بيان للأمة من الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بشأن الأحداث الجارية (5)

الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح

تحيِّي الهيئة صمود المعتصمين السلميين المدافعين عن الشرعية، وتدعو إلى استمرار الاحتشاد في الميادين لحماية الحريات والمكتسبات التي حققتها ثورة الخامس والعشرين من يناير، وترى في احتشادهم وسيلة من الوسائل السلمية التي تؤدي إلى وأد الفتنة..

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
ففي الوقت الذي كان الشعب المصري ينتظر خطة رشاد تُجمِّع ولا تُفرِّق، وتحقن الدماء المعصومة، وتوحِّد الصف المصري؛ فوجئ المصريون بخطاب الفريق عبد الفتاح السيسي وما يحمله من استقطاب لفريق من الشعب ضد فريق آخر، بما ينذر -إذا استجاب له أحد لا قدر الله- ببوادر حرب أهلية لا يعلم خطورة تداعياتها على المنطقة العربية بل العالم إلا الله، ولهذا فإن الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح من منطلق الأمانة الملقاة على عاتقها تنبِّه الأمة المصرية لما يلي:

أولًا: إن ما يحدث في مصر من تداعيات متلاحقة هو نتيجة للانقلاب العسكري الذي أهدر معاني الشرعية التي توافق عليها المصريون من خلال صناديق الانتخابات، وتحمِّل الهيئة قادة الانقلاب مسؤولية كل قطرة دم مصري تسيل على أرض الوطن.

ثانيًا: تستنكر الهيئة لهجة الاستقطاب الظاهرة في الخطاب وتقسيم المصريين إلى مواطنين شرفاء لمجرد موافقتهم لمشروع الانقلاب على الشرعية، وإلى إرهابيين لمجرد استعمالهم لحقهم الشرعي في التعبير عن رأيهم برفض ما حدث، وهذه سابقة خطيرة في تاريخ المصريين الذين دائمًا ما تجمعهم الأزمات ليرفعوا الحس الوطني على المعاني الفئوية.

ثالثًا: تحذِّر الهيئة جموع المصريين من الانسياق لهذه اللهجة التصعيدية، وتؤكِّد على حرمة الدم المصري المعصوم والمشاركة في سفكه، وتذكِّر بالملحمة الرائعة التي سطَّرها المصريون في ثورة الخامس والعشرين من يناير، وأنه لا يصح أن تنتهي بصراع بين أبناء الوطن الواحد، ومن ثم تهيب بالجميع إعلاء المصالح الوطنية على الروح الانتقامية وتصفية الحسابات الشخصية.

رابعًا: تؤكِّد الهيئة على خطورة استعمال مصطلح الإرهاب والذي لم يتفق العالم حتى الآن على تحديد معناه، وإنما هو مصطلح فضفاض يستعمله الطغاة في إلصاق التُّهم وإعمال الكيد لأهل التديُّن وأصحاب المشروع الإسلامي، فلا ينبغي أن ننساق وراء مكائد الغرب الذي ابتدع هذا المصطلح وأهدر به دماء المسلمين في بلاد شتى.

خامسًا: تحرِّج الهيئة على ضباط وصف وجنود الجيش المصري الوطني أن يشاركوا في سفك دماء إخوانهم رجالًا ونساءً من الشعب المصري بحجة طاعة الأوامر، فقد أجمع العلماء على أنه لا يقبل عذر الإكراه في القتل، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم).

سادسًا: تستنكر الهيئة حالات القتل اليومية للمسيرات السلمية المؤيدة للشرعية والأعداد الكبيرة للمصابين والمعتقلين مما يجر البلاد إلى دوامة من العنف لا نهاية لها، كما تدين الدور المشبوه للبلطجية في كافة المدن المصرية بتواطؤٍ من الشرطة، ووقوع ذلك تحت سمع وبصر المؤسسة العسكرية.

سابعًا: تستنكر الهيئة الدور المشبوه الذي تقوم به بعض وسائل الإعلام من تزييفٍ للحقائق وتشويهٍ لصورة الإسلاميين، وبثٍ لروح الكراهية والاستقطاب بين أفراد الشعب المصري خاصة وقد بات العالم كله يعرف الحقائق ويتابعها من خلال القنوات والوكالات غير المصرية.

ثامنًا: تؤكد الهيئة على ضرورة الإفراج العاجل عن المئات من المعتقلين في أعقاب المسيرات المختلفة والذين تُلفَّق لهم التهم دون أدلة واضحة، وفتح باب التحقيق في الضرب والإيذاء الجسدي والنفسي الذي تعرض له المتظاهرون السلميُّون.

تاسعًا: تحيِّي الهيئة صمود المعتصمين السلميين المدافعين عن الشرعية، وتدعو إلى استمرار الاحتشاد في الميادين لحماية الحريات والمكتسبات التي حققتها ثورة الخامس والعشرين من يناير، وترى في احتشادهم وسيلة من الوسائل السلمية التي تؤدي إلى وأد الفتنة وحقن الدماء وردِّ الحقوق إلى أصحابها.

حمى الله مصر .. ووقاها من كل سوء وبلاء وفتنة.
والحمد لله رب العالمين.