رمزية البطل الصالح ودوره بعد استشهاده

أمير سعيد

إن قادة المجاهدين لم يتخرجوا من كليات حرب بريطانية ولا روسية ولا أمريكية، وإنما أفرزتهم طبيعة معارك بسيطة؛ تطورت فصارت قادرة على تغيير الخرائط الإستراتيجية في العالم.

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


لتهنأك المحبة أبا محمود...

إن قادة المجاهدين لم يتخرجوا من كليات حرب بريطانية ولا روسية ولا أمريكية، وإنما أفرزتهم طبيعة معارك بسيطة؛ تطورت فصارت قادرة على تغيير الخرائط الإستراتيجية في العالم.

حجي مارع، ورجلها الأشم عبدالقادر الصالح - قائد لواء التوحيد -، الذي استشهد منذ أيام إثر استهداف مباشر لاجتماع يضم قادة عسكريين.

لم يكن قد حمل بندقية قبل الثورة السورية، لكنه صار من بعد أحد أهم قادة الثورة السورية، وأبرز من تستهدفهم استخبارات عالمية شرقية وغربية؛ فهو شخصية تتوافر على مقومات كثيرة تُقلق شرقاً وغرباً.

أهم سلاح كان يمتلكه القائد الصالح، هو المحبة!

نعم، هي مفارقة لافتة أن تكون المحبة هي السمة الأبرز لقائد عسكري، تحبه سوريا كلها، ومن أراد التحقق؛ فدونه كلمات الحزن والمدح والإشادة التي قيلت من كافة الأطياف والألوان بسوريا بعد استشهاده.

يروي أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إذا أحبَّ اللَّهُ العبدَ نادى جِبريلَ: إنَّ اللَّهَ يُحبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ ، فَيُحِبُّهُ جِبريلُ، فينادي جبريلُ في أَهلِ السَّماءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحبُّوهُ، فَيُحبُّهُ أَهلُ السَّماءِ، ثُمَّ يوضَعُ لَه القَبولُ في أَهلِ الأرضِ» (صحيح).

ليس لدينا جزم بمصير أحد بعد موته، ولا نستشهد بدليل على أحد مهما حسبناه على خير، أو نتألى على الله، لكن بالتأكيد من حقنا أن نستأنس بصدى هذا الحب الجارف وأثره، ونتمنى لهذا أو ذاك أن يكون له من هذا الحديث نصيب.

هذا الذي لم يمسك ببندقية قبل ثلاثة أعوام؛ صار رمزاً عسكرياً وميدانياً للثورة السورية، وترشح للعب دور كبير في عموم سوريا؛ فاغتالته يد الغدر، استباقاً للتحدي الأصعب الذي يواجه إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا، قبل إيران وسوريا.

إنه توحد كل الفصائل السورية تحت قيادة مركزية موحدة، يكون هذا القائد وغيره من قادة الثورة السورية في صدارتها؛ فلو بقيت قوى حركات وجماعات متفرقة طيلة عقود ما أقلقت أحداً.

إن الرجل لم يُستهدف لبلائه العسكري وحده، وإنما لقدرته على زرع المحبة في نفوس مناصريه، ورغبته في لم شمل المقاتلين، وهو ما يزعج من يرد لهذه الأمة أن تبقى متفرقة، لذا كان الكُلم الذي تركته وفاته في نفوس السوريين المؤيدين للثورة كبير.

لذا لا عجب أن يبقى للصالح أثره بعد استشهاده.

لقد عُرف القائد كرجل ترك تجارته مجاهداً بنفسه وماله؛ الذي أنفق منه على مشروعه الجديد - مشروع الشهادة-، ترك دنياه مبكراً في فجر الثورة؛ فانخرط في حراكها السلمي، ثم لما استحالت عسكرية، بادر إلى تشكيل لواء التوحيد؛ الذي نما ونما معه ذكر عبدالقادر الصالح، حتى صار رمزاً كعديد من رموزها الأبطال.

والرموز قد جرت الأقدار أن تبقى مؤثرة إذا ما كانت مخلصة في قومها لسنين وربما قرون.

إن من مفارقات الحوادث؛ أن عز الدين القسام قد صار أكثر إزعاجاً للصهاينة بعد استشهاده في معركة يعبد 1935، حيث تفجرت ثورة هذا الثائر، وظلت تتقد كلما خبا أوارها، حتى صار القسام الآن عنواناً لأحد أكبر الفصائل الإسلامية قوة على مستوى العالم.

تُطور أسلحة وصواريخ باسم الشهيد المجاهد، (عز الدين القسام) غدت قوة ردع لا يُستهان بها، لا تخشى إسرائيل أكثر مما تخشاها.

ذاك أن الأثر الطيب لا يزول، اليوم أعلن عن تشكيل (كتيبة الشهيد عبد القادر الصالح)، وغداً ستتشكل كتيبة أخرى باسم رمز جديد.

يستشهد شهيد فيولد مائة، يذهب الجسد ويبقى الأثر، ويستمر دور الشهيد، أوليس الله قد استشهد الشهداء على عباده، واتخذ منهم شهداء على الأمة؟!