مع القرآن - من أسباب تأخر العقوبة : وجود الصالحين

منذ 2016-08-03

من أسباب تأخر وقوع العذاب وجود الصالحين .
و هذه من العجائب :فالصالحين دائماً في المواجهة و يلاقوا من الاضطهاد و التشويه و التهوين من شأنهم .
و لا يعلم الجهال أن العقوبة تأخرت بسبب وجود أولياءه بينهم .
قال تعالى :
{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ * وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ  } [ الأنفال 31 - 34] .
قال السعدي في تفسيره :
يقول تعالى في بيان عناد المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم: { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا } الدالة على صدق ما جاء به الرسول.
{ قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ } وهذا من عنادهم وظلمهم،وإلا فقد تحداهم اللّه أن يأتوا بسورة من مثله، ويدعوا من استطاعوا من دون اللّه، فلم يقدروا على ذلك، وتبين عجزهم.
فهذا القول الصادر من هذا القائل مجرد دعوى، كذبه الواقع،وقد علم أنه صلى الله عليه وسلم أُمِّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، ولا رحل ليدرس من أخبار الأولين، فأتى بهذا الكتاب الجليل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.
{ وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا } الذي يدعو إليه محمد { هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } قالوه على وجه الجزم منهم بباطلهم، والجهل بما ينبغي من الخطاب.
فلو أنهم إذ أقاموا على باطلهم من الشبه والتمويهات ما أوجب لهم أن يكونوا على بصيرة ويقين منه، قالوا لمن ناظرهم وادعى أن الحق معه: إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له، لكان أولى لهم وأستر لظلمهم.
فمنذ قالوا: { اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ } الآية، علم بمجرد قولهم أنهم السفهاء الأغبياء، الجهلة الظالمون،فلو عاجلهم اللّه بالعقاب لما أبقى منهم باقية، ولكنه تعالى دفع عنهم العذاب بسبب وجود الرسول بين أظهرهم، فقال: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ } فوجوده صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم أمنة لهم من العذاب.
وكانوا مع قولهم هذه المقالة التي يظهرونها على رءوس الأشهاد، يدرون بقبحها، فكانوا يخافون من وقوعها فيهم، فيستغفرون اللّه تعالى فلهذا قال تعالى: { وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }
فهذا مانع يمنع من وقوع العذاب بهم، بعد ما انعقدت أسبابه .
أبو الهيثم 
#مع_القرآن

  • 0
  • 0
  • 924
المقال السابق
كن محمدياً
المقال التالي
إمهال و ليس إسقاط

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً