آلام أولادنا في آمالنا!

فكم يسعى الوالد في شقاء ابنه وما علم!
وكم تسعى الأم في تنغيص حياة ابنتها وما شعرت!
كل ذلك بسبب آمال للوالدين جرت آلاماً وأحزاناً للأولاد، في مشهد يتكرر كثيراً.

  • التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة -


الحمد لله خالق الأنام ومسوي البنان، والصلاة والسلام على خير الأنام، ومؤسس البنيان، وبعد:

فكم يسعى الوالد في شقاء ابنه وما علم!

وكم تسعى الأم في تنغيص حياة ابنتها وما شعرت!

كل ذلك بسبب آمال للوالدين جرت آلاماً وأحزاناً للأولاد، في مشهد يتكرر كثيراً.

تأمل في (نتائج تحاليل مختبر الحياة) لتقف بنفسك على حجم تلك الآلام التي وضعت في المختبر آمالاً فخرجت نتيجتها آلاماً. كم من ابن بار صالح يودّ لو قدّم قلبه الغض الصغير على طبق من ذهب لأمه أو لأبيه؛ يتحمل أعباءً ويشتكي آلاماً بسبب ما علّقه عليه والديه من آمال معينة في مستقبل حياته بمهنة لا يحسنها، وغاية يعلم عجزه عن تحقيقها لمخالفتها لطبيعة نفسه وتعارضها مع قدراته وإمكانياته.

فلا أسعد والديه بتحقيقها ولا سلم من آلمه وأحزانه ولا استغلّ وقته وصرف جهده فيما يريده ويحسنه. ومن هذا المنطلق إليك أخي الكريم بعض الوصايا حتى لا تكون سبب في ألم ابنك وتكدر حياته وضياع مستقبله:

1- اعلم يقيناً أن لولدك رزق لن يأخذ غيره ولن يؤخذ من رزقه شيء؛ جاء في الحديث: «لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها».

2- بيِّن له وحذره أن كل أمل يغضب الله إنما هو في الحقيقة غاية الألم ورأس الخسران.

3- ليكن أملك لمستقبل ابنك منطقياً؛ فلا ترهق من لا يحب القراءة والكتابة ولا يحقق النجاح إلا بأشق الطرق بأن تعلق عليه أملاً علمياً أو أكاديمياً.

4- لا تفرض عليه مستقبلاً أنت تريده وهو لا يحبه ولا يريده وإن كان مستواه العلمي يؤهله لذلك؛ فلا تكثر الحديث له عن الطب وعن الأطباء لتؤثر على قراره في تحديد مستقبله وهو لا يحب المستشفيات ويضيق ضرعاً برؤية المرضى والمصابين.

5- لا تحرص أن يكون ابنك (صورة طبق الأصل) منك، فبينك وبينه اختلاف كبير، فأنت إنسان بمميزات وقدرات وابنك إنسان بمميزات وقدرات أخرى؛ وإصرارك على أن يكون مثلك ما هو إلا فتك بمستقبله وتحطيم لأمنياته وفرض حظر على أحلامه وطموحاته. أما إن كان ذلك برغبة منه فلا حرج ولا ضرر عليه من ذلك.

6- لا تقارن بينه وبين غيره من أبناء عمه أو خاله أو أصدقائه؛ فلكل رزق معلوم ونصيب مقسوم.

7- لا تحرمه من أمل يريده ويسعى لتحقيقه، وإن كنت ترى ذلك صعباً أو مخيفاً، فمن يكره ركوب الطائرة قد لا يستسيغ ولا يستطيع أن يتصور أن بإمكان ولده أن يكون طياراً.

8- أن السعادة لا تكمن في نوع الوظيفة بقدر ما تكمن في حب الموظف لوظيفته ولا تتوقف على حجم الإنجاز بقدر ما يكون ذلك الإنجاز محبباً للمنجز.

9- لا يعني ما ذكرت أن تكون سلبياً ليس لك مشاركة لابنك في مستقبله واختياره؛ لكن انطلق من أفكاره وقدراته لتساعده في الاختيار الصحيح للمستقبل الأسعد.

10- من الأمور المهمة التي ينبغي عليك الاهتمام بها وتعليمها لولدك الاستخارة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن. والفت نظره للاهتمام بالاستشارة، وأن يستشير من يثق في دينه وأمانته من معلمين ومربين ومستشارين.

11- لا تغفل عن الدعاء فبه بفضل الله تحقق الآمال وتصرف الآلام؛ وبدعوة واحدة منك قد يكتب الله السعادة الدائمة لولدك.



مصلح بن زويد العتيبي