دعاء مظلوم فى ليلة القدر

ممدوح إسماعيل

ما أحوجنا للدعاء، خاصة مع ما يمر به المسلمون في شتى بقاع الأرض من
تقتيل واستباحة دماء وأعراض في فلسطين على أيدي اليهود، وفي العراق
على أيدي الأمريكان

  • التصنيفات: الذكر والدعاء -

 

من رحمة الله وعدله أنه سبحانه وتعالى لم يكن ليترك المظلومين مجردين من كل أسباب القوة دون أن يعطيهم أسلحة يواجهون بها هذا الظلم الذي يعانون، وقد ملكهم الله أسلحة فريدة موصولة به سبحانه وتعالى مباشرة ومن هذه الأسلحة : الدعاء .. فالدعاء سلاح قوي، وقوته تنبع من صلته السريعة برب البشر.

خاصة مع ما يمر به المسلمون في شتى بقاع الأرض من تقتيل واستباحة دماء وأعراض في فلسطين على أيدي اليهود، وفي العراق على أيدي الأمريكان، وأذنابهم من الرافضة وأعوانهم من كلاب الأرض المجتمعة على بيضة المسلمين.. وكذا في أفغانستان وتركمانستان والصومال، فما أحوجنا لسلاح الدعاء.

حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال : «اتّق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب» البخاري.


فالدعاء سلاح فريد وقوي يملكه المظلوم، فما أن يرفع المظلوم يديه إلى السماء إلا و يأيتيه الرد من الملك العزيز الجبار، الله سبحانه وتعالى مباشرة : «وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين» .

فأي سلاح هذا وأي قوة أعطاها الله سبحانه للمظلومين والمقهورين والمستضعفين، والله لو يعلم الظالم قوة وأثر هذا السلاح بيد المظلوم لما ظلمه قط و ما تجرأ على ذلك،
وعلى كل مظلوم أن يرفع يديه إلى الله ويناجيه ويتضرع لربه، وليقل يا رب أغلقت الأبواب إلا بابك، وانقطعت الأسباب إلا إليك، ولا حول ولا قوة إلا بك ..


يارب اللّهم إنّي ومن ظلمني من عبيدك، نواصينا بيدك، تعلم مستقرّنا ومستودعنا، وتعلم متقلبنا ومثوانا، وسرّنا وعلانيتنا، وتطّلع على نيّاتنا، وتحيط بضمائرنا..
علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره، ولا ينطوي عليك شيء من أمورنا، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا، ولا لنا منك معقل يحصننا، ولا حرز يحرزنا، ولا هارب يفوتك منّا .

اللهم إن الظالم مهما كان سلطانه لا يمتنع منك فسبحانك أنت مدركه أينما سلك، وقادر عليه أينما لجأ، فمعاذ المظلوم بك، وتوكّل المقهور عليك..
اللهم إني أستغيث بك بعدما خذلني كل مغيث من البشر، وأستصرخك إذ قعد عني كل نصير من عبادك، وأطرق بابك بعد ما أغلقت الأبواب المرجوة، اللهم إنك تعلم ما حلّ بي قبل أن أشكوه إليك، فلك الحمد سميعاً بصيراً لطيفاً قديراً.
 

يا رب ها أنا ذا يا ربي، مغلوب مبغيّ عليّ مظلوم، قد قلّ صبري وضاقت حيلتي، وانغلقت عليّ المذاهب إلاّ إليك، وانسدّت عليّ الجهات إلاّ جهتك، والتبست عليّ أموري في دفع مكروهه عنّي، واشتبهت عليّ الآراء في إزالة ظلمه، وخذلني من استنصرته من عبادك، وأسلمني من تعلّقت به من خلقك، فاستشرت نصيحي فأشار عليّ بالرغبة إليك، واسترشدت دليلي فلم يدلّني إلاّ عليك.

فرجعت إليك يا مولاي صاغراً راغماً مستكيناً، عالماً أنّه ﻻ فرج إلاّ عندك، ولا خلاص لي إلاّ بك، انتجز وعدك في نصرتي، وإجابة دعائي،فإنك قلت جلّ جلالك وتقدّست أسماؤك : {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، وأنا فاعل ما أمرتني به لا منّاً عليك، وكيف أمنّ به وأنت عليه دللتني، فاستجب لي كما وعدتني يا من ﻻ يخلف الميعاد .

وإنّي لأعلم يا رب أنّ لك يوماً تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، وأتيقّن أنّ لك وقتاً تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب، لأنّك ﻻ يسبقك معاند، ولا يخرج عن قبضتك أحد، ولا تخاف فوت فائت، ولكن ضعفي ﻻ يبلغ بي الصبر على أناتك وانتظار حلمك، فقدرتك يا ربي فوق كلّ قدرة، وسلطانك غالب على كل سلطان، ومعاد كلّ أحد إليك وإن أمهلته، ورجوع كلّ ظالم إليك وإن أنظرته.

يا رب إني أحب العفو لأنك تحب العفو، فإن كان في قضائك النافذ وقدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي أو يكفّ مكروهه عنّي، وينتقل عن عظيم ما ظلمنى به، فأوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة وتب عليه واعفو عنه يا كريم.

يارب إن كان في علمك به غير ذلك، من مقام على ظلمي، فأسألك يا ناصر المظلوم المبغي عليه إجابة دعوتي، فخذه من مأمنه أخذ عزيزٍ مقتدر، وأفجئه في غفلته، مفاجأة مليك منتصر، واسلبه نعمته وسلطانه، وأعره من نعمتك التي لم يقابلها بالشكر، وانزع عنه سربال عزّك الذي لم يجازه بالإحسان، واقصمه يا قاصم الجبابرة، وأهلكه يا مهلك القرون الخالية، وأخذله يا خاذل الفئات الباغية، اللهم أرغم أنفه، وعجّل حتفه، ولا تجعل له قوة إلاّ قصمتها، ولا كلمة مجتمعة إلاّ فرّقتها، ولا قائمة علوّ إلاّ وضعتها، ولا ركناً إلاّ وهنته، ولا سبباً إلاّ قطعته .


يارب اللهم انتقم من الظالم فى ليلة ﻻ أخت لها، وساعةٍ ﻻ شفاء منها، وبنكبة ﻻ انتعاش معها، وبعثرةٍ ﻻ إقالة منها.. ونغّص نعيمه، وأره بطشتك الكبرى، ونقمتك المثلى، وقدرتك التي هي فوق كل قدرة، وسلطانك الذي هو أعزّ من سلطانه، واغلبه لي بقوّتك القوية، ومحالك الشديد، وامنعني منه بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل، وابتله بفقرٍ ﻻ تجبره، وبسوء ﻻ تستره إنّك فعّال لما تريد.

يا رب اللهم عليك بمن ظلمني، اللهم خيّب أمله، وأزل ظلمه، واجعل شغله في بدنه، ولا تفكّه من حزنه، وصيّر كيده في ضلال، وأمره إلى زوال، ونعمته إلى انتقال، وسلطانه في اضمحلال، وأمِتْه بغيظه إذا أمتّه، وأبقه لحزنه إن أبقيته، وقني شرّ سطوته وعداوته، فإنّك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً.

يا رب إن الظالم جمع كل قوته وطغيانه وأنا عبدك جمعت له ما استطعت من الدعاء، يا رب فاستجب لدعوة عُبيدك المظلوم وانصرني فإنك يا كريم قلت لدعوة المظلوم بعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ..

المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام