ما حكم الاستماع إلى الأناشيد؟

عبد الرحمن بن ناصر البراك

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -
السؤال:

الأناشيد الإسلامية في تجديد وتطور مستمر، وهناك بعض الأمور التي أضيفت إليها، وأثارت خلافات في حكمها بين مجيز ومحرم مما أورث عند كثير من الناس عدم وضوح في الرؤية، ومن هذه الأمور ما يلي:

1 - ما يقوم به بعض المنشدين من تسجيل أصواتهم على هيئة نغمات موسيقية، ومن ثم معالجتها بالمحسنات، وإدخالها في الأناشيد.
2 - إضافة الإيقاعات التي يسمونها دف، وهي في الحقيقة إيقاعات مزودة بها أجهزة التسجيل والمكساج، وأقرب ما تكون أصواتها شبها بالطبول.
3 - ما بدأ ينتشر في الآونة الأخيرة بين عدد من الشباب من تحويل بعض الأناشيد إلى نغمات لأجهزة الجوال.

الإجابة:

الحمد لله، 

الأناشيد الإسلامية كما يسمونها، أشعار تتضمن في الغالب معاني قيمة وصحيحة من حث على التمسك بالدين وأخلاقه، أو إثارة الهمم بنصرة الإسلام والاستقامة عليه، هذا هو المضمون في أغلب الأحيان، ولكن المؤسف أنها صيغت بقوالب سلبتها النظر إلى هذه المقاصد، ذلك أنها تقدم بأصوات رخيمة ورقيقة، وقد تكون مصحوبة بدف أو غيره من آلات اللهو، أو تكون بأصوات حماسية وجماعية مما يجعل المستمعين إليها إنما يهمهم من هذه الأناشيد التلذذ بالنغمات الرخوة والناعمة، وإلى أصوات ما يكون معها من الآلات أحياناً، مما يصرفهم عن المضامين لتلك الأبيات، وقد بلغ الأمر بهذه الأناشيد أن جعلها فريق من الناس ديدنه، واستعاض بها عن الاستماع للقرآن، ويزعم الزاعمون أنهم يقدمونها بديلاً عن الغناء الذي تحريمه معروف وظاهر، وهذا السماع لتلك الأناشيد شبيه جداً بسماع الصوفية الذين يتعبدون، ويتقربون إلى الله باستماع الأشعار الملحنة المشتملة على المواعظ، وتحريك الهمم والعزائم، وتحريك الحب أو الخوف أو الحزن، وقد نبه العلماء إلى أن هذا السماع محدث، وكان من بداياته أن الذين يفعلونه كانوا يلقون تلك الأشعار ويضربون بالقضيب على مخدة أو جلد، ويسمون ذلك التغبير، قال الشافعي رحمه الله: "تركت ببغداد شيئاً أحدثه الفساق يسمونه التغبير"، وليرجع السائل وغيره إلى ما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في أجوبة كثيرة من فتاواه، وفي كتاب: (الاستقامة) على وجه الخصوص، فعلى هذا فالأناشيد التي تسمى الإسلامية هي وسيلة إلى ما يفعله الصوفية، من التعبد بالرقص والتصفيق والتصفير، حتى شابهوا من قال الله فيهم: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} [الأنفال: 35].


وينبغي أن يعلم أن الأناشيد الإسلامية كما يسمونها تختلف درجاتها، فمنها ما هو محرم بين التحريم كالمصحوب بالآلات، ومنها: ما هو مشتبه، فالواجب على المسلم أن يتجنب المتشابهات، كما قال صلى الله عليه وسلم: "وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام" (الحديث أخرجه البخاري: 52، ومسلم: 1599)، فتبين أن من يستمع لهذه الأناشيد تقرباً إلى الله فقد وقع في بدعة الصوفية، يظن نفسه محسناً وهو على غير هدى، ومن يستمع للتمتع لها بالنغمات وأصوات الآلات فإنه لاغ غافل عن ذكر الله، نسأل الله أن يجنبنا أسباب سخطه إنه على كل شيء قدير.