حكم أكل الضبع

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الأطعمة والأشربة - فتاوى وأحكام -
السؤال:

هل يُؤكل الضبع أو لا؟ وما شرعيَّة تحريمِه أو تحليل أكْله؟

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آلِه وصَحْبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فقد ذهب بعض أهل العلم: إلى جواز أكْل الضبع، وهو مذْهب الشافعية والحنابلة، وكَرِه المالكية أكْله، وذهب الحنفية إلى التحريم.

ودليل الإباحة:

ما رواه أحمد وأصحاب السنن، من حديث جابر بن عبدالله: أنه سُئِل عن الضبع، فأمر بأكلها، فقيل له: أصيد هي؟ فقال: نعم، فقيل له: أسمعته مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم؛ وقال الترمذي: حسن صحيح.

قال الخطابي في "المعالم": وقد اختلف الناس في أكل الضبع، فرُوِي عنْ سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضبع، ورُوي عن ابن عباس إباحة لَحْم الضبع، وأباح أكلَها عطاء، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.

وكرِهه الثوري، وأصحاب الرأي، ومالك، ورُويَ ذلك عن سعيد بن المسيب، واحتجوا بأنها سَبُع، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكْل كلِّ ذي ناب من السِّباع.

قال الخطابي: وقد يقوم دليلُ الخصوص فينزع الشيء من الجملة، وخبر جابر خاصٌّ، وخبر تحريم السباع عام". اهـ.

وقال أبو محمد بن حزم في "المُحلَّى" بعدما ذكر حديث جابر: "قال ابن جريج: نا نافع مولى ابن عمر قال: أخبر رجلٌ ابنَ عمر أنَّ سعد بن أبي وقاص يأكل الضباع، قال نافع: فلم ينكر ابن عمر ذلك.

ومن طريق عبدالرزَّاق عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: كان علي بن أبي طالب لا يرى بأكل الضباع بأسًا.

وقال معمر: عن عمرو بن مسلم: سمعْتُ عكرمة عن ابن عباس، وسُئل عن الضبع فقال: رأيتها على مائدة ابن عباس.

ومن طريق وكيع عن أبي المنهال الطائي عن عبدالله بن زيد عمِّه قال: سألْتُ أبا هريرة عن الضبع، فقال: نعجة من الغنم.

وعن عطاء قال: ضبع أحب إليّ مِن كبْش.

قال أبو محمد: فواجب أن تُستثنى الضباع مِن جُملة السِّباع؛ كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يُخالف شيء من أقواله - عليه السلام".

قال في "عون المعبود": "والحديث يدلُّ على جواز أكْل الضبع، وإليه ذهَب الشافعي وأحمد؛ قال الشافعي: ما زال الناس يأكلونها ويبيعونها بين الصفا والمروة من غير نكير؛ ولأن العرب تستطيبه وتَمْدحه.

 وذهَب أكثر العلماء إلى التحريم، واحتجوا بأنها سَبُع، وقد نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كلِّ ذي ناب من السِّباع، واحتجُّوا أيضًا بما أخْرجه التِّرمذي من حديث خزيمة بن جزء، قال: سألْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضبُع، فقال: «أَوَ يَأكُل الضبعَ أحدٌ؟!»، ولكن هذا الحديث ضعيفٌ؛ لأنَّ في إسناده عبدالكريم بن أميَّة، وهو متفق على ضعْفِه، والراوي عنه إسماعيل بن مسلم، وهو ضعيف".

 وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح": "وقد ورد في حلِّ الضبع أحاديث لا بأس بها". اهـ.

هذا؛ والله أعلم.