(1) لماذا سمي رجب؟

محمد صالح المنجد

رجب وما أدراك ما رجب، شهر من أشهر الله الحرم، ولكن أحدث الناس فيه من البدع ما لم ينزل به الله من سلطان..!

  • التصنيفات: ملفات شهر رجب والإسراء والمعراج -

الحمد لله الواحد القهار والصلاة والسلام على النبي المختار وعلى آله وصحبه الطيبين الأطهار..

وبعد: فالحمد لله القائل: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ..} [القصص:68]، والاختيار هو: الاجتباء والاصطفاء الدال على ربوبيته ووحدانيته وكمال حكمته وعلمه وقدرته.


ومن اختياره وتفضيله اختياره بعض الأيام والشهور وتفضيلها على بعض، وقد اختار الله من بين الشهور أربعة حُرمًا قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ..} [التوبة:36]، وهي مقدرة بسير القمر وطلوعه لا بسير الشمس وانتقالها كما يفعله الكفار.

والأشهر الحرم وردت في الآية مبهمة ولم تحدد أسماؤها، وجاءت السُنة بذكرها، فعن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع وقال في خطبته: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات ذو القَعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان» (رواه البخاري رقم:1741، في الحج، باب: الخطبة أيام منى، ورواه مسلم رقم:1679، في القسامة باب: تحريم الدماء).

وسمي رجب مضر: لأن مضر كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم، وهو النسيء المذكور في قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ الله..} [التوبة:37]، وقيل أن سبب نسبته إلى مضر أنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك.

سبب تسميته:
قال ابن فارس في معجم (مقاييس اللغة: ص445): "رجب: (الراء، والجيم، والباء) أصلٌ يدل على دعم شيء بشيء وتقويته، ومن هذا الباب: (رجبت الشيء) أي عظّمته فسمي رجبًا لأنهم كانوا يعظّمونه، وقد عظمته الشريعة أيضًا" (أ.هـ).

وقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر رجب (مُنصّل الأسنّة)، كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال: "كنا نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجرًا هو أخيرُ منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرًا جمعنا جثوة -كوم من تراب- ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه، ثم طفنا به، فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصّل الأسنة، فلا ندع رمحًا فيه حديدة، ولا سهمًا فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه في شهر رجب" (رواه البخاري)، قال البيهقي: "كان أهل الجاهلية يعظّمون هذه الأشهر الحرم، وخاصة شهرَ رجب، فكانوا لا يقاتلون فيه" (ا.هـ).