استعد للحصاد

منذ 2014-04-01

من العلماء من شبه شهر رمضان بشهر الحصاد؛ شهر التقاط الثمار(شهر جمع الحسنات) وأما شهر شعبان فهو شهر إعداد الحاويات التي ستملأ بالثمار، فكلما كانت الحاويات اكبر وأكثر، فهذا يعني أن كمية الحصاد ستكون قطعًا أكثر وأوفر.

منذ أكثر من عقدين كنت أعجب للذين يستطيعون ختم القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك مرات عديدة، وكنت أشعر تجاههم بالغبطة، فالنفس تواقة لمنافسة المجتهدين، وفي نفس الوقت كنت أتساءل من أين لهم الوقت لكل هذا؟

واذا بتعليق من إحدى الأخوات يلفت نظري، وهو أن المجتهدين في رمضان هذا العام هم نفس المجتهدين في كل رمضان، بل في كل المواسم.

فتعحبت من نفسي أكثر، فاليوم الرمضاني على سبيل المثال مشحون بالأعمال الدينية والدنيوية وإن كانت تسير كلها في نفس الاتجاه وهو مرضاة الله سبحانه وتعالى  لكنها كثيرة.

وتمر السنون ويرزقني الله حضور محاضرة لإحدى الأخوات تتحدث من خلالها عن فضل شهر شعبان الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر الصيام فيه، وذكرت أن من العلماء من شبه شهر رمضان بشهر الحصاد؛ شهر التقاط الثمار(شهر جمع الحسنات) وأما شهر شعبان فهو شهر إعداد الحاويات التي ستملأ بالثمار، فكلما كانت الحاويات اكبر وأكثر، فهذا يعني أن كمية الحصاد ستكون قطعًا أكثر وأوفر، فأيقنت أن هذا هو الرد على تساؤلي.

وذكرني ذلك بخطبة سمعتها في أحد المساجد، كان الخطيب يتحدث عن فضل شهر رمضان، فكان يقول أن الناس دائمًا  ما يتسابقون وقت مواسم التخفيضات أو التنزيلات، وليتهم يتنافسون بنفس الجدية في رمضان موسم الطاعات، لكنه لم يكن يبين أن الناس حين تتسابق على التنزيلات (التخفيضات) فإنها تتدخر طوال العام  لتنال حظها منها من موسم التخفيضات فهي تستعد منذ بداية العام لتقتنص الفرصة فالفرص تحتاج إلى تجهيز مبكر.

فلو أن المسلم اعتاد طوال العام أن يجعل للعبادات جزءًا من وقته بشكل دائم بل أجزاء لأن العبادات متنوعة والنوافل كثيرة.

والأفضل من ذلك أن تكون جزءًا من تكوينه وشخصيته، فإذا تعرض للنفحات الربانية الخاصة بأزمنة معينة أو أمكنة معينة لا يشق عليه الأمر بل يجده شيئا سهلا مألوفا لديه ونستطيع أن نلمس الفرق الواضح في ذلك الأمر لمن اعتاد الصوم قبل رمضان وبين الذي يبدأ صومه مع بداية رمضان فيكون أكثر معاناة من الجوع والعطش وغيرهم.

فالمحظوظ حقا من تكون عاداته عبارة عن عبادات وليس العكس وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

و هنا نذكر الحديث الذي دار بين الرسول صلى الله عليه و سلم و أبي بكر رضي الله عنه إذ سأل الرسول صلى الله عليه و سلم أصحابه فقال: «مَن أصبحَ منكُم اليومَ صائمًا ؟ فقال أبو بكرٍ : أنا فقالَ : مَن أطعَم منكُم اليومَ مِسكينًا ؟ فقال أبو بكرٍ : أنا فقالَ : من تبعَ منكُم اليومَ جنازةً ؟ قال أبو بكرٍ : أنا قال : مَن عاد منكُم اليومَ مَريضًا ؟ قال أبو بكرٍ : أنا فقالَ رسولُ اللهِ : ما اجتَمعَت هذهِ الخِصالُ قطُّ في رجُلٍ في يومٍ إلادخلَ الجنَّةَ» (صحيح الترغيب؛ رقم: [3473])

فأبوبكر هو الصحابي الأول في المكانة و في ميزان الأمة كلها و الأمر لم يكن مصادفة فهو رجل قد إعتاد العبادة و عمل الخيرات فمن الطبيعي أن يكون له السبق و أن يكون دائمًا مستعدا للحصاد.

 

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.

  • 3
  • 0
  • 1,560

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً