تعداد أسباب الشهادة

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السَّلام عليْكم،
أخي مصاب بِمرض سرطان وتوفي بهذا المرض، هلْ هو من الشهداء؟
مع التَّقدير.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمن خصوصية الأمة المحمدية تعداد أسباب الشهادة، ولم يكن ذلك في الأمم السابقة فيما نعلم؛ وقد ثبتَ في صحيح مُسلم عن أبِي هُريرة مرفوعًا قال: «الشُّهداء خَمسة: المطعون، والمبطون، والغرِق، وصاحب الهدْم، والشَّهيد في سبيل الله - عزَّ وجلَّ»، وفي رواية مالك في الموطأ من حديث جابر بن عتيك: أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «الشهداء سبع، سوى القتل في سبيل الله»، وذكر نحو ما تقدم، وزاد: «وصاحب ذات الجنب، والحريق، والمرأة تموت بجُمْع».

وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ «المبطون»: هو الذي يموت من علة البطن، كالاستسقاء، والانتفاخ، والإسهال وغيره، قال القاضي: وقيل: هو الَّذي به الاستِسْقاء وانتِفاخ البطْن، وقيل: هو الَّذي يَموت بداء بطنِه مُطلقًا..... قال العلماء : المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول في سبيل الله: أنهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء، وأما في الدنيا فيغسلون ويصلى عليهم"؛ كما في "شرح مسلم" للنَّووي.

فإن كان أخوك - رحمه الله - قد أُصيب بالسَّرطان في بطنِه ومات متأثّرًا بذلك، فنرجو الله - جلَّ وعلا - له أن يكونَ ممَّن ينالون ثواب الشَّهادة.

أمَّا إذا كان أُصيب بالمرض خارج البطن، فإنَّه كغيره من الأمراض التي تكفِّر السَّيئات، وترفع الدَّرجات، بقدْر ما يُصاحِبها من الألَم والمشقَّة، وبقدْر صبر صاحبِها ورضاه بقضاء الله وقدَره؛ وقد ثبت عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في مسلمٍ وغيرِه، عن صُهيْب - رضِي الله عنْه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
«عجبًا لأمْر المؤمن! إنَّ أمرَه كلَّه خير، وليس ذلك لأحدٍ إلاَّ للمؤْمِن، إن أصابتْه سرَّاءُ شكرَ، فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضرَّاءُ صبر، فكان خيراً له».

وفي "
مسند أحمد" من حديث أنس قال: قال رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: «عجبًا للمؤْمِن! لا يقضِي الله له شيئًا إلاَّ كان خيرًا له» .

وفي صحيح البُخاري من حديث أبي هُريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال:
«ما يُصيب المسلِم من نصَب ولا وصَب، ولا همٍّ ولا حزنٍ، ولا أذًى ولا غمٍّ، حتَّى الشوكة يشاكُها؛ إلاَّ كفَّر الله بها من خطاياه».

وفي صحيح مسلم من حديث أبِي سعيدٍ وأبِي هُريرة - رضِي الله عنهما -: أنَّهما سمعا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول
«((ما يُصيب المؤمنَ من وصَب ولا نصَب، ولا سقَم ولا حزن، حتَّى الهمّ يهمُّه؛ إلاَّ كفّر به من سيِّئاته».

هذا؛ والله أعلم.