ماهى أقوال المذاهب الأربعة فى مسألة ”إذا سها أوتخلف المأموم بعذر أو بغير عذر”؟

عبد المحسن بن عبد الله الزامل

  • التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال:

أتمنى المساعدة في تحرير أقوال العلماء في المذاهب الأربعة، في مسألة إذا سها أو تأخر أو تخلف المأموم لعذر كنوم، أو ازدحام، أو بغير عذر عن متابعة الإمام في الصلاة.

 

الإجابة:

من تأخر خلف الإمام إن كان لعذر فهو معذور، والواجب هو متابعته، قال عليه الصلاة والسلام «إنما جعل الإمام ليؤتم». هذا متفقٌ عليه عند جمع من الصحابة، حديث أنس، حديث أبي هريرة، وعائشة، «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، فإذا ركع فاركعوا» (1)، وعند أبي داوود بإسناد صحيح «ولا تركعوا حتى يركع» (2). وفي صحيح البخاري حديث البراء بن عازب «ونحن خلف النبي عليه الصلاة والسلام فإذا سجد لم يحن أحدٌ منا ظهره حتى يضع وجهه في الأرض» (3). وفي لفظٍ في الصحيح «حتى يستتم ساجدًا» (4). فالواجب هو المتابعة، لا المساوقة، ولا المسابقة، بل عليك أن تركع إذا ركع، إذا ركع ليس إذا أراد الركوع، إذا ركع واستتم راكعًا، إذا سجد واستتم ساجدًا، هذا هو الواجب.

لكن لو أن إنسان ساوقه، هذا خلاف السنة، والصلاة صحيحة، بمعنى أن يكون يركع بعدما يركع مباشرة، فينحني قبل انحناء الإمام، وقبل ركوع الإمام، وكذلك في السجود، ينحنون إلى السجود -والناس غالبًا اليوم خاصة في السجود- قبل أن يصل الإمام، بل قد يكون لا زال قريب الركوع، ولهذا قد يقع مسابقة للإمام، وخاصة إذا كان الإمام يكبر ويبادر بالتكبير من أول ما يريد السجود، أو كان كبيرًا، أي ينزل شيئًا فشيئًا، فكثيرًا ما يسابق الإمام، ويسجد قبله كثير من المأتمين.

وهذا أمرٌ منكر، يجب التنبيه عليه، والتحذير منه، فالمسابقة في الصلاة على هذا الوجه محرم، وجاءت الأخبار كثيرة في هذا الباب، «أما يخشى أحدكم – أو: لا يخشى أحدكم – إذا رفع رأسه قبل الإمام، أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار» (5).

لكن للعذر، نسيان أو نوم، ليس مسابقة، إنما التأخر، هي صورتان في الحقيقة

– صورة المسابقة.

– صورة التأخر.

المسابقة حرام، والتأخر إن كان بغير عذرٍ، وكان التأخر حتى يرفع من الركوع، يركع ويرفع من الركوع، وأنت قائم بلا عذر، ظاهر النصوص المنع، فإن كان يركع ويرفع ثم يسجد، هذا لا يجوز، لكن إن كان الإمام يركع ويستتم راكع، وأنت لا زلت حتى الآن لم تركع، هذا خلا السنة.

وإن كان لا نقول يحرم، ما دمت أنك سوف تدركه وتركع معه، ولهذا نص العلماء على أنك لو كنت تقرأ الفاتحة وركع الإمام، وأنت في وسطها، فالمشروع لك –هذا ظاهر السنة- الوجوب، أنت تركع، «إذا ركع فاركعوا». حتى لو كنت لم تكمل الفاتحة، إلا إذا كنت في آخرها، يمكن أن تكمل الفاتحة ولا تتأخر، هذا لا بأس به، لكن إن كنت في أولها، أو في وسطها، يترتب عليه التأخر عن الإمام.

فمتابعة الإمام آكد من كونك تكمل قراءة الفاتحة، بل الفاتحة تسقط أحيانًا، إذا جئت والإمام راكع، ولذا يسقط عنك التشهد الأوسط، لأجل متابعة الإمام، لو أن الإمام سها وقام من التشهد الأوسط، واستتم قائمًا، أنت لا تجلس، تسبح به، لكن لم ينتبه، أو أنه ظن أن هذه الركعة الثانية، لم يظن أنه الجلوس، فاستتم، تتابعه، وتترك التشهد الأوسط والجلوس، لأجل المتابعة.

ثم نعلم أن صلاة الخوف سقط فيها أشياء، واغتفر فيها أشياء لأجل متابعة الإمام والصلاة جماعة، فأقول إنه التأخر إذا كان لعذر، في هذه الحال لا يضر، لكن في أحوال وتفاصيل ذكرها العلماء، فإن نعس مثلًا ثم انتبه، والإمام راكع ورفع، ففي هذه الحالة تركع، ولو كان الإمام قد رفع، وتتابعه، لكن لو أنه ركع الإمام، وأنت قائم ساهي، ثم سجد، ثم رفع من السجدة، وأنت ساهي، في هذه الحال ماذا تصنع؟

هل تركع وتسجد ثم تتابعه، أو أنك تتابعه في السجود ولا تركع، وتأتي بركعةٍ أخرى، هذا لو أنه سها المأموم عن متابعة الإمام فركع الإمام ثم رفع ثم سجد، فعل ركنين، سبقه بركنين، ليس إلى ركنين، سبقه بركنين، بمعنى أنه أتى بالركن كاملًا، سبقه إلى ركن الركوع، سبقه بركن ركع ورفع، أي ركع ورفع ثم سجد، سبقه في  بركنين، هل نقول هذه الحالة أن عليك أن تركع وتسجد وتتابع الإمام، عليك أن تلغي هذه الركعة، وتتابعه في السجود، كما لو جئت مسبوقًا، هذا في قول الإمام أحمد رحمه الله، أنك تلغي هذه الركعة وتتابعه.

والقول الثاني وهو أظهر، مادام أنه عن سهو ونسيان، فإنك معذور في هذه الحالة، والأظهر والله أعلم أنه إذا كان لم يصل إلى الموضع الذي أنت فيه، وهو القيام، فتركع وتسجد، وتتابع الإمام، لأنك معذور، أو ناسٍ ونحو ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه البخاري (689)؛ ومسلم (411)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

(2) أخرجه أحمد: (8483) وأبو داود: (603).

(3) أخرجه البخاري (690)، ومسلم (474).

(4) أخرجه مسلم (475).

(5) البخاري (691)، ومسلم (427)، كلاهما عن أبى هريرة رضي الله عنه .