محتار بين امرأتين

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: قضايا الشباب - العلاقة بين الجنسين -
السؤال:

السلام عليكم

مشكلتي انني في علاقة مع اجنبية من الديار الأوروبية، وقد اسلمت بفضل الله، علاقتنا بدأت منذ سنتين لكننا لم نلتقي يوما وقبل ثمانية اشهر تعرفت على فتاة في المعهد الذي ادرس فيه وقد اخبرتها منذ الأول اني في علاقة مع اجنبية، لكن لا احد منا اعار هذا الموضوع اهتماما ظنّا منا انه لن يتطور شيء بيننا، والآن بعد ثمانية اشهر احببنا بعضنا لدرجة ما انا قادر على فراقها بعد الآن لرؤيتي فيها انها الفتاة التي طالما حلمت بها والتي سأكون سعيدا معها.

وانا الآن بين فكرة التخلي عن حبيبتي التي تعرفت عليها منذ ثمانية اشهر ولكني لا أقوى على ذلك لشدة تعلقنا ببعضنا البعض و ارى في فراقها تدميرا لها و تدميرا لي ايضا ، ومن جهة اخرى ما انا بقادر على التخلي عن الأجنبية التي تحبني لدرجة انها قد لن تتحمل فكرة الفراق وقد يصل الأمر لأن تأذي نفسها لا قدّر الله (تخبرني انه وحدث وانفصلنا ستقتل نفسها دون تردد لأنه حسب قولها كل احلامها ومستقبلها قد بنته معي ) و اعيش باقي حياتي في تأنيب ضمير يقتلني منذ الآن .. كلاهن رقيقات لن يستحملن الفراق

و انا بدوري لولا حفظ الله و ايماني به انه سيفرج عني لانهرت من شدتي ضيقي صدري و تأنيب ضميري ..

في انتظار فتواكم بفارغ الصبر .

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالدين الإسلامي الحنيف حرم أي علاقة بين الرجل والمرأة، إلا في ظل زواج شرعي، أما ما يعرف بالحب قبل الزواج، فهو غريب على المجتمعات المسلمة.

حتى إن كثيرًا من المشاعر والأحاسيس التي تمر بالشباب، ويحسبونها حبًا، وتكون جيَّاشةً، فما تلبَثُ تلك المشاعر أن تزولَ وتخفت، إن صادف أخرى، كما حصل مع السائل، ثم إن قابل ثالثة أنستنه الأخريين، وهكذا دواليك!

ومع الأسف فإنَّ جميع المجتمعات الإسلامية التي تُبِيحُ الاختلاط في التعليم بمراحله المختلفة، لا يَكَادُ يسلم شابٌّ أو فتاةٌ من ذلك الإعجاب والميل الذي يحسبونه حبًا، وما هو إلا مَيْلٌ طبيعِيٌّ للجنس الآخر، إذا تَجَاوَزَ المرءُ حُدُودَهُ، وأَطلَقَ بَصَرَهُ، وترخص في الكلام.

والحاصل أن السهم الذي أصاب قلبك، أمرٌ لم يَسْلَمْ منه أَحَدٌ مِمَّنْ تَعَرَّضَ أو استشرف للفتن، وما هو إلا مُجَرَّدُ ميلٍ وتنفيسٍ لمشاعرَ، وتعلُّقٍ لا أُنكِرُ صِدْقَهَا، غير أن الحب الحقيقي شيء وراء ذلك كله، فهو يبدأ بعد الزواج، مع طول العِشْرَةِ وكثرة التجارِب، وخِبرَاتِ السنين، وستدرك حينَئذ صِدْقَ ما أقولُهُ عَيْنَ اليقين، فانسَيْ أَمر هاتين الفتاتين، ولتحذر أن تَتَمَسَّكِي بِسَرَابٍ.

وقف مع نفسك وقفت صدق، وسل نفسك، هل يتصور أن يكون قلب مشغول بالحب، وما يلبث أن يشغل بحب غيره، وهل يعقل أن المشغول يشغل؟ لا سيما إن كان الحب الأول الذي قال فيه عمر بن أبي ربيعة:

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبًا فارغًا فتمكّن

وقال المتنبي:

ولكنَّ حبّاً خامر القلبَ في الصِّبا ... يزيدُ على مرِّ الزمان ويشتدُّ

وقال أبو تمام:

نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحبّ إلا للحبيب الأوّل

كم منزل في الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدًا لأوّل منزل

 

فدعك من هذه وتلك، واظفر بوصية رسول الله، وابحث عن صاحبة الدين والخلق، فالدين هو غاية البغية ونهاية المطلوب؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك»

اللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كل شيء لا سيما فيما تطول صحبته فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتحصيل صاحبة الدين الذي هو غاية البغية؛ قاله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 135)،، والله أعلم.