أبحث عن دين صحيح، وقد وجدت في الإسلام ضالتي

تساؤلات عن الإسلام

  • التصنيفات: اليهودية والنصرانية - العقيدة الإسلامية - دعوة غير المسلمين -
السؤال:

مرحبًا
أنا فتاة اسمي ماري، أُعجبت حقًا بالإسلام، ولكن لدي بعض الأسئلة:

إذا كان الزواج والأطفال مكتوبًا في اللوح المحفوظ، أي إذا كانت الطفلة تولد باسم ماري، أو محمد يتزوج جوليا، وإذا كتب له الطفل وهو في بطن أمه، إذا لماذا هو مخير؟ 

وإذا قدر الله المشكلات التي ستحدث، فعلى أي أساس يُقدّر شقيًا أو سعيدًا؟ وإذا الأديان السابقة هي سماوية كالإسلام، فهل كانت الصلاة تؤدى على نفس الطريقة، أم أنها حُرفت؟ حيث أن للصلاة في الإسلام فوائد كثيرة عند الركوع والسجود. 

وهل الله قد كتب على شخص مُعين أنه الدجال حسب ذنوبه مثلاً، أو أنه تجسد لإبليس؟ وهل الله يعلم ما سوف نفعل وقد كتبه، أم فقط يعلمه؟

أتمنى حقًا الإجابة؛ لأنني لا أشعر أنني على الدين الصحيح الذي هو المسيحية، وحاليًا أبحث في الأديان الأخرى، وقد أعجبت بالإسلام حقًا.
وشكرًا.

الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: 

مرحبا بك ونشكر لك الاختيار والاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يهديَك إلى الحق وأن يُصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير ويحقق لنا ولك في طاعته الآمال.

لقد أسعدتنا هذه الأسئلة التي تدُل على أن وراءها عقل، ونأمل أن يقودك إلى الإسلام، ونؤكد لك أن إيماننا لا يٌقبل حتى نؤمن بنبي الله عيسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-، بل ونؤمن بسائر الأنبياء -عليهم صلوات الله وسلامه-، الذين بشَّرُونا بخاتمهم، كما فعل عيسى -عليه الصلاة والسلام-، ولو أن أهل التوراة والإنجيل حفظوا كُتُبهم ولم يُحرفوها ولم يُبدلوها، لأوصلتهم للإيمان برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.

وأرجو أن تَعلمي -ابنتي الفاضلة- أن ربُنا العظيم خلق في الإنسان قدرة على قبول الخير أو رفضه، ولكن الرحيم لم يتركنا سُدى، وإنما أرسل رُسُله ليقولون لنا هذا طريق الخير، ويوصل إلى الجنة، وذاك طريق الشر والغواية، ويقود إلى النار، فمن يسمع كلامهم ويشكر إرشادهم يمضي إلى الخير، ويُعان على الخير، قال تعالى: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ} [الليل:7]، بخلاف من عاند ورفض وكابر، فإنه يَحرم نفسه الخير والإعانة، قال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:5]، وكذب وتولى فقاده رفضه إلى العسرى.

وهذا مثال للتوضيح -ولله المثل الأعلى- لو أن معلمة ناجحة قامت بواجبها وشرحت لطالباتها وحثتهُن على الاجتهاد والمذاكرة، ووضحت لهن ثمار النجاح وعواقب وآثار الكسل والإهمال، لو قلنا لهذه المعلمة قبل الامتحان بأسبوع نريد أسماء الناجحات، وكشف آخر فيه أسماء الراسبات، ثم جاءت الاختبارات، وجاءت النتائج كما أشارت المعلمة، فهل للراسبات أن يقلن نحن رسبنا لأن المعلمة كتبتنا مع الراسبات؟ 

الكتابة لا تؤثر على النجاح ولا على الفشل، كما أن الكشف كان سريًا، ولم تعرف به الطالبات، فهل تستطيع عاقلة أن تُنكر؟ وإذا قلنا كيف عرفت المعلمة؟ لأنها لاحظت أن فلانة وفلانة مهملات ولاهيات عن الدراسة، فاخترن بذلك طريق الرسوب، بخلاف فلانة وفلانة المجتهدات الحريصات على سماع النصائح والتوجيهات.

ونحن لا نقبل الاعتذار بمثل هذا في أمور الدنيا، فلماذا يرد علينا في علاقتنا بالله؟ فالقاضي لا يقبل من السارق إذا قال: أنا سرقت لأن الله قدر علي ذلك، بل يعاقبه ويسجنه، ولذلك لما جاء رجل ظالم معتدي، وقال للفاروق عمر: أنا ضربته لأن الله قدر علي أن أفعل، فدخل الفاروق وجاء بالدرة وأشبعه ضربًا، ثم قال له: وهذا مما قدره الله عليك.

وكتابة المقادير لا تعني السلبية والتوقف، ولذلك قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: «اعمَلوا فكلٌ مُيَسَّرٌ لمَا خُلِقَ لهُ» (صحيح البخاري [4949])، كما أن الفقيه هو من يَرد أقدار الله بأقدار الله، فالمرض قدر نَرُدُّه بطلب العلاج وبتناول الدواء وبالدعاء، وعلينا أن ندرك أن الدعاء يرد القضاء، وأن العظيم: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد:39].

ومن المهم أن نذكرك بأن الحديث الذي ذكرت جزء منه «فيكتبُ: رزقَه، وأجَلَه، وعملَه، وشقيٌّ أم سعيدٌ» (صحيح البخاري [4719])، فيه إضافة مهمة بعد قوله (ليعمل بعمل أهل الجنة)، والإضافة هي (فيما يظهر للناس)، ولكن ليس على الحقيقة، وليس عنده إخلاص وصدق، ولذلك يدخل النار.

أما بالنسبة للفرق في طريقة الصلاة أو في فروع الشرائع، فهناك بعض الاختلافات، والإسلام دين كامل اجتمع فيه ما تفرق في الأديان السماوية من الكمالات، كما اجتمع في نبيه صلى الله عليه وسلم ما تفرَّق في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من جميل الصفات، حتى مدحه ربنا العظيم وقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم :4] .

أما بالنسبة لمسألة علم ربنا العظيم بما كان وبما سيكون، فهي من المسائل المحسومة، وربنا {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق من الآية:12]، وقال سبحانه: {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام من الآية:59]، وكل شيءٍ عنده بمقدار.

يا بنيتي: الله عظيم سبحانه، وننبه إلى أن بقية التساؤلات داخلة في الذي أجبنا عليه، ونسعد بإجابة ما يمكن أن يحتاج إلى المزيد من التوضيح، ولقد أسعدنا تواصلك، وسوف نفرح بالاستمرار في التواصل، وصدورنا مفتوحة للحوار، ونرحب بك بين آباء وإخوان وأخوات لا يريدون لك إلا الخير.