السهل الممتنع

منذ 2009-07-20

أُحسّ حين أهمّ بالحديث عنه؛ أني مفتقر إلى لغة أخرى, غير مفرداتي التي تعودتها....


ذلكم هو ابن جبرين.

أُحسّ حين أهمّ بالحديث عنه؛ أني مفتقر إلى لغة أخرى, غير مفرداتي التي تعودتها.

إنه من البقيّة الصالحة, الذين تنصرف إليهم معاني الذكر الحكيم, فهماً لها, وتحققاً بها, نحسبه كذلك والله حسيبه, حتى إني صليت الليلة مع إمام؛ فقرأ: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} [سورة القصص: 76]، حتى بلغ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [سورة القصص: 83], فلا والله؛ ما وجدت أخلق به منها, فيمن خالطت وجالست, على أننا لا نتحجّر واسعاً, والخير في هذه الأمة إلى يوم القيامة.

قبل عشرين سنة (1410هـ) بدأني هو بالزيارة، وسهر في بيتي مع ثلّة من أبنائه الصغار, الذين يسميهم (مشايخ) بكل عفوية وصدق، وبات عندي، فلم أر معه لباساً غير ثوبه الذي على ظهره، ولا منشفة؛ فيكفيه أن ينفض الماء عن يديه أو عن بدنه، يصدق عليه حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الْبَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ» [كما عند أبي داود وابن ماجه وأحمد، والحاكم وصححه الألباني].

لا يفكّر في الطعام الذي تقدّمه له، إن كان مفاطيح، أو كان معلّبات، على أنه كريم حق كريم.

ولا يخطر في باله إن كان الذي استقبله بالغ في الحفاوة، أو عامله بجفاء، هو نمط مختلف، تجرّدت نفسه من حظّ نفسه، فلا يرى لنفسه على أحد حقاً، بيد أنه قوّام بحقوق الناس على أكمل الوجوه.

تراه؛ فيبادرك ويعانقك، وربما حاول أن يقبل رأسك، لكن هيهات أن يرضى بتقبيل رأس أو يد؛ بل ينفر من ذلك, دون تصنّع.

دخل المجلس مرّات؛ فألقى السلام على من حوله, وقعد في طرف المجلس متسللاً مستخفياً, لا يحب أن يعلم به أحد، فإذا نذروا به, فقاموا إليه, وقدموه؛ تباطأ وتلكّأ, وسايرهم على مضض.

لا تجد في لغته: ونرى، ونقول، والذي نختاره، وعندنا، قلت؛ وليس أسهل عليه من أن يعدل عن قوله إلى قول غيره.

لا أقول يرجع إلى قول ابن باز, حين اتصل به, وطلب إليه العدول عن اجتهاده أو رأيه في مسألة ما (ولديّ من ذلك حالات وأمثلة)، ولا أعني رجوعه بناءً على تنبيه من أكابر المشايخ وأهل العلم؛ لقد أدهشني مرة أن كان بالرّس فسُئل عن مسألة المساهمة في الشركات التي فيها نسبة قليلة من الربا, وأصل نشاطها مباح، فقال: "كنت قلت بتحريمها ثم قرأت جواب فلان, وأنا الآن أقول به"..

وسمى عبداً مثلي, لا يصلح أن يكون من تلاميذه.

رأيت الإمام يلقننا نكران الذات، وتمام التجرّد، ونسيان النسيان، على أننا ونحن نتذكره؛ نبحث عن موطئ قدم لنثني على ذواتنا، ونتحدث عن ذكرياته معنا، وثنائه علينا، هو كان يدرسنا حياً، وهو الآن يوبخنا ميتاً:
"وكانت في حياتك لي عظات وأنت اليوم أوعظ منك حيا!".

وفي حديث حارثة بن وهب -رضي الله عنه- قال: قال قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : «ألا أخّبْرُكم بأهل الجنَّة؟»، قالوا: "بلى"، قال: «كلُّ ضعيف متضَعِّف, لو أقْسمَ على الله لأبرَّه» [رواه البخاري ومسلم].

