الإخوان بين الانفتاح السياسي والالتزام السلفي

منذ 2011-04-13

أعتقد أنه كما اقتربت السلفية من الانفتاح السياسي حان الوقت كي تقترب جماعة الإخوان أكثر من المنهج السلفي كي يستقيم الأمر


لا يخفى على كل مصري يراقب التاريخ المعاصر أن جماعة الإخوان المسلمين مرت منذ نشأتها باضطهاد وقهر متواصل لا ينقطع بلغ ذروته باستشهاد إمامها وإمامنا الفاضل حسن البنا  في عهد الملكية ثم إعدام واستشهاد المفكر العظيم سيد قطب وغيرهم من قافلة الشهداء في عهد الناصرية الشمولي  (نحسبهم كذلك ولا نزكى على الله أحداً  )بخلاف الاعتقال والسجن والتعذيب لغالب أعضاء وقيادات الجماعة ولم يتوقف هذا العنت إلا في عهد السادات فترة بسيطة ثم دارت الدائرة في عهد الطاغية مبارك بالمحاكمات العسكرية الظالمة والسجن لعدد كبير ومحاربة الجماعة بكل الوسائل وإزاء ذلك كله انتهجت الجماعة طرق وأساليب منهجية في العمل والتربية فعملت بالمرجوح لتحافظ على وحدة الجماعة واستغلت كل ثغرة سياسية لتحقق مصلحة للجماعة وفى ذلك وخلافه كان العذر لها موجود عند المنصفين في الكثير من ذلك .
لكن بعد ثورة 25 يناير أصبحت مصر لأول مرة في عهد جديد لم يحدث منذ عقود وكان لجماعة الإخوان دور بارز في الثورة على خلاف منهجيتها الإصلاحية (قيل أن شباب الإخوان هم السبب )واستطاعت جماعة الإخوان بتنظيمها التواجد بقوة في الحالة الثورية وقدمت تضحيات لا ينكرها إلا جاحد ولأول مرة في أواخر عهد البائد يتصل بها عمر سليمان ويمحى لفظ المحظورة ويجلس الأستاذ الفاضل سعد الكتاتني في مائدة حوار مع عمر سليمان الرجل الذي كان يدير المخابرات ويخطط لمحو الإخوان ومن هذا التاريخ كتبت جماعة الإخوان اسمها بطريقة جديدة في المشهد السياسي المصري ومع تنحي الطاغية المخلوع من شعبه ازداد موقف الإخوان قوة جعلت كل القوى السياسية تحقد عليها وتخطط لإضعاف هذه القوة وجعلت كثير من الإسلاميين يراجعون موقفهم من نقد العمل السياسي للإخوان
وعملت جماعة الإخوان على محاولة التواضع المكشوف في المشهد السياسي فقدمت الشيوعيين والليبراليين وغيرهم في المشهد كي تدلل على الموقف الوطني واعتبره الكثيرون ذكاء سياسي
ومع نشوة النصر وفرحة التواجد السياسي وتيقن كل القوى من قوة الإخوان على الأرض وعلى السطح وفي الشارع أصبحت الجماعة في واقع جديد لأول مرة تشهده فكل من فيها عاش سنوات القهر ومنهجية العمل في ظل القهر والطغيان ولا يوجد إلا أفراد من الشيوخ كبار السن هم من عاشوا مناخ فيه حرية حقيقية لذلك كان من المتوقع أن تتغير منهجية العمل والتربية عند جماعة الإخوان وثورة 25 يناير تُحدث ثورة منهجية داخل الجماعة فتقترب من الالتزام السلفي بالنص الراجح عن المرجوح وتجعل مصلحة الإسلام مهما كانت المخاطر فوق كل مصلحة للجماعة ولو تحققت بسهولة نجاح
ولكن ظهرت مقولات لقيادات عزيزة أشارت إلى أن منهج الجماعة أكثر وأكثر انفتاحاً سياسياً مثل القول بقبول البهائيين في حزب الإخوان وهذا  رغم مخالفتهم للإسلام مخالف للدستور أيضاً ومقولتهم بالتقارب مع إيران والشيعة ودعم ثورة الشيعة في البحرين ومقولة لتولى مسيحي لقيادة الحزب ,  وخطاب ضعيف عن ثورة الشعب السوري لا يرتقى للحدث و لا يمثل قوة جماعة الإخوان التي شملها الظلم الكبير من النظام الطائفي المستبد في سوريا وكلها مقولات تندرج نحو الخطاب السياسي المصلحي وهو لم يتغير عما قبل الثورة بل زاد .
والمراقب المحب للجماعة يستغرب من عدم اقتراب الجماعة من الالتزام السلفي بل وضعت نفسها في ظل حالة الحرب المعلنة ضد السلفيين في خانة أخرى كأنهم ليسوا بسلفيين وكأن الأسس الشرعية الإسلامية للمخالفات في الواقع المصري يوجد فيها خلاف !!!

ومما يزيد التعجب أن الجماعة يوجد في مكتب إرشادها قيادات يصح نسبتها للسلفية اصطلاحاً كالدكتور عبد الرحمن البر والدكتور محمود الغزلاني وغيرهم والمرشد الفاضل محمد بديع لا يختلف خطابه عن منهج السلف لكن يوجد فرق بينهم وبين الخطاب والمنهج الواقعي للجماعة ؟؟؟
أعتقد أن الجماعة في حاجة إلى ثورة داخلية كي تعيد ترتيب أوراقها فلم يعد مقبولاً الالتزام المنهجي والتربوي عند أفراد الجماعة بما يتناسب مع مناخ القهر بل أصبح لازماً للجماعة في مناخ الحرية أن تقترب من العمل بالفاضل أكثر وأن تزداد تمسكاً بالعزائم لا الرخص .
فالرخص الشرعية ليست أساساً بل استثناءً وإذا كانت مصلحة الجماعة في وقت تفرض خطاب معين فمصلحة الإسلام في ظل مناخ الحرية تفرض خطاب آخر له قوته من حيث إعلاء كلمة الإسلام فوق كل كلمة
وتبقى إشكالية وهى أن المناخ ليس إسلامياً بل تسيطر عليه قوى معادية فوجب التفاعل معها على قدر ضرورة الحالة وهذا واقع لكن الضرورة تُقدر بقدرها والضرورة في ظل مناخ الطغيان بكل عدائه تختلف عن الضرورة في ظل مناخ الحرية وإلا ما الفرق وما فائدة قيام ثورة وتعب وتضحيات وشهداء ماتوا من الإخوان  وغيرهم وتعب ليل نهار
أعتقد أنني و معي الكثير من رجال الإخوان وشبابهم وشباب الحركة الإسلامية جميعاً الذين كانوا في الثورة من 25 يناير وتعرضوا للضرب والقنابل المسيلة للدموع والمطاردة والمبيت في ميدان التحرير كان هدفنا رفع الظلم نعم وأيضاً أن يتحرر المسلمون من الظلم كي يتحركوا للعمل بدينهم ويتغير مناخ القهر إلى مناخ حرية نعمل فيه للإسلام ونجاهد أعداء الإسلام بالحجة والبيان وكل آليات المعارضة .
ولم يكن من هدفنا أن نظل كما نحن أو أن يظل شباب الإخوان كما هم يناورون ويترخصون في الحقيقة وإلا فالثورة تحتاج إلى ثورة داخل الإخوان ليس مطلقاً للخروج على الجماعة ولكن لضبط منهج العمل كي يرضى عنّا الله سبحانه وتعالى فهو القادر على التمكين لعباده الذي قال الله فيهم (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) 55 النور.
وأخيراً أعتقد أنه كما اقتربت السلفية من الانفتاح السياسي حان الوقت كي تقترب جماعة الإخوان أكثر من المنهج السلفي كي يستقيم الأمر
ممدوح إسماعيل محام وكاتب
عضو مجلس النقابة العامة للمحامين
مقرر اللجنة العامة لحقوق الإنسان [email protected]

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 9
  • 0
  • 5,289
  • nada

      منذ
    انا سلفى وبقول نعم للاخوان واسال الله العظيم ان يقوى شوكتهم وينصرهم
  • nada

      منذ
    ربنا يبارك فيك واسال الله ان تكون نيتك حسنه قلت ال في نفسي ويارب يتحقق ليس عن طريق الثورة بل عن طريق الاقناع والحوار اللهم امييييييييين
  • الشافعى احمد

      منذ
    كيف حالكم يا ائمه بيت الله الحرام فضيله الامام عبد الله بن عواد الجهنى وفيضله الامام سعود بن ابراهيم الشريم وفضيله الامام فيصل غزاوى بارك الله فيكم ورضى عنكم واحبكم واعزكم بالاسلام وبالقران رايت فى المنام اول امس اننى عندكم فى الكعبه وكانت صلاه الفجر وكان المسجد الحرام ملىء عن اخره ولا يوجد موضع قدم لاحد فيه وكان فضيله الامام عبد الرحمن السديس يؤم المصلين ويبكى وهو يقرا القران
  • رضا عبد العزيز

      منذ
    الاستاذ الكريم ...اتفق معك فى كثير مما قلت ...ولقد تناولت الامر بكثير من الموضوعية والادب الراقى فى التواصل والكتابة ..ولكن اود الاشارة ان سمحت لى الى ما يلى : 1- كنت اود بداية ان مثل هذه النصائح فى مثل هذا الوقت يفضل ان تصل بها الى قيادات من الاخوان مباشرة اكثر من مرة ويتم التواصل الدائم بهذا الشان ..وانا على ثقة ان ذلك سيكون متاح وسياتى ثماره افضل ولو على مدار الوقت لصالح الطرفين . 2- ان هذا التغير الذى حدث مازال حديثا ولم تتوافق الاوضاع بصورة كاملة معه حتى الان ...ولم تتغير كافة الامور ..ربما تغير النظام الظالم ولكن لابد ان نتاكد ان هناك تجمعات اخرى كثيرا غير النظام الظالم تختلف او تتفق مع النظام لكنها مازالت لاتتفق مع الاسلام والاسلامين ولا ترغب فى تمكين تعاليمه بل على استعداد لمحاربتك كالنظام السابق بل احيانا اكثر وهؤلاء يعتبرون انفسهم جزء من هذه الثورة ولهم ان يرسموا طريقها ...وعليه فليس من المصلحة التصادم معهم او اظهار العرض والخطاب الاسلامى بصورة قد يكون عليها اى ماخذ حتى لو كان هذا الطرح له اساس شرعى ولكن ربما اصل الى هذا المستهدف بالصورة الافضل والاكثر اقناعا واستقرارا اذا احسنت طرحها بلا استعجال وبلا خطاب عصبى او به ما يظن انه استقواء وسيطرة من الاسلاميين فيستغل الاخرون هذا باظهاره للناس بصورة تنفر الناس من الاسلامين ولاتقربهم فمن الحكمة ان نحسن نحن التقديم للناس واظن ان ذلك من الحكمة المشروعة . 3- اننا لسنا فى وضع مستقر بهذا القدر من ازالة اسباب الفساد بل بالنسبة لمسيرة الاصلاح الحقيقية مازال امامها عثرات بعضها للاسف من الخطورة بمكان ..اؤكد على ذلك مرة اخرى ... 4- لابد ان نثق ان الاخوان ربمايقومون بكثير من سلوكهم السياسى من منطلق شرعى وليس فقط من منطلق الضرورة السياسية ... 5- لابد من التاكد ان طبيعة البشر فى تقبل الحق لاتعتمد على كونه فقط حقا بل على طريقة تقديمه وتوقيت تقديمه ومراعاة كل هذه الظروف والشاهد من الشرع والسيرة كثير وانت اقدر واعلم بذلك .. 6- ليس كل من يصدر من تصريح او كلمة... ربما نقلت من ..جهة ليست امينة وربما يكون فى سياق لايقصد بها ما ظهر منها ..وربما خطأ غير مقصود وربما ليس هذا هى كل الحقيقة . معذرة للاطالة ..مااردت ان اؤكد عليه هو هذه الحقائق ..ولكن بالتاكيد اكثر على وحدة الصف الاسلامى بما لاينجح معه اى محاولة لتشويه صورة الاسلام والمسلمين ....فلنتعاون فيما ااتفقنا عليه حتى يتحقق الخير لنا جميعا ولامتنا العظيمة ..
  • أحمد

      منذ
    رائع.. حـقا كم نحن بحاجة للمناصحة المخلصة الأمينة حبا لبعضنا ولبلدنا وحبا قبلها لله ولرسوله ولدينه.. وجزاكم الله خيراً
  • nada

      منذ
    جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل و بارك الله فيك قلت ما نشعر به و الله
  • انسام كامل

      منذ
    جزاك الله خيرا وهذه حقيقة واقعة رايناها خلال تعاملنا معهم في الجامعة والسؤال المهم كيف نوصل ذلك لهم وكيف نجعلهم يدركون ذلك لانهم في الواقع يرفضون اي قول من السلفيين ومن الصعب جدا ان تقنعهم بوجهة نظر وانا الان اخشي من الاخوان ان تغلب السياسة عليهم الي حد قبول العلمانية واتفاقهم معها املا في الكراسي ليس الافكيف نصل اليهم
  • ابو عبد الرحمن سامح العشرى

      منذ
    جزاك الله خير استاذ ممدوح على هذا المقالواسل الله تعالى ان يكون هذا المقال صيحة نذير لاخواننا من جماعة االخوان المسلمين ليرجعوا هم وغيرهم الى منهاج النبوة كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بفهم سلفنا رحمهم الله . فانه ليس من الممكن ابدا ان يكون تمكين بغير عودة الى هذا المنهاج القويم اما التنازلت فلن تزيد المرء الا بعدا عن القصد(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)
  • أبو عبد الله

      منذ
    بارك الله فيك أستاذ ممدوح وتقبل الله أعمالك ورزقك حسن الخاتمة . لا ينكر دور الإخوان إلا جاحد بارك الله في سعيهم , ونحن مطالبون بطاعة الله ورسوله سلما وحربا وقت الإستضعاف ووقت التمكين فلله علينا المنة والفضل ومن تمام الشكر لنعمه الله علينا أن نتمسك بديننا فشرع الله مصلحه كله فلا نخجل أن نصدع بالحق وإن توهمنا الهلكة فالناصر هو الله "وما النصر إلا من عند الله" . نفع الله بكم البلاد والعباد والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً