العلماء ما غابوا عن المجتمع

صالح بن فوزان الفوزان

العلماء - ولله الحمد - ما غابوا عن الساحة، بل هم قائمون بواجبهم خير
قيام - حسب الإمكان في مكاتبهم وفي دروسهم وفي محاضراتهم وفي خطب
الجمع وفي كتاباتهم ومؤلفاتهم - كما يعرف ذلك من يتابع نشاطهم...

  • التصنيفات: الدعاة ووسائل الدعوة -


كتب الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء وعضو مجمع الفقه الإسلامي والعالم المعروف حفظه الله تعالى .. مقالاً في جريدة الجزيرة اليوم الجمعه 27 / 3 / 1426 هجرية...
أنقله لكم بحذافيره من الجريدة :

العلماء ما غابوا عن المجتمع

صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء



الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين، يردون من ضل إلى الهدى، ويبصرون أهل العمى. والصلاة والسلام على نبينا محمد ترك أمته على البيضاء، لا يزيغ عنها إلا هالك، وبعد:

فقد كثر الكلام في هذا الوقت في حق العلماء، وأنهم غابوا عن الساحة وعن الشباب ولم يقوموا بواجب النصح والبيان حتى إن من سمع هذا الكلام فإنه تنخفض عنده منزلة العلماء ويسيء الظن بهم وأقول تجاه هذا:


1- العلماء - ولله الحمد - ما غابوا عن الساحة، بل هم قائمون بواجبهم خير قيام - حسب الإمكان في مكاتبهم وفي دروسهم وفي محاضراتهم وفي خطب الجمع وفي كتاباتهم ومؤلفاتهم - كما يعرف ذلك من يتابع نشاطهم.

2- الشباب في الحقيقة هم الذين غيبوا عن العلماء ونفروا منهم، وقيل لهم: إنهم لا يعرفون فقه الواقع وليس عندهم سعة أفق.. إلخ، ما يلمزون به من قبل دعاة الضلال بقصد فصل الشباب وفصل المجتمع عن العلماء.

3- العلماء يعتم على نشاطهم ويهمش ولا ينشر للناس، وإنما ينشر ما يخالفه من المحاضرات والخطب الحماسية الخالية من العلم.

4- العلماء لا تهتم بنشاطهم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، بل إن كثيراً من الصحف لا تنشر مقالاتهم وردودهم على المخالفين، بينما تنشر بتوسع الآراء والمقالات المخالفة التي تنشر الشبه والتهجم على الأحكام الشرعية - فهل هذا العمل هو وظيفة الصحافة التي تدعي أنها للجميع وتدعو إلى حرية الآراء.

5- وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لا تبث دروس العلماء ولا خطبهم في الجمع إلا من خلال دائرة ضيقة كالاقتصار على دروس الحرمين الشريفين وخطبهما أو دروس أو خطب عدد محصور من غير الحرمين من نوعيات خاصة مما حرم الناس من كثير من العلم وجعله محصوراً في الحلقات أو في جماعة المسجد مما ضيع كثيراً من الجهود.


فلماذا لا توسع دائرة الاختيار وتنوع لربط الناس بالعلماء وإيصال الخير لهم، ولماذا لا يكون الاختيار لما يبث من الخطب والمحاضرات عن طريق لجنة علمية.

وختاماً أقول: نرجو الله عز وجل أن يوفق المسؤولين في وسائل الإعلام النظر الجاد في هذا الأمر لأن وسائل الإعلام أصبحت هي الواسطة في نشر التوجيه.


وفق الله القائمين عليها لما فيه الخير والنفع للمسلمين. ولا أقصد توسيع دائرة الاختيار بإطلاق، وإنما أقصد اختيار ما يفيد وينفع وينشر الخير ويقمع الشر ويرد شبهات المغرضين والمضللين، ويكون اختيار ما يبث عن طريق لجنة علمية لا عن طريق اختيار أفراد. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

المصدر: جريدة الجزيرة