يعدل ذلك كله... فهل بعد ذلك من عدل؟

جاء الإسلام داعمًا للمرأة في كل أحوالها، فقد كرَّمها الإسلام أُمًّا، وكرمها زوجة، وكرمها أختًا، وكرمها طفلة...

  • التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -

احتلت المرأة مكانة متميزة في الإسلام، بعد أن كانوا في الجاهلية يئِدون البناتِ، ويقتلونهن وهن أحياء، وجاء الإسلام لينصف المرأة، ويحررها من ظلم الجاهلية وظلامها، فحثَّ على تحريم وأْد البنات: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9]، وأمر بمعاملة النساء والأيتام بالعدل؛ فقال عز وجل: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33]؛ وذلك حرصًا على سلامة المرأة، وحمايتها من المخاطر التي تتعرض لها في شخصها، وما يلحق بالمجتمع من تداعيات، إذا ما هي سلكت هذا السبيل المتدني، الذي نهى الله عنه، ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

 

ولذلك نجد نصوصًا كثيرة دلَّت على تلك المكانة الرفيعة التي أعطاها الإسلام للمرأة؛ فقد نهى الإسلام عن ظلم المرأة الذي كان في الجاهلية من وراثة المرأة بعد موت زوجها، ونهى عن إغضابها وأمر بحسن عشرتها؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].

 

وهكذا جاء الإسلام داعمًا للمرأة في كل أحوالها، فقد كرَّمها الإسلام أُمًّا، وكرمها زوجة، وكرمها أختًا، وكرمها طفلة، ولعل ما ورد في السنة النبوية من أحاديثَ شريفة في رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء، هو ما يعكس جانب التطبيق العملي للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، بخصوص معاملته الكريمة للنساء في حياته صلى الله عليه وسلم، في بيته، وفي بيوت أصحابه.

 

ولعل تكريم الإسلام للمرأة بمعادلة أجرها بأجر الرجل قد جسَّد حقيقة تحقيق المساواة التامة في الجزاء والثواب؛ حيث يقول الله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195]، في حين جاء في مساواتها بالرجل في الثواب ما ورد في الحديث، أن أسماء بنت السكن الأنصارية الأشهلية رضي الله عنها، الملقبة بخطيبة النساء، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: ((يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إنَّ اللهَ بعثك للرجال وللنساء كافة، فآمنا بك وبإلـهك، وإنـا - معشر النساء - محصورات، مقصورات مخدورات، قواعد بيوتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فُضِّلتُم علينا بالجُمَع والجماعات، وفُضِّلتُم علينا بشهود الجنائز، وعيادة المرضى، وفُضِّلتم علينا بالحج بعد الحج، وأعظمُ من ذلك الجهادُ في سبيل الله، وإنَّ الرجلَ منكم إذا خرج لحجٍّ أو عمرةٍ أو جهادٍ، جلسنا في بيوتكم نحفظُ أموالكم، ونربي أولادكم، ونغزلُ ثيابكم، فهل نشاركُكم فيما أعطاكم الله من الخير والأجر؟ فالتفت صلى الله عليه وسلم بجملته وقال: «هل تعلمون امرأة أحسن سؤالًا عن أمور دينها من هذه المرأة» ؟ قالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تسأل سؤالها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أسماء، «افهمي عني؛ أخبري من وراءك من النساء أن حُسْنَ تبعُّل المرأة لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لرغباته يعدِل ذلك كله»، فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر وتردد: يعدل ذلك كله، يعدل ذلك كله)).

_____________________________________________________

الكاتب: نايف عبوش