(3) الخلاص في تحقيق الإخلاص [41- 60]

أيمن الشعبان

لا نجاة إلا بتحقيق الإخلاص، وما هلك من هلك إلا بالشرك أو الرياء وحب الثناء والمحمدة.

  • التصنيفات: أخبار السلف الصالح - أعمال القلوب -

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

آيات قرآنية وأحاديث صحيحة.. أقوال ومواقف فريدة.. لطائف ونفائس نافعة.. عبر ومواعظ مهمة؛ جمعتها في قضية عظيمة وموضوع نحتاج إليه بعدد أنفاسنا، هو " تحقيق الإخلاص " لله سبحانه وتعالى، في جميع أقوالنا وأعمالنا واعتقاداتنا، لأن العبد مهما بذل واجتهد وتعب وأدى الفرائض والطاعات وجميع العبادات، فإنه لا يحصل على الأجر إلا إذا حقق الإخلاص لله سبحانه وتعالى في عمله، وأن يكون وفق ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام.

فالقضية جِدُّ مهمة فلا نجاة إلا بتحقيق الإخلاص، وما هلك من هلك إلا بالشرك أو الرياء وحب الثناء والمحمدة، وعليه أحببت التذكير بهذه الوقفات لتكون عونا لنا ودليلا وواعظا ومذكرا لتحقيق الإخلاص لله سبحانه وتعالى، وأن نتعاهد النية دائما ونُحَسِّن الطوية، علَّنا ننال مرضاة الله – عز وجل- ونحظى بقبول الطاعات، فلا خلاص إلا بتحقيق الإخلاص.
41- يجب على كل مصلٍّ خصال ثلاث: صدق النية، وحق الإخلاص له، وحق الخشوع.[1]
42- قال محمد بن منصور: فمن قبل أمر الله، وآثر طاعته، وعَلِمَ اللهُ منه صدق النية في ذلك كله، كان له من الله العون، والمنُّ الزائد، والتوفيق الزائد، وبذلك سعد.[2]
43- حديث «الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» (رواه البخاري ومسلم)، ولا ريب أن العبادة على هذا الوجه لا تصدر إلا عن صدق النية وصفاء الطوية، فإن مثول العبد بين يدي مولاه يشغله عن الالتفات إلى ما سواه، فلا يقع قصده فيما هو فيه إلا لوجه الله فلا يصدر عنه شيء من السيئات، وأما الطاعات والمباحات فتكون مقتضية لتزايد الحسنات ورفع الدرجات.[3]
44- أنَّ أعرابيًّا جاءَ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فَقالَ: إنَّ الرَّجلَ يقاتلُ للذِّكرِ، ويقاتلُ ليحمدَ، ويقاتلُ ليغنَمَ، ويقاتلُ ليريَ مَكانَهُ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: «مَن قاتلَ حتَّى تَكونَ كلمةُ اللَّهِ هيَ أعلى، فَهوَ في سَبيلِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ» .[4]
45- والقرض الحسن: هو الإنفاق من المال الحلال، مع صدق النية، دون رياء أو سمعة.[5]
46- قِيلَ لِنَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ أَلا تَشْهَدُ الْجِنَازَةَ؟ قَالَ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَنْوِيَ، فَفَكَّرَ هُنَيْهَةً، ثُمَّ قَالَ: امْضِ.[6]
47- إنما يكون للعبد من ثواب الأعمال على حسب ما يهب الله تعالى له من النيّات، فربما اتفق في العمل الواحد نيّات كثيرة على مقدار ما يحتمل العبد من النية، وعلى مقدار علم العامل، فيكون له بكل نية حسنة، ثم يضاعف كل حسنة عشر أمثالها، لأنها أعمال تجتمع في عملٍ.[7]
48- في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:244] باعث على صدق النية والإخلاص.[8]
49- قال ابن عثيمين: فإن الله عز وجل يؤيد من علم الله منه صدق النية.[9]
50- أنَّ رجلًا مِنَ الأعرابِ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فآمنَ بِهِ واتَّبعَهُ، ثمَّ قالَ: أُهاجرُ معَكَ، فأوصى بِهِ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بعضَ أصحابِهِ، فلمَّا كانَت غزوةٌ غنمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ سبيًا، فقسمَ وقسمَ لَهُ، فأعطى ما قسمَ لَهُ، وَكانَ يرعى ظَهْرَهُم، فلمَّا جاءَ دفعوهُ إليهِ، فقالَ: ما هذا؟ قالوا: قَسمٌ قَسمَهُ لَكَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فأخذَهُ فجاءَ بِهِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ: ما هذا؟ قالَ: «قَسمتُهُ لَكَ» ، قالَ: ما علَى هذا اتَّبعتُكَ، ولَكِنِّي اتَّبعتُكَ على أن أرمى إلى ههُنا، وأشارَ إلى حَلقِهِ بسَهْمٍ، فأموتَ فأدخلَ الجنَّةَ فقالَ: «إن تَصدقِ اللَّهَ يَصدقكَ»، فلبِثوا قليلًا ثمَّ نَهَضوا في قتالِ العدوِّ، فأتيَ بِهِ النَّبيُّ يحملُ قَد أصابَهُ سَهْمٌ حيثُ أشارَ، فقالَ النَّبيُّ: «أَهوَ هوَ؟» قالوا: نعَم، قالَ: «صدقَ اللَّهَ فصدقَهُ» ، ثمَّ كفَّنَهُ النَّبيُّ في جبَّةِ النَّبيِّ، ثمَّ قدَّمَهُ فصلَّى علَيهِ، فَكانَ فيما ظَهَرَ من صلاتِهِ: «اللَّهمَّ هذا عبدُكَ خرجَ مُهاجِرًا في سبيلِكَ فقُتلَ شَهيدًا أَنا شَهيدٌ على ذلِكَ» [10].
51- قال الفضيل: مَنْ وَاقَى خَمْسًا فَقَدْ وُقِيَ شَرَّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، الْعُجْبُ، وَالرِّيَاءُ، وَالْكِبْرُ، وَالإِزْرَاءُ، وَالشَّهْوَةُ.[11]
52- النية الصالحة هي أول العمل الصالح، وأول العطاء من الله تعالى وهو مكان الجزاء.[12]
53- العلم الشرعي عبادة محضة من علوم الآخرة لا يجوز التشريك فيها، والله -سبحانه وتعالى- إذا علم صدق النية أعان العبد على ما يريده بإذن الله.[13]
54- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّه قال: يا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبرْني عن الجهادِ والغزوِ فقال يا عبدَ اللهِ بنَ عمرٍو إن قاتلتَ صابرًا محتسبًا بعثك اللهُ صابرًا محتسبًا وإن قاتلتَ مُرائيًا مُكاثرًا بعثك اللهُ مُرائيًا مُكاثرًا يا عبدَ اللهِ بنَ عمرٍو على أيِّ حالٍ قاتلتَ أو قُتِلتَ بعثَك اللهُ على تلك الحالِ.[14]
55- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يَنْوِ إِلَّا عِقَالًا فَلَهُ مَا نَوَى ).[15]
56- قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا، أُعْطِيَهَا، وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ.[16]
57- ورد عن بعض السلف: من طلب العلم لغير الله مُكر به.[17]
58- من علم الله من قلبه صدق النية، في طلب ما عنده، بفعل المأمورات، وترك المحظورات، يسره لليسرى، وجنبه العسرى، وسهل له طرق الخير كلها.[18]
59- قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: تَمَامُ الْعِبَادَةِ فِي صِدْقِ النِّيَّةِ.[19]
60- قال إبراهيم بن أدهم: الإخلاص صدق النية مع الله تعالى.[20]

9/5/2016م
==============
[1]تفسير الماتريدي (8/273).

[2]العواصم والقواصم (5/313).

[3]غرائب القرآن ورغائب الفرقان، للنيسابوري (1/368).

[4]صحيح أبي داود برقم 2273.

[5]التفسير الوسيط لطنطاوي، (14/207).

[6]المجالسة وجواهر العلم (8/266).

[7]قوت القلوب (2/267).

[8]دروس في التفسير، محمد إسماعيل المقدم، الدرس 18.

[9]شرح الأربعين النووية ص272.

[10]صحيح سنن النسائي برقم 1953.

[11]حلية الأولياء (8/95).

[12]قوت القلوب في معاملة المحبوب، لأبي طالب المكي (2/267).

[13]شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، عبد الكريم الخضير (3/4).

[14]حسنه ابن حجر كما في مقدمة تخريج مشكاة المصابيح.

[15]صحيح الجامع برقم 6401.

[16]صحيح مسلم.

[17]سلسلة دروس شرح اختصار علوم الحديث، عبد الكريم الخضير ، الدرس 13.

[18]الدرر السنية في الأجوبة النجدية (15/75).

[19]تنبيه الغافلين بأحاديث سيد المرسلين ص572.

[20]إحياء علوم الدين (4/381 ).