حكم الذهاب للكنيسة لعلاج السحر وإخراج الجن

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: التوحيد وأنواعه - الشرك وأنواعه - الولاء والبراء -
السؤال:

هل يجوز لي أن أذهب للكنيسة للعلاج من السحر أو إخراج الجن؟
علماً بأننا لجأنا لكثير من المشايخ ولم يفعلوا شيئاً، وكثير من الناس جربوا القساوسة في الكنائس؛ وبمجرد أن يقرب القسيس الصليب من المريض يخاف الجني ويصرخ ويخرج، وشاهدت بنفسي أكثر من حالة.

الإجابة:

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الرقية الشرعية يشترط أن تكون بالقرآن أو السنة وبأسماء الله تعالى وصفاته، وبالكلام العربي المفهوم الذي لا غموض فيه ولا خفاء، ولا يُتصَوَّر كل هذا في علاج القساوسة، المبني على السحر والشعوذة، واستخدام الصلبان، والاستعانة بالشياطين، أو باستخدام كتبهم المحرفة.

والرقية تحتاج إلى همة قلب الراقي، ويقينه بالقرآن أن فيه شفاء، وتصديقه بإخبار النبي صلى الله عليه وسلم وكل هذا غير موجود في الكفار.

حتى لو أجرى الله الشفاء على يديه، فلا يجوز الذهاب إليه؛ لأنه من جنس ما يجريه الله على يد الدجال، الذي يقول للسماء: أمطري فتمطر، ويقول للأرض: أنبتي فتنبت، ويقول للخربة: أخرجي كنوزك؛ فتخرج معه كنوز الذهب والفضة، وهو مع هذا كافر ملعون عدو لله، وكل هذه الخوارق فتنة وابتلاء من الله تعالى، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً" [رواه أبو داود عن عوف بن مالك].


واعلم - حفظك الله - أن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء، ولكن علاج هذه الحالات وأمثالها بأمرين؛ ذكرهما ابن القيم رحمه الله فقال: "أمر من جهة المصروع، وأمر من جهة المعالِج": - الأول: من جهة المصروع؛ يكون بقوة نفسه، وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان، فإن هذا نوع محاربة، والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين: أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً، وأن يكون الساعد قوياً، فمتى تخلَّف أحدهما لم يغنِ السلاح كثير طائل، فكيف إذا عدم الأمران جميعاً؟! يكون القلب خراباً من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه، ولا سلاح له؟!
- والثاني: من جهة المعالِج؛ بأن يكون فيه هذان أيضاً".اهـ.


فإذا تحققت فيك المواصفات المطلوبة في المريض ولم تستفد عند المعالج الأول، فابحث عن معالج آخر يجري الله الشفاء على يديه، وقد يكون أمهر منه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنزل الله داء إلا قد أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله" [رواه أحمد عن ابن مسعود].

فدل على أن المعالجين متفاوتون في معرفة طرق العلاج والتشخيص، فنوصيك أخي الكريم بكثرة الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى وعدم اليأس من فضله وشفائه، وبالمواظبة على قراءة القرآن والأذكار الواردة عند النوم وطرفي النهار وهي موجودة في كتاب "حصن المسلم" أو "الكلم الطيب"، والمحافظة على صلاة النوافل في البيت وإخراج ما يجلب الشياطين ويمنع دخول الملائكة من الصور والتماثيل، والله نسأل أن يذهب عنك وعن أهلك ما تجد، وما ذلك على الله بعزيز،، والله أعلم.