ابنتي وشكي فيها.. وبرنامج الـ "واتس آب"

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابنتي في السادسة عشرة من عُمرها، ذكيَّة وبيئتُنا - ولله الحمد - محافظة، لَدَيها جوَّال، أعطاها صاحباتها برنامجًا للمحادثة، هذا البرنامج لا يُضيف إلاَّ مَن كان عندها أرقامهم: "واتس آب".

لاحَظتُ جلوسها الطويل عليه، فأخَذته فوجَدتها تُحادث شابًّا، لكني لَم أرَ الردَّ، فأسْرَعتْ بحذف البرنامج، ولَم أتَحقَّق من شيء، فصارَحتها بأسلوب لَيِّن، فقالت لي: هو الذي أرسَل لي، ولَم أردَّ عليه، وعندما سألتُ عن البرنامج، ذكَروا لي أنه لا يُمكن أن يُحادثها أحدٌ إلاَّ مَن كان عندها رقمه، أصبَحتُ في حَيْرة، فأنا لا أُريد اتِّهامها، وقد ناقَشتها فأنكَرت بشدَّة وغَضِبتْ، وقالت: ألهذه الدرجة لا تثقين بي؟!

لا أدري ماذا أفعل؟ وكيف أتصرَّف؟

أخَذتُ جوَّالها، وابنتي ليس لديها "لاب توب" خاص، إنما جهاز مكتبي للجميع، وفي وسط غرفة الجلوس.

أنا لا أريد أن أضغطَ عليها، ولا أريد أن أتركَها، مع أنها دائمًا تُنكر أفعال البنات، وتَستنكر ما يَفْعَلْنَ، بل إني أعتبرها مستشارتي في كثيرٍ من الأمور، فهي قريبة مني جدًّا، وجميع الأقارب - مَن يُقابلها منهم - يمدح أخلاقها وذكاءَها، أتمنَّى أن ترشدوني، هل أُغلق هذا الموضوع السابق؟ أم أتحقَّق من الأمر وأُدَقِّق فيه، وأبدأ معها عملية مراقبة، وأُشَدِّد عليها؟!

وبالطبع ابنتي لا تَخرج من المنزل بدوني، ومكالماتها تكون أمامي.

أتمنَّى أن تجيبوني، ولكم منِّي جزيل الشكر.

الإجابة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

هالَتْني استشارتك، وللأسف وصَلتني متأخِّرة قليلاً، آمُل أن تكون أمورك مع ابنتك أفضل الآن؛ فهي تحتاج منك حبًّا لا شكًّا!

بداية برنامج "الواتس آب" من الممكن أن يكتبَ به مَن ليس لديها رقمه، ليس كما أخبَرك الناس عنه، وحديثًا أضَفته، وكثيرًا ما تُزعجني رسائل من أشخاص لا أعرفهم، وليس لدي أرقامهم، مثَلُه مثلُ رسائل الجوَّال العاديَّة، فمن الممكن لأيِّ أحد أن يُرسل رسالة على جوَّالك ولو لَم يَعرفك.

لا أعرف إن كنتِ قد بَنَيتِ شكَّك فقط على الرسالة التي رأيتِها، أم أنَّك لاحَظت أمورًا أخرى أوصَلتك لهذه النتيجة، لكن أيًّا ما كان الأمر، فليس هكذا تُعالج الأمور.

ابنتك بحاجة لصُحبتك، لأن تشعر بالأمان معك، وتحكي لك ما تُعانيه.

وصدِّقيني، في هذا العصر مهما كثَّفنا طُرق الرقابة والمتابعة، فلن نَنجح؛ فقد تطوَّرت التقنيات، وصار بالإمكان إخفاءُ الكثير من الأمور، ومَن يريد أن يَفسُد، فلن تعوقه رقابة الأهل وتشديدهم، على العكس قد تَدفعه للمزيد؛ فالعلاقة بين الرقابة الخارجية والداخلية علاقة عكسية، كلما ازدادَت الرقابة الخارجية، تَقِل الرقابة الذاتية، والعكس!

تحتاجين أن تركِّزي معها على مراقبة الله؛ فهي وحدها التي تحميها.

وأيضًا تحتاجين أن توثِّقي علاقتك بها؛ لتكوني الصديقة التي تُسِر لك بما تفكِّر فيه، دون أن تخشى رَدَّة فِعلك.

قلت: إنها عاقلة، وخَلوق، وتُشاورينها في كثيرٍ من الأمور، فما الذي جعَلك تتغيَّرين وتشكِّين بها الآن؟

تذكَّري يا عزيزتي أنَّ ابنتك بشرٌ في النهاية، وقد تُخطئ، لكن إن أخطأتْ، فلن يكون الحلُّ بالمنْع بهذه الطريقة، تحتاج أن تتحاوري معها وتُصادقيها، وتُرِيها الطريق الصحيح، وتُعينيها على مَرضاة الله.

 

أنصحك الآن:

- أن تتحاوري معها بثقة، وأن تتَّفقي معها على حلول؛ حتى لا تتكرَّر هذه المواقف، أخبِريها أنَّك أمٌّ وتُحبينها جدًّا؛ لذلك تخافين عليها، اسْمَعي منها كلَّ ما ستقوله لكِ لو تحدَّثت عن ألَمها من قَسوتك معها، ولو لَم تتحدَّث، فاصبري عليها؛ حتى يُشفى جُرْحها.

- ركِّزي على الإيمانيَّات معها، واغتنمي صُحبتكما؛ لتقْرَئي معها تفسيرًا، وتعيشا في ظلال آية مثلاً، صلِّي معها جماعة، وأشْعِريها بلذَّة الإيمان والقُرب من الله؛ فمراقبة الله والسعي لرضاه، هي وَحْدها الحامية في النهاية.

- أكثري من الدعاء لها بالحفظ والثبات في عصر الفتن، وتذكَّري أنَّ دعاء الأمِّ من الأدعية المُجابة.

 

أعانَك الله ويسَّر لكِ صُحبتها، ومعالجة ما حصَل، وجعَلها قُرَّة عينٍ لكِ.