الأمعاء الخاوية

منذ 2014-04-17

ما دفعني للكتابة اليوم حقيقة: هو انتقال تلك المعارك عبر حدود سايكس بيكو -وكأنها محض تراب- إلى أرض مصر وسجونها، ومع كل انتقال مثل هذا يطرب قلبي إذ يضرب الانتقال بسور جديد في قلوبنا وعقولنا عن الحدود القائمة..

الحقيقة أن تلك التسمية أخذت صيتها الحقيقي من أهل العزة في فلسطين، وخاصةً المعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني، وارتبطت في أذهاننا بهزيمة خيالات الدراويش الذين ملأوا عقولنا يومًا بولي صالح لم يقارب الطعام لأربعين يومًا متوالية، ومنهم من أخذه الخيال بأن الله كان يطعمه ويسقيه من طعام الجنة، وأنه ترقى في معارج الولاية حتى صار الله يطعمه ويسقيه بغير ما يطعم أهل الأرض.

حتى جاء أهل فلسطين الكرام فرأينا منهم الامتناع عن الطعام حقيقة واقعية لا خيالاً صوفيًا، وأرقامًا مسجلة لا هرطقات درويشية فاقت في بعض الأحوال المئة يوم، ليقولوا للعالم أجمع نحن الأولياء بحق، لكن ما دفعني للكتابة اليوم حقيقة هو انتقال تلك المعارك عبر حدود سايكس بيكو -وكأنها محض تراب- إلى أرض مصر وسجونها، ومع كل انتقال مثل هذا يطرب قلبي إذ يضرب الانتقال بسور جديد في قلوبنا وعقولنا عن الحدود القائمة.

حديثي اليوم عما يفعله (عبد الله الشامي) في المعتقل من إضراب عن الطعام، كأنه امتداد طبيعي لأهل الله أولياء فلسطين، ورغم أنه يعرف أنه يتعامل مع نظام أسوء من الصهاينة، ويدرك أنه ربما لن يلاقي نفس النتيجة كمثيلاتها في سجون الاحتلال، إلا أنه يا سادة يقول بشكل لا يقبل المفاصلة إذا كان الانقلاب يعتبرني أنا ومن معي من المضربين عن الطعام أرقامًا! فنحن أرقامًا مزعجة، أرقام المعجزة.. أرقام لا تليق إلا بالأولياء الصالحين.

فيثبتون أنهم لم يثوروا يومًا من أجل العجين -كما يدعي البعض- إنما من أجل الله الذي كرم الإنسان وأعلى من قيمة العدل فصارت صفته جل وعلى، وجعل الحرية جزءًا مما يناط به التكليف إجلالاً لها، يثبتون أن الكرامة والحرية أغلي من الملح والعجين، وأغلى من الصحة ذاتها وأنه لا مكان لحياة الذل في حساباتهم.

أما جهاد (زوجة) عبد الله الحرة المضربة تضامنًا مع إضراب زوجها، فليس ذلك من أجل الزوج الغائب، بل من أجل الكرامة الغالية والحرية الغالية، وقد قدر الله لهما أن يكون لهما من اسميهما نصيب، فالأول (عبدُ لله) لا يحني لغيره الجبين، والثانية (مجاهدة) فيه لا تلين، يجمعا في اسميهما حقيقة الإسلام (توحيد وجهاد) بارك الله فيهما وفي أسرتيهما وفي بيتهما وذريتهما، وأصدقائهما وأحبائهما وكل من دعا لهما في سر أو علن، وإني أحمد ربي على أن زوجتي كانت سببًا ما في بناء تلك الأسرة، فأكرم بها من أسرة ستصبح أيقونة للأمعاء الخاوية عنوانها: (عبد الله وجهاد).

اليوم 7 أبريل:
اليوم 77 لإضراب عبد الله
اليوم 24 لإضراب جهاد
 

 إسلام العدل
 

المصدر: جريدة الصفوة الإلكترونية
  • 0
  • 0
  • 742

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً