العشرة الطيبة للشعوب الطيبة، تحليل مختصر (الشرق الأوسط يتحول)

خالد غريب

بدأ منذ فترة الترويج حول أن أمريكا ستُقلِّل اهتمامها بالأحداث في منطقة الشرق الأوسط، وتبارت التحليلات والأخبار في الصحف العالمية والمراكز البحثية حول تحول عميق في السياسة الخارجية الأمريكية بأن تحول اهتماماتها إلى منطقة شرق آسيا لاحتواء المتغيرات هناك وتسوية بعض الأمور الشائكة مع الصين وروسيا والكوريتين وكذا الهند وباكستان.

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


بدأ منذ فترة الترويج حول أن أمريكا ستُقلِّل اهتمامها بالأحداث في منطقة الشرق الأوسط، وتبارت التحليلات والأخبار في الصحف العالمية والمراكز البحثية حول تحول عميق في السياسة الخارجية الأمريكية بأن تحول اهتماماتها إلى منطقة شرق آسيا لاحتواء المتغيرات هناك وتسوية بعض الأمور الشائكة مع الصين وروسيا والكوريتين وكذا الهند وباكستان.

وبالفعل أظهرت الصحف الأمريكية هذا التحول في صورةٍ إعلاميةٍ كبيرةٍ فجأة انسحاب أمريكي من الاندفاع نحو الملف السوري. وكذلك تقليل الزخم الأمريكي حول الانقلاب العسكري المصري والبُعد النسبي عن الحوار الوطني اليمني... إلخ.

إلا أن الحقيقة غير ذلك تمامًا، وهي تدور حول الآتي:

1- أن أمريكا ليست غير مهتمة بمنطقة الشرق الأوسط؛ بل هي في الأساس لا تهتم إلا بها، واهتمامها بالمناطق الأخرى فقط لدعم سيطرتها على الشرق الأوسط.

2-   أن الانسحاب النسبي الأمريكي من ملفات الشرق الأوسط هو في ذاته جزء من خطة أمريكية للمنطقة وفي نفس سياق الاهتمام الكبير بها.

3-   أن الربط بين هذا وذاك هو أن أمريكا انتهت من مرحلة التفكيك للمنطقة وتتركها الآن في مرحلة التفاعل الذاتي محسوم النتيجة؛ وهو إنهاك كل القوى الفاعلة والممانعة لسياساتها القادمة بأن يُضعِف كل طرف الآخر إلى الحد المناسب على أن تراقب أمريكا من بُعد إبقاء التوازن النسبي بين المتصارعين ثابت بحيث لا ينتهي أحد الأطراف بالضربة القاضية.

4-   أن لا تسمح أمريكا بالقضاء التام على جماعة الإخوان المسلمين ولا على التيارات الإسلامية الفاعلة ولن تسمح أيضًا بالقضاء على خصومهم أو انهيارهم وهم من يُمثِّلون القوى العلمانية والشيوعية وبالطبع العسكرية.

5- أن الفترة اللازمة لهذا التفاعل الذاتي محسوم النتيجة في منطقة الشرق الأوسط يعتمد على المتغيرات اليومية، وسرعة تدفق المعلومات لمراكز أمريكا حول المنطقة، بحيث سيتم التحول إلى مرحلة جديدة عند وصول كل الأطراف إلى القدر اللازم من الإنهاك والخوف من الفناء التام.

6- أن المرحلة الجديدة القادمة هي ببساطة فرض النموذج الأمريكي المُعَد مسبقًا لخلافة مرحلة الحكم الجبري العسكري والذي فكّكته ثورات الربيع، حيث قامت أمريكا بمحاولة فرضه على المنطقة بِدأً بتونس إلا أنه لم ينجح نظرًا للممانعة، والحالة الثورية، وبعض مشاغبات الإسلاميين في المنطقة.

7- أن النموذج المُعَد للمنطقة هو أنظمة هشة خليط بين عدة أيديولوجيات متناحرة، تنصهر داخل مظلة عالمية بقيادة أمريكية على أن يُشارِك فيها الإسلاميين مشاركة مقلَّمة الأظافر لتفريغ اللغة الإسلامية الثورية لدى شعوب المنطقة.

8- أن الوقت الآن يقترب من الوصول إلى الحالة أو مستوى الإنهاك والضعف المطلوب لجميع القوى المتصارحة ممهِدًا الطريق للتدخل الأمريكي الحاسم لتمرير هذا النموذج الذي سيُرحَب به من جميع الأطراف.

9- أن ما يحدث في كل قطر عربي في المنطقة الآن مرتبط بشكلٍ معقَّد مع ما يحدث في الأقطار الأخرى، وهناك عدة شبكات تعمل عملية الهارمونية الحركية للمنطقة برمتها.

بمعنى: أن الصراع الجنوبي في اليمن، وانفجار جزئي للأوضاع في لبنان، والاقتتال القبلي الليبي، وحالة الردة في الوضع السياسي للمغرب العربي، والتنافس الأخوي الخليجي، وصراع الأسرة الحاكمة العنيف والغير مرئي والمخفي تحت عباءة مرض الملك عبد الله، وفتح الجبهات في الجنوب السوداني، وبعث الروح في جسد بشار الأسد في سوريا بعد موته إكلينيكيا، وهدم الاستقرار الوهمي العراقي من جديد ونسيان الملف النووي الإيراني مؤقتًا.

10- أن كل ذلك يدور وِفق نظام هارموني حركي معقَّد يرتكز على حالة الانفصال التام بين التواصل لجميع تلك الأقطار.

وهناك جهاز ضخم من مراكز المعلومات والتحليل التي تدير تلك الهارمونية المعقَّدة وِفق خطوط عريضة جامعة، تؤدي في النهاية إلى هدف أو عدة أهداف معينة وأظن أن الحل له لغة أخرى غير الذي كتبت به هذا التحليل أظنها لغة منسية لا يُجِيدها الكثير.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام