هل يزور القبر فجرا ليعرف الميت اليل من النهار!

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته جرت العادة عند البعض من العائلات أن يزور أحد أهل الميت قبره في اليوم الموالي من دفنه فجرا لقراءة القرآن على قبره و الهدف من تلك الزيارة حسب معتقدهم أن يذكره بأن الفجر قد طلع ليعرف الميت النهار من الليل و عند سؤالي على هذه العأن الميت في قبرهادة قيل لي لا يفرق بين الليل و النهار و أنه انطلاقا من تلك الزيارة سيصبح على مقدرة من التفريق بين الليل و النهار . فأرجوا الاجابة على هذا الفعل المشكوك فيه . و شكرا .

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:  

فقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى زيارة القبور من أجل الاتعاظ وتذكر الآخرة، ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها"، وفي رواية عند أحمد: "فإنها تذكركم الآخرة"، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور القبور، ففي الصحيح عن عائشة، أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم - يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدا، مؤجلون، وإنا، إن شاء الله، بكم لاحقون، اللهم، اغفر لأهل بقيع الغرقد".

أما تخصيص الزيارة بثاني يوم الوفاة فجرًا، فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة ولا قال به أحد الأئمة المتبعين، ولا ورد عن أحد من السلف الصالح، فهو من البدع التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"؛ متفق عليه.

وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتمسك بالسنة والبعد عن البدع؛ فقال: "فإنه من يعش منكم يرى بعدي اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وإن كل بدعة ضلالة"؛ رواه أبو داود والترمذي وصححه.

أما تعليل ذلك بمعرفة الليل من النهار، فكلام من لا يعرف حقيقة الحياة البَرْزَخِيَّة التي هي من الإيمان بالغيب الذي أخبر به الحق سبحانه وتعالى من أمور البرزخ، ونعيمه وعذابه، ولا تقاس أحوال البرزخ على الحياة الدنيا، ومن علم الغيب الذي استأثر الله به فالواجب الإيمانُ به مجملاً. 

ومن تأمل النصوص الواردة في أحوال أصحاب القبور علم بطلان هذا الاعتقاد!

أما قراءة القرآن على القبر بعد الدفن فهو بدعة لم يثبت عن أحد من السلف الصالح، وإنما استحبه بعض السلف أثناء الدفن وليس بعدة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (3/ 34):

"وأما القراءة الدائمة على القبور، فلم تكن معروفة عند السلف. وقد تنازع الناس في القراءة على القبر، فكرهها أبو حنيفة ومالك، وأحمد في أكثر الروايات عنه، ورخص فيها في الرواية المتأخرة، لما بلغه أن عبد الله بن عمر أوصى أن يقرأ عند دفنه بفواتح البقرة، وخواتمها.

وقد نقل عن بعض الأنصار أنه أوصى عند قبره بالبقرة، وهذا إنما كان عند الدفن، فأما بعد ذلك فلم ينقل عنهم شيء من ذلك، ولهذا فرق في القول الثالث بين القراءة حين الدفن، والقراءة الراتبة بعد الدفن، فإن هذا بدعة لا يعرف لها أصل". اهـ.

هذا؛ الله أعلم.