العلامة أبو إسحاق الحويني وخالد الجندي وآخرون إذ يختصمون

محمد جلال القصاص

ياخالد ! لو كلفت خاطرك بالنظر في كتابهم ما استحييت ، وما عدت إلينا
تتطاول على رموز أمتنا .. تلك الجبال الراسية والشواهق العالية ..
البخاري وابن عروة ...

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
بسم الله الرحمن الرحيم

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 

في حسِّي وحسِّ كثيرين يجلس فضيلة الشيخ ( أبو إسحاق الحويني ) عالياً ، متربعاً ، بهياً ... و لخالد الجندي مَن يحبوه .

خالد الجندي وبعضُ الصحفيين يتكلمون في الثقات من علماء الأمة يهونون أمرهم !!، وصولاً لردِّ حديث زواج الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ في سن التاسعة من عمرها ، والحديث في البخاري !! ، وهم بهذا يدافعون عن الحبيب صلى الله عليه وسلم ـ زعموا ـ.

وحسنُ النية قد يرفع العقوبة عن الفاعل ، أو يخففها ، أو قد ينال الفاعل بحسن النية مع سوء الفعل الأجر من الله . قد . ولكن حسن النية أبداً لا يكفي لتبرير الفعل والسكوت عليه فضلا عن تمريره والدعوة إليه .

ولست هنا للتعقيب على الشيخ أبي إسحاق الحويني ، فشأني دون ذلك ، ولا للتهكم على خالد الجندي أنْ تكلم في غير ما يحسن فعندي ما يشغلني عن ذلك ، أمسكت قلمي لأسجل هذه المداخلة ، باعتبار أنني أحد المختصين بالرد على النصارى ، وهي إضاءة على الحوار ، واستحضارٌ لمن غاب عمداً وما كان له أن يغيب .!!

ـ زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة إحدى شبهات النصارى التي يتكلمون بها ليل نهار ، ولم يتكلم بها أحدٌ قبلهم ، فالملاحظ أن المشركون الأُوَلْ كانوا يتكلمون بالكذب والبهتان على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وما تكلم أحد منهم في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة وهي في التاسعة من عمرها بنصف كلمة ، ببساطة لأنه كان أمراً عادياً جداً وقتها .

للشبهات مضمارٌ تجري فيه . أنت في آخره ياشيخ ـ حفظكم الله وسدد خطاكم ـ ، تسد النهر من مصبِّه والشأن في منبعه .

عكف المستشرقون على كتب المسلمين فأعادوا قراءتها من جديد ، ونبشوا عن الشاذين فكرياً من القرون الأولى وما يليها ، فاستحضروهم من جديد بطبع كتبهم وترويجها ، وعمدوا إلى الكذب المباشر أو غير المباشر ببتر النص من سياقه العام ثم استعمال مقدمات عقلية وعرفية لتفسيره ، وكذا اعتمدوا الضعيف والشاذ وما لا يصح من الحديث وأقوال علماء المسلمين ، ومن ثم أخرجوا كماً هائلاً من الزور والبهتان نسبوه للإسلام . ثم طرحوا هذه الشبهات على المسلمين ، المبتعثين إلى بلادهم ، والمشرئبين بأعناقهم ـ في بلادنا ـ لهم ، فشربها قومٌ ، ومِنْ ثَمَّ رددوها ، فصاروا في جندهم وإن لم يرفعوا صليبهم ، وتفاعل معها المنهزمون كمحمد عبده وعباس العقاد ، وتفاعل المخلصون من أهل الحديث والأثر ، ثم راح هؤلاء المجرمون يعمُّون على كلام المخلصين ، وأفادوا من كلام المنافقين المرددين لأقوالهم والمنهزمين المتنصلين من الثابت في دينهم!!

إن كل الأفكار الهدامة أصلها من ( الآخر ) نصارى أو يهود ، بالأمس البعيد والقريب واليوم . فالتعطيل والإرجاء جاء من الجعد والجهم ، ويهود هي التي علمت الجعد ، والجعد علم الجهم ، والقدر وسوس به سَوسنُ النصارني لمعبد الجهني ، ذكر ذلك الحافظ الذهبي في ترجمة معبد الجهني ، وعِلم الكلام من الفلاسفة والزنادقة ، وقاسم أمين أخذ ما كتب في الكتابين ( تحرير المرأة ) و( المرأة الجديدة ) من الكافرين ، تحديداً من ( مرقص فهمي ) ومن الاعترضات الأوروبية على ( الرحلة الأصمعية ) التي طبعت باللغة التركية ، وأخذه مما كتب الدوق الفرنسي في كتابه ( المصريون ) ، ثم جاء النصارى ( مستعمر ومستشرق ) و( نفخوا ) فيما تكلم به قاسم أمين من كلامهم ، ونسبوه إليه ، وترجموه إلى عدة لغات ، ونشروه في كل البلدان على أنه كلام المسلمين عن إسلامهم !!
وماذا حدث ؟
انشغلنا نحن بين منافق متبع لقاسم أمين يردد قوله ، ومنهزم يحاول أن يُشَرْعِنْ باطل قاسم أمين ، ومخلص يرد على هؤلاء ، وراح الملأ من الذين كفروا من أهل الكتاب ينقلون المشهد لقومهم ، يقولون لهم : ( المسلمون ) يتبرءون من الحجاب ، ويشجبون على الطلاق ، ويأبون التعدد ، ويتعاملون بالربا ، ويستحسنون ما أنتم عليه ، والمسلمون يحبون هديكم ، ويسعون في تقليدكم ، ويرضون دينكم ، وبهذا صرفوا عوامهم عن الإسلام ، بعد أن قدموه لهم مشوهاً . وأشغلونا بأنفسنا . نرد على المنافقين والطيبين المنهزمين ، والسماعين المتأثرين بأقوال المنافقين والكافرين .

يا شيخ حفظكم الله !!

لا تقف عند خالد الجندي فليس بصاحبك ، واخرج إلى من افتعل الشبهة . وخذ الجندي في الطريق وأنت ترد على الأفاكين الآثمين الذين يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون ، بيِّن أمرهم للناس كي لا يتبعوهم ، فإن بان للناس أمرهم انتهى كيدهم وبطل سحرهم ، في هذه الشبهة وفي غيرها . أما الرد على شبهة بعينها وعلى منهزمٍ يريد أن يتجمل في عين عدوه ، وهو عدوه وإن تجمل وتبختر ، فهذه صغيرة ، دعها لنا أو لمثلنا .

لا أعيب الرد ، أبداً ، بل هو واجب ، ولكنك الآن في مصبِّ النهر ، تريد أن توقفه من مصبه ، وهيهات ، سيشغلوك ، ولن تنتهي منهم ، بالأمس ( رضاع الكبير ) ، و ( حد الردة ) , ( واليوم ( زواج السيدة عائشة ) وغداً ربما ( مدة الحمل ) ، ولن تنتهي ، فشأنك والأفاكون الذين يعرفون الحق وهم له منكرون ، الذين يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون .
اخرج إليهم ، فإنهم في ديارنا ، يختالون على عرض نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ... يسبون ويسخرون ويستهزءون ، وبنساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمؤمنين يتشببون . اخرج إليهم فقد أَمِرَ أمرهم ، وعظم خطرهم ، ورُفِعَ صليبهم ، واشتد حاديهم ، وأقبلوا من كل حدبٍ ينسلون ، ولا يلزم الأمر ما يحذره القوم من ذكر الأشخاص وإنما معالجة الشبهات معالجة شاملة ، تبين أن هناك أفاكين ـ أياً كان اسمهم أو وصفهم ـ هم الذين يفترون .

والأستاذ خالد الجندي كالجهم بن صفوان .
الجهم ضاق صدره بقول الله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) فودَّ أن لو محاها من المصحف بيده . ليستقيم الأمر على هواه . وخالد الجندي استحى من زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة وهي في التاسعة من عمرها ، فراح يمحو الحديث من الصحيح ، يريد أن يتجمل في عين عدوه .
هي حالة من الجهل ، والكبر ، والانهزامية .
جهل جعلهمما ـ وأمثالهما ـ يظنان أن في الدين ما يحتاج للشطب أو الرد ، وانهزامية بها كبر الكافر والفاسق في صدرهم ، فارحوا يتجملون أمامهم ، وكبر جعلهم لا يرجعون إلى المختصين بل يشاكسون العلماء الربانيين .

والعيب عند الجهم وعند الجندي .

القضية ليست هكذا مطلقاً يا خالد .
ليس ثم شبهة ، وليس ثم ما نستحي منه ، قد كان الكبير يتزوج الصغيرة ، وكانت البنت تخطب دون التاسعة ، وتتزوج في التاسعة من عمرها ، قبل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والسيدة عائشة ذاتها كان قد تكلم لخطبتها قبل النبي صلى الله عليه وسلم جبير بن المطعم ـ كما يقول بن كثير في البداية والنهاية ـ ، والآن ظهرت حالات في مصر والجزائر واستراليا بل وأوربا تحمل البنت وتضع وهي في الابتدائي ، وفي البلاد الباردة يتكلم الأوربيون ( البريطانيون تحديداً ) بأن البنت تبلغ عندهم .. في بلادهم الباردة .. في التاسعة من عمرها ، وأن حالات الإجهاض تتكرر دون الثالثة عشر ومنشور ذلك على مواقع النت بالصوت والصورة ،وهو قريب لمن يطلبه .
والنصارى هؤلاء الذين تتكلم إليهم ، عندهم مثل ذلك !!
فالسيدة العذراء ولدت السيد المسيح ـ عليه السلام ـ وهي في الثانية عشر من عمرها ، وكانت قبل أن تحمل به أي في التاسعة تستعد للزواج من يوسف النجار ، وهو شيخ كبير طاعن في السن قارب التسعين من عمره !!. وداود ـ عليه السلام ـ عندهم حين شاب وغاب عقله زوجوه بفتاة صغيرة . وعندهم ما هو أشد وأقبح يقولونه عن نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ وغيره من أنبياء الله ، واستحي والله من ذكره في هذا المقام . والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن بالعجوز المحدودب الظهر الذي لا ينهض من الأرض إلا بغيره ، ولا يسير إلى على ثلاث ؛كان شاباً فتياً جميلا ، أجمل الناس شكلاً ، وأقواهم بدناً ،وأحسنهم صوتاً ، وأحسنهم للنساء ... يجامع حتى يكسل ، ولم يظهر عليه آثار الشيب يوم تزوج السيدة عائشة ـ رضي الله عنها .
فمن ذا الذي يعيب ؟ ومن ذا الذي يعاب ؟

ياخالد !
لو كلفت خاطرك بالنظر في كتابهم ما استحييت ، وما عدت إلينا تتطاول على رموز أمتنا .. تلك الجبال الراسية والشواهق العالية .. البخاري وابن عروة .

وياخالد !

لهذا يطمعون فيك ، سمعتهم مرةً في قناتهم ـ تحديداً برنامج سؤال جريء ـ يقولون دعَوْنا ( الشيخ ) خالد الجندي للمناظرة ولم يأتِ ، ولو رأوا فيك بأساً ما دعوك ، ولو رأوا فيك عزة بدينك ما دعوك ؛ ولكن علموا أن وجهك إلينا ، تستحي وتنفي ، ولا تخاطب القوم في معتقدهم .

ويا خالد !
لي منك رجاء ، إن دعوك وكنت مشغولاً فادعنا نكفيكهم ، ونبين للناس فجرهم وسوء معتقدهم ، وقباحة قولهم ، أو فادعهم لشيوخنا فإنهم أهل علم وفضل. وثانية لا تستحي من شيء ، وثانية لا تكسل وانشط وأقرأ ما عند القوم ، فإنهم على قبيح ويدعون لقبيح ، ويتكلمون بالقبيح .


لمزيد من المراجع :
http://saaid.net/book/open.php?cat=88&book=4911
المصدر: طريق الإسلام