ولعل من علامات القبول والتوفيق, أنني بينما أكتب هذا الحديث؛ جاءتني رسالة بالجوال فيها؛ يقول صلى الله عليه وسلم: «حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ، لَيِّنٍ، سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ» [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].

ويقول عليه الصلاة والسلام: «أنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرضِ» وهو حديث متفقٌ عَلَيْهِ.

والذين عرفوا الشيخ عن كثب, أو جالسوه, يُطْبِقُون على أنه سهل قريب، الوصول إليه سهل، والانتفاع به سهل، والتعلم منه سهل، وإقناعه سهل.

نعم؛ هو متواضع، على أن التواضع يوصف به من يعرف أنه رفيع, ولكنه يوطّن نفسه على مرتبة أقل من قدره، أما هو فهو غفل عن منزلته، وكأن ذاكرة الذات منزوعة من برنامجه أصلاً، وليست ممسوحة المادة!!

من سهولته بذله العلم لكل أحد، منذ ستين سنة، يدرّس الثلاثة والأربعة، بكامل الهمة والإخلاص واستحضار العبودية، ويدرس الآلاف في دورة أو محاضرة فلا يراهم، إنما يرى الثلاثة أو الأربعة القريبين من ، حتى نبرة الصوت واحدة، والأداء واحد.

لست أشكّ أنه أكثر العلماء اليوم تجاوباً ومشاركة في المناشط والدروس والدورات في المدن والقرى والأرياف والمراكز والمساجد، تستجيب للطفل الصغير، وللشيخ الكبير، وللأمير وللفقير.

ومن سهولته أنه يستوعب المستجدّات والمتغيرات، ويوظف الأدوات الحديثة للدعوة، من يوم أن كان البريد العادي هو الوسيلة الفعّالة، إلى عصر الإنترنت، حيث دشن موقعه واعتنى به، وأقام حفلاً مشهوداً في منزله؛ حضره كبار المشايخ والعلماء، إلى عصر الفضاء، حيث لم يطل تردده حتى اقتحم عالم القنوات الفضائية، وصار يقدّم البرامج الإعلامية حتى على دروس المسجد إذا تعارضت؛ لما لمس من أثرها, وأدرك صداها على القريب والبعيد، وقد عوّد أقرانه على أن يتقبلوا منه هذا التجرد, ولا يطيلوا التثريب عليه!

ومن سهولته أنه يستمع أكثر مما يتحدث ؛ كما وصفه بذلك رفيق دربه معالي الشيخ عبد الله الركبان - حفظه الله-، ولا يرى نفسه أكبر من أن يستفيد، فإذا أُسند إليه الحديث تحدّر كالسّيل، وأقبل كالبحر، يستشهد بالآيات المحكمة، والأحاديث بنصوصها وتخريجها، والشعر العربي الفصيح، وأقوال الفقهاء والأئمة، ومقامات الأدباء، ويتكلم في سائر العلوم؛ وكأنه موسوعة حوت من ألوان المعارف ما يعجب أو يطرب.

شرفني بأن يناقش أطروحتي للدكتوراه، وقرأها خلال فترة وجيزة على تزاحم أشغاله، وقد كنت قضيت فيها وقتاً طويلاً أدرّسها في المسجد ثم أكتبها وأخرجها.. لبضع سنوات.. وحين ناقش كان قرأها مرة حرفاً حرفاً، وصحح واستدرك, حتى شعرت بأنني أصغر وأصغر.. ومع أن هذا بالنسبة لي تخصص علمي، إلا أنه كان ينبّه إلى خطأ في راوٍ، أو وهمٍ في إسناد، أو انتقال ذهن في كتاب، وربما قال: هذا المخطوط الذي أشرت إليه، مطبوع في المكتبة الفلانية بتحقيق فلان.. وقد أدرجت معظم ملحوظاته على الرسالة، لأنها صواب، ولأنها وسام شرف للرسالة وصاحبها.

من المجاهرة بالخير أن أعلن عن حبي العظيم لابن جبرين، ورجائي ربي أن يحشرني وإياه مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يجعل حبي له في صالح عملي، ويمنحني به الزلفى إليه، وسؤالي إياه تبارك وتعالى بحسن ظني به, أن يحقق لنا هناك في الدار الآخرة الوعد الذي لم ينجز في الدنيا, أما ما أنجز من جنسه؛ فقد صار خبراً مضى وانقضى.

فقد أرسل إليّ صديقي د. علي الحماد؛ يعزيني في الشيخ، وقال: "كنت عنده قبل مرضه وقلت له: الأخ سلمان مواعدني في الرياض فنريد أن تشرفنا معه يا شيخ؟"، فقال: "لا بأس بشرط أن يعطيني الأخ سلمان موعداً!"، فاللهمّ إني قابل لشرط الشيخ، وسائلك بفضلك العظيم ألا تحول بيني وبينه بذنبي.

اللهم اغفر لابن جبرين، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، اللهم أفسح له في قبره، ونور له فيه، ولا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده.

سلمان العودة
المصدر: موقع الإسلام اليوم

سلمان بن فهد العودة

الأستاذ بكلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم -سابقًا-

  • 2
  • 0
  • 7,892
  • الشافعى احمد

      منذ
    [[أعجبني:]] فضيله الشيخ محمود المصرى كيف حال ابنتك الصغيره حبيبه انا لم اكن اعلم ان مرضها بهذه الخطوره وانها صدمتها سياره وفعلت بقدمها كل هذا ولم اعرف ذالك الا منك بالامس وانا اشاهد فضفضه ووالله ما استطعت ان اشاهدك فى فضفضه سوى خمسه دقائق وحولت القناه عنك فما استطعت ان انظر اليك والى وجهك وانت فى هذه الحاله فقد كان على وجهك الحزن والهم والغم الذى لو وزع على اهل الارض لكفاهم فاسال الله العظيم رب العرش الكريم ان يشفيها ويتم شفائها على خير ويجعله هيننا لينناخفيفا وان يرحم ضعفها وصغر سنها ويتم شفائها على خير وان ينزل على امها الصبر ويفرغ عليها الصبر ويجعله بردا وسلاما عليها انه ولى ذالك والقادر واننا لانسئله رد القضاء ولكن نسئله اللطف فيه انه ارحم الرحمين فضيله الشيخ محمود انا اعلم اننى لو اتيت سحر البيان لاهون عليك ما انت فيه فكل كلامى فى وادى وقبلك وحزنك وهمك فى وادى اخر فمن كانت يده فى الماء ليست كالتى فى النار ولكن اقول لك هكذا الدنيا وهكذا حالها وسبحان الله من الذى وهبك هذه الطفله التى هى عندك اغلى ابنائك واحبهم اليك اليس الله بقضائه وقدره ومن الذى ابتلاها بهذا المصاب الاليم اليس هو ايضا سبحانه بقضائه وقدره اذن كله منه واليه والله اذا احب قوما اصاب منهم ولوكانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضه ما سقى منها كافرا شربه ماء فاصبر واحتسب وعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا فالبلايا منه سبحانه هدايا ومحبه وقربه ورفعه فانظر الى رسول الله سيدنا محمد احب الخلق اليه واكرم الخلق عليه اولهم واخرهم انسهم وجنهم ومع ذالك ما اعطاه الولد طوال حياتهم وهو فى سن الشباب والرجوله عليه الصلاه والسلام وعندما كبر سنه عليه الصلاه والسلام جائه الولد من ماريه القبطيه فكانت فرحته عليه الصلاه والسلام وسعادته اكبر واعظم اخيرا جائه ولد ذكرفالولد الذكر له عند الاب فرحه وطعم اخر وكل اولاده الذكور والاناث لهم فرحه وسعاده ولكن انت تعلم ان للذكر شىء بسيط عند الرجال ومكث معه فتره يحمله ويقبله ويسعد به وما ان مرت شهور قليله ورسول الله فى هذه السعاده والفرحه يفاجا به فى سكرات الموت ويحتضر بين يديه انظر يومها الى الم وحزن رسول الله الذى هو ارق قلبا واحن قلبا وارحم قلبا بنا نحن من امهاتنا الم يقل له سبحانه وما ارسلناك الا رحمه للعالمين فانظر الى من هو رحمه للعالمين وهذا القلب الرحيم عندما يرى فلذه كبده الذى جائه بعد سنين وسنين وهو يموت بين يديه ولا يزال طفلا صغيرا لم يفرح به ويسعد به ولكن قضاء الله وقدره احب الى قلبه والى قلب كل مسلم امن به ورضى به ربا من سعاده نفسه ورضى نفسه وان كان القلب يحزن والعين تدمع فالرضا بقضاء الله هو فوق كل شىء ساعه او ساعتان يوم او يومان يحزن القلب وتدمع العين من رقه القلب ورحمته وحنانه وبعد ذالك يقول ان لم يكن بك على غضب فلا ابالى فسبحانه فعال لما يريد يبتلى من يشاء بما يشاء ويصيب من يشاء بما يشاء فالرب رب والعبد عبد والحمد لله يا شيخ محمودانها لم تكن اعظم من ذالك او اكبر من ذالك فهون على قلبك وايضا قل لوالدتها هونى على قلبك سبحان الله اذا كنت انت بهذه الحاله التى رايتك بها بالامس فكيف حال والدتها وهى الام كلمه تعلمتها يا شيخ محمود وفتح الله بها على كلما وجدت الارض ومن عليها فوق راسى ويعادوننى ويعلنون الحرب على وبدون سبب فكلما شعرت بضيق فى الصدر وهم وغم واكتئاب خرجت الى مكان مكشوف ونظرت الى السماء وقلت الحمد لله رب العالمين فقسما بالله ما ارددها مرات ومرات الا واشعر ان هذه الارض ومن عليها الذين يعادوننى ويحاربوننى انزاحت من فوق راسى ونزلت تحت قدمى فقط بكلمه الحمد لله رب العالمين ففيهاكنز و سر يعلمه من يعلمه ويجهله من يجهله وذات يوم كانت اعصابى فيه متوتره واعشر بتوتر غريب فى اعصابى لا اعرف له سبب فالدواء المهدى اتعاطاه بانتظام حسب المواعيد ومع ذالك جائنى هذا التوتر فكنت مهموم ومغموم بسبب هذا التوتر الشديد واذا بكل من حولى الكبير والصغير الاب والاخوه والاقارب يقولون لى كلاما غريبا بدون سبب فنظرت لهم جميعا وتركتهم وخرجت من عندهم وذهبت الى بيتى فوجدت زوجتى ايضا فيها ما فيها فاين اذهب هنا ليس فيه خير وهنا ليس فيه خير فذهبت الى الصيدليه واشتريت حقنه مهدئه بدون استشاره الطبيب وذهبت الى بيتى واعطتنى ايها زوجتى فخرجت من شقتى واغلقت زوجتى الباب فخررت على الارض ساجدا وقلت الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم امام باب الشقه ثم خرجت الى الشارع فما ان مشيت خطوتين وكان ذالك بالليل والا ورايت السماء كلها من فوقى تضىء بنور ابيض شديد ملء الشارع كله وكل من كان فى الشارع ساعتها صرخ وصاح بصوت عالى ما هذا النور ما الذى حدث ففظللت امشى فى الشارع وقلت لنفسى ان هذا الذى حدث ببركه الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ففهمت كانه سبحانه جل جلاله يقول لى لا تخف ولا تحزن فلو كنت انا معك فليس احد منهم جميعا عليك واطمئن قلبى وهدات نفسى بل والانشراح ملء صدرى ساعتها فعليك انت ووالدتها فى هذه الايام الصعبه وانتم ترون ابنتكم الصغيره بهذه الحاله طريح الفراش بعد ان كانت تملء البيت سعاده وسرور وفرح ومرح وجرى هنا وهنا عليكما بالحمد لله رب العالمين فهى اول ما نطق به ادم عليه السلام اى اول ما تكلمت به البشريه وهى اول مانقرا به القران الكريم وهى ملء السموات والاارض وهى خاتمه كل دعاء وهى ما يختم به الفصل والقضاء بين عباده سبحانه يوم القيامه واخر ما يقال بعد الفصل بين الخلائق قال سبحانه وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين قال العلماء الذى يقول هذه الكلمه بعد فصل القضاء هو سبحانه

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً