رحمة

إبراهيم بن نبيل سابق

ومثل هذا جدير بالحياة معه؛ لأنه وإن غضب أو أبغض فهو مأمون الجانب، مضمون العواقب، له قلبٌ قد أحياه الله بالرحمة فأفاض على ما حوله ولو كان حيوانا!

  • التصنيفات: محاسن الأخلاق -

لو قيل لي: ما الوصية لاختيار الزوج/ الزوجة؛ لما أجبت إلا بجواب واحد؛ أن تتوفر في الزوج/ الزوجة صفة الرحمة!

وفي المقابل أوصي ألا يقبل الخاطب ولا المخطوبة بشخص قاسي القلب!

الرحمة تعني أن صاحبها صاحب عبادات قلبية وبدنية، وأن قلبَه قلبُ خاضعٍ لله، يخشى الله، ويحسن إلى عباد الله، ومثل هذا جدير بالحياة معه؛ لأنه وإن غضب أو أبغض فهو مأمون الجانب، مضمون العواقب، له قلبٌ قد أحياه الله بالرحمة فأفاض على ما حوله ولو كان حيوانا!

وأما قاسي القلب؛ فأنى له أن يحب؟ وكيف يخشع ويخضع؟ وكيف يتواضع وللحق يرجع؟
قديما قرأت عبارة عجيبة لمالك بن دينار رحمه الله، وهي قوله: "ما ضُرب عبدٌ بعقوبة أشد من قسوة قلب"!
لم أستوعب هذا المعنى ساعتها بالقدر الكافي، لكن الأيام أرتني من أحوال الناس ما تيقنتُ منه صدقَ هذه المقالة!

القلب القاسي دليلٌ على فساد دين صاحبه وفساد خلُقه معا؛ تأمل: " {ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد "فقست قلوبهم" وكثير منهم فاسقون} "!
وتأمل: " {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة} "!

وقد روى الإمام مالك رحمه الله في الموطأ عن المسيح عليه السلام قوله: "فإن القلب القاسي بعيد عن الله ولكن لا تشعرون"!

إذا تبين لك هذا فانظر في حال المشاكل الزوجية ترى:
- زوج يضرب زوجته حتى الإغماء، أو يجرحها في وجهها وجسدها، أو يطردها من بيته في وقت متأخر من الليل وربما يسكنون في مكان بعيد عن بيت أهلها!

- زوجة تسب زوجها، أو بعض أهله، أو ترفع صوتها، أو تعيّره بفلان أو علان وتقارنه بهم، أو تمنعه من رؤية أولاده بعد ما طلقها.

- زوج يطلق زوجته فيختطف أولاده منها وهم بحاجة إليها، ويحرمها رؤيتهم سنين عددا، أو يتركهم معها بلا نفقة ولا يزورهم ولا يراهم أصلا!

- زوج يكلف زوجته ما لا تطيق من العمل في البيت ومع الأولاد ثم يجرحها بالكلام اللاذع إذا قصرت في زينتها أو أفسدت طعاما تصنعه.

كل هؤلاء؛ ما الرابط المشترك بينهم؟
بكل وضــــــــوح: غياب الرحمة!

لذلك ليس عجيبا قط أن يكون أول ما امتدح الله به أصحاب رسوله الكريم هو: "أشداء على الكفار رحماء بينهم"!

وليس عجيبا أن يقول عن سيد البشرية: " {وما أرسلناك إلا رحمة} "!

 

ختاما:
أجزم أن قسوة القلب وغياب الرحمة هو السبب الأكبر لانتشار المشاكل الزوجية، وليس هو قلة المال ولا عدم الكفاية في الفراش ولا شيء من هذا المشتهر بين الناس، وفتِّشْ تجدْ.

والله المستعان.