حكم التلفزيون

محمد الحسن الددو الشنقيطي

  • التصنيفات: وسائل التكنولوجيا الحديثة -
السؤال: ماذا تقولون في التلفزيون؟
الإجابة: إن التلفزيون آلة من الآلات ووسيلة من الوسائل، فالنظر إليها وسماعها حكمه حكم ما يخرج فيها.

فإن كان الذي فيها مما يحل النظر إليه، وكان الذي يُسمع فيها مما يجوز سماعه جاز سماعه فيها، والنظر إليه.

وإن ظهر فيها مالا يحل رؤيته وجب غض البصر عنها، وإن سُمع منها ما لا يحل سماعه وجب كذلك كف السمع عنها، وقنواتها تختلف: فالقنوات الإخبارية لا بد من الاطلاع على بعض أخبارها، وينبغي للعاقل أن يكون خبيراً بأهل زمانه، ومن لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، وهي وسائل للإعلام وإن كان فيها الغش والكذب لكن مع ذلك هي وسائل الإعلام المتاحة، وكذلك القنوات الدعوية المختصة التي فيها بعض الدروس المفيدة، كقناة المجد وقناة اقرأ وغيرهما من القنوات التي فيها دروس نافعة هذه لا شك أنها أيضاً قنوات إسلامية، وما يحصل فيها من المخالفات يَغُضُّ عنه الإنسان أو يطفئها في وقته وما سوى ذلك يستفيد منه.

وهي مثل الكتب: فالكتب فيها الصواب والخطأ، وما من كتاب غير كتاب الله إلا وفيه الصواب والخطأ، ولذلك قال البويطي لمَّا ألف الشافعي كتابه ناولنيه فقال: خذ هذا الكتاب على خطأ كثير فيه، قلت: يا أبا عبد الله أصلحه لنا، قال: كيف وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً} [النساء] أبَى الله العصمة إلا لكتابه، فالكتاب المعصوم الذي ليس فيه أي خطأ هو القرآن، وما سواه من الكتب لا بد أن يكون فيه الخطأ والصواب، ولا يمكن أن تترك الكتب من أجل بعض الأخطاء التي فيها، فكذلك القنوات الدعوية.

أما القنوات المفسدة الفاسدة التي بنيت على النفاق والفجور من أول يوم، فهذه مما ينبغي للعاقل المؤمن أن ينزه عنها سمعه وبصره، وأن يعلم أنها لا تؤدي إلى خير، وأنها تحمل الفيروسات الضارة بالإيمان، والضارة بالأخلاق، وفيروسات الشبهات، وفيها من أنواع الفساد ما لا يخطر على بال، ولذلك يصنعها الأعداء ويوجهونها إلى الشعوب الإسلامية من أجل التأثير عليها.

وأذكر مرة من المرات أنه في إحدى المدن الكبرى من العالم الإسلامي اشترى رجل تلفزيوناً لأولاده والدش الذي تؤخذ منه القنوات المختلفة، وهو مشغول بعمله وأمهم مشغولة كذلك بأعمالها، فبقي الأولاد يتابعون القنوات المختلفة، والأولاد كما تعلمون سفهاء، لم يكل الشارع أمرهم إلى أنفسهم، ولذلك لا يمكن أن يوكل إليهم أمرهم، فكانوا يفتحون هذه القنوات على المسلسلات الخليعة وعن أنواع الفجور، ولم يعلم الوالد بذلك حتى فوجئ بأنهم -نسأل الله السلامة والعافية- قد طبقوا بعض ما رأوه في بيوتهم فكانت الكارثة الكبرى، فأفسد بيته بنفسه.

فلذلك لا بد إذا اشتراها الإنسان لأهل بيته أن يمنع تلك القنوات بالكلية، وحتى القنوات الإخبارية ما فيها من البرامج الموسيقية وغيرها لا بد أن يجعل عليه رقابة شديدة، فلا تفتح إلا بحضرة الرشيد الذي يمنع الأولاد من التجول بين القنوات، ولا بد أن يكون ذلك في أوقات محددة، لأن كثيراً من الناس يستمرئها ويستحليها فيسمع نشرة الأخبار ثم النشرة التي بعدها وليس فيها إلا تكرار، ويتقلب من قناة إلى قناة فيفسد الوقت ويضيع، وربما ضاع وقت الصلاة، وربما ضاع وقت الختم المخصص له الذي يقرأ فيه حزبه اليومي، وربما ضاع كثير من الأعمال بسبب متابعة القنوات وهذا خطر على الإنسان، فلذلك لا بد أن يأخذها بالعقل، وأن لا يتابع منها إلا قدر الكفاية والاستغناء، وأن لا يتعدى ذلك فالإسراف في كل أمر لا خير فيه، فالله تعالى يقول: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.