مخالفات تقع عند زيارة المسجد النبوي

الإسلام سؤال وجواب

  • التصنيفات: فقه الحج والعمرة -
السؤال:

لاحظت في زيارة للمسجد النبوي أن بعض الناس يتمسح بجدران الحجرة النبوية، والبعض يقف كأنه يصلي فتجده يضع يديه على صدره وهو مستقبل القبر، فهل ما يعملونه صحيح؟

الإجابة:

الحمد لله
تقدمت الإشارة إلى آداب الزيارة لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم في سؤال سابق ومما ينبه عليه ما يقع فيه بعض الزوار من المخالفات:

المخالفة الأولى: دعاء الرسول أو نداؤه أو الاستغاثة به أو الاستعانة به كقول بعضهم: "يا رسول الله اشف مريضي، يا رسول الله اقض ديني، يا وسيلتي، يا باب حاجتي" أو غير ذلك من الأقوال الشركية، المضادَّة للتوحيد الذي هو حق الله على العبيد.

المخالفة الثانية: الوقوف أمام القبر كهيئة المصلي، بوضع اليمين على الشمال على الصدر أو تحته، وذلك فعل محرّم، لأن تلك الهيئة هيئة ذل وعبادة لا تجوز إلا لله عز وجل.

المخالفة الثالثة: الانحناء عند القبر أو السجود أو غير ذلك مما لا يجوز فعله إلا لله، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر" أخرجه أحمد (3/158) وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1936، 1937) وإرواء الغليل (1998).

المخالفة الرابعة: دعاء الله عند القبر، أو اعتقاد أن الدعاء عنده مستجاب، وذلك فعل محرَّم لأنه من أسباب الشرك، ولو كان الدعاء عند القبور أو عند قبر النبي أفضل وأصوب وأحبَّ إلى الله لرغبنا فيه رسول الله، لأنه لم يترك شيئًا يقرب إلى الجنة إلا وحث أمته عليه، فلما لم يفعل ذلك عُلم أنه فعل غير مشروع، وعمل محرم وممنوع، وقد روى أبو يعلى والحافظ الضياء في المختارة أن علي بن الحسين رضي الله عنهما رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو، فنهاه وقال: ألا أحدثكم حديثًا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا قبري عيدًا ولا بيوتكم قبورًا، وصلوا عليَّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم" رواه أبو داود (2042) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1796).

المخالفة الخامسة: إرسال من عجز عن الوصول إلى المدينة سلامه لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض الزوار، وقيام بعضهم بتبليغ هذا السلام، وهذا فعل مُبتدع، وأمر مخترع، فيا مرسل السلام، ويا مبلغه كفّا عن ذلك، فقد كُفيتما بقوله: "صلوا عليَّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم".
وبقوله عليه الصلاة والسلام: "إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلِّغوني من أمتي السلام" أخرجه أحمد (1/441)، والنسائي (1282) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2170).

المخالفة السادسة: التكرار والإكثار من زيارة قبره، كأن تكون الزيارة بعد كل فريضة، أو في كل يوم بعد صلاة بعينها، وفي هذا مخالفة لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تجعلوا قبري عيدًا" قال ابن حجر الهيتمي في شرح المشكاة: " العيد اسم من الأعياد، يقال: عاده واعتاده وتعوّده صار له عادة، والمعنى: لا تجعلوا قبري محلاً لاعتياد المجيء إليه متكررًا تكرارًا كثيرًا، فلهذا قال: (وصلوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) فإن فيها كفاية عن ذلك" انتهى كلامه رحمه الله تعالى. وفي كتاب الجامع للبيان لابن رشد: "سئل مالك رحمه الله تعالى عن الغريب يأتي قبر النبي كل يوم، فقال: ما هذا من الأمر، وذكر حديث: (اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبد) صححه الألباني في: تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد (ص24-26).
قال ابن رشد: فيُكره أن يُكثر المرور به والسلام عليه، والإتيان كل يوم إليه لئلا يُجعل القبر كالمسجد الذي يؤتى كل يوم للصلاة فيه، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: "اللهم لا تجعل قبري وثنًا" انظر البيان والتحصيل لابن رشد (18/444-445). انتهى كلامه رحمه الله.
وسئل القاضي عياض عن أناس من أهل المدينة يقفون على القبر في اليوم مرة أو أكثر، ويسلمون ويدعون ساعة، فقال: "لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه، ولا يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولَها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك" الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/676).

المخالفة السابعة: التوجه إلى قبره الشريف من كل نواحي المسجد، واستقباله له كلما دخل المسجد أو كلما فرغ من الصلاة، ووضع اليدين على الجنبين، وتنكيس الرؤوس والأذقان أثناء السلام عليه في تلك الحال، وهذه من البدع المنتشرة، والمخالفات المشتهرة.
فاتقوا الله عباد الله، واحذروا سائر البدع والمخالفات، واحذروا الهوى والتقليد الأعمى، وكونوا من أمركم على بينة وهدى، قال جل في علاه: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ وَاتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ} [محمد: 14].
نسأل الله أن يجعلنا من الهداة المهتدين، المتبعين لسنة سيد المرسلين.