ثمراتُ الرِّضا اليانعة (5)

عائض بن عبد الله القرني

ومنْ ملأ قلبه من الرضا بالقدر، ملأ اللهُ صدرهُ غِنىً وأمْناً وقناعةً، وفرَّغ قلبه لمحبَّتِه والإنابِة إليه، والتَّوكُّلِ عليه. ومنْ فاته حظُّه من الرِّضا، امتلأ قلبُه بضدِّ ذلك، واشتغل عمَّا فيه سعادتُه وفلاحُه.

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -
  • السُّخْطُ بابُ الشَّكِّ: والسُّخطُ يفتحُ عليهِ باب الشَّكِّ في اللهِ، وقضائه، وقدرِه، وحكمتِهِ وعلمِهِ، فقلَّ أنْ يَسْلَمَ الساخِطُ منْ شكٍّ يُداخلُ قلبه، ويتغلغلُ فيه، وإنْ كان لا يشعرُ به، فلوْ فتَّش نفسه غاية التفتيشِ، لوَجَدَ يقينهُ معلولاً مدخولاً، فإنَّ الرضا واليقين أخوانِ مُصطحبانِ، والشَّكَّ والسُّخط قرينانِ، وهذا معنى الحديثِ الذي في الترمذيِّ: «إنِ استطعت أن تعمل بالرِّضا مع اليقينِ، فافعل. فإن لم تستطع، فإن في الصبر على ما تكره النَّفْسُ خيْراً كثيراً».

    فالساخطُون ناقِمون منْ الداخلِ، غاضبِون ولوْ لمْ يتكلمَّوا، عندهم إشكالاتٌ وأسئلةٌ، مفادُها: لِم هذا؟ وكيف يكونُ هذا؟ ولماذا وقع هذا؟
     
  • الرِّضا غِنىً وأمْنٌ : ومنْ ملأ قلبه من الرضا بالقدر، ملأ اللهُ صدرهُ غِنىً وأمْناً وقناعةً، وفرَّغ قلبه لمحبَّتِه والإنابِة إليه، والتَّوكُّلِ عليه. ومنْ فاته حظُّه من الرِّضا، امتلأ قلبُه بضدِّ ذلك، واشتغل عمَّا فيه سعادتُه وفلاحُه.

    فالرِّضا يُفرِّغُ القلب للهِ، والسخطُ يفرِّغُ القلب من اللهِ، ولا عيش لساخِطٍ، ولا قرار لناقِمٍ، فهو في أمر مريجٍ، يرى أنَّ رزقهُ ناقصٌ، وحظَّهُ باخِسٌ، وعطيَّتهُ زهيدةٌ، ومصائبهُ جمَّةٌ، فيرى أنه يستحقّ أكْثر منْ هذا، وأرفع وأجلَّ، لكنّ ربَّه – في نظرِهِ – بخسهُ وحَرَمَه ومنعَهُ وابتلاه، وأضناهُ وأرهَقَه، فكيف يأنسُ وكيف يرتاح، وكيف يحيا؟ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}.