هل تحرير فلسطين من علامات ظهور المهدي

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

هل تحرير فلسطين كما ذكر في حديث الحجر والشجر من علامات ظهور المهدي وهل ظهوره يكون بعد تحرير فلسطين فورا ام ان هناك وقت يعني هل هما مرتبطان ببعضهما

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمما لا شك فيه أن المسلمين سيقاتلون اليهود، وتكون نهاية اليهود على يد المسلمين، وهذا أمرٌ حتمي قد وردت به الأحاديث الصحيحة كما في الصحيحين عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود"

وربط قتال المسلمين لليهود بأحاديث خروج المهدي أو نزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، من تحريف الكلم، وتثبيط الأمة عن العمل لدين الله، والجلوس عن إعداد العدة، وترك الدعوة إلى الله، والعمل لإعلاء كلمته حتى يخرج المهدي أو ينزل المسيح.

 وقد أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بالأخذ بأسباب النصر من العدة والسعي في الأرض والعمل، قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ } [الأنفال: 60]، وقال: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا } [النساء: 71]، وقال {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15]، والآيات بهذا المعنى كثيرة يصعب ذكرها في تلك الفتوى.

والحاصل أن هذا الكلام ونحوه مما يزكي روح التواكل والاستسلام بين أبناء الأمة، والهروب من واجبات الشريعة القاضية بالعمل الجاد والدؤوب على إصلاح واقع الأمة المرير، متعللين بهذا الفهم الباطل.

أيضًا فإن الله سبحانه وتعالى أمر بقتال الكفار إلى غاية وهي أن يكون دين الإسلام هو الظاهر على سائر الأديان؛ قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39]، وقال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: 25].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فذكر تعالى أنَّه أنزل الكِتاب والميزان، وأنَّه أنزل الحديد لأجل القيام بالقسط؛ ولِيعلمَ الله مَن ينصُرُه ورسُلَه، ولِهذا كان قوام الدّين بِكِتابٍ يَهدي وسيفٍ ينصر، وكفى بربّك هاديًا ونصيرًا، وقال: فكان المقصود الأكبر بذِكْر الحديد هو اتِّخاذ آلات الجِهاد منه؛ كالسَّيف والسّنان والنَّصل، وما أشبه ذلك الذي به يُنْصر اللهُ ورسولُه صلَّى الله عليه وسلَّم".

ويلزم أصحاب ذلك القول الباطل تخصيص تلك الآيات وغيرها بزمان دون زمان، وبمسلمين زمان آخر وهذا من أبطل اباطل، فالعمل للإسلام وتمكينه في الأرض يوجب على المسلمين الاجتهاد والبذل والأخذ بالأسباب المؤدية إلى تحقيق النصر،، والله أعلم.