خيرية من نوع مختلف

جميعنا يحفظ هذا الحديث: «مَن يُرِد اللهُ به خيرًا يُفقِّه في الدين»، هناك بعض الناس لم يفتح الله لهم في هذا المجال، فهل هم بعيدون عن هذه الخيرية؟

  • التصنيفات: شرح الأحاديث وبيان فقهها - الفقه وأصوله -

جميعنا يحفظ هذا الحديث: «مَن يُرِد اللهُ به خيرًا يُفقِّه في الدين»، ويستدل به على أهمية العلم والتعلُّم والتفقُّه في دين الله، فكلما زاد الإنسان علمًا زاد إيمانًا وحُبًّا لله وتمسُّكًا بدينه، وهذه من علامات أن الله يريد له الخير في الدنيا والآخرة؛ ولكن هناك بعض الناس لم يفتح الله لهم في هذا المجال، فهل هم بعيدون عن هذه الخيرية؟

 

منذ فترة قصيرة وجدت حديثًا يدلُّنا على خيرية من نوع مختلف، خيرية ترفع درجاتك في الجنة فوق ما تتصوَّر، خيرية تُكفِّر ذنوبك وسيئاتك كممحاة تُنظِّف صحيفتك، خيرية تجعلك مع الأنبياء والصالحين.

 

عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «مَنْ يُرِد اللهُ به خيرًا يصب منه»؛ (البخاري) .

 

كأني لأول مرة أسمعه بل بالفعل هذه أول مرة أقرؤه، جلست أتأمله كثيرًا، هذه أول مرة يطرق مسامعي رغم قصر كلماته، ورغم وروده في البخاري، ورغم ما فيه من سلوى لكثير من المصابين بالابتلاءات في الدنيا، فيه عزاء لآلامهم وغمومهم، يمسح على قلوبهم برفقٍ ويمسح على أرواحهم المتعبة بحنان.

 

فلماذا لم يشتهر هذا الحديث بين الناس؟

 

فعزمت على الكتابة عنه ونشره لعله يصل لقلب مكلوم فيهدأ، أو لنفس متعبة من البلاء فتصبر، أو لروح مهمومة فيفرج عنها.

 

وقوله: «يُصب»، قُرئ بوجهينِ: بفَتْحِ الصَّاد "يُصَب"، وكَسرِها "يُصِب"، وكلاهما صحيحٌ؛ أمَّا (يُصِب منه)، فالمعنى: ️أنَّ الله يُقدِّر عليه المصائبَ حتَّى يَبتليَه بها: أيصبِر أم يضجَر؟ وأمَّا (يُصَب منه) فهي أعمُّ؛ ️أي: يُصابُ من الله ومن غيره)؛ الدرر السنية.

 

أيها المصاب، الله يحبك ويريد لك الخير فلا تحزن، الله يصطفيك ويرفع درجاتك إن صبرت واحتسبت، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:  «إن العبد إذا سبقتْ له من اللهِ منزلةٌ لم يبلغها بعملهِ ابتلاهُ اللهُ في جسدِهِ أو في مالهِ أو في ولدِهِ ثم صبَّرهُ على ذلكَ حتى يبلغهُ المنزلة التي سبقتْ لهُ من اللهِ تعالى»؛ (صحَّحه الألباني).

 

الله ابتلاك ليهذبك لا ليعذبك، الله يريد أن يرحمك ويثني عليك ويذكرك في الملأ الأعلى فاثبت {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 157]، ومعنى صلوات؛ أي: ثناء من الله، تخيَّل الله رب السماوات والأرض الغني الكبير يذكرك أنت.

 

الله يريد أن يمحو ذنوبك حتى تلقاه بلا خطايا كيوم ولدتك أُمُّك: «ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض ما له خطيئة».

 

عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»؛ (صحَّحه الألباني).

 

يريد أن يسمع صوتك تناجيه وترجوه، يريد بك الخير، فاصبر فإنما هي أيام.

________________________________________________________
الكاتب: سمر سمير