حالات ميراث بنات الابن من الجد

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الفرائض والوصايا - فتاوى وأحكام -
السؤال:

زوج تُوُفي في حياة أبيه، وترك زوجة وبنتين إناثًا، ثم بعد ذلك توفي أبوه، وهو جد البنتين، فما ميراث البنتين والزوجة؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:

فإن لم يكن للزوج المتوفَّى ورثة سوى من ذكرتَ من الأب والبنتين والزوجة، فلوالد المتوفَّى سُدُس التركة؛ لوجود الفرع الوارث من الإناث؛ قال الله - تعالى -: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11].

 وللزوجة الثُّمُن؛ لوجود الفرع الوارث؛ لقوله - تعالى -: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12].

وللبنتين الثلثان فرضًا؛ قال - تعالى -: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11].

 وما بقي بعد أصحاب الفروض يأخذه الوالد تعصيبًا، وهذه من الحالات التي يرث فيها الأب بالفرض والتعصيب؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: «ألحقوا الفرائضَ بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجلٍ ذكر»؛ متفق عليه، والمعنى: أعطوا الأنصباء المقدَّرة في كتاب الله - تعالى - لأصحابها المستحقِّين لها، وما زاد من التركة عن أصحاب الفروض، فلأقرب وارثٍ من العصبات، والأبُ أقرب رجل بعد الابن وابنه، وهذا إجماع من أهل العلم.

 قال ابن قدامة - رحمه الله - في "المغني": "وليس للأب مع الولد الذكر، أو ولد الابن إلا السدس، فإن كنَّ بناتٍ كان له ما فَضَل.

 يعني - والله أعلم - كان له ما فضل بعد أن يفرض له السدس، فيكون له ثلاثة أحوال: حال يرث فيها بالفرض، وهي مع الابن، أو ابن الابن وإن سفَل، فليس له إلا السدس، والباقي للابن ومن معه، لا نعلم في هذا خلافًا.

 الحال الثانية: يرث فيها بالتعصيب المجرد، وهي مع غير الولد، فيأخذ المال إن انفرد، وإن كان معه ذو فرض غير الولد، كزوج، أو أم، أو جدة، فلذي الفرض فرضُه، وباقي المال له؛ لقول الله - تعالى -: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11].

 فأضاف الميراث إليهما، ثم جعل للأم الثلث، فكان الباقي للأب، ثم قال: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11].

 فجعل للأم مع الإخوة السدس، ولم يقطع إضافة الميراث إلى الأبوين، ولا ذَكَرَ للإخوة ميراثًا، فكان الباقي كله للأب.

 الحال الثالثة: يجتمع له الأمران: الفرض والتعصيب، وهي مع إناث الولد، أو ولد الابن، فله السدس؛ لقوله - تعالى -: {لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11].

 ولهذا؛ كان للأب السدس مع البنت بالإجماع، ثم يأخذ ما بقي بالتعصيب"- اهـ مختصرًا.

فالمسألة من 24، تأخذ الأم ثلاثة أسهم، والبنتان 16، والجد 5.

 أما بعد موت الجد، فلا يخلو الأمر من واحدة من خمس حالات:

الحالة الأولى: أن يكون له أبناء مباشرون (أي: أعمام للبنتين)، ففي هذه الحالة لا إرث للبنتين مع وجود واحد منهم؛ لأن بنتي الابن تُحجَبان في هذه الحالة بالأعمام.

 الحالة الثانية: إن وجد للجدِّ بنت واحدة، فإن بنتي الابن ترثان معها السدس تكملة للثلثين، وهو نصيب الإناث في التركة، والباقي يُرَدُّ عليهما بنسبة نصيبيهما إن عدمتْ عصبة، فإذا كان للجد أكثر من بنت، حجبْنَ بنات ابن الابن؛ لاستكمالهن الثلثين، وهو نصيب الإناث.

الحالة الثالثة: عند انفراد بنتي الابن، وعدم وجود من يعصبهن، فإنهما ترثان الثلثين، ويردُّ الثلث الباقي عليهن إن لم يوجد عصبة للجد.

 وقد أجمع أهل العلم على أن بنات الابن بمنزلة البنات في إرثهن عند عدم البنات، وحجبهن لمن يحجبه البنات.

 الحالة الرابعة: وعند وجود عصبة للجد من درجة البنات، كابن ابن للجد، فتقسم التركة بينهن، وبين هؤلاء: للذكر مثل حظ الأنثيين.

 الحالة الخامسة: إذا كان للجد أخت شقيقة، أو أكثر من أخت، فإن بنتي الابن ترثان الثلثين فرضًا، والباقي تأخذه الأخت الشقيقة أو الشقيقات بالسوية بينهن؛ لكونهن عصبة مع البنات.

هذا؛ والله أعلم.