ذئاب بشرية تتحول إلى ذئاب إلكترونية على الإنترنت

أوضح أخصائي أنظمة الشبكات والإنترنت المهندس بسام جايد الشمري أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) رصد أكثر من ثمانين اتصالاً عن طريق الإنترنت بهدف الاستغلال الجنسي للأطفال والأحداث، وأن الـ(FBI) وأجهزة الأمن البريطانية خاطبت بعض الجهات الرسمية في المنطقة لتتبع هؤلاء بعد أن بعثت بقائمة تحمل تلك العناوين على الإنترنت

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -


أوضح أخصائي أنظمة الشبكات والإنترنت المهندس بسام جايد الشمري أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) رصد أكثر من ثمانين اتصالاً عن طريق الإنترنت بهدف الاستغلال الجنسي للأطفال والأحداث، وأن الـ(FBI)  وأجهزة الأمن البريطانية خاطبت بعض الجهات الرسمية في المنطقة لتتبع هؤلاء بعد أن بعثت بقائمة تحمل تلك العناوين على الإنترنت.

وأوضح الشمري أن ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال والأحداث من أبرز الظواهر الخطيرة التي بدأت تنتشر عبر شبكة الإنترنت، وهي موجهة أصلاً إلى الأطفال القصر، حيث لوحظ عالمياً تزايد أعداد مستخدمي وزائري مواقع إلكترونية على الشبكة، خصوصاً بالمتعة الجنسية مع الأطفال كما يزعم خلال السنوات القليلة الماضية. وأضاف: ما نخافه الآن هو أن تصبح الشبكة مركزاً رئيساً لتسويق هذه الظاهرة عبر الإنترنت، حيث ثبت أخيراً أن نمو تجارة التسويق عبر الإنترنت أسهم في تزايد حجم السياحة الجنسية، وخصوصاً ضد الأطفال والمراهقين، في ظل عدم إصدار قوانين حتى الآن تعالج مواضيع الشبكة أو عدم تطبيقها إن وجدت في بعض الدول.

ذئاب بشرية
وأردف أن مصدر التخوف ينبع هنا من مدى تأثر أطفالنا مستخدمي الإنترنت في منطقتنا بمخاطر هذه المشكلة على الشبكة العالمية؛ لأننا أصبحنا جزءاً ولو صغيراً من هذه الشبكة العنكبوتية، فالذئاب البشرية بدأت بالتحول إلى ذئاب إلكترونية من خلال استخدام شبكة الإنترنت، وبالفعل وجدوا في هذه الشبكة ضالتهم التي يبحثون عنها من خلال استخدام الوسائل والبرامج المتوافرة في أجهزتهم في الشبكة مثل البرامج الحوارية والدردشة بالصوت والصورة والكتابة والبريد الإلكتروني، ومن خلال إقامة مواقع إباحية تحتوي على صور وفيديو موجهة إلى الأطفال. وقال: قامت هذه الذئاب البشرية الإلكترونية بترويج صور خلاعية عن طريق الفيديو أو الصور لأطفال تم استغلالهم جنسياً من خلال شبكة الإنترنت، ويكون في بعض الأحيان خلال بث مباشر، حيث يقوم الكثير من مستخدمي الشبكة بدفع النقود من أجل مشاهدة هذا البث المباشر؛ ولا نريد أن نشرح نوع الممارسة، لأنها بالفعل جريمة تقشعر لها الأبدان، إلا أن هذه الجريمة يمكن أن تتحول عند الأطفال والكبار على حد سواء إلى تسلية ثم يتطور الأمر إلى رغبة أو إلى فضول يرغب الطرفان الأطفال أو الأحداث في ممارسته واكتشافه، لا سيما وأن التسويق لمثل هذه الجريمة قد ينطلي على الأطفال والقصر.

وأضاف الشمري: يقوم بعض معدي هذه المواقع بعمل مونتاج للصور المتوافرة لديه، ويسعى إلى تركيبها من خلال استخدام برامج حديثة متوافرة، بحيث لا يمكن للمتصفح أن يميز أن هذه الصورة حقيقية أم لا، ووصل الأمر عند هؤلاء إلى أن يبرمجوا وينتجوا أطفالاً لحديثي الولادة يتم الاعتداء عليهم وبالفعل، كل ذلك يتم نشره على الشبكة ويمكن لأي شخص أن يصل إلى تلك المواقع بسهولة بعدما بدأت تلك الذئاب تأخذ شبكة الإنترنت مركزاً لها. وزاد الشمري: بدأت بعض الدول المتقدمة في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة من خلال تعاون جهات عدة.

إحصاءات دولية
وأضاف: الأخطر من ذلك هو وجود إحصاءات دولية مخيفة تقول: إن طفلاً من أصل خمسة أطفال من الذين يستخدمون غرف الدردشة قد تعرضوا لمضايقات من كبار، وهنا نستوضح أن الخطر الحقيقي يكمن في محاولة الكبار تكوين علاقة غير حسنة مع الأطفال خارج نطاق شبكة الإنترنت، وخير مثال على ذلك ما حصل للطفلة البريطانية (شيفون بينيحتون) البالغة من العمر 12 عاماً، حيث هربت مع رجل أمريكي يكبرها بعشرات السنين إلى فرنسا بعد أن التقت به عبر الإنترنت وبالأخص عبر إحدى غرف الدردشة. وأوضح أن كافة الدراسات توضح أن الأطفال في كل دول العالم بدؤوا في إقامة علاقات صداقة مع أطراف أخرى، بل إن هناك دراسات أوضحت أن هذه العلاقة تطورت بسرعة كبيرة إلى علاقات غرامية تكونت عبر شبكة الإنترنت.

مصيدة الأطفال
وفي الوقت ذاته نعرف حق المعرفة أن الميالين إلى الجنس مع الأطفال، وهم من نسميهم بذئاب إلكترونية أو بالمعنى العلمي (الشاذين) يعدون غرف الدردشة بمثابة مصيدة سهلة لوقوع الأطفال والقصر فيها، فبعد إغراء الطفل أو الطفلة يتم الانتقال معه من غرفة الدردشة الجماعية إلى غرفة خاصة، وبعد ذلك تبدأ المحاولات لإقامة علاقة ربما تتطور إلى أكبر من مجرد لقاء على شبكة الإنترنت.

وعن الجهود العالمية لمكافحة هذه الجريمة، أوضح الشمري أن حملة عالمية من قبل بعض اللجان والجمعيات المختصة بمكافحة الجريمة، وعلى الأخص ظاهرة استغلال الأطفال جنسياً، قامت بعمل خطة ذكية تسمى (المصيدة الإلكترونية) الهدف منها اصطياد الأشخاص الميالين إلى الجنس مع الأطفال (والمصيدة) هي عبارة عن إقامة مواقع إلكترونية وتدشينها على شبكة الإنترنت في أوقات مختلفة، وهذه المواقع المزورة تحتوي على مواد ضارة تناسب الشواذ والميالين إلى الجنس مع الأطفال، بعدها تتم مراقبة هذه المواقع وترصد الأشخاص الذين يدخلون هذه المواقع من مختلف دول العالم، ويقوم الفنيون المراقبون للموقع المزور أو (المصيدة) بإصدار تقرير من الممكن أن يحوي معلومات مهمة تساعد في ضبط المشتبه فيهم، من خلال التعرف على رقم الإنترنت الخاص بجهاز الزائر الـ(Ipddress) وبالتالي تحديد الدولة التي دخل منها، ومن الممكن أيضاً أخذ بعض المعلومات من جهاز الزائر نفسه للموقع، وفي بعض الأحيان تكون مفيدة جداً لرجال الشرطة أو المختصين، إضافة إلى متابعة الأعمال التي قام بها الزائر للموقع (المصيدة) مثل تنزيل الصور والبحث عنها.

وأردف: بالفعل باتت هذه الظاهرة اليوم مثار قلق شديد لدى المهتمين وأرباب الأسر الواعين، لا سيما وأن الطلب على تلك الصور والفيديو يعد سبباً مباشراً في جرائم الاعتداء على الأطفال والقصر، وبالتالي تفشي هذه الجريمة في المجتمع وزيادة حالات التحرش الجنسي ضد الأطفال، وهذه ليست مبالغة أو تخويفاً، وإنما واقعاً تنقله التكنولوجيا إلى كل منزل ومدرسة وناد، ولهذا فإن العمل على مكافحة ومحاربة الذئاب الإلكترونية سواء كان بالمصيدة أو بطرق أخرى سيجعل الإنترنت مكاناً آمناً يتفاداه الكثير من هؤلاء الأشخاص، وبالتالي نمنع نقل مثل هذه المممارسات إلى الأطفال والقصر، وأعتقد أن هذه الحماية من أوجب الواجبات على مستوى الحكومة أو المدرسة أو ولي الأمر.

نصائح للأطفال
ومن النصائح التي يجب أن يقدمها الآباء إلى أبنائهم مستخدمي الشبكة، أو حتى الهاتف النقال، أولاً: أن يفكر الأبناء في ماذا يرون؟ وماذا يعملون؟ وماذا يسمعون؟ ثانياً: أن نسأل هل هذا سيء أم حسن؟ وهل أنا أنجذب إلى شيء معين؟ وهل هذا يؤذيني أم يؤذي الآخرين؟ وثالثاً: يجب أن نتذكر أن بعض الناس لا يقولون الحقيقة، وأن معلوماتك التي ترسلها في الشبكة ستظل موجودة دائماً، وإذا كنت قلقاً فتستطيع التحدث إلى الأكبر منك سناً من الذين تثق فيهم.

جمعية سلامة الإنترنت
وزاد الشمري بقوله: إن إنشاء جمعية سلامة الإنترنت أصبح أمراً ملحاً وضرورياً الآن، لا سيما في ظل التطور السريع والمتواصل، لدراسة تأثيرات الإنترنت على المجتمع والاستفادة من مزاياه وإيجابياته ومحاربة المواد الضارة والسلبية، فجمعية أمن الإنترنت مطلب بات ملحاً الآن إذ ندعو إلى تبني فكرة إنشاء جمعية لسلامة الإنترنت أو لجنة منبثقة من الجمعية الكويتية لتقنية المعلومات والتي لها دور كبير في هذا المجال، ويجب أن يعمل ضمن منظومة من الشركات المختصة ومع المؤسسات الحكومية مثل وزارة المواصلات والداخلية ومع شركات الهواتف النقالة وبعض اللجان والهيئات، ويجب أن تتابع هذه الجمعية أنشطة عدة مثل الأنشطة الإعلامية وإصدار الكتب وإقامة الندوات والمؤتمرات وإلقاء محاضرات ودروس في المدارس والنوادي الشبابية لتحقيق الأهداف التي قامت من أجلها هذه الجمعية.

حماية الأطفال
ولا شك أن من أهم أهداف هذه الجمعية حماية الأطفال والشباب من مخاطر الإنترنت، وكذلك توجيه النشء في شكل حسن من خلال إعطاء دروس عن سلامة الإنترنت قبل تعليمهم الحاسب الآلي والإنترنت، وإعطائهم مبادئ الإنترنت وكيفية استخدامه قبل الدخول فيه.

وختم الشمري بقوله: إن للإنترنت اليوم دوراً حيوياً ومهماً في حياتنا اليومية، وهذه الشبكة التي بدأت مطلع الستينات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية محدودة الاستخدام والانتشار أصبحت اليوم لا حدود لها، ومن يوم إلى آخر تكبر ويزداد عدد مستخدميها في كل جزء من عالمنا هذا، حتى إنه أصبح قرية واحدة، وبالفعل فإن غزو الإنترنت السريع والمفاجئ نتج عنه الكثير من المشكلات والظواهر الخطيرة التي بدأت تطفو على السطح داخل مجتمعاتنا المحافظة الإسلامية والعربية، ومنها ظاهرة زعزعة الأمن الاجتماعي من خلال أسرع الطرق وأسهلها، ألا وهي شبكة الإنترنت، فالدخول في هذه الشبكة لم يعد الآن حكراً على الكبار أو العقلاء أو المثقفين أو من يريدون التزود بالعلم والمعلومات، بل شمل الجميع، وهذه الشبكة جذبت الصغار والأطفال والقصر لاستخدامها في المنزل أو النادي أو المدرسة أو المقاهي، وبات الأطفال والقصر اليوم من أكبر الشرائح استخداماً للإنترنت واستهلاكاً للوقت أمامها، ومع هذا للأسف الشديد ورغم تزايد الأخطار على أكبر شريحة تستخدم هذه الشبكة وهم الأطفال والأحداث لا نرى أي برامج إعلانية أو محاضرات للتوعية من المخاطر التي قد تنجم عن سوء استخدام هذه الشبكة.

- واحقاقاً للحق فإن مسابقة الشيخ سالم العلي الصباح الثالثة للإنترنت والتي أقيمت عام 3002، تبنت شعار مخاطر الإنترنت ونجحت إلى حد ما في تسليط الضوء على هذه المخاطر من خلال إنشاء المواقع التي تساعد أولياء الأمور على مكافحة المخاطر.

الشيخ محمد السنين: تربية الأبناء علم وعمل لها قواعد تقوم عليها ومبادىء تنطلق منها.

سألنا الشيخ محمد السنين حول المبادئ التي يمكن أن نربي أبناءنا عليها في ظل هذه الفوضى؟
- لا بد لكل علم أو عمل من قواعد يقوم عليها ومبادئ ينطلق منها، وبدون ذلك لا يمكن للعلم أن ينضبط ولا للعمل أن يستقيم. وتربية الأبناء علم وعمل لها قواعد تقوم عليها ومبادئ تنطلق منها، لو أخذ المربون بها لا نطلقوا بوظيفتهم التربوية بكل سعادة دون ملال أو كلال، وهذه المبادئ والقواعد كلما كان حظ المربي منها أوفر كان حظه من ثمار التربية أكبر.

والطفولة صفحة بيضاء نقية مفتوحة لكل الخطوط التي ترسم وتكتب فيها، فإذا كان ما يكتب صالحاً فإن الطفل يشب على الخير والصلاح، وإن كان فاسداً فإنه يصعب إعادة الطفل إلى الطريق القويم وطريق الخير بعد ما شب على هذا الفساد. فالطفولة هي الفترة المثالية للتربية إذا لم يغتنمها الوالدان ضاعت عليهما وتكبدا العناء بعد ذلك؛ لأن البالغ يصعب توجيهه وإصلاحه إذا أهملت تنشأته على الخير والصلاح، فإن من شب على شيء شاب عليه. لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه».

وأحب أن أوضح أن للقدوة أثر عظيم في العملية التربوية وموضعها غاية في الأهمية، وانطلاق التربية من خلالها من أنجح الوسائل، ذلك لأن الطفل بطبيعته يحب التقليد والمحاكاة، وتقمص الشخصيات، وأقرب الناس إليه في إشباع هذه الغريزة من يقوم على تربيته، وهما الوالدان مثله الأعلى وأسوته الصالحة في نظرة، يتأثر بأقوالهم وأفعالهم وأحاسيسهم من حيث يدري أو لا يدري، فإن كان المربي على دين وخلق حسن من الصدق والأمانة والعفة والكرم والشجاعة وغيرها، نشأ الولد على مثل ذلك، وإن كان المربي لا يقيم للدين وزناً في نفسه وتصرفاته منحلا كاذاباً خائناً بخيلاً، نشأ الولد على مثل ذلك. فصلاح الآباء له أبلغ الأثر في صلاح الأبناء وحفظهم، وفي هذا يقول الحق تبارك وتعالى في قصة الغلامين أصحاب الجدار الذي جاء ذكره في قصة الخضر مع موسى عليهما السلام: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82].

لذلك نقول: إنه من السهل أن تلقن ولدك ما تريد من الدين والخلق الحسن، إلا أنه من الصعوبة بمكان أن يستجيب الولد إلى ما تريد إذا لم ير منك تطبيقاً لما تدعو إليه والتزاماً به. فالوالد الذي يرى أباه ويسمعه يجهر بالقرآن ويحافظ على الذكر وعلى كل طيب من القول، سيردد ما يسمعه منه، والولد الذي يسمع من أبيه كلمات السب واللعن أو الغناء المحرم سيردد هو الآخر ما سمعه، فالأبناء غالباً على دين آبائهم. وكذلك الفتاة التي ترى أمها دائماً محتجبة عن الرجال، قد غمرها الحياء وكساها الوقار، تتعلم منها الستر والحياء والوقار، أما الفتاة التي ترى أنها تتبرج أمام الرجال تخالطهم وتصافحهم وتضاحكهم، تتعلم من أمها هي الأخرى.

- فاتق الله أيها الأب وأيتها الأم في أبنائكم وبناتكم، وكونوا أسوة حسنة لهم، وقد حذر الله عز وجل من صنيع قوم بأن مقتهم أشد المقت فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2، 3]. لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة صالحة للمسلمين إلى قيام الساعة، قال تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]. وأسوة في العبادة وأسوة في الخلق، قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].


علاء الدين مصطفى كمال