وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا

أبو الهيثم محمد درويش

ينكرون رسالتك ذاتها كما ينكرون كونك رسولاً، ولم يعطوا لأنفسهم أي فرصة إنصاف للنظر في الرسالة أو في حال الرسول فكلاهما يدل على أنه مرسل من ربه وأنه على الحق المبين

  • التصنيفات: ترجمة معاني القرآن الكريم -

ينكرون رسالتك ذاتها كما ينكرون كونك رسولاً، ولم يعطوا لأنفسهم أي فرصة إنصاف للنظر في الرسالة أو في حال الرسول فكلاهما يدل على أنه مرسل من ربه وأنه على الحق المبين، وقبل كل هذا فأول شهيد على صدق الرسالة والرسول صلى الله عليه وسلم هو الله ذاته سواء بقوله أو فعله أو إقراره، فقد بشر بالرسالة والرسول قبل أن يبعث كما أعلن عن نفسه وعن كتابه الذي أنزله على رسوله بطريقةٍ معجزة لا يستطيعها بشر وتحدى كل من في الأرض أن يعارضوه بحق، أما المعارضة بالباطل الذي يصل إلى الهزل فلا قيمة له، وأيده بنصره وأقره في كتابه على صدق رسالته كما أقره عليها في الكتب السابقة  ولم يرسل من بعده من يكذبه أو يعارض رسالته الخالدة وهذا معلوم مسطور يعلمه المنصفين من أهل الكتب السابقة وليس أهل التحريف والزيغ والضلال.

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: 43].

قال السعدي في تفسيره: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا} أي: يكذبونك ويكذبون ما أرسلت به، {قُلْ} لهم -إن طلبوا على ذلك شهيدًا: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} وشهادته بقوله وفعله وإقراره، أما قوله فبما أوحاه الله إلى أصدق خلقه مما يثبت به رسالته.

وأما فعله فلأن الله تعالى أيد رسوله ونصره نصرًا خارجًا عن قدرته وقدرة أصحابه وأتباعه وهذا شهادة منه له بالفعل والتأييد.

وأما إقراره، فإنه أخبر الرسول عنه أنه رسوله، وأنه أمر الناس باتباعه، فمن اتبعه فله رضوان الله وكرامته، ومن لم يتبعه فله النار والسخط وحل له ماله ودمه والله يقره على ذلك، فلو تقول عليه بعض الأقاويل لعاجله بالعقوبة.

{وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} وهذا شامل لكل علماء أهل الكتابين، فإنهم يشهدون للرسول من آمن واتبع الحق، صرح بتلك الشهادة التي عليه، ومن كتم ذلك فإخبار الله عنه أن عنده شهادة أبلغ من خبره، ولو لم يكن عنده شهادة لرد استشهاده بالبرهان، فسكوته يدل على أن عنده شهادة مكتومة.

وإنما أمر الله باستشهاد أهل الكتاب لأنهم أهل هذا الشأن، وكل أمر إنما يستشهد فيه أهله ومن هم أعلم به من غيرهم، بخلاف من هو أجنبي عنه، كالأُميين من مشركي العرب وغيرهم، فلا فائدة في استشهادهم لعدم خبرتهم ومعرفتهم.


#مع_القرآن