المناكفات تفكك العائلة وتعمق مشاعر الكراهية

مع تداعيات العصرنة الصاخبة بوسائلها المفتوحة في كلِّ الاتجاهات، وبلا قيود، ازدادت المناكفات اليومية الفارغة في حياتنا الأسرية والمجتمعية

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -

مع تداعيات العصرنة الصاخبة بوسائلها المفتوحة في كلِّ الاتجاهات، وبلا قيود، ازدادت المناكفات اليومية الفارغة في حياتنا الأسرية والمجتمعية، حتى أضحت تهدد وحدة صف العائلة والمجتمع بالتفكك، وباتت تُعمِّق مشاعر الحقد والكراهية، وتتعب الجميع نفسيًّا، ومن ثَمَّ، أصبح البعض من أفراد العائلة متحاملًا على بعضها الآخر، ويتمنى له السوء، ويضمر له الكراهية، ويتربص به شرًّا.

 

ولا ريب أن المناكفة تستولد الجدل والعناد، وتؤدي إلى التشاجر والتلاسن، الذي يستولد بدوره الحقد، الذي يقتل عند الإنسان روحَ المحبة، ويملأ قلبه غيظًا، حتى يكاد يتجلط: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} [آل عمران: 119]، بعد أن أصبحت الحالة عند البعض ظاهرة مزمنة، ومؤذية نفسيًّا.

 

لذلك يتطلب الأمر من الجميع مغادرة هذا الأسلوب النَّكِد، واستبداله بأسلوب التراحم والمودة، واللجوء إلى مناقشة الأمور بلطف واحترام، تمشيًا مع موجبات الدعوة، والمجادلة بالتي هي أحسن؛ حيث يقول الله تعالى في ذلك: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].

 

وإذا كان هذا هو أسلوب التعامل مع الغير، في الدعوة والحوار، فلا ريب أن التعامل مع الأهل والأصدقاء والربع، ينبغي أن يكون ليِّنًا ورحيمًا، من باب أولى، تمشيًا مع التوجيه الرباني: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]، ولا ريب أن هذا الأسلوب الرشيد، هو الطريق الأمثل لحلِّ كلِّ الإشكالات الطارئة، التي تواجه أفراد العائلة، والذي يضع حدًّا لتجاوز حالة النكد القاتلة نهائيًّا.

 

وليس هناك أبلغ وأنفع من التوجيه النبوي الكريم في الحفاظ على وحدة الأسرة، وصيانتها من التفكك؛ حيث جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر»، وباعتماد هذا النهج القويم في التعامل بين أفراد العائلة والمجتمع، تظل الأسرة متآلفة، ومتوادة، ومتراحمة، ومتوحدة، وتأكل في إناء واحد، كما يُقال.

 

فلنتوكل على الله تعالى من هذه اللحظة، ولنترك المناكفات في أوساطنا العائلية والمجتمعية، على حدٍّ سواء، ونستعين بالله تعالى، ونتوجه إليه بالدعاء الخالص أن يصرف عنا السوء، وأن ينزع من قلوبنا كل غلٍّ وحقد، وأن يأخذ بأيدينا إلى سواء السبيل، لنحمي عوائلنا ومجتمعاتنا من التفكك، والتشرذم، والضياع، إنه سبحانه وتعالى نعم المولى ونعم النصير.

_____________________________________________

الكاتب: نايف عبوش