حكم من تخطى الميقات ولم يكن متأكدًا من إرادة العمرة

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

نويت السفر لاهلي في جدة وفي داخلي نويت عمرة لو قدرت ولقيت الوقت يعني على حسب مو متأكد، لازم اروح للميقات في هذي الحالة ؟ ولا اعتمر من جدة عادي ؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإن كان الحال كما ذكرت فالذي يظهر أنك لم تكن عازمًا تمامًا على العمرة عند مرورك من الميقات، ولذلك فلا يجب عليك الرجوع إلى الميقات للإحرام بالعمرة، كما لا يجب عليك دم، وإنما تحرم بالعمرة من الحل؛ لأن وجوب العمرة من الميقات في حق من كان قاصدًا للعمرة أصلاً لا تبعًا، بمعنى أن يكون سفره لأداء العمرة وليس لشيء آخر، وهذا بخلاف من مر على الميقات قاصدًا جدة لزيارة أهله أو للعمل أو غير ذلك؛ ففي الصحيحين عن ابْنِ عبَّاس مرفوعًا: "هُنَّ لَهُنَّ ولِمَنْ أَتَى عليهِنَّ من غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، لمن كان يريد الحجَّ والعمرة، فمن كان دُونَهن فمُهَلُّه من أهله، وكذلك حتَّى أهل مكة يهلّون منها"؛ رواه البخاري ومسلم.   

قال الشيخ ابن باز في "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" (ص: 16):

"فمن مر على أي واحد من المواقيت التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو حاذاه جوًا أو برًا أو بحرًا وهو يريد الحج أو العمرة= وجب عليه الإحرام، وإذا كان لا يريد حجًا ولا عمرة فلا يجب عليه أن يحرم، وإذا جاوزها بدون إرادة حج أو عمرة ثم أنشأ الحج والعمرة من مكة أو جدة، فإنه يحرم بالحج من حيث أنشأ من مكة أو جدة مثلا، أما العمرة فإن أنشأها خارج الحرم احرم من حيث أنشأ، وإن أنشأها من داخل الحرم، فعليه أن يخرج إلى أدنى الحل ويحرم منه للعمرة، هذا هو الأصل في هذا الباب، وهذا الشخص المسؤول عنه إذا كان أنشأ العمرة من جدة وهو لم يردها عند مروره الميقات، فعمرته صحيحه ولا شيء عليه".

كما يجب الإحرام بالعمرة عند المرور على الميقات لمن كان قاصدًا دخول مكة الكرمة، وهو الراجح من قولي أهل العلم، ونص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية كما في كتابه "جامع المسائل لابن تيمية"(1/206) حيث قال: "وإذا اجتاز بالمواقيت لا يُرِيد الحرمَ، فليس عليه الإحرامُ بالاتفاق.

وإن اجتاز بها يُريد مكةَ لتجارة أو زيارة أو غيرِ ذلك مما لا يتكرر، فإنه ينبغي له أن يَدخُل محرمًا بحج أو عمرة، وهل ذلك واجب؟ فيه قولان للعلماء، والجمهور على الوجوب، وهو مأثور عن ابن عباس، حكاه عنه أحمد وغيره، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة، وهو المشهور في مذهب الشافعي وأحمد، وعنهما أن ذلك مستحب". اهـ.

وعليه، فيجوز الإحرام بالعمرة من جدة؛ لأنَّ الحِلَّ هو ميقاتُ لمن رغب في العمرة وكان دون الميقات؛ لحديث عائِشةَ في الصحيحين "أنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللَّه عليْهِ وسلَّم -  أذِنَ لَها أن تُهِلَّ بِعُمْرَة منَ التَّنعيم - وهو أدنى الحل، فيجوز الإحرام منه ومن غيره من الحل،، والله أعلم.