التوازن الحقيقي

الشريعة الإسلامية جاءت بالشمول والتوازن والوسطية التي جعلها الله سبحانه وتعالى من خصائص هذه الأمة بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً} [البقرة:143]. وهكذا كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه الكرام التي تُعتبَر قدوةً لنا في هذا التوازن وتطبيقًا له على الواقع.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية -
 

الشريعة الإسلامية جاءت بالشمول والتوازن والوسطية التي جعلها الله سبحانه وتعالى من خصائص هذه الأمة بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً} [البقرة:143]. وهكذا كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه الكرام التي تُعتبَر قدوةً لنا في هذا التوازن وتطبيقًا له على الواقع.



وعندما تغيب شمولية الإسلام وتوازنه عن كثير من الناس أو لا يتضحان في تصورهم بالقدر الكافي؛ يُخطِئون في فهم جوانب من نظام الإسلام، فيُغالون فيها أو يُقصِّرون. فينشأ عن خطأ الفهم انحرافٌ في السلوك والأخلاق، وقد كانوا في غنىً عن خطأ الفهم، وبمنجاةٍ من انحرافِ السلوكِ والأخلاق لو اتضحت لهم شمولية الإسلام وتوازنه.



إن الإسلام نظام شامل لكل نواحي الحياة، وله في كل قضية حكم، وفي كل نشاطٍ تشريع، وفي كل عملٍ فتوى، فينبغي اعتماد الأحكام الإسلامية في كل مناشط الحياة، دون غلو أو تقصير، أو إفراط وتفريط.



ولقد أدرك فقهاؤنا الأولون هذه الخاصية في الإسلام، فقسَّموا أمور الدين المطلوبة إلى درجات وكذلك المنهيات، وينبغي أن نعطي كل جزئية من الإسلام حقها من الاهتمام فلا تُقدَّم النوافل على الفروض.



ومن هذا المنطلق؛ فإن عدم تحقيق التوازن بين طلب العلم الشرعي والتحصيل الفكري والاهتمام بالواقع دليل على عدم التوازن ومدعاة للوقوع في الخطأ ومجانبة الصواب في كثير من الأمور -مع الاتفاق على شرف العلوم الشرعية-.



ونحن بحاجةٍ إلى واقعنا المعاصر إلى طاقاتٍ بشريةٍ تمتلك من المخزون الشرعي والفكري ما تستطيع أن تُميِّز به بين المكاسب والخسائر مع الإلمام التام بفقه الواقع عبر قنواته الصحيحة، وهذه من السُبل السليمة للنهوض بالأمة مع هذه التطورات السريعة للأحداث.



ومن فُتِح له في مجال ولم يُفتَح له في آخر فليس عليه إلا أن يفتح باب التعاون ونقل الخبرات، لأن الباحث الإسلامي المعتني برصد واقع الأمة وتحليل أحداثها ينبغي عليه أن يتواصل مع علماء الشريعة وغيرهم من الباحثين السياسيين والاقتصاديين لكي تكون تحليلاته واستنتاجاته واضحة وقريبة من الصواب.



ولا يشك عاقل أن الأمة تحتاج إلى: (العالِم، والعابِد، والداعية، والواعِظ، والمجاهد، والمتخصِّص في المجالاتِ الدنيوية، كالهندسة والطب والتقنية)؛ مما يزيد من قوة الأمة وتقدُّمها حتى تقوم بدورها الحقيقي في قيادة الشعوب والأمم.



وخِتامًا:



هذه هي شمولية الإسلام، وهذا هو التوازن الحقيقي؛ فلا تقتصر على جانب من الإسلام دون الأخذ بجميع جوانبه، ولا نُغالي في أمرٍ من أمور الإسلام بتضخيمه وإعطائه من الأهمية أكثر مما أعطاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ويجب أن نَزن الأمور بميزانِ الكتاب والسنة على فَهم سلف الأمة، فلا نُغالي ولا نُجافي، ولا نتقدَّم ولا نتأخَّر عن هدي الكتاب المبين وسنة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.

ناصر بن سعيد السيف