المعونة الأمريكية والأولويات العسكرية

منذ 2013-10-18

قام مايكل أوهانلون بعرض المناقشات والجدليات حول استمرار الولايات المتحدة في تقديم المعونة العسكرية لمصر بهدف ضمان المرور من قناة السويس والمجال الجوي المصري، ووافق على المرور الحر وهو أمر مرغوب فيه ولكنه شرح وجود بديل آخر متمثل في المحيط الهادي يتم استخدامه إذا لزم الأمر..


ملاحظة المُحرر: قام مايكل أوهانلون بعرض المناقشات والجدليات حول استمرار الولايات المتحدة في تقديم المعونة العسكرية لمصر بهدف ضمان المرور من قناة السويس والمجال الجوي المصري، ووافق على المرور الحر وهو أمر مرغوب فيه ولكنه شرح وجود بديل آخر متمثل في المحيط الهادي يتم استخدامه إذا لزم الأمر.

في أعقاب الهجوم الغاشم الذي شنته القوات المسلحة المصرية ضد أنصار الإخوان المُسلمين اقترح البعض عدم قطع الولايات المتحدة أي جزء من المعونة المٌقدمة سنوياً لمصر والتي تُقدر بـ1.5 مليار دولار لأن الجيش الأمريكي بحاجةٍ مستمرة إلى استخدام قناة السويس والمجال الجوي المصري، ومع ما تمتلكه مصر من مميزات جغرافية بارزة كواحدة من أهم الدول المركزية في قلب العالم العربي فإن هذا يجعلها مهمة وحيوية بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة وأمنها القومي من ناحية إقليم الشرق الأوسط وهذه أسباب تُجزم بعدم القطع البات للمعونة المقدمة للجيش المصري ولكن يجب أن توضع نظرية الخدمات اللوجستية العسكرية في مكانها الصحيح.

فالولايات المتحدة الأمريكية تستفيد بقدرٍ كبير من قدرتها على استخدام قناة السويس والمجال الجوي المصري لتنطلق بشكل مباشر من البحر المتوسط إلى البحر والأحمر والخليج (الفارسي) العربي ولكنها لا تحتاج إلى مصر الاحتياج المطلق لأن هناك بدائل علينا أن نفكر فيها إذا اضطررنا إلى إعادة تقييم علاقاتنا مع مصر. وعلينا أن نعرض تواجد الأسطول الأمريكي الأول حيث قسمت الولايات المتحدة سفنها الحربية ووزعتها في مناطق رئيسية بين سواحل المحيط الأطلنطي والمحيط الهادي، وقد تم التوزيع بشكل نسبي على مدى التاريخ وبقدوم عام 2012 وظهور سياسة الرئيس أوباما لإعادة تشكيل التواجد في آسيا والمحيط الهادي أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن خطط إرساء 60% من إجمالي سفن الأسطول الحربية على موانئ المحيط الهادي. تم توزيع معظم هذه السفن حول حدود الولايات المتحدة ومع ذلك يوجد بعض من هذه السفن في هاواي وغوام واليابان وقريباً سنغافورة.

ولمزيدٍ من التأكيد، فمن الممكن الوصول إلى الخليج (الفارسي) العربي إذا انطلقنا من نورفولك أوجاكسونفيل بولاية فلوريدا أسرع من الانطلاق من كاليفورنيا أو ولاية واشنطن؛ في حالة استخدام قناة السويس، فالمسافة عبر طريق المحيط الأطلنطي تبلغ 6.000 ميل وتبلغ ضعف هذه المسافة في حالة استخدام المحيط الهادي. ومن خلال استخدام المعدل الطبيعي للإبحار فسيستغرق هذا حوالي 10 أو 12 يوم بدلاً من 20 أو 24 يوم.

كما لا يوجد مانع من الوصول إلى الخليج (الفارسي) العربي عبر استخدام المسار الغربي؛ كما لا يوجد مانع أيضاً من وضع 70% من الأسطول البحري في منطقة المحيط الهادئ، فعلى المخططين العسكريين أن يضعوا هذا في اعتبارهم وعلينا أيضاً تذكير الجيش المصري بالخيارات المتاحة أمامنا إذا استمر في ممارسته البغيضة المؤخرة.

لكن هذه التغييرات باهظة التكلفة، فالأسطول لا يود أن يظل محتفظاً بالناقلات في البحر لمدة تزيد عن ستة أشهر حفاظاً على سلامة الأطقم البحرية كما أن طريق المحيط الهادئ إلى الخليج سيحرم سرب حامل الطائرات من الانتشار بنسبة تُقدر بحوالي 10% كان لا يمكن تضييعها في حالة استخدام طريق المحيط الأطلنطي؛ فنسبة الانتشار الضائعة تم إهدارها في مرحلة الترانزيت. وإذا أردنا استغلال هذه المرحلة الضائعة فمن الممكن أن تؤدي السفن بعض التدريبات العسكرية مع القوات الأجنبية الموجودة في طريق سير الأسطول الأمريكي كما يمكننا أن نشكل تواجد كبير في مضيق (ملقا) وهو ممر تجاري دولي هام.

وعلاوةً على ذلك، فإن الأسطول بإمكانه التخفيف من خسارة تضييع الوقت على الأقل بالنسبة للطائرات الصغيرة وليست الناقلات الكبيرة من خلال الاستفادة بشكل أكبر من (مقايضة الأطقم البحرية) من خلال ترك السفينة في البحر لمدة عام أو عامين وتناوب البحارة عليها بالطائرات كل ستة أشهر.

أما على صعيد استخدام القوات الجوية فالحسابات تكاد تكون متقاربة على الرغم من أن خيار المقايضات قد يكون أسهل لأن القوات الجوية من الممكن أن تتنقل بسرعة وبسهولة من أقصى شرق الولايات المتحدة إلى السواحل الغربية والعكس بالعكس، وإن كانت القضية بالنسبة للقوات الجوية تتمثل في إعادة التزويد بالوقود لأن الطائرات لا تقدر على قطع رحلة 6.000 ميل متواصلة دون توقف وغير قادرة على التزود بالوقود في الهواء (وهذا يعتمد على توافر خزانات وقود) أما المسار الشرقي فيمكننا من خلاله إعادة التزويد بالوقود والتوقف لأخذ قسطاً من الراحة في أيرلندا وألمانيا أو إيطاليا ثم نكمل المسير من فوق مصر إلى الخليج. وسيحتوي المسار الغربي على ألاسكا أو هاواي واليابان أو غوام ثم سنغافورة أو تايلاند أو دييغوغارسيا في وسط المحيط الهندي.

كل هذه خيارات متاحة ومسارات عملية بارزة بل ويستخدمها الجيش الأمريكي اليوم بشكل روتيني، نعم هناك تكلفة في حالة استخدام الطريق الطويل وسيستهلك وقود للطائرات يقدر بآلاف الدولارات، لكن 1.5 مليار دولار (المعونة المصرية) قادرة على تغطية هذه التكلفة.

خلاصة القول، إن الولايات المتحدة كقوى عظمى لديها قدرات خارقة تجعل من السهل لديها التحكم في كافة المحيطات في الشرق والغرب، أما القاهرة التي تعيش مرحلة حرجة الآن فقل عنها أي شيء خلاف أنها تقدر على تبني موقف ضد أمريكا.
 

المصدر: المركز العربي للدراسات الإنسانية
  • 0
  • 0
  • 891

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً