤل أيضاً: سقوط النظام القمعي الظالم في ليبيا، الذي مارس كلَّ ألوان الاستبداد والقتل والتدمير، وسلَّط ترسانته العسكرية والأمنية لقمع الشعب ومصادرة حريته، لكن ذلك كلَّه لم ينفعه، وتهاوى خاسئاً ذليلاً؛ فهل من معتبِر؟

نسأل الله تعالى أن يجعلَ للمسلمين من أمرهم يسراً، وينصرَهم على القوم الظالمين.
 

المصدر: مجلة البيان العدد 290