أقسام الصمت والوسائل المعينة عليه

قال الغزالي: وأما الصمت فإنه تسهله العزلة، ولكن المعتزل لا يخلو عن مشاهدة من يقوم له بطعامه وشرابه وتدبير أمره، فينبغي أن لا يتكلم إلا بقدر الضرورة، فإنَّ الكلام يشغل القلب، وشَرَهُ القلوب إلى الكلام عظيم، فإنَّه يستروح إليه، ويستثقل التجرد للذكر والفكر، فيستريح إليه، فالصمت يلقِّح العقل، ويجلب الورع، ويعلم التقوى.

  • التصنيفات: محاسن الأخلاق -

 

  • الصمت ينقسم إلى قسمين: 
  1. صمت محمود: أي أن تصمت عن كلِّ ما حرَّم الله ونهى عنه، مثل الغيبة والنَّمِيمَة والبذاءة وغيرها، وكذلك الصمت عن الكلام المباح الذي يؤدِّي بك إلى الكلام الباطل.
    قال ابن عبد البر: وإنما الصمت المحمود الصمت عن الباطل [2253] ((التمهيد)) (22/20).
    وقال العيني: الصمت المباح المرغوب فيه ترك الكلام الباطل، وكذا المباح الذي يجرُّ إلى شيء من ذلك [2254] ((عمدة القارىء شرح صحيح البخاري)) (16/291).

     
  2. صمت مذموم: كالصمت في المواطن التي يتطلَّب منك أن تتكلم فيها، مثل الأماكن التي ترى فيها المنكرات، وكذلك الصمت عن نشر الخير، وكتم العلم. وقد اختلف الفقهاء في الصمت هل هو حرام أو مكروه؟ والتحقيق أنه إذا طال، وتضمن ترك الواجب صار حرامًا، كما قال الصديق رضي الله عنه [2255] ((مختصر الفتاوى المصرية)) للبعلي (25/294). قال علي بن أبي طالب: لا خير في الصمت عن العلم، كما لا خير في الكلام عن الجهل [2256] ذكره الرازي في ((تفسيره)) (2/401)، والنيسابوري في ((غرائب القرآن))   (1/227).
    وقال ابن تيمية: والصمت عما يجب من الكلام حرام، سواء اتخذه دينًا أو لم يتخذه [2257] ((مجموع الفتاوى)) (25/294). وقال أيضًا: فقول الخير وهو الواجب أو المستحب خير من السكوت عنه [2258] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية  (25/293). وقال الباجي: وأما الصمت عن الخير وذكر الله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فليس بمأمور به، بل هو منهي عنه نهي تحريم، أو نهي كراهة [2259] ((المنتقى شرح الموطأ)) (7/242). وقال العيني: والصمت المنهي عنه ترك الكلام عن الحق لمن يستطيعه، وكذا المباح الذي يستوي طرفاه [2260] ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري))(16/291).

     
  • الوسائل المعينة على اكتساب الصمت: الوسائل المعينة على اكتساب صفة الصمت كثيرة نذكر منها ما يلي:
  1. النظر في سيرة السلف الصالح، والاقتداء بهم في صمتهم.
  2. التأمل في العواقب الوخيمة والسيئة للكلام الذي لا فائدة فيه، والذي يفضي إلى الكلام الباطل.
  3. العزلة والابتعاد عن المجالس التي يكثر فيها اللغط والفحش والكلام البذيء.
    قال الغزالي: وأما الصمت فإنه تسهله العزلة، ولكن المعتزل لا يخلو عن مشاهدة من يقوم له بطعامه وشرابه وتدبير أمره، فينبغي أن لا يتكلم إلا بقدر الضرورة، فإنَّ الكلام يشغل القلب، وشَرَهُ القلوب إلى الكلام عظيم، فإنَّه يستروح إليه، ويستثقل التجرد للذكر والفكر، فيستريح إليه، فالصمت يلقِّح العقل، ويجلب الورع، ويعلم التقوى [2261] ((إحياء علوم الدين)) (3/76).
المصدر: الدرر السنية