من خدعنا بالله انخدعنا له

خالد الشافعي

منذ تنحى المتنحي، وأنا أكتب داعياً السلفيين والإخوان إلى التوحد وليس فقط الوحدة، ولا زلت أقول: "دعوها فإنها منتنة"، ولا زلت أقول: "يجب تفويت الفرصة على خصوم لا يرقبون فينا إلا ولا ذمة"...

  • التصنيفات: الولاء والبراء -



منذ تنحى المتنحي، وأنا أكتب داعياً السلفيين والإخوان إلى التوحد وليس فقط الوحدة، ولا زلت أقول: "دعوها فإنها منتنة"، ولا زلت أقول: "يجب تفويت الفرصة على خصوم لا يرقبون فينا إلا ولا ذمة"، أصرخ يا أبناء راية التوحيد توحدوا، فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، بل أحسب أننا متفقون في معظم الأصول إن لم يكن كلها، لا زلت أستحلفكم بالله ألا تنشروا فيديو ولا تصريحاً يشعل الفتنة أو يوسع الشقاق، لا زلت أقول: "لا تشمتوا بنا الأعداء"، لا زلت أقول: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٥٤]، يا أبناء الدرب الواحد، يا من جمعتكم الراية، وغرف أمن الدولة، كونوا عباد الله إخواناَ، بدأت المعركة الانتخابية وللأسف تعرض الأخوة لجرح نافذ، وضربة في مقتل، أول سبيل العلاج هو أن نعترف، أن نتصارح، المجاملات وتصريحات الاستهلاك الإعلامي ستكون جريمة لا تغتفر وربما قضت على آخر أمل في إصلاح ذات البين.
الآن وبعد نهاية الجولة الأخيرة من انتخابات مجلس الشعب ومصابنا في أخوتنا الإيمانية، وبعد كل هذا التراشق والتخوين، ومحاولة مني لأن أنقذ ما يمكن إنقاذه قبل انتخابات الشورى، أقول أولاً إن ما حدث إنما يعني أن نوايانا كانت مدخولة، وأننا لم نخض هذه الانتخابات لأجل الشريعة، وأن حظ النفس نجح في إحداث شرخ هائل بيننا.

المهم دعونا من الماضي مهما كان الجرح حديثاً ودامياً، المهم الآن هو الغد القادم، دون الدخول في أية تفاصيل، كلنا مخطئون ولا شك، كلنا أيادينا ملطخة بدماء الأخوة، كلنا كباراً وصغاراً، قادة وأتباعاً.

وأنا في التاكسي اليوم في طريقي لخطبة الجمعة قال لي سائق التاكسي السلفي: هل رأيت ما فعله معنا الإخوان في جولة الإعادة؟ هل رأيت كيف تحالفوا ضدنا وغدروا بنا بعد أن أفسحنا لهم مقعد العمال وصوتنا لمرشحهم؟ فقلت له: لو عادت الأيام وأنا أعرف أنهم سيفعلون هذا، فسأنتخب مرشحهم مرة ثانية، أنا لا أنتخب الإخوان، أنا أنتخب الإسلام، أنا أعامل الناس بأخلاق الإسلام وليس بأخلاقهم، فإن خدعوني بالله انخدعت لهم.


كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَدَّ عَجَبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ قَرَّبَهُ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ قَالَ نَافِعٌ: "كَانَ بَعْضُ رَقِيقِهِ قَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ مِنْهُ، فُرَبَّمَا شَمَّرَ أَحَدُهُمْ فَلَزِمَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَآهُ ابْنُ عُمَرَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ الْحَسَنَةِ أَعْتَقَهُ، فَيَقُولُ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَاللَّهِ مَا بِهِمْ إِلا أَنْ يَخْدَعُوكَ! فَيَقُولُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَنْ خَدَعَنَا بِاللَّهِ انْخَدَعْنَا لَهُ".

فإلى كل إخواني وإلى كل سلفي: بالله عليكم كونوا عباد الله إخواناً، أحسنوا الظن ببعضكم البعض، هل يمكن لمن عُذّب في جنب الله عشرات السنوات، وقبض على جمر الغربة، هل يمكن بعد ذلك أن يخون لأجل كرسي؟ طبقوا النصوص الربانية التي ترددونها صباح مساء، التمسوا الأعذار، وانشغلوا بما ينفع، فإن خدعكم أحد بالله انخدعوا له.


المبادرة برأب الصدع مسألة حياة أو موت، أي نصيحة في العلن أو أي محاولة نقد أو عتاب علنية ستصب مزيداً من أسرع الزيوت اشتعالاً، أي جولة تراشق جديدة حتى لو كان صاحبها محقاً لن تؤدي إلا إلى مزيد من الجفاء والبعد، مهما كان الجرح نافذاً ومؤلماً ومهما كان التصريح مستشنعاً فافترض أنه مكذوب أو تم تحريفه أو هناك سوء فهم أو هي زلة.

يا شيوخ السلفية ورموز الإخوان: إن لم تخصصوا لجنة للتنسيق وخطاً ساخناً للتواصل الفوري وآلية للتنسيق والتفاهم فالموعد يوم القيامة.

{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام