هل ترك الاقتتال القبلي يعد من التولي يوم الزحف

الشبكة الإسلامية

  • التصنيفات: فقه الجهاد -
السؤال:

هل عندما يخرج الشباب من القرية التي يعيشون فيها أيام الحرب ويغادرون منازلهم إلى منطقة مجاورة، و ذلك مثل ما حدث في ليبيا في مدينة سبها في الحرب التي جرت بين القبائل العربية بها و قبائل التبو، علما بأن كلا منها مسلم يعتبر توليا يوم الزحف؟
 

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد : فالبعد عن الفتنة والكف عن الاقتتال القبلي ليس من التولي يوم الزحف بل هو الواجب الشرعي، لأن دماء المسلمين محرمة ويجب الكف عنها، وقد حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من هذا النوع من القتال فقال : «مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ» (رواه مسلم).
قال النووي في شرح قوله: {وَمَنْ قَاتَلَ تَحْت رَايَة عِمِّيَّة}: هِيَ الْأَمْر الْأَعْمَى لَا يَسْتَبِين وَجْهه، كَذَا قَالَهُ أَحْمَد بْن حَنْبَل وَالْجُمْهُور، قَالَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ: هَذَا كَتَقَاتُلِ الْقَوْم لِلْعَصَبِيَّةِ. يَغْضَب لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَة أَوْ يَنْصُر عَصَبَة.. وَمَعْنَاهُ: إِنَّمَا يُقَاتِل عَصَبِيَّة لِقَوْمِهِ وَهَوَاهُ... اهــ.
والتولي يوم الزحف هو الفرار من قتال الكفار كما هو ظاهر من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفَاً فلا تُوَلُّوهمْ الأدْبَارَ} [الأنفال: 15]، ولذا ذكر المفسرون وشراح الحديث أن المقصود بذلك الفرار عند جهاد الكفار، والقتال الذي حدث في سبها بين القبائل العربية وقبائل التبو صرحت حكومتهم بأنه قتال قبلية وعصبية فيجب على المسلمين أن يتقوا الله تعالى ويكفوا عن سفك دمائهم فإن قتل المسلم بغير حق من أكبر الكبائر، وأكبر من الفرار يوم الزحف أمام الكفار، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» (متفق عليه).
والله أعلم